
04-11-2020, 05:46 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,207
الدولة :
|
|
رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير قوله تعالى: (إذا قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ...)
إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا [آل عمران:55].. الآيات، هذا النداء الإلهي لا مانع أن يكون بواسطة جبريل، لا مانع أن يناديه ويكلمه ويسمع كلامه، هذا روح الله، هذه كلمة الله، ناداه ربه يَا عِيسَى بالاسم العلم، وعيسى قيل: معرب يوشع أو يشوع في اليهودية، لكن حسبنا أن يسميه الله في كتابه، ما نقبل يوشع ولا يشوع. يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ أي: متمم لك الأيام والليالي التي كتبتها لك تقضيها في هذه الدنيا، ثم بعد ذلك أنزلك لتتم بقية عمرك، وهنا الذي نوقن به ونُشهد عليه ونَشهد به أن عيسى لم يمت؛ لأن الله لا يجمع له بين موتتين، والموت صعب وسوف نذوقه يقول تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران:185]، فمرارته يأبى الله أن يصيب بها عبده مرتين.فعيسى لا يميته الله مرتين، بل ينزله تعالى في آخر أيام الدنيا ويقضي فيها ثلاثة وثلاثين سنة؛ داعياً وعابداً وذاكراً وشاكراً لله تعالى، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيحج البيت، قال: ( كأني بابن مريم بالروحاء يلبي بحج وعمرة أو بعمرة وحج )، ثم يتوفاه الله كما توفى أنبياءه ورسوله وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، هل يدفن في الحجرة النبوية؟ إذا أراد الله أن يكرمه ويكرم أهل الحجرة دفنه معهم. يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ هنا اختلف بعض أهل العلم وقالوا: متوفيك بمعنى مميتك. ولم يقل: مميتك بل قال: مُتَوَفِّيكَ أنا وفيتك يا عدنان المبلغ، فليس هنا معنى وفيتك بمعنى أمته بل أعطيته كاملاً وأتممته وكملته. فليس متوفيك هنا بمعنى مميتك. مُتَوَفِّيكَ بمعنى متمم لك عدد الأيام التي كتبناها لك في كتاب المقادير، تتمها في هذه الحياة وتقضيها، ثم أرفعك إلي، وعيسى الآن في الملكوت الأعلى. السنن التي علمنا الله إياها إن شاء أبطلها وأوقفها وأجد بدون سبب، فقد أوجد عيسى عليه السلام بدون أب ولا أسباب.إذاً: فعيسى في الملكوت الأعلى، ورسولنا صلى الله عليه وسلم لو شاء الله أن يبقيه في الجنة ليلة الإسراء والمعراج لا يعجزه عن ذلك شيء، فعيسى يأكل ويشرب، والطعام والشراب يتحول إلى عرق وجشاء كأهل الجنة، انتهت سنة الأرض حياة أخرى، لا يشيب فيها أحداً.عاش نوح ألف سنة ولا أدري شاب أم لم يشب، ثم كونه في ذلك العالم غير قابل للفناء، إذاً: لا يشيب ولا يهرم، أهل الجنة كلهم في سن ثلاثة وثلاثين سنة، لا ينقصون ولا يزيدون بلا حد ولا نهاية، طبيعة ذلك العالم ما تقبل هذا الذي نعيشه نحن بالشمس والحرارة والشرف والمرض والقوة والعجز، وما يدرينا عما قريب نسمع عيسى نزل، ينزل على المنارة البيضاء في مسجد دمشق الجامع بين ملكين. إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ [آل عمران:55] أي: بجواري في ذلك القدس والطهر في الملكوت الأعلى، والمسافة كما علمتم سبع آلاف وخمسمائة سنة بالطائرة. هذه الجنة.وقوله: وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا [آل عمران:55]، هذا اللفظ يدل على أن المجتمع اليهودي تلك الأيام أخبث مجتمع متعفن أنجاس يتعاملون بالربا، والعهر، والزنا، والخيانة، وسفك الدماء.. فأراد الله أن يطهره من تلك الأخلاق والأوضاع الهابطة الساقطة برفعه إليه وتركهم في فتنتهم. إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا [آل عمران:55]، كفروا بك يا عيسى وبما جئت به من الإنجيل وما أنزلنا فيه من الآيات البينات؛ لأنه نزل بما يتنافى مع شهواتهم وأطماعهم وأغراضهم وآدابهم الهابطة وأخلاقهم الفاسدة، فلم يطيقوا ذلك فلما شاهدوا المعجزات الخارقة للعادات قالوا: ساحر وابن زنا، وقالوا.. وقالوا.. تنفيراً وإبعاداً للناس عن عيسى عليه السلام. وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا [آل عمران:55] أي: من الذين يعيشون في مجتمعات هابطة وساقطة وييسر الله له أن ينقذه منه وينزله في بلاد طاهرة. وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ [آل عمران:55] وعد الصدق، اسمعوا هذا الوعد لعله يتحقق لكم في المستقبل، لقد تحقق لأسلافنا كما أعلم الله عز وجل: وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا [آل عمران:55]، وهذا يشمل كل من يكون على منهج عيسى في التوحيد والعبودية لله رب العالمين، وقد حقق الله هذا لرسولنا وأصحابه وأحفادهم بعد أبنائهم ثلاث قرون وهم سائدون، والكفار أذلة مهانون من اليهود والنصارى وغيرهم. وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ [آل عمران:55]، فاليهود لا يسودون علينا أبداً. فإذا تمسك المسلمون بالكتاب والسنة ينتهي وجود اليهود ولا عزة ولا كرامة لهم، ولكن نحن الذين أعززناهم فابتلانا الله باليهود فأذاقونا مر الذل والهون، وهم حفنة وشواذ جاءوا من الشرق والغرب، ليعلمنا الله بأننا مذنبون؛ بأننا سلكنا مسلكاً لا يريده الله عز وجل، فأرانا آية من آياته لعلنا نفيق ونفهم، فهم أذل الخلق، وكم من معركة انتصروا فيها وتمزقنا وهربنا.ولكن إذا اجتمع المسلمون في روضة رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم وقالوا: بايعناك يا إمام المسلمين، وكلمتنا واحدة ودستورنا واحد وأمة الإسلام أمة واحدة، لرحل اليهود وانتهت عزتهم وكرامتهم، ولكنا رضينا بالانقسام والفرقة والخلاف والمشاحنة، وتركنا الصلاة ومنعنا الزكاة وأبحنا ما حرم الله، كيف نريد أن ينصرنا الله عليهم؟!والشاهد عندنا في هذا الوعد الإلهي الكريم: وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ [آل عمران:55] كافركم ومؤمنكم، عزيزكم وذليلكم: فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [آل عمران:55]، أي بيان أعظم من هذا البيان الإلهي؟! ثُمَّ إِلَيَّ لا إلى سواي ولا إلى غيري: مَرْجِعُكُمْ [آل عمران:55] أبيضكم وأسودكم، عربكم وعجمكم، مؤمنكم وكافركم، راجعون إلى الله، يجمعنا ثم يبعثنا ليقضي بيننا ويحكم وهو أحكم الحاكمين، هذه عقيدة البعث والجزاء: ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ أولاً، في يوم القيامة الذي يقوم الناس فيه من قبورهم، يوم قيام وقيامة البشرية، فينفخ إسرافيل في بوقه فيخرجون من الأجداث والقبور في خلقهم وتركيبهم على أكمل صورة: فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ [الزمر:68]، وهذا رد على النصارى الذين يقولون: لا أجسام يوم القيامة ولا سعادة إلا للأرواح فقط. وهذا كذب وخرافة وضلالة يعيشها النصارى الآن، لا يعجز الله أن يعيد الخلق من جديد من قال ذلك فقد كفر وكذب الله ورسوله.كان مسلم لبناني يركب مع مسيحي في سيارة، فتحادثا وتجاذبا أطراف الحديث، وأخذ المسيحي يسخر ويقول: أنتم المسلمون تقولون إننا في الجنة بأبداننا وأرواحنا نأكل ونشرب؟ قال المسلم: إي نعم، فقال المسيحي: إذاً كيف تكون بطوننا وأنتم تقولون في الجنة لا بول ولا غائط؟! ثم ضحك.. فألهم الله عز وجل المسلم العامي وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ [الأنعام:83]، قال له: يا هذا! أنت سخرت من أننا نأكل ونشرب ونتمتع بالجنة بأبداننا وأرواحنا، وأنتم تؤمنون بمجرد أرواح في الجنة، فالطفل الصغير في بطن أمه من الشهر السادس يأكل ويتغذى وينمو على الغذاء وهو لا يبول ولا يتغوط، وبمجرد أن يخرج من بطن أمه يبول!فكانت صفعة رادعة لذاك الصليبي وانتبه.نعم أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الشرب يكون كله عرق أطيب من ريح المسك، وأما الشبع يكون جشاء، فلا بول ولا غائط ولا مرض ولا هرم ولا كبر ولا ولا.. وعالم الجنة غير قابل للفناء.عرفتم يوم القيامة ما ننسى هذه الكلمة الإلهي: وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا [آل عمران:55]، قد يقول القائل: هيا نتبع عيسى الآن، نقول: نعم، ولكن ما نسخه الله من الشرائع والأحكام يجب أن نتركها لأن الحكيم نسخها، وما أقره ولم ينسخه وما هو عليه نحن الآن نعمل به وقائمون عليه، فما خرجنا عن شريعة عيسى أبداً إلا فيما أذن الله فيه بالفعل أو الترك حسب علمه وتشريعه للخلق، عقيدتنا عقيدة عيسى والحواريين، عبوديتنا هي عبودية عيسى والحواريين، فكون أحل لهم طعام حرمه علينا، أو أذن لهم في فعل ما لم يأذن لهم فهذا يعود إلى حكمة المشرع بحسب أحوال الناس وأوقاتهم، فنحن متبعون لعيسى عليه السلام، لكن لما خالفناه وخرجنا عن هدي الله ورسوله أحل الله بنا ما أحل بنا؛ استعمرنا الشرق والغرب وأذلونا وأهانونا وما زلنا نستعطفهم ونسترحمهم، أما وعد الله فنافذ: وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ [آل عمران:55]، والنصارى ما اتبعوا عيسى بل كفروا به، فجعلوه إلهاً فعبدوه وجعلوه إلهاً مع الله، ما ننسى بيان عيسى أبداً: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة:72]، أما كون اليهود أذلاء تحت النصارى لقلتهم فقط، ومع هذا فقد انتصروا على النصارى، وهم يسوسونهم في الداخل والخارج بحيلهم ومكرهم، وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [آل عمران:55]، فالشرائع والأحكام الذي اختلفتم فيها الله يحكم بينكم فيه، فيحق الحق ويبطل الباطل.
تفسير قوله تعالى: (فأما الذين كفروا فأعذبهم عذاباً شديداً ...)
قال: فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا [آل عمران:56] بي وبرسولي وبشرائعي وبلقائي والوقوف بين يدي، هؤلاء فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ [آل عمران:56]، هذا الحكم في الدنيا وهو أنني أعذبهم عذاباً شديداً، والشديد بالنسبة إلى الله ما هو شديد بالنسبة إلينا: فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا [آل عمران:56] بالذل والهون والدون، وفي الآخرة بالخلد في عذاب النار: وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ [آل عمران:56]، لا يوجد لهم ناصر ينصرهم أبداً. إذا قيل: ادخلوا النار فلا شافع لهم أبداً يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا * هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ * أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ * اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الطور:13-16]، فالخلاف كان بين الموحدين والمشركين، بين المؤمنين والكافرين، بين الصالحين وبين المفسدين، فبدأ بالقسم الأول لأنه الأكثر ( يقول الله يا آدم فيقول لبيك وسعديك والخير في يديك قال يقول أخرج بعث النار قال وما بعث النار ؟ قال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين )، كلها إلى جنهم وواحد إلى الجنة، فلهذا قدم هذا الصنف. فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا [آل عمران:56]، ولأن الكفر مفزع في الحقيقة، ففطرة الإنسان لا تتلاءم مع الكفر، الآن لو تقول لمسيحي: كافر! يغضب، لو تقول ليهودي: كافر! يغضب، لو تقول: لعاصي من العصاة الذين لا يصلون ولا يصومون يا عاصي! يغضب. فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا [آل عمران:56] بالهون والذل والدون والإهانة والفقر والبلاء. وَالآخِرَةِ [آل عمران:56] لا تسأل عن عذاب النار فطعامهم الزقوم وشرابهم الحميم، والسلاسل يدخلونها في فمه ويخرجونها من دبره، طولها سبعون ذراعاً.
تفسير قوله تعالى: (وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ...)
وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا [آل عمران:57]، أولاً وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [آل عمران:57]، فقدم الإيمان لأن المؤمن حي يعمل، والكافر ميت، آمن عبد الله، فإذا آمنت أمِنت وصدقت فيما تقول وتفعل وأنت على ذلك قادر، فبالإيمان يعبد الإنسان الله عبادة حقيقة: وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا [آل عمران:57]، آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسوله وبكل ما أخبر الله به وأخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم من شأن الغيب والشهادة: وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [آل عمران:57]، الصالحات هي العبادات التي تعبدنا الله بها، من الوضوء إلى الرباط في سبيل الله، فكل عبادة كانت قولية أو عملية هي من الصالحات؛ لأنها صالحة بالفعل وتصلح ويصلح الله بها القلوب والنفوس، فكل العبادات التي تعبدنا الله بها سمها الصالحات. فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ [آل عمران:57]، أجور: جمع أجرة، أجر وأجور، ما يتقاضاه العامل مقابل عمله، هم آمنوا وعملوا الصالحات فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ [آل عمران:57] كاملة.ثم قال: وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [آل عمران:57]، أي: لا يحب الظالمين. إذاً: فاطمئنوا أيها المؤمنون بأن أجوركم تستوفونها كاملة غير منقوصة؛ وعلة ذلك؛ لأن القاضي لا يظلم؛ لأن المجازي لا يظلم، الظلم حرام عليه، وقد قال تعالى في الحديث القدسي: ( إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ). وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [آل عمران:57] أبشروا إذاً لن ينقصكم من أجوركم شيئاً.
تفسير قوله تعالى: (ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم)
وجاء التوقيع الأخير والصفعة على خد نصارى نجران اسمع ماذا قال تعالى بم ختم هذا السياق ذَلِكَ [آل عمران:58] الذي سمعتم وتلونا وقرأتم: نَتْلُوهُ [آل عمران:58] عليك يا رسولنا محمد: مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ [آل عمران:58]، ثبتت رسالته محمد رسول الله، أين دعاوى النصارى الباطلة: محمد عربي صهرته الحرارة فأصاب بهذه المعاني والمعارف!! فهذا الكلام لا يقوله عاقل، والله يقول: ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ [آل عمران:58] نقرأه عليك مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ [آل عمران:58].قولوا: نشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه.اللهم اجعلنا من أتباعهم الصادقين والمؤمنين الصالحين، واجمعنا بهم يا رب العالمين.وصل اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|