عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 01-11-2020, 06:05 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,207
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة آل عمران - (14)
الحلقة (155)




تفسير سورة آل عمران (21)

لقد تفضل الله عز وجل على عيسى عليه السلام وبعثه بالنبوة والرسالة، وأيده بمعجزات شتى ليثبت الأمر على بني إسرائيل ويقيم الحجة عليهم، ومما جاء به عيسى بني إسرائيل أنه كان يخلق لهم من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله، وأنه يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله، وأنه كان ينبئهم بما يأكلون من الأطعمة وما يدخرون منها، وغيرها من الآيات لعلهم يتقون وإلى ربهم يرجعون.

مراجعة لما سبق تفسيره من آيات سورة آل عمران
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة كسابقتها واللاحقة بها ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ) ، حقق اللهم لنا رجاءنا إنك ولينا وولي المؤمنين.وأعيد إلى أذهانكم - فتح الله علي وعليكم - تلاوة الآيات التي درسناها بالأمس، ولنستحضر ما علمناه منها وما فتح الله به علينا فيها، تلاوتها بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [آل عمران:45-47].تذكرون أن مريم استبشرت لما بشرت فقالت: رب كيف يكون لي ولد ولم يمسسني بشر؟ تريد أن تعرف السر أو السبب أو العلة، ومن هنا يجوز الاستفسار عن الأمر المجهول، قالت رب أي: يا رب، أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر ، أي: بالمجامعة ولا بغيرها، ومن آية سورتها عليها السلام: قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا [مريم:20]، وجمع البغي: بغايا، وهن الزواني والعياذ بالله.والشاهد عندنا في استفسارها أنها ليست منكرة لما أمر الله وقال، ولكن تريد أن تعرف السر؛ لأنه خارج عن سنن الله، سنة الله في الولادة أن يجامع الفحل امرأته، وهذه ما مسها بشر، فكيف؟ لها الحق أن تسأل هذا السؤال، وكان جواب الله: الله يخلق ما يشاء.وقد ذكرنا بالأمس تلك اللطيفة، فعرفنا أن الله خلق مخلوقاً من غير أب ولا أم، من هو هذا؟هو آدم عليه الصلاة والسلام، ما له أم ولا أب، وهناك من خلق من أب وبدون أم، وهي حواء أم البشر خلقها الله من الذكر من آدم من ضلعه الأعوج، وهناك من خلق من أم بدون أب، وهو عيسى المسيح عليه السلام، وخلق من أب وأم سائر البشر.هذه سنته في خلقه يخلق ما يشاء، إذا قضى أمراً وحكم به يقول له: كن فيكون، ما يحتاج إلى وسائط أو أسباب أو وسائل أبداً، وما كان من الأشياء التي توجد بالأسباب والسنن فلها ذلك، أما وإذا أراد شيئاً فبكلمة (كن) يكون، كما قال لعيسى: كن فكان، ساعة واحدة وأخذها الطلق ولجأت إلى النخلة.
قراءة في تفسير قوله تعالى: (إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه ...) وما بعدها من كتاب أيسر التفاسير

هداية الآيات
قال المؤلف غفر الله لنا وله: [ هداية الآيات] هذه الآيات الثلاث فيها أربع نتائج وعبر [من هداية الآيات:]
شرف مريم عليها السلام وكرامتها
قال: [أولاً: بيان شرف مريم وكرامتها على ربها؛ إذ كلمها جبريل وبشرها]، هل أمهاتكم أو نساؤكم وبناتكم يظفرن بهذا؟ من هي التي يكلمها جبريل؟ إذاً: فتكليم جبريل عليه السلام رسول الوحي إياها وتبشيرها بولد كيف لا يكون هذا شرفًا لـمريم؟ وفي الحديث: ( كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا أربع ) وذكر منهن مريم بنت عمران .

شرف عيسى عليه السلام ووجاهته وكونه من المقربين
ثانياً: [بيان شرف عيسى عليه السلام ووجاهته في الدنيا والآخرة]، أما قال تعالى: وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ [آل عمران:45]؟ الوجيه بالوجاهة في الدنيا والآخرة.وثانياً: [وأنه من المقربين] بشهادة الله، أخبر الله تعالى: أن عيسى من المقربين، لو يصل إلينا خبر نحن بهذا فسنسجد ونبكي ساعات ولو برؤيا منامية من الصالحين، أما عيسى فالله تعالى أخبر أنه من المقربين.

دلالة تكلم عيسى عليه السلام في المهد على عظيم قدرة الله تعالى وعجيب آياته
ثالثاً: [تكلم عيسى في المهد آية من آيات الله تعالى؛ حيث لم تجر العادة أن الرضيع يتكلم في زمان رضاعه]، وهل هناك من تكلم؟أربعة فقط: شاهد يوسف لما حصل النزاع بين امرأة العزيز وبين يوسف وهرب وجذبته من ثوبه ومزقته وما أراد أن يصفعها، وحضر السيد، وكان رضيع في يد إحدى النساء فنطق وقال: يوسف مظلوم ظلمته زليخا ، وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنْ الْكَاذِبِينَ * وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنْ الصَّادِقِينَ [يوسف:26-27].هذا الغلام شهد بهذه الشهادة وفصل في هذه القضية وهو يرضع.الثاني: صاحب جريج الذي اتهمته المومس وأبوه راع فجر بها، فلما قال له جريج: من أبوك؟ نطق الغلام وقال: أبي فلان، وبرأ الله وليه جريجاً .الرابع: مرة من المرات مؤمنة تحمل طفلها في يدها وترضعه، فمر بين يديها رجل فارس على أجمل ما يكون من الخيول والهيئة، فقالت: أي رب! اجعل ولدي مثل هذا، فنطق الولد وقال: اللهم لا تجعلني مثله. من أنطقه؟ الله عز وجل، الذي أنطقنا ونحن كالأخشاب، أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء.

مشروعية الاستفسار عما يخالف العادة لمعرفة سره وحكمته
رابعاً: [جواز طلب الاستفسار عما يكون مخالفاً للعادة؛ لمعرفة سر ذلك أو علته أو حكمته]. أخذنا هذا من قولها: أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ [آل عمران:47]، كيف يكون لي ولد؟

تفسير قوله تعالى: (ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل)
الآن مع بعض الآيات التي بين أيدينا، تلاوتها بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ * وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ * وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ [آل عمران:48-51].

تقرير عبودية عيسى عليه السلام لله تعالى
هذه والله كلمة عيسى أنزلها الله تعالى إلينا كأننا حاضرون مجلسه، هذه الآيات كلها تقرر أن عيسى لم يكن بابن لله، ولم يكن أبداً هو الله، وما زال على أنه عبد الله ورسوله، احلف بالله الذي لا إله غيره ولا تحنث: ما كان عيسى بإله أبداً، وما هو بإله وما هو إلا عبد الله ورسوله، فتقول: أشهد أن عيسى عبد الله ورسوله، وكفر النصارى نساءً ورجالاً بالجهل والتقليد الأعمى والتضليل المتعمد، وإلا فهذه فرية باطلة بكل عقل، كيف وقد عرفناه وعرفنا أمه وعرفنا أسرته وتاريخه وبلده والإنجيل الذي نزل عليه، وأنه عبد الله ورسوله، ثم نقول: إله ونعبده!الجهل أولاً، والتقليد من بعضهم لبعض ثانياً، والتغرير والتضليل من العلماء الذين يعيشون على حساب هذه العقيدة الباطلة.

معنى قوله تعالى: (ويعلمه الكتاب والحكمة)
إذاً: وَيُعَلِّمُهُ ، من الذي يعلمه الكتاب والحكمة؟ الله، هذا كلام تابع للأول، إذ قال الملائكة ما قالت، ومن جملة ما قالته لـمريم : وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ، وقد فعل هذه البشرى، فهذا الكلام بشرى فقط، إذ لم يوجد عيسى بعد. وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ ، المراد من الكتاب هنا: الكتابة، يعرف الكتابة، كان يكتب على القرطاس بالقلم، ولهذا فضل الكتابة معروف، إذا كنت كاتباً تكتب حقاً والخير فأنت من خيرة الناس، وإن كنت تكتب الباطل والشر والظلم فأنت من أسوأ الناس.قال: وَالْحِكْمَةَ ، يعلمه الحكمة، يصبح حكيماً فيما يقول ويقضي ويفكر ويعمل، دائماً مصيب في كل ما يريده، ويعلمه التوراة أيضاً التي نزلت على موسى عليه السلام وهي في أيدي بني إسرائيل، وكذلك يعلمه إياها ويفهمه معناها ويصبح أهلاً لها، ويعلمه الإنجيل بعد ذلك.هذه الأخبار هل يستطيع أن يقولها آدمي، ماذا في قماطته، ويخبر الله تعالى أنه سوف يكون منه كذا وكذا، وفعل الله ذلك كله، علمه الكتاب والحكمة والتوراة وأنزل عليه الإنجيل.

تحريف النصارى الإنجيل
والإنجيل الآن في يد النصارى، لكنه محرف مبدل مغيّر، زادوا فيه ثلاثة أرباع، أو أربعة أخماس، الأناجيل خمسة الآن، إذاً: والله إن الأربعة كلها كذب، من فعل بهم هذا؟ رؤساؤهم، والعوام يمدون أعناقهم، والجهال ما يبالون، ورجال الكنيسة يعبثون كما شاءوا، وقد ثبت أنهم حولوا الإنجيل إلى خمسة وثلاثين إنجيلاً بالزيادة، ثم لامهم من لامهم وفضحوا، فعقدوا مؤتمراً عالمياً للنصارى وجمعوها في خمسة أناجيل: لوقا، ومتى، ويوحنا، ومرقس.وأما إنجيل برنابا فقالوا: هذا مغشوش. هذا مذهب وهّابي أيضاً كما يقول العرب الهابطون، فروا منه لأن فيه التوحيد، ما يقبلونه، وأنتم تذكرون أن وفد نجران هو الذي بسببه نزلت هذه الآيات، ستون راكباً جاءوا ليجادلوا رسول الله في الباطل في شأن عيسى، تعالوا نسمعكم تاريخه، من جدته حنة إلى أمه مريم بهذا التفصيل.

تفسير قوله تعالى: (ورسولاً إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم ...)
قال تعالى: وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ [آل عمران:49] أيضاً، وأرسله رسولاً إلى بني إسرائيل فوق النبوة، وبالفعل أرسله إلى بني إسرائيل، وإليكم بعض آياته أو كلماته: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة:72]. وقال تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ [المائدة:73-75]، الذي يأكل الطعام يبول ويتغوط،فكيف يكون إلهًا؟! إلهك تجده في الحمام يبول، أهذا إله؟! كيف يعقل هذا الكلام؟ما قال مثلما قلت أنا البول والتغوط، نحن شرحنا، وإلا فالمقصود أن هذا الذي يأكل الطعام ويفرز البول أيصلح للإلهية؟ أين يذهب بعقلك.وفي هذا يذكر أن أحد الأعراب - والأعراب كانوا ممتازين في الذكاء - كان له صنم يعبده بين جبلين في مكان، فجاءه يوماً ليتقرب إليه ويتمسح وإذا بثعلب رفع رجله اليسرى أو اليمنى على كتف الصنم يبول عليه، فهذا العربي دهش: أنا جئت من مكان بعيد؛ لأستفيد من هذا الإله والثعلب يبول عليه فكيف يفيدني؟ فقال بيتاً من الشعر:أرب يبول الثعلبان برأسهلقد ذل من بالت عليه الثعالبوتركه فلم يرجع إليه أبداً.

معجزة عيسى عليه السلام في خلق الطير من الطين وإحياء الموتى بإذن الله تعالى
قوله تعالى: وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ [آل عمران:49]يقول لهم: أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ [آل عمران:49] علامة أظهر وضوحاً من الشمس إن شئتم تدل على أني رسول الله إليكم يا معشر يهود، قالوا: هات الآية، قال: اطلبوا، قالوا: أحي لنا سام بن نوح . فصلى ورفع يديه إلى ربه فقام سام بن نوح من قبره وقال: أنا سام بن نوح ! فما آمنوا.وذات مرة توفي ابن لمؤمنة وليس لها سواه، وبينما هم يمشون به إلى المقبرة وهو على النعش فقالت: يا روح الله! ادع الله لي ليحيي لي ولدي، فدعا له وقال: يا فلان! قال: نعم، فوضعوه فلف الكفن وعاد مع أمه.وقالوا: اخلق لنا من الطين كهيئة الطير وانفخ فيها حتى تطير وبذلك نؤمن لك، واشترطوا أن يكون هذا المخلوق من الخفاش، والخفاش من أعجب المخلوقات؛ أولاً: لا يرى في الظلام ولا في الضياء، هناك حيوانات ترى في الظلام ولا ترى في الضياء، هو بالعكس، لا يرى في الظلام ولا في الضياء، يرى قبل طلوع الشمس بساعة وبعد غروبها بساعة، وبعدها ما يرى شيئاً.ثانياً: هذا المخلوق مخلوق من لحم وعظم ودم وليس فيه ريش أبداً ويطير، يطير بدون ريش، وأغرب منه أن أنثاه تحيض كما يحيض النساء، وفيها لبن فترضع أولادها بلبنها، عجب هذا المخلوق، وبالفعل جيء بالطين وصنع منه خفاشاً ونفخ فيه فطار، فقالوا: ساحر.العامة عندنا يقولون: من لم يرد أن يتصدق يقول: مال اليتامى، هو يحمل الرطب على ظهره، فيقول له المسكين: أعطيني حفنة رطب، فيقول: لا؛ هذا مال اليتامى، ما يريدون أن يؤمنوا فقالوا: سحر ساحر، كيف يطير هذا! وهذا يدلنا على وضعية البشر وما فطروا عليه إذا لم ينقوا ويهذبوا ويطهروا ويزكوا، هذه كل أحوالهم، يكذبون ويردون الحق ويتجاهلون، هذه غرائزهم وفطرهم، فإن هم هذبوا وطهروا وسلموا أصبحوا كالملائكة، أما مع الجهل فهذه هي أحوالهم، بنو إسرائيل كانوا أرقى من العرب اليوم؛ لأن الدنيا كلما يجيء عام أسوأ من الأول، ومع هذا كذبوا عيسى عليه السلام بعد تلك الآيات. ‏

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 39.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 38.40 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.61%)]