عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 09-11-2020, 05:29 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,172
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

معنى قوله تعالى: (ما كان لبشرٍ أن يؤتيه الله الكتاب ...)
قوله: مَا كَانَ هذا النفي أبلغ من كلمة (لم يفعل)، (ما كان) أي: ليس من الممكن أو ما يتوقع أن يقع مثل هذا.لِبَشَرٍ أي: إنسان، فكلمة (بشر) اسم جنس كإنسان تحته أفراد بالبلايين، لكن نفي مطلق لا يتأتى هذا ولا ينبغي ولا يوجد، لِبَشَرٍ من البشر. أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ أي: ينزله عليه.ويؤتيه (الحكم) أي: الحكمة بمعنى الفقه في معرفة أسرار ذلك الكتاب، وهي هنا السنة؛ إذ السنة هي التي بها نفهم أسرار القرآن ومراد الله منه.والنبوة فوق ذلك، ينبئه، يكلمه تعالى بما شاء من وسائط، ويعلمه بالغيوب من عنده، فمثل هذا الشخص والله! ما يقول للناس: كونوا عباداً لي من دون الله.وهذا لا شك أن له سبب: فقد سمع يهودي من الرسول صلى الله عليه وسلم أمره ونهيه ودعوته، فقال: تريد أن نعبدك يا محمد؟ أتريد أن نتخذك رباً نطيعك في كل شيء؟ فأبطل الله هذه الفرية وأبعد هذه التهمة بعيداً، ووضعها في باب المستحيل، ولم يقع هذا، وفيها صفعة كبيرة للنصارى الذين ألهوا عيسى، وهو نبي الله أوحى إليه كتابه، وعلمه الكتاب والحكمة، واتخذوه رباً وإلهاً، فحاشى عيسى أن يرضى لأتباعه أن يعبدوه ويؤلهوه.وقد أراد مرة من أراد أن يسجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم فغضب، ولم يرض أن يُسجد له كتحية كما يحيي بها الناس عظماءهم، وقال: ( لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ) ولكن لا يسجد إلا لله؛ لأن السجود مظهر من مظاهر الخنوع والخضوع، والذلة للمسجود له، والتعظيم له، فوضع الجبهة والأنف على التراب لم يقع هذا إلا لمن يُعظّم ويُبجل ويكبر، وهذا لا يكون إلا للخالق عز وجل.فهذه الآية نفت تلك الدعوة الباطلة، وضربت النصارى على وجوههم، وحاشا عيسى عليه السلام أن يقول لهم: اسجدوا لي، أو علقوني في أعناقكم وألهوني، وهو من هو، فقد أوحى الله إليه بالإنجيل، وعلمه التوراة وعلمه الحكمة، فكيف يرضى بأن يعبد مع الله؟! مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ [آل عمران:79]، فقد يصدر هذا الكلام من الذي لم يؤت العلم والحكمة، والسنة والمعرفة.. نعم عبدوهم، فيوجد حتى بين المسلمين من يسجد له ويفرح بذلك.

معنى قوله تعالى: (كونوا ربانيين ...)
هذه الشخصية الفريدة الممتازة بهذه العطايا الإلهية وهي: الكتاب، والحكم بمعنى الحكمة، والنبوة.. مثل هذا والله! لا يقول للناس: اعبدوني، أو كونوا عباداً لي من دون الله، ولكن يقول لهم: كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ [آل عمران:79].فالذي أعطي هذا العطاء يقول لأتباعه وأوليائه وتلامذته: كونوا ربانيين. والرباني: المنسوب إلى الرب، أي كونوا عباد الله، ونسبهم إلى الرب عز وجل؛ وذلك لصلاحهم، وطهارتهم، وصفاء أرواحهم، ولعلمهم ومعرفتهم أصبحوا ربانيين، تتجلى فيهم حقيقة ربانية وهي نسبة إلى الرب عز وجل؛ إذ صفت نفوسهم وزكت أرواحهم، وعلموا وعرفوا وعلّموا.. فنعم هؤلاء ربانيون ويقال فيهم: ربيون أيضاً نسبة إلى الرب.يقال: فلان رباني. تتجلى فيه حقائق الربوبية، من ذلته لله ومسكنته ودعائه، والحب فيه والبغض فيه، والعمل له، بل والحياة كلها تدل على أنه مع الله ومن الله. كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بما كنتم تعلمون الكتاب.. التوراة، الإنجيل، الزبور، الفرقان، الكتاب. فالذين يعلمون الكتاب ويدرسونه ويعلمون أسراره وشرائعه وما فيه يقول لهم: من أوتي الكتاب والحكم والنبوة كونوا كذا وكذا، وهذا الذي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الناس، وهكذا كان عيسى مع الحواريين يعلمهم، وكان موسى، وكان كل الأنبياء، فحاشى نبياً من الأنبياء أن يقول لأتباعه: اعبدوني.. اتخذوني رباً.. اسجدوا لي.. سبحوا وقدسوا باسمي!فالعبادة حق الله عز وجل لا تعطى لسواه أبداً مهما كان هذا العبد.إذاً: قضى على تأليه اليهود لرهبانهم، وقضى على النصرانية التي حولوها إلى تكليف وشرك محض، فقال تعالى: مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ [آل عمران:79] يقول: كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ [آل عمران:79].ولا ننسى ما علمناه من: ( أن من علم وعمل بما علم، وعلّمه غيره دعي في السماء عظيماً )، فهؤلاء هم الربانيون الذين يتعلمون العلم لله؛ ليعرفوا الله ومحابه ومكارهه، وليعرفوا كيف يؤدون ذلك المحبوب، وكيف يبتعدون عن ذلك المكروه، ويتعلمون ثم يعملون بما علموا، فيحلون ما أحل الله، ويحرمون ما حرم الله، وينهضون بالتكاليف والواجبات، ويبتعدون عن المنهيات والمحرمات، ثم لا يكتفون بذلك حتى ينقلوا ذلك النور إلى غيرهم، فيعلمون سواهم؛ حتى يشاهدوهم يعبدون الله عز وجل بما شرع، فهؤلاء سمت درجاتهم وارتفعت حتى إنهم يدعون في الملكوت الأعلى بعظماء الرجال، وهذه هي الجائزة التي من فاز بها هنئه، فليس عظيم بين الناس فقط، بل في الملكوت الأعلى.. هؤلاء هم الربانيون المنسوبون إلى الرب؛ لأنهم آمنوا واستقاموا على طاعة الله بالعلم والمعرفة ونشروا الهدى، ونشروا المعروف بين الناس، فحق لهم أن يسودوا بهذا اللقب (عظماء الناس).

تفسير قوله تعالى: (ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً ...)
ثم قال تعالى: وَلا يَأْمُرَكُمْ [آل عمران:80] أي: الرباني.. الإنسان الذي نزل عليه الكتاب، وأوتي الحكمة وأوتي النبوة، لا يقول لهم: اتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً. ‏

معنى قوله تعالى: (ولا يأمركم...)
وَلا يَأْمُرَكُمْ [آل عمران:80] أي: هذا الإنسان من البشر الذي آتاه الله الكتاب والحكم والنبوة: أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا [آل عمران:80] أي: آلهة من دون الله تعبدونهم.ومن هنا إشارة إلى أن من العرب وهم بنو لحيان كانوا يعبدون الملائكة، أي: قبيلة من قبائل العرب يقال لهم: بنو لحيان، كانوا يعبدون الملائكة؛ لأن الشيطان قال لهم: إن الملائكة بنات الله، فتوسلوا بهم إليه ليقضي حوائجكم، فيعطيكم سؤلكم، وزين لهم كيف الملائكة بنات الله؟ وتأصلت هذه العقيدة ورسخت في أذهان العرب فانتزعها القرآن بعشرات الآيات، فقالوا: إن الله تعالى أصهر إلى الجن. أي: تزوج جنية، فأنجبت له الملائكة، فهم يعبدونهم من أجل التقرب إلى الله بعبادتهم، كما فعل جهال المسلمين بعبادة الأولياء والصالحين؛ تقرباً إلى الله ليقضي حوائجهم.قال تعالى: وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ [النحل:62]، فالعربي لشرفه وعلو قدره لو قيل له: اسمع، امرأتك ولدت الليلة بنتاً، يغضب ويكره، ويصبح ما يمشي بين الناس من الخجل؛ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ [النحل:58-59]، فـعمر في الجاهلية ولدت له بنتاً فدفنها ودسها في التراب وهي حية.إذاً: وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ [النحل:62] أي: الذي يكرهونه وهو البنت يجعلوها لله، وهم ما يقبلونها! فهذا هو الأدب مع الله؟! فالذي ما تقبله أنت تجعله لله؟!فأين يذهب بعقلك يا عبد الله؟!قال تعالى: أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ [الزخرف:18]، البنت هذه كيف يجعلونها لله؟!الشاهد عندنا: في أن بنو لحيان كانوا يعبدون الملائكة، ولهذا قال تعالى: وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ [آل عمران:80] أي: كعيسى وغيره من الأنبياء اتخذهم النصارى آلهة. أَرْبَابًا [آل عمران:80] الأرباب: جمع رب، وأصل الرب هو السيد المالك، والله هو السيد المالك، ولكن لما تاب وملك عبد ذُل له وأطيع، فلفظ (الرب) أولاً: لا يطلق إلا على الله بدون قيد، فيجوز أن تقول: رب البيت، ربة البيت، رب المنزل.. لكن لا تقول: الرب. فهذا اللفظ لا يصلح إلا لله، ولا رب إلا الله، لكن مع القيد لا بأس؛ لأنه السيد المالك، وفوق ذلك الخالق المدبر الرازق، وبذلك أصبح الإله الحق والمعبود الذي لا معبود بحق سواه.فالألوهية تأتي بعد الربوبية، من لم يكن رباً لا يصلح أن يكون إلهاً، فإذا كان خالقاً رازقاً مدبراً يملك كل شيء.. نعم يذل له كل مخلوق ويعبده ويطيعه، أما إذا لم يكن رباً فكيف سيكون إلهاً؟!فلهذا عاب عليهم عبادة الأصنام والأحجار والملائكة والبشر.. الملائكة مخلوقون والأنبياء مخلوقون، فكيف يعبدون مع الله ويؤلهون؟! وَلا يَأْمُرَكُمْ [آل عمران:80] أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم، النبي الذي أنزل عليه الكتاب، أوتي الحكمة وأسرار الشرع، ومعرفة مراد الله عز وجل، ونبئ وكلمه الله في اليقظة والمنام: لا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا [آل عمران:80].

معنى قوله تعالى: (أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون)
ثم قال تعالى: أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ [آل عمران:80]، فالذي يقول لك: اسجد لي، وأطعني فيما آمرك به، كأن معناه قال لك: اعبدني.(أيأمركم بالكفر) فمن عبد الله كفر بالله، وإليكم صور:الذي يقول: يا رجال البلاد! يا سيدي عبد القادر ! يا فاطمة ! يا حسين ! يا رسول الله! المدد.. المدد.. الغوث.فهذا يكون إثم، فقد جحد الله، وإياك أن تجهل، فلو ما جحده لقال: يا الله! يا رب العالمين! يا رب فاطمة والحسين ! يا ولي المؤمنين! لكن غطاه وجحده، ثم قال: يا فلان.. يا فلان.قال تعالى: أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:80]، الكفر: أي جحود حق الله عز وجل، فمن جحد حق الله وأعطاه غيره وتركه إلى سواه، فهذا هو الكفر الحقيقي. صدق الله العظيم.أيأمركم يا عباد الله! هذا الذي نزل عليه الكتاب، وأوتي الحكمة والمعرفة وأسرار الشرع ونبئ، أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون؟! فهذا لا يقع، وهذا الاستفهام للإنكار والتأديب والتوبيخ.فنعم. هذا (يأمركم) أي: يقول لكم: يا عباد الله! كونوا ربانيين.. تعلموا الكتاب والحكمة، واعملوا وعلموا؛ لتصبحوا منسوبين إلى الرب عز وجل، ويا لها من نسبة شرف!مصلح مربي.. ربان السفينة أصلها وقائدها.إذاً: هكذا يقول تعالى: مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ [آل عمران:79] لا والله! وَلَكِنْ [آل عمران:79] يقول: كُونُوا رَبَّانِيِّينَ [آل عمران:79] نكون ربانيين: بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ [آل عمران:79] وتدرّسون، فكن ربانياً، وعلم الكتاب ودرسه وادرسه. وَلا يَأْمُرَكُمْ [آل عمران:80] أي: حاشى هذا النبي وهذا الولي أن يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً تعبدونهم بعبادة الله.وهذا الاستفهام للإنكار والتوبيخ: أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:80]، أي: بعد ما أسلمتم قلوبكم ووجوهكم لله، وأصبحتم عباده يأمركم بالكفر؟! معاذ الله.إذاً: كل من أمرنا بأن نعبد غير الله بالدعاء، أو بالاستغاثة، أو بالذبح، أو بالحلف، أو بالنذر، أو بالطاعة في المعصية، معناه أنه أمرنا بالكفر ونحن مسلمون.وهذه الآية تتناولنا معشر المؤمنين! تناولاً حقيقياً، وهذا رسول الله بين أيدينا.ما كان لرسول الله ولا لغيره من أنبيائه أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة، ثم يقول للناس: اعبدوني؟! كونوا عباداً لي من دون الله؟! اسجدوا لي واركعوا؟! احلفوا بي وعظموني؟! لا. حاشاه.ولكن ماذا يقول لنا: كونوا ربانيين، فهيا نكن ربانيين بعلمنا للكتاب وتدريسه، فاجتماعنا على كتاب الله، وحفظه، وتعليمه، والعمل به هو الربانية الحقة.ولا يأمرنا أن نتخذ الملائكة والنبيين أرباباً، أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:80].
قراءة في كتاب أيسر التفاسير

معنى الآيتين
قال: [معنى الآيتين:ما زال السياق في الرد على أهل الكتاب، وفي هذه الآية الرد على وفد نصارى نجران خاصة، وهم الذين يؤلهون المسيح عليه السلام. قال تعالى: ليس من شأن أي إنسان يعطيه الله الكتاب، أي: أن ينزل عليه كتاباً ويعطيه الحكم فيه وهو الفهم والفقه في أسراره، ويشرفه بالنبوة فيوحي إليه، ويجعله في زمرة أنبيائه، ثم هو يدعو الناس إلى عبادة نفسه فيقول للناس: كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ [آل عمران:79]؟ إن هذا ما كان، ولن يكون أبداً]. إي والله.[ولا مما هو متصور الوقوع أيضاً، فما لكم أنتم يا معشر النصارى تعتقدون هذا في المسيح عليه السلام؟ إن من أوتي مثل هذا الكمال لا يقول للناس: كونوا عباداً لي، ولكن يقول لهم: كونوا ربانيين تصلحون الناس، وتهدونهم إلى ربهم ليكملوا بطاعته ويسعدوا عليها، وذلك بتعليمهم الكتاب وتدريسه ودراسته].الحمد لله فنحن الآن ندرس الكتاب -أربع ليالي على الأقل- ونعلمه، ونالنا هذا الفضل، وأنتم ربانيون، فمعكم قال الله وقال رسوله، ما قال سيدي فلان. فالحمد لله.قال: [هذا معنى الآية. أما الآية الأخيرة فإن الله تعالى يخبر عن رسوله محمد صلى الله عليه وسلم إنه لا يأمر الناس بعبادة غير ربه تعالى، سواء كان ذلك الغير ملكاً مكرماً أو نبياً مرسلاً، وينكر على من نسبوا ذلك إليه صلى الله عليه وسلم فيقول لهم: أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:80]، فهذا لا يصح منه ولا يصدر عنه بحال صلى الله عليه وسلم].وقد قلت: أرادوا أن يحيوه بالسجود، فقال: لا، بل قاموا له، قال: اقعدوا لا تقوموا لي، يخرج كالبدر ليلة القمر، فقد حاولوا أن يقوموا، فقال: لا تقوموا لي، فهذا الكمال المحمدي.

هداية الآيات
قال: [ هداية الآيات:أولاً: لم يكن من الممكن لمن آتاه الله الكتاب والحكمة وشرفه بالنبوة أن يدعو الناس لعبادة نفسه، فضلاً عن عبادة غير الله.ثانياً: سادات الناس هم الربانيون الذين يربون الناس بالعلم، والحكمة فيصلحونهم ويهدونهم] هؤلاء هم سادات الناس، ما هو سيد وهو يشرب الحشيش ويعلم السحر، فسادات الناس الربانيون الذين يربون البشر على حب الله وطاعته، والخوف منه والرهبة، ليكملوا بتلك الآداب ويسعدوا في الدنيا والآخرة، حقاً هؤلاء هم السادة.قال: [سادات الناس هم الربانيون الذين يربون الناس بالعلم ] الإلهي [ والحكمة ] الربانية [ فيصلحونهم ويهدونهم ] إلى سبل الكمال والسعادة في الحياة أيضاً.[ ثالثاً: عظماء الناس من يعلمون الناس الخير ويهدونهم إليه ] والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( من علم وعمل بما علم وعلمه غيره، دعي في السماء عظيماً )، وهذا مروي عن عيسى عليه السلام.[ رابعاً: السجود لغير الله تعالى كفر ] والله العظيم! السجود لغير الله تعالى كفر، وما زال من المسلمين من يسجد للشيخ، يطيح أمامه ويسجد [ السجود لغير الله تعالى كفر؛ لما ورد أن الآية نزلت رداً على من أرادوا أن يسجدوا للرسول صلى الله عليه وسلم فقال تعالى: أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُون [آل عمران:80]؟! ].فلا سجود إلا لله، ولا ركوع إلا لله، وبعض الإخوان ينحنون عن القوم. نقول: اعتدل وصافح، لماذا تنحني؟! تعلموا هذا في ديارهم، يأتي يصافحك ينحني! لا. صافحني وأنت مستقيم.نحن هذه وأولناها وقلنا: يا عسكري! قل: السلام عليكم؛ خشية أن تكون عبادة لغير الله، فكيف نركع ونسجد؟اللهم ثبتنا على منهج الحق وتوفنا عليه، إنك ولينا وولي المؤمنين.واغفر لنا ولإخواننا المسلمين، وارحمنا وإياهم أجمعين، وصلِّ اللهم على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.49 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.87 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.13%)]