
12-11-2020, 01:59 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,219
الدولة :
|
|
رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير قوله تعالى: (إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار ...)
قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ [آل عمران:91] أي: كفروا بالله ولقائه .. بالله ورسوله .. بالله وكتابه .. بالله وشرائعه، وماتوا على الكفر، فما أسلموا بعد ذلك ولا رجعوا، فهؤلاء يقول تعالى: فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ [آل عمران:91] كل هذا يوم القيامة في عرصاتها .. في ساحة فصل القضاء. وهل هناك مال يومئذ؟ لا، وهذا من باب التقريب للأذهان، فتوبتهم لا تقبل، والفداء لا يقبل، ولو أراد أحدهم أن يفتدي وكان يملك ملء الأرض ذهباً وقدمه والله ما قبل منه، إذ العمل قد انتهى، والدار دار جزاء إما نعيم مقيم أو عذاب أليم.قوله: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أي: من العرب والعجم .. من اليهود والنصارى .. من أي جنس وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ ماتوا على الكفر، هؤلاء: فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ لو قال: رب! هذه الأموال كلها وأنقذني بها من دخول النار؛ إذ يوم القيامة لا دينار ولا درهم، بل ولا نسب ولا حسب، قال تعالى: فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ [المؤمنون:101]، وكل ما في الأمر: هل النفس زكية طاهرة أو خبيثة منتنة؟ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10] وزكاتها يومئذ، وطهارتها مبنية على تزكيتها اليوم وتطهيرها بالإيمان وصالح الأعمال وبإبعاده عن الشرك والعصيان.ثم قال تعالى: أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [آل عمران:91] أي: موجع.ما هذا العذاب الأليم؟قال تعالى: يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا * هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ [الطور:13-14]، اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الطور:16] أي: تدري؟ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الأَثِيمِ [الدخان:43-44] والأثيم هو المتوغل في الآثام من الشرك والكفر إلى الظلم والشر والفساد، فقد خبثت نفسه، وهذا هو طعامهم، كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ [الدخان:45-46] فهذا الزقوم لما يأكلوه يغلي في بطنه كما تسمع الغليان في القدر، كغلي الحميم، لا، كالماء الحار لما يغلو خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إلى أين؟ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ * ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ [الدخان:47-48] فهذا عذاب جسماني قد يطاق ويتحمل، ووراءه عذاب نفسي لا يطاق وهو قوله تعالى: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ [الدخان:49] أي: ذق إنك أنت العزيز في الدنيا الغالب المعتز بوجودك وبلادك وكرمك، فهذا عذاب الروح أشد من عذاب البدن، وإلى الآن الأحرار كلمة في أعراضهم تقتلهم أكثر من ضربة بالسيف.وهل تريدون ألواناً من هذا العذاب؟قال تعالى: هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ موحد ومشرك فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ [الحج:19] ثياب من نار من يفصلها ويقطعها الزبانية يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ [الحج:19-21] أي: مرزبة على رأسه مقامع من حديد.ماذا تقولون؟ هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ [يس:63-64]. والله تعالى نسأل أن يقينا عذاب النار، فلهذا لا يصلين أحدكم صلاة حتى يستعيذ بالله من أربع، وهي آخر ما يصلي على النبي يقول: ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، وفتنة المسيح الدجال ). وما تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات. وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ [آل عمران:91] فلا يوجد من ينصرهم بتأخير العذاب أو بتفتيره عن أوقات معينة، فقد انطوت الحياة كلها وما بقي إلا عالمان أعلى وأسفل .. عليون وسجين، ليس هناك حياة أخرى، وأهل النار في سجين، وإن كانوا من أهل التوحيد فإنهم يصهرون فيها ويلبثون فيها أحقاباً ويحترقون حتى يصبحوا كالحمم أي: كالفحم، ثم يخرجهم الله بتلك الحسنة وهي قولهم: لا إله إلا الله محمد رسول الله! ويقدمون أو يساقون إلى نهر يسمى: نهر الحيوان، مبالغة في الحياة، فيغسلون فيه فينبتون كما ينبت البقل، ثم يدخلون دار السلام. هذا إن كانوا موحدين لم يشركوا بالله شيئاً، لكن من ذنوبهم أنهم سفكوا الدماء .. أكلوا أموال الناس .. فجروا، كذا .. وماتوا بدون ما توبة، والله يقول: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:40] فهذه حسنة التوحيد.يا من قلوبهم مع الله! أبشروا حتى لو عذبتم ما شاء الله في عالم الشقاء تعودون إن شاء الله إلى دار السلام.نسأل الله ألا ندخل النار وألا نعذب لا ساعة فيها ولا يوم، بل نريد أن ندخل مع السابقين: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ [الواقعة:10-14] اللهم اجعلنا من هذا القليل.
تفسير قوله تعالى: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ...)
قال تعالى: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ [آل عمران:92] يا معشر المؤمنين والمؤمنات حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ [آل عمران:92] وسيجزيكم عليه قل الجزاء أو كثر بحسب عمله. وهذه الآية معشر المؤمنين والمؤمنات نزلت فينا لا في اليهود ولا في النصارى؛ لأننا تواقون إلى البر، وسباقون، وكل يرغب أن يكون من الأبرار، والأبرار جمع بار وهو المطيع الصادق في طاعته لله ورسوله، قال تعالى: إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ * يَصْلَوْنَهَا [الانفطار:13-15] متى؟ يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ * وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ [الانفطار:15-16].يا من صاموا وصلوا! يا من قاموا الليل! يا من بذلوا أنفسهم! يا من يسارعون في الخيرات ويسابقون! يا عمر! يا فلان! تعالوا إلى هذا الإرشاد الإلهي وهو: اعلموا أنكم لن تنالوا البر وجزاءه وهي الجنة دار النعيم، ولن تنالوا وصف الأبرار على الحقيقة حتى تنفقوا في سبيل الله مما تحبون، أما الذي لا ينفق أو ينفق مما يكره لا مما يحب فلن يصل إلى هذا المستوى؛ لأن لفظ البر كلمة جامعة للخير كله، والمراد به هنا: الجنة، إذ هي جزاء الأبرار، فلن تنالوها حتى تنفقوا مما تحبون.والحمد لله! ما قال: حتى تنفقوا ما تحبون وإلا خرجنا الليلة من بيوتنا: حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92].واشرأبت أعناق المؤمنين لهذا النداء القرآني، فهذا عمر قال: يا رب! أنا ما عندي إلا الجارية الفلانية هي أحب ما أحب من الجواري، فهي لك يا رب، فعتقها.أما ولده عبد الله فقال: أنا عندي نافع مولاي فهو لك يا رب، فأعتق نافعاً .ومِن الصحابة من كان عنده فرس هي أحب ما يكون إليه فقال: هذه فرسي لك يا رب! فهي الذي أحب.وجاء ذاكم الصحابي الجليل طلحة صاحب حديقة بيرحاء، وبئرها كان موجوداً، والآن زال، وقد رأينا بئرها وشربنا منه، فقال : ( يا رسول الله! لقد نزل عليك قول الله تعالى: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92] وإن أحب أموالي إلي بيرحاء ) أي: حائط بيرحاء، وعنده بساتين أخرى لكن هذه ذات أشجار وظلال ونخيل وماء عذب، وهذا الماء شربنا منه بعد ألف وأربعمائة سنة.قال الصحابي: ( ضعها يا رسول الله حيث أراك الله، فقال له الرسول: بخ بخ، ربح البيع. اجعلها في أقاربك، فوزعها بين أقاربه ).ولو يقوم إمام المسلمين الآن ويقول: نريد أن نغزو فأنفقوا مما تحبون، فالذي يقدم سيارة ممتازة يكون حاله كحال هذا الصحابي، والذي يقدم سيارة مهللهة فلا ينفع.أقول: الحمد لله! ما قال: أنفقوا ما تحبون، فمن يطيق؟ بل قال: مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92]، فإذا كان عندك قطع من الذهب فأنفق منها قطعة، وإذا كان عندك قطع من الفضة فأنفق منها قطعة، وإذا كان عندك من البساتين الكثير وأحب إليك البستان الفلاني فأخرجه تصدق به، وهكذا. وفعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما زال المؤمنون يفعلون.قال تعالى: وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ قل أو كثر فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ [آل عمران:92] ومعنى هذا: لازمه أنه يجزيكم عليه، ويعطيكم ثوابه، والحسنة بعشر أمثالها، وريال الذي راتبه ألف ريال يعدل مائة ريال الذي راتبه عشرة آلاف ريال، فتختلف الحسنة بأصحابها، فإن كانوا أغنياء فدرهمهم ليس كدرهم الفقير الذي لا يملك، ومعنى هذا أن باب الله مفتوح، فيا من يريدون أن يدخلوا الجنة فإنها مفتحة الأبواب. قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا [آل عمران:90] فلو كان كفروا ثم تابوا قبلوا كما تقدم في الآية السابقة، لكن ازدادوا كفراً وتوغلوا فيه فلن تقبل التوبة، فخبثوا، وما أصبحت أرواحهم قابلة للطهر والصفاء وَأُوْلَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ [آل عمران:90] والضال هو البعيد الضلال الذي لا يرجع.ثم قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ [آل عمران:91] فما تابوا قبل أن يموتوا، فهؤلاء الجزاء : فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ فداء مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا [آل عمران:91] لو افتدى به، مع أن هذا لا وجود له، فهو من باب الفرض والتقدير فقط. قال: أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ [آل عمران:91] ينصرونهم، لا بتخفيف العذاب ولا بتأخيره ولا ولا.
قراءة في تفسير قوله تعالى: (إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم...) وما بعدها من كتاب أيسر التفاسير
من هداية الآيتين
قال المؤلف: [من هداية الآيتين: أولاً: سنة الله فيمن توغل في الكفر أو الظلم أو الفسق وبلغ حداً بعيداً أنه لا يتوب ] فلهذا عجل بالتوبة ولا تؤخرها أبداً، ولا تقل: حتى أتزوج .. حتى تعود أمي .. حتى أبني المنزل .. حتى أتوظف، فانتبه لهذه الكلمات التي يمليها الشيطان، فإذا شعرت بأنك أذنبت فقل: أستغفر الله وأتوب إليه .. أستغفر الله وأتوب إليك، خشية أن يحال بينك وبين التوبة.ثم قال: [ ثانياً: اليأس من نجاة من مات كافراً يوم القيامة ] فإذا مات أبوك أو أخوك أو زوجتك أو أمك -والعياذ بالله- على الكفر، فلا نجاة أبداً، وليس هناك رجاء أبداً، أيئس. وإذا مات من مات على الكفر أيسوا المؤمنين من أن يدخلوا الجنة أبداً، وهذا كما قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا [آل عمران:91] فهذا تيئيس.ثم قال: [ ثالثاً: لا فدية تقبل يوم القيامة من أحد، ولا فداء لأحد فيه ] فلو قدمت أسرتك كلها أو تقدمت الأسرة تقول: يا رب! أدخلنا النار وأنج والدنا وأدخله الجنة؛ والله لا يقبل أبداً، بل لو تقف البشرية كلها وتقول: يا رب! أنقذ فلاناً فقط وأدخله الجنة.ومن أراد الصورة المثالية: فهذا رسول الله قائم على الحوض في عرصات القيامة، وإذا بجماعات ممن ينتسبون إلى الإسلام يقبلون على الحوض فيطردون، فتطردهم الملائكة فيقول: ( رب! إخواني، يقول: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً ).وأوضح من هذا إبراهيم وقد واعده ربه في القرآن بإنقاذ والده من النار، فلما يجد والده في النار يصرخ: يا رب! لقد واعدتني ألا تخزيني يوم يبعثون، وهذا أبي الأبعد في النار فأي خزي أخزى من هذا يا رب! فيقال له: انظر تحت قدميك. وكان رافع رأسه يبكي، فينظر وإذا بين يديه والده آزر البابلي في صورة ذكر الضباع ملطخ بالدماء والقيوح، فما إن يراه إبراهيم عليه السلام حتى يقول: سحقاً سحقاً، فيؤخذ من قوائمه الأربع ويلقى في عالم الشقاء، فتطيب نفس إبراهيم.إذاً: من مات له ميت على الشرك والكفر فلييأس من نجاته، أما من مات على ذنب: آكل ربا .. زنا فعل كذا وعقيدته مؤمنة سليمة فهذا يرجى له، وأما من مات على الكفر، والكفر هو الجحود، فمن جحد كلمة واحدة من شرع الله فهو كافر، والتكذيب من كذب الله أو رسوله في قضية واحدة وآمن بكل القضايا فهو كافر. قول ربنا لنا نحن المؤمنين: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ قلَّ أو كثر فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ [آل عمران:92]، ولازم ذلك أن يجزيكم، فلا تقل: آه لعل الله ما يدري أنني أنفقت يوم كذا كذا وكذا، فانتبه! فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ [آل عمران:92].
قراءة في تفسير قوله تعالى: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ...) من كتاب أيسر التفاسير
من هداية الآية
قال المؤلف: [من هداية الآية: أولاً: البر وهو فعل الخير يهدي إلى الجنة]، وإياك أن تفهم البيرة فهي خمر عالمية، والمرضى بالجهل مساكين صاروا يورّدونها إلى المدينة بحجة أنها خالية من مادة الإسكار الكحول، وأصبحنا نسمع البيرة: أعطني بيرة في المقاهي. وهذه قبل ثلاثين سنة، والحمد صرخنا وبكينا في هذا الدرس وقلنا: يا جماعة! حتى لو كانت عسلاً ما دام اسمها البيرة فهي حرام.وهذا الشاطبي يقول في أصول الفقه: لو تتناول كأس اللبن أو الماء أو العسل على الهيئة التي يتناولها عليها الشرّيب الذي اعتاد يشرب الخمر؛ فتأخذ الكأس على الطريقة التي يأخذ انقلب فوالله إن لبنك إلى خمر، وإنك آثم.وكذلك الذي يمسك القلم ليكتب به على هيئة الحشاشين أصحاب الدخان، وانظر لما يركب السيارة كيف يعمل السيجارة، وأنت تتناول القلم رغبة في أن تكون مثله فانقلب قلمك إلى سيجارة، وهذا لا يصح.واسم البيرة يكفي، وأكثر من يشربها من أبنائنا الطائشين يشربها من أجل اسمها البيرة.ثانياً: الحجاج والزوار عندما يزورون دولة الإسلام التي يمنع فيها صنع الخمر وبيعه وتوريده، ويجلد صاحبه أمام المسجد، يقولون: البيرة موجودة في المدينة، كيف هذا؟! وهي والله موجودة، فسببتم حكومة القرآن وشتمتموها أمام العالم، وهذه وحدها كافية في تحريم هذه المادة، وهذا السائل حرام أن تقدمه، وقد سببتم دولة القرآن وعرضتموها للطعن والنقد والإهانة.ثالثاً: إنهم يوردون عشرين كرتونة كما يقولون بيرة، ويدسون كرتون الوسكي بينها، والله قد فعلوا، وهذه حيل الفساق والفجار والجاهلين الذين لا يعرفون الله إلا بالانتساب، والحمد لله قد استجابت الهيئة وطاردوهم ومنعوها من الدكاكين. قال: [ ثانياً: لن يبلغ العبد بر الله وما عنده من نعيم الآخرة حتى ينفق من أحب أمواله إليه ]، فإن ورثت باخرة كاملة من البيرة فارمها في البحر، والله ليعوضنك الله أكثر مما رميته، وأنت يا صاحب المقهى إن اشتريتها في غفلة أو جهل فارمها في بئر، واطلب الجزاء من الله، فوالله لن تخيب ولن يخيبك.أما أنت يا ضائع! يا من يتلذذ باسم الحرام في مدينة الرسول! فاعلم أنك على حفا هاوية، وإن لم ينقذك الله هلكت، والذي يشرب البيرة ويتلذذ بها والله لو وجد المسكر شربه، أقسم بالله لما نعرف من سنة الله في الخلق.قال: [ ثالثاً: لا يضيع المعروف عند الله تعالى قلَّ أو كثر، طالما أريد به وجه الله تعالى ]، فالذي يتصدق بمليار كالذي يتصدق بريال، والله لا يضيع أجر هذا ولا ذاك، والذي يتصدق بتمرة كالذي يتصدق بصاع من التمر؛ لأن الله لا يضيع أجر المحسنين.وصل اللهم على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|