عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 05-12-2020, 06:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,551
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

معنى قوله تعالى: (زين للناس)
ما معنى (زين)؟ هل أنت تحب الطعام وتحب الشراب أم لا؟ بلى، كيف تحب هذا؟ من جعل هذا الحب فيك؟ إنه الله، فهو الذي زين لك هذا! وأنت أيها الفحل تحب امرأتك وتأتيها ولولا التزيين الإلهي والله ما تنظر إلى ذلك المكان ولا ترضاه لنفسك، ولكنها غرائز غرزت وطبائع طبعت لحكم عالية، من أبسطها: لولا أن الله زين لك حب الطعام والشراب ما كنت لتعيش، ولو قلت: أنا لا آكل ولا أشرب -كما يفعل الغافلون في السجون فيضربون عن الطعام حتى الموت- فلا بد أنك ستموت. إذاً: زين الله لك هذا حتى تحيا وتمتد حياتك لتذكره وتشكره.ومن ذلك أيضاً: قضية إتيان الأنثى في تلك الصورة، فهذه والله لولا أن الله زينها ما أقبل عليها آدمي ولا عرفها. لِم زينها الله؟ للتناسل وتواجد بالبشرية لتذكر الله وتشكره، وهذا تدبير الحكيم العليم.إذاً: الله يزين هذه الأمور لعباده لحكم عالية، مع ملاحظة أن الله يزين الحسن، والشيطان يزين القبيح، فكن مع ما يزين الله الحكيم العليم، وإياك أن تكون مع ما يزين الشيطان الرجيم، فالشيطان لا يزين إلا القبيح، والله لا يزين إلا الحسن، وتزيين الله عز وجل لحكمة، وتزيين الشيطان أيضاً لحكمة، فيزين لك الخبائث والمحرمات من أجل أن تهلك معه، والقضية قديمة الجذور والأصل، فالشيطان -عليه لعائن الله- حسد أباكم آدم وتكبر، ومن ثم لما أبلسه الله وأيئسه من الخير وأصبح قانطاً آيساً لا يدخل دار السلام أبداً سأل الله عز وجل أن يطيل عمره إلى نهاية الحياة من أجل أن يزين لبني آدم المنكر والباطل، والشرك والكفر، والفسق والفجور؛ ليهلكوا معه ويصبحوا معه في دار البوار والعذاب والشقاء، كما أخبر الله تعالى عنه في كتابه فقال: قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ [ص:82-83]، اللهم اجعلنا منهم! وقال: لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [الحجر:39]، فهيا نشرح الواقع: تزيين الطعام الحلال، والشراب الحلال، والنكاح الحلال حسن أم قبيح؟الجواب: حسن. وتزيين اللواط والزنا، وشرب الخمر والمسكرات حسن أم قبيح ؟الجواب: قبيح. فكل قبيح لا تفهم أن الله شرعه، أو أمر به ورغب فيه، وكل حسن تعرف أن الله أمر به وشرعه، فإبليس يزين القبيح، والرحمن جل جلاله يزين الحسن، ولذلك قال تعالى: زُيِّنَ لِلنَّاسِ [آل عمران:14]، فما قال (زينت) أو (زينا) بل قال: زُيِّنَ لِلنَّاسِ [آل عمران:14] من بني آدم!
الشهوات التي زينها الله عز وجل للإنسان
قال تعالى: زُيِّنَ لِلنَّاسِ [آل عمران:14] فماذا زُين لهم؟ الجواب: زين لهم حب الشهوات، والشهوات جمع شهوة، بمعنى المشتهى، فمثلاً: حبة التفاح تنظر إليها فتشتهيها، فتلك هي الشهوة. ‏
الأولى: شهوة النساء
قال تعالى: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ [آل عمران:14]، من ينكر هذا من البشر؟ روسي؟ ياباني؟ من هذا؟ لا أحد ينكر هذا، فهذه غرائز غرزها الرحمن في بني آدم لحكم عالية، وقد قلت لكم: والله لولا أنه غرز هذه الشهوة ما اندفع الآدمي إليها أو حتى الحيوان وما توالدت البشرية، وما كان لها وجود.قوله: مِنَ النِّسَاءِ [آل عمران:14]، النساء: واحده امرأة، وليس له مفرد، والنساء واحدة النساء، امرأة، ولا يخطر ببالك أنه مادام قد زين هذا فلتأته أنت مع من شئت من بنات ونساء المؤمنين بالعهر والزنا والفجور، لا ، بل انزع هذا من ذهنك؛ لأنه سبحانه زينه لحكمة وهي التناسل وكثرة البنين والبنات؛ ليعبد الله عز وجل، وليس لذات الغريزة والشهوة.إذاً: من زين له الشيطان الزنا أو اللواط فهذا التزيين للقبيح الذي هو أشد قبحاً، ودائماً نقول: ما أعرف! ما أقبح! ولا أبشع ولا أرخص ولا أذل ولا أنتن من يأتي الذكر الذكر، وقد بلغنا: أن في أوروبا أندية مخصصة للواط!! وذكر أن أحد أئمة الإسلام الأمويين، وهو عبد الملك بن مروان ناشر الدعوة وحامل رايتها زمناً، وقف على منبر دمشق يخطب الناس فحلف بالله: لولا أن الله تعالى أخبرنا عن قوم لوط ما كان يخطر ببالنا أن الذكر ينزو على الذكر. لا يخطر ببال العربي أن الرجل ينزو على الرجل أبداً.أما اليوم فقد وردني كتاب عند باب المسجد من مؤمن يبكي، يقول: إن أخاً له يأتي أخاً له في بيته، وقد قمنا بتأديبهما وضربنا وعذبنا وما استطاعا أن يتركا! لا حول ولا قوة إلا بالله! من أين تعلموا هذا؟ كيف وصلنا إلى هذا؟ لقد كان العرب حتى البغال لا يدخلونها بلادهم، ولا توجد في هذه الديار بغلة إلا الدلدل التي أهداها مقوقس مصر لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع مارية القبطية.لِماذا كان العرب لا يدخلون البغال ديارهم؟ لأن البغلة تتولد من إنزاء الحمار على الفرس، يسلطون الحمار على الفرس فتنتج بغلة. هذا العرب لا يعرفونه أبداً، ولا يستسيغون أن حماراً ينزو على فرس، مستحيل.. أبداً.وما عرفت هذه الجريرة وهذه الفاحشة - اللواط- إلا في خلافة عمر ، فقد ضبط الصحابة اثنين من العجم في البحرين ينزو أحدهما على الآخر، فاحتار الصحابة كيف يفعل بهما، فقال علي : نطلقهما من أعلى الجبل إلى الأرض، ونرميهم بالحجارة كما فعل الله بقوم لوط.آه! هذه الجريرة تمارس في بيوت الإيمان؟! أتدرون من علمهم؟ إنه إبليس، أبو مرة! ما هي الآلات التي تقدم بها إليهم؟الجواب: إنه التلفاز، الفيديو، الصحن الهوائي، الدش، فتعلم الأولاد العهر والفجور مما يشاهدون! آه.. أين الإيمان والمؤمنون، ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة )؟! وإذا رحلت الملائكة من يحل محلها؟! تحل محلها الشياطين. والشياطين ما مهمتها؟ تزيين القبائح. ائتوني بسياسي يتكلم معي، يقول: هذه رجعية وتخلف،سأقول له: يا هذا! أتحداك أن تعدد لي النتائج المباركة الطيبة التي نمت بيننا عندما أدخلنا هذه الآلات في بيوتنا! هل كثرت الأموال؟ ولا ما استفدنا منها ريالاً واحداً! هل أصبحنا شجعان؟ لا والله فقد عبث بنا أذل الخلق من اليهود! فما الذي تحقق؟ لا شيء.إذاً: أيها العاقل الرشيد، نحن نظام حياتنا لا نقول الكلمة إلا إذا عرفنا أنها تنتج خيراً، ولا نتحرك حركة يميناً ولا شمالاً إلا إذا علمنا إذن الله بها، وأنها تنتج خيراً، فكيف نطرد الملائكة من بيوتنا؟ وكيف هجرنا بيوت الرب وتركناها ثم طردنا الملائكة حتى من بيوتنا؟ هل بعد هذا نستطيع أن نعيش طاهرين؟ كيف نطهر؟ هل ماتت الشياطين أو أعلنوا عن هزيمتهم؟! لا والله، وكنا الأمة تخلت عن دينها!وإن فرضنا أنك سياسي، ولابد وأن تطلع على أحداث العالم ولم تنفعك الصحف فاجعل التلفاز في غرفتك أيها الفحل، واضبط أوقات النشرة أو أوقات العرض وادخل وأغلق الباب عليك في الغرفة، ووالله لو تجعله في المرحاض لكان أفضل! وانظر ذاك واسمع الأخبار وما جرى في الحادثة وأغلقه واخرج.قد يقول قائل: لِم هذا يا شيخ؟ فأقول: لأننا عرفنا أنفسنا، هبطنا وما ارتفعنا، ماذا أفادنا هذا؟ زادنا بلاء ومحنة فقط.
الثانية: حب البنين
قال تعالى: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ [آل عمران:14]، والبنات! أيضاً؟ لا.. لا، البنين فقط، ولو قال: (والأولاد) لدخل في ذلك البنات، فهن مولودات، لكنه قال (والبنين)، وأهل هذه الديار، أهل المروءات قديماً كان إذا بشر أحدهم بأنه ولدت له بنت يظل في كرب ويسود وجهه، ويستحي أن يلتقي مع الناس: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ [النحل:58-59].عمر رضي الله عنه فعلها قبل أن يسلم! ولدت له بنت في مكة فدفنها حية، حفر لها وأخذت تمسح التراب من لحيته، ودسها، وبكى على هذه في الإسلام! مغفور لك يا ابن الخطاب ، فهذا كان في عهد الجاهلية غير عهد الإيمان والإسلام.إذاً: قال: (والبنين) ليكونوا فيلقاً تمر بهم بين الرجال ليحموك، ليحوطوك بالحماية، ولهذا تحبهم!أما الآن فيحبونهم حب شهوة فقط، لأنهم ما ينفعون، أو من أجل الراتب فقط! من فعل بنا هذا؟ إنه الثالوث الأسود، خصوم لا إله إلا الله محمد رسول الله؛ المجوس، واليهود، والنصارى، ومددنا أعناقنا وساقونا إلى المهاوي والمهالك وما شعرنا بعد.إذاً: حب البنين لأنهم يجاهدون ويقاتلون وينشرون دعوة الله ويبنون ويصنعون، ويسافرون ويتجرون ويربحون، أما البنات فلو قال تعالى: (حب البنين والبنات) فسيقول أحدهم: لا.. لا، هذا ليس كلام الله، نحن لا نحب البنات، ولكن الله قال: (والبنين).
الثالثة: حب القناطير المقنطرة من الذهب والفضة
قال تعالى: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ [آل عمران:14] مقنطرة، أي: بعضها فوق بعض، والقنطار: ألف أوقية ومائة، والأوقية معروفة عند الناس، وهم يحبون القناطير- أي: الكثرة- لأنها غريزة مطبوعة في النفس. وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ [آل عمران:14]، وقدم الذهب على الفضة لأنه أرقى.لِم قلوب البشرية متعلقة بالذهب؟ لأن الذهب أجمل من الزبدة، وأحلى من العسل، وأطيب من اللبن! أسألكم بالله! من ربط القلوب الآدمية بهذه الطينة؟ لا إله إلا الله، آمنت بالله! هل جاء زمان أو وقت كره الناس فيه الذهب والفضة؟ لا، ولهل واهم يقول: لعلها أيام الشيوعية، فأقول: لا، فقد ربط الله قلوبهم بهذه لينتظم الكون وتنتظم الحياة إلى نهايتها، آمنت بالله.
الرابعة: حب الخيل المسومة
قال تعالى: وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ [آل عمران:14]، وهذه شُغلنا عنها بوجود السيارات، وقد كان للخيل قبا وجود السيارات أهمية كبيرة فالذي لا يملك فرساً لا قيمة له، وقد كانت الأمة تجاهد على أرجلها وعلى خيولها، وفرسانها يركبون الخيول سواء العرب أو العجم، الدنيا كلها، والآن هبطت الخيول لوجود السيارات فقط، ومع هذا ما زالت محترمة، وإذا جاء في يوم من الأيام وانتهت المادة وانقطعت السيارات سنعود إليها من جديد، فهي محفوظة، ولعل أحدكم لو يهدى إليه فرس لفرح به مع أنه ليس في حاجة إليه، ولكنه فرس موسوم جميل، فتبيت ليلتك تحمد الله وتشكره إن كنت مؤمناً.
الخامسة: الأنعام
قال: وَالأَنْعَامِ [آل عمران:14]. ما هي الأنعام؟ في ثلاثة أصناف من الحيوان: الإبل، والبقر، والغنم، والغنم منها الماعز، ومنها الضأن، مزينة لأهلها، يحبونها.
السادسة: الحرث
وجاء الختم الإلهي، فقال: وَالْحَرْثِ [آل عمران:14] . (الحرث) يدخل فيه كل المزارع والحقول من إنبات الحبوب إلى نبات الورود والرياحين، ولو تهدى إليك الآن حديقة لطرت بها فرحاً! من غرز هذا فينا؟ إنه الخلاق العليم؛ من أجل أن تنتظم الحياة وتسير إلى نهايتها.
معنى قوله تعالى: (ذلك متاع الحياة الدنيا)
قال: ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [آل عمران:14] أيها المستمعون وأيتها المستمعات! (ذلك) المزين لكم المذكور في الآية من حب النساء والبنين والقناطير من الذهب والفضة والحرث مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [آل عمران:14].والمتاع: ما يتمتع به ويزول، لما تسافر تأخذ معك زنبيلاً فيه الخبز والتمر، فتأكله ولا يبقى منه شيء، فتحمل معك ما يكفيك في سفرك. هذا هو المتاع.(الحياة الدنيا) أي: القريبة. فتترك متاعها وترحل، ولنقرأ آية سورة الكهف: إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [الكهف:7]، فهذا المتاع في الحياة الدنيا زينه الله للابتلاء والاختبار والامتحان، وهو زائل ومنتهٍ، (لنبلوهم) من يأخذ بما أحل الله، ويتخلى عما حرم الله، ومن ينغمس فيما حرم الله فتتمزق نفسه وتخبث وتصبح كأرواح الشياطين.

معنى قوله تعالى: (والله عنده حسن المآب)

قال: وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ [آل عمران:14]، أرأيت هذا الختم الإلهي؟ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [آل عمران:14] والآخرة عند من؟ عند الله حسن المرجع والمآب.ومعنى هذا: يا عباد الله! يا أولياء الله! خذوا من دنياكم ما حل لكم وطاب، وميلوا إلى التقتير والتقليل؛ لأن آمالكم في السماء وليست في الأرض؛ لأن: مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ [النحل:96]! إذاً: اذكروا ما عند الله، فإنه يصرفكم عما حرم الله. وَاللَّهُ عِنْدَهُ [آل عمران:14] ماذا؟ حُسْنُ الْمَآبِ [آل عمران:14] أي المرجع في الجنة دار السلام، دار النعيم المقيم.
الحكمة من تزيين هذه الشهوات للإنسان
عرفتم هذا؟ ما هي النتيجة الطيبة؟النتيجة: عرفنا أن هذا المحبوب المزين زينه خالقه للفتنة وللاختبار والامتحان، فلنأخذ منه ما أذن لنا فيه وسمح به لنا، ونتجنب ما نهي عنه وحرم علينا؛ لأننا ممتحنون، فإن نحن كابدنا فقراً.. كابدنا تعباً ومشقة، فلنصبر ولنعلم أن وراء ذلك: النعيم المقيم، الذي لا حد له ولا حصر، وإليكم كلمات الحبيب صلى الله عليه وسلم إذ يقول: ( حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات ) هذا الكلام الحكيم من أستاذ الحكمة ومعلمها، ( حفت الجنة بالمكاره ) فإذا أنت لم تغامر وتتقوى وتمزق تلك المخاوف وتقبل على عبادة الله لن تدخل الجنة، فالجنة محفوفة بما تكره النفس! آه.. الصيام! كيف نترك الطعام والشراب؟ كيف نترك كذا، محفوفة بما تكره النفس.. الزنا حرام، ما تزوجنا كيف نصبر ليلاً ونهاراً الأعوام والسنين؟ إذاً: حفت الجنة بالمكاره. تقول: كيف هذا الحج؟ أمشي على رجليّ وأنا في الأندلس؟ كيف أصنع؟ الاعتراف بالحق! لو صفعك مؤمن فقل: سامحتك! تجوع وتعطش ولا تمد يدك إلى مال غيرك لتسرقه! هذه المكاره تحوط بالجنة، فإن أنت اجتزتها وتجاوزتها دخلت دار السلام! ( حفت الجنة بالمكاره ) كحمل راية الجهاد مع إمام المسلمين، لابد للشبان والكهول أن يخرجوا إلا مريض، أو عاجز، وهذا تكرهه النفس! أصحاب الأموال أيها المؤمنون من عنده فضل عن قوته فليضعه غداً في صندوق الجهاد، تجد نفسك مضطر لابد وأن تخرج. قال: ( وحفت النار بالشهوات )، شهوات الربا، الزنا، الغش، اللهو، الباطل، الخداع، عقوق الوالدين، سب المؤمنين وتكفيرهم، كل هذه محاطة بالنار حتى يدخلها، ويقول فداه أبي وأمي وصلى الله عليه ألفاً وسلم، يقول: ( اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء )، هذا كلام أستاذ الحكمة ومعلمها، اسمع ما يقول لنا يا عبد الرحمن!يقول: (اتقوا الدنيا) كيف نتقيها؟ نجعل بيننا وبينها وقاية فلا ننغمس في أوضارها وأوساخها، ولا نتكالب عليها، بل نأخذ منها الزاد فقط للوصول إلى القبر. لم ننغمس في الأموال فنصبح في أسوأ الأحوال؟ أنت موظف، فاكتف بوظيفتك ولا تفتح دكاناً، أنصحك!يا عبد الله ! أنت في خير وعافية فلا تفتح باب شر عليك، وتبدأ تتطلع ماذا فعلنا، وماذا ربحنا! قال: ( اتقوا الدنيا ) أي: انتبهوا! خافوها واحذروها بأن لا تقعوا في أحضانها فتهلككم ( واتقوا النساء ). كيف نتقي النساء يا رسول الله؟ تخاف من فتنتهن، فإذا مرت امرأة كأنها حية أو ثعبان، فأغمض عينيك واهرب ( فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ). بنو إسرائيل.. أبناء الأنبياء قادوا العالم بطهرهم وصفائهم، حتى بدأت فتنتهم بالكعب العالي فهبطوا! الزائرون لا يعرفون الكعب العالي، اذهبوا إلى أسواق المدينة يعلموكم ما هو الكعب العالي، حذاء كعبه رقيق إذا لبسته المرأة تصبح تتمايل، الشيطان يجعلها تتمايل هكذا.. وهذا الكعب العالي من سنة اليهود.وهذه الصديقة رضي الله عنها رأت بعض نساء المؤمنات تخرج وهي متزينة، فقالت: أو تردن أن ينزل القرآن فيكن كما نزل في بني إسرائيل. والشاهد عندنا: أن فتنتهم كانت بالنساء وإلى الآن فتنتنا في النساء. إذاً: علموا بناتكم ست سنين في المدرسة الابتدائية، وإذا تعلمن كيف يعبدن الله ويتقينه، فاحجبوهن في البيت يخدمن أمهاتهن، ويساعدن على تربية الصغار، ويتهيأن للأنوار؛ فيتزوجن وينجبن البنين والبنات. أما أنك تعلمهن للمستقبل، مستقبلك يا ابنتي! وهي تقول: مستقبلي يا بابا! ثم يتقدمون لخطبتها في الثامنة عشر فتقول لهم: لا، مشغولة، وفي الخامسة والعشرين فتقول: لا، حتى تأخذ شهادة الجامعة وتتخرج، وبعد ذلك تبحث عن وظيفة، والشيطان يوسوس لها، ويوجد لها وظيفة وتنتهي حياتها ولا تستفيد منها شيء، فلا وألف لا.إذاً: فتنتنا بدأت وكانت من النساء كفتنة بني إسرائيل، ولو أن النساء طاهرات صالحات ربانيات -والله- لأسعدن الفحول والرجال، لكن ما دمن شهوانيات راغبات في المال والمتعة والتمتع بالحياة فسيعكرن الحياة على أزواجهن.على كل حال: عمر رضي الله عنه لما نزلت هذه الآية قال: الآن يا رب. أي: ما دمت زينت لنا هذه فمن الآن، فأنزل الله تعالى: قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ [آل عمران:15].. وهذا هو درس أو آية غد إن شاء الله.وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.27 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.64 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.01%)]