
27-10-2020, 10:30 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,207
الدولة :
|
|
رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير قوله تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ...)
قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:31].وهذا خطاب لوفد نجران من النصارى، وفي بداية السورة علمنا -نحن الذين نحضر هذا النور زادنا الله منه- أن هذه السورة نزل آخرها قبل أولها، سورة آل عمران آخرها نزل قبل أن ينزل أولها، ولا حرج، تنزل السورة ويبقى منها آيات وبعد سنتين أو ثلاث سنين تنزل الآيات وتوضع فيها، وتوافق اللوح المحفوظ بلا تقديم ولا تأخير بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ [البروج:21-22] كما هو الآن هو هناك.هذه الآيات في هذه السورة وهي نيف وثمانون آية من الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [آل عمران:1-2] إلى آخر آية تتعلق بوفد نجران، هذه الآيات نزلت في وفد نجران، نجران منطقة معروف في المملكة تقع إلى جنوب مكة، كان فيها نصارى مسيحيون متصلبون وعلماء يستمدون قواهم من الروم، على صورة المسيحية.وقد جاء وفدهم المكون من ستين راكباً على الخيول أبهة؛ لأن من ينظرون إلى العرب وهم جهلة كفار تحت أقدامهم وهؤلاء أقوياء، نزلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وما يوجد فندق ولا مطعم فوزعهم على أهله وإخوانه ليستضيفوهم وسمح لهم أن يصلوا في المسجد أيضاً.وهنا نستطرد: كان في السوربون جامعة في باريس عالم من الرهبان يسمى طرطار، وكنا يومها في الدعوة في باريس، فكتب كلمة في جريدة لوموند العالمية الفرنسية يشتكي بالمملكة ويتألم ويقول: لم يمنعون إخواننا من إقامة شعائر دينهم في المملكة ونحن نسمح بالمساجد في كل مكان في ديارنا؟يعني: العمال الموجودين في المملكة من الفرنسيين ما تسمح لهم الحكومة بإيجاد كنائس ونحن سمحنا بالمساجد، وفرنسا فيها ثلاثة آلاف مسجد والحمد لله.فرددت عليه بالعربية وترجمت وقلت له: وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ [الأنعام:83].فقلت له: اسمع! المملكة تعتبر بيضة الإسلام وقبته، تعتبر مسجداً، أما خارج المملكة فتوجد كنائس في الشام.. في العراق.. في مصر.. في الجزائر.. في بلاد العالم، وأهل ذمة لهم كنائسهم، لكن المملكة تعتبر مسجداً.أيعقل يا مستر طرطار أن تبنى كنيسة في مسجد؟! أو يبنى مسجد داخل كنيسة؟من يقول بجواز هذا؟! فأفحمته، وعرف أن هذا غير معقول، فالمملكة عبارة عن مسجد؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لا يجتمع دينان في جزيرة العرب) ممنوع ( لا يجتمع دينان في جزيرة العرب ) خارجها توجد أديان. فكتب مرة ثانية -وهو الشاهد- وقال: وفد نجران سمح لهم رسولكم أن يصلوا في المسجد. احتج بهذه.فقلنا له: أذن لهم لأنه يستألفهم وينظر ماذا يبدو منهم، علهم يسلمون. هذا من جهة.ومن جهة أخرى: الشريعة نزلت في ظرف ثلاث وعشرين سنة ويوجد حكم اليوم وينسخ غداً، فنسخ الرسول صلى الله عليه وسلم هذا بقوله قبل وفاته: ( لا يجتمع دينان في جزيرة العرب ) فنسخ ذلك الحكم. وقلت له: لا تغضب. فكتب في المرة الثالثة يقول: إخوان لنا في جدة قاموا بقداس في بيت أحدهم فطوقتهم الهيئة وحاصرتهم، وسفروهم، فقلت له: لا. هذا ليس بغريب، فإخواننا المسلمون الموحدون أهل لا إله إلا الله إذا ضبطوا في بدعة طوقتهم الهيئة وسفرتهم، وليسوا الفرنسيين فقط. المهم انقطع مستر طرطار، وسليناكم قليلاً والمناسبة هي ذكرنا وفد نجران فهيا مع وفد نجران.اسألهم: لم أنتم تعبدون عيسى وأمه؟ سيقولون: لا. نحن بجلناهم، عظمناهم، ألهناهم من أجل أن يحبنا الله لا لذاتهم، نحن نعرف أن مريم مخلوقة، وعيسى كذا.. ولكن من أجل أن نظفر ونحصل على حب الله عز وجل العليم الحكيم قدسنا عيسى وأمه.فكان الله مع رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: تعال اسمع: قل يا رسولنا قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31] أنتم تقولون أنكم ما قدستم مريم ولا عيسى إلا من أجل أن يحبكم الله ومن أجل الظفر بحب الله فإليكم الطريق الواضح أطيعوا رسولنا يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم أيضاً.
الحكمة من الأمر باتباع النبي صلى الله عليه وسلم
قوله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:31]. الآمر: هو الله. والمأمور بأن يقول ذلك: هو رسوله صلى الله عليه وسلم. والقول: إن كنتم -كما تزعمون- ما عبدتم عيسى وأمه إلا من أجل حب الله فإليكم الطريق الموصل إلى حب الله وهو: أن تطيعوا الله ورسوله، وأن تتبعوا رسوله صلى الله عليه وسلم فيحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران:31]. وقد تقول: أراد الله أن يرفع من شأن نبيه ففرض على من يحبه أن يطيعه ويتابعه، فنقول: لا لا يا بني، فاتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشي وراءه باعتقاد ما يعتقد وقول ما يقول وفعل ما يفعل، هذا الاتباع من شأنه أن يطهر الروح البشرية ويزكي النفس الإنسانية، فإذا زكت الروح طابت النفس وأحبها الله.ليست القضية أنه أراد أن يذل الناس لرسوله حتى يتابعوه، والله ما هي هذه، بل أراد أنكم إن اتبعتم رسولنا فعبدتم الله بما شرعنا زكت نفوسكم وطابت أرواحكم، والله طيب يحب الطيبين.هذا هو سرها، لم تفرض عليهم متابعة الرسول إلا ليحبهم الله من أجل أن تطهر أرواحهم وتزكو نفوسهم، فإذا طابت وطهرت وزكت أحبها الله؛ فإن الله طيب لا يقبل إلا طيباً.فإن كنت تريد أن يحبك الله فوالله لا طريق لك إلا أن تزكي نفسك فيحبك. هل تزكيها بالماء والصابون؟ بماذا تزكيها؟ بالبدع والخرافات، بالرقص والشطح؟ تزكي النفس بماذا؟ بالمواد التي وضعها الحكيم العليم، إن استعملتها بالكمية المعروفة والعدد المحدود والزمان والمكان المخصص أنتجت لك طيبة نفسك وطهارتها، ويستحيل أن تطيب نفسك بغير ما جاء به رسول الله من هذه العقائد الصحيحة والعبادات المشروعة، فتأملوا: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فعبدتم المسيح وأمه لأجل ذلك فَاتَّبِعُونِي [آل عمران:31]فأنا رسول الله يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31].ما السر في كونهم إن تابعوه أحبهم الله؟ من يبين لنا؟ الذي ما عرف هذه لا يحل له أن يخرج من المسجد الليلة حتى يعرفها فليست صعبة.الجواب: لأن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم لازم حتى يحبك الله، والله إن لم تتبعه ما أحبك الله أبداً، وإن أردت أن يحبك الله فاتبع رسوله بأن تسير وراءه لا أمامه ولا عن يمينه ولا شماله، بل وراءه تقول ما يقول، وتفعل ما يفعل، وتترك ما يترك، وتنام كما ينام، وتصلي كما يصلي.. فهذا هو الاتباع وإن شاء الله تكونون قد فهمتم هذه والحمد لله.
ليس الشأن أن تُحِب بل الشأن كل الشأن أن تُحَب
عندنا لطيفة أخرى وهي: ليس الشأن أن تُحِب، إنما الشأن أن تُحَب.. ليس الشأن كل الشأن أن تُحِب أنت، بل الشأن أن تُحَب، فإذا أنت تحب الله بكل قلبك وهو لا يحبك ما استفدت شيئاً، بل في جهنم مع أعدائه، فليس الشأن أن تُحِب أنت وإنما الشأن أن تُحَب.ومن أمثلة العرب: أنت تتغنى بحب ليلى وليلى لا تلتفت إليك، فلا يجديك حبك هذا، بل يحرقك، تتغنى وليلى تكرهك فما استفدت، فليس الشأن أن تُحِب، إنما الشأن أن تُحَب.وهنا الغافلون والجاهلون يتغنون بحب الله ويرقصون ويأتون بالبدع والخرافات، ويقولون: نحب الله! وهذا باطل، فليس هذا هو الذي يحبكم الله من أجله، فأنتم تحبونه وهو لا يحبكم فماذا استفدتم؟! إن أردتم أن يحبكم الله فزكوا أنفسكم وطهروها بما شرع من العقائد والعبادات من أقوال وأعمال ثم يحبكم الله وحينها تظفروا بحب الله.فمن هنا معاشر المستمعين والمستمعات يا عشاق حب الله اعلموا أن حب الله لن ينفعكم ولن تظفروا به وتحصلوا عليه إلا إذا زكيتم أنفسكم، فهذا الوفد حاء مكوناً من ستين راكباً وهو ملعون مبغوض لله، وهو يقوم بالعبادات الليل والنهار لكنها عبادات ما شرعها الله.. عبادات لا تزكي النفس ولا تطهرها فلا تنفعهم. فقال الله لهم: اتبعوا رسولنا يحصل لكم حب ربكم يا طلاب حب الله؛ لأن المتابعة من شأنها تزكية النفس وتطهيرها، فإذا زكت نفسك أفلحت وفزت وانتقلت إلى الملكوت الأعلى قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا [الشمس:9].وهناك جماعات يحبون رسول الله بالقصائد والمدائح والأناشيد والحفلات والبقلاوة والشاي، وهم يعصونه في كل طريق، والشاعر الحكيم يقول:تعصي الإله وأنت تزعم حبههذا لعمري في القياس بديعلو كان حبك صادقاً لأطعتهإن المحب لمن يحب مطيعمن أدبكم؟ تقف أمام رسول الله تبكي وأنت حالق للحيتك، ولو كان الرسول أمامك لقال: أخرجوه عني.تأتي من الهند والسند والشرق تدعي حب الرسول وعلبة السيجارة في جيبك فتجيء تسلم على الرسول، أهذا حب رسول الله؟ماذا حل بنا؟ الجواب: حل بنا أمر عظيم، وعلته والله الجهل، فلا نلوم إخواننا ولا آباءنا وأمهاتنا، فالجهل ما عرفنا الله، ما عرفنا الطريق إليه، ما علمونا، ما عكفنا على طلب الهدى، يفعل الجاهل بنفسه ما يفعل العدو بعدوه، فهيهات هيهات أن تجد ربانياً عبداً صالحاً وهو يعص الله ويعيش على معصيته، فهيا بنا نعد إلى طلب العلم. وهنا قد يقول قائل: يا شيخ المدارس عندنا والكليات، والجامعات، فماذا تريد منا؟الجواب: نريد أن ندلل أننا أسلمنا قلوبنا ووجوهنا لله، فإذا دقت الساعة السادسة مساء حملنا أطفالنا ونساءنا وذهبنا إلى بيوت ربنا نصلي المغرب ونشرع في تلقي العلم والحكمة إلى صلاة العشاء، وذلك كل ليلة طول العام، فلا يبقى في القرية ولا في المدينة أحد فمع غروب الشمس الكل في بيوت ربهم يتعلمون الكتاب والحكمة ويزكون أنفسهم. هذا هو العلم، وهذا هو الطريق، والجهل هو الفتنة.
حقيقة الولاية لله
جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ) أي: أعلنت الحرب عليه. من هو هذا؟ الذي يعادي أولياء الله. والمشكلة هنا: من هم أولياء الله؟ هل هم: سيدي عبد القادر، البدوي، عيدروس، مولاي إدريس، إبراهيم كذا؟ هل هؤلاء هم الأولياء فقط؟اسمعوا نبكي، لو نمشي معك الآن وندخل القاهرة المعزية ونزلنا من المطار ودخلنا القاهرة وأستثني أن هذه السنين التي قضيناها في المسجد النبوي فقد انتشرت الدعوة وفهم الناس، ولكن لو تجد واحد وتقول له: يا سيد أنا جئت من بعيد أريد أن أزور ولياً من أولياء الله في هذه البلاد، والله ما يأخذ بيدك إلا إلى ضريح، ولا يفهم أن في القاهرة أولياء يمشون في السوق. أيضاً: لو تدخل دمشق وتقول لأول من تلقاه في الشارع: أنا غريب وأحب أن أزور ولياً من أولياء الله، والله ما يأخذ بيدك إلا إلى قبر، فلا يفهم أن ولياً حياً. وقل هذا في مراكش وباكستان واسطنبول والعالم كله لمدة أكثر من خمسمائة سنة لا يفهم أن ولياً حي أبداً.وهنا قد يقول قائل: يا شيخ ما تقول هذا غير صحيح؟فأقول: نسألكم: هل في دياركم مؤمنون يزنون بنسائكم؟ كيف مؤمن ويزني بامرأة مؤمن؟ هل فيكم من يسرق، ويخون، ويغش ويخدع أم لا؟! هل فيكم من يكذب أم لا؟ إذاً: لو كنا علمنا أن الله قال: ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب )، ما نستطيع أن نفجر بامرأة ولي الله، ولا أن نسلبه ماله ولا أن ننتهك عرضه، ولا أن نهينه ولو بنظرة شزراً وهو ولي الله. ولكن العدو -أولاً- مسح هذا من أذهاننا فلا ولي إلا من مات ودفن وبنيت القبة على قبره، ذاك الولي، أما الأحياء فأعداء الله، اسرق، اضرب، كل، العن ليس فيها شيء، فلا تخاف من الله، لأنهم ليسوا أولياء!!أما الله فيقول: ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب )، فكيف تؤذي ولياً من أولياء الله ولو بكلمة نابية يا عبد الله؟! عرف هذا الخصوم من المجوس واليهود والنصارى فصرفوا من قلوبنا وأذهاننا أن المؤمنين أولياء الله، أبداً، وحصروا الولاية لمن مات وإن كان كافراً، وإن كان حماراً، فكم وكم من حمار عبد، وقصة (سيدي أبو حمارة) معروفة عندنا، مات حمار في الطريق فدفنوه وبنوا عليه مزاراً ليزورونه ويأخذ الزيارات، حتى يصبح المسلمون يأكل بعضهم بعضاً لا تقدير، لا حب، لا احترام.. لا ولا؛ لأنهم كلهم ما هم أولياء الله. إذاً: أين أولياء الله؟ سيدي فلان، المبني عليه قبة ويعبد مع الله وتذبح له الذبائح ويحلب عنه ويزار، وينقل إليه مرضى وهو ميت.. وهذا وقع فينا ورب الكعبة، بل في كل ديار العالم الإسلامي.من فعل بنا هذا؟إنه الثالوث الأسود: اليهود، المجوس، النصارى.. وهم متعاونون إلى الآن، ونحن في غفلة وتيهان.
وسائل التقرب إلى الله وكسب محبته
ثم يقول تعالى: ( وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ) فتح الباب: يا من يريدون أن يحبهم الله! باسم الله، تقربوا.. تقربوا واتصلوا بأداء الفرائض ( ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ) وضح الطريق والحمد لله. ( وما يزال عبدي يتقرب إلي ) أي: يتملقني ويتزلف إلي بالنوافل بعد الفرائض ( حتى أحبه ). فإذا أحبه الله فقد جاء في الحديث أنه سبحانه يقول لجبريل: ( يا جبريل! إني أحب فلان ابن فلان فأحبه، فيحبه جبريل، وينادي في أهل السماء: يا أهل السماء! إن الله يحب فلان ابن فلان فأحبوه، فيحبونه، ويلقي له القبول في الأرض، فلا يراه عبد مؤمن إلا أحبه، وإن كان أعمش أرمش.. قل ما شئت.وإذا أبغض الله عبداً قال: يا جبريل! إني أبغض فلان ابن فلان فأبغضه، فيبغضه، ثم ينادي في السماء: يا أهل السماء! إن الله يبغض فلان ابن فلان فأبغضوه فيبغضونه، ويلقي له البغضاء في الأرض، فلا يراه عبد رباني مؤمن إلا أبغضه ) .فإذا عرفنا أن نعرف هل نحن محبوبون أم لا فلنسمع هذا البيان: يقول الله عز وجل في الحديث القدسي: ( فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، ولئن استنصرني لأنصرنه، وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض روحه، يكره الموت وأكره مساءته ).إذا كنت لا تستطيع أن تسمع كلمة فيها سخط الله فاعلم أنك مشيت في الطريق الصحيح! إذا كنت لا تستطيع أن تجلس مجلساً تسمع فيه كلاماً باطلاً فتقوم فاعلم أنك مشيت في الطريق الصحيح! إذا كنت لا تستطيع أن تسمع صوت عاهرة تغني أبداً، يمزق قلبك وما تستطيع فاعلم أنك مشيت في الطريق الصحيح! إذا كنت لا تستطيع أن ترتاح لسماع غيبة أو نميمة أو كذب أو خرافة أبداً ولا تطيقه؛ فذلك لأن سمعك ملكه الله، فلا يستخدمه ضده. وإذا أصبحت لا تقوى على أن تنظر إلى شيء منع الله النظر إليه.. امرأة أجنبية، أمرداً، صورة، تمثالاً.. فاعلم أنك قبلت. ويدك وأنت البطل الذي تبطش بالفارس وتضرب به الأرض إذا أصبحت لا تستطيع أن تمدها لتلطم مؤمناً في خده أو لتتناول شعرة من جلده وكأن يدك ما تقوى على شيء، فلأن الله ملكها فلا يستخدمها في غير رضاه. رجلك.. كنت أيام عداوة الله تمشي أربعين كيلو لتغني وتزمر معاهم، بل تمشي ألف كيلو إلى مكة، ولما هبطت ما تستطيع تمشي ولا شبراً واحداً إلى المسجد إذا قبلت كنت تمشي أربعين كيلو إلى المعصية، والآن تمشي ألف كيلو إلى الطاعة، تصبح رجلك والله ما تستطيع أن تمشي خطوة واحدة في سخط الله، ما تقدر، لو تدعى إلى معصية عشر خطوات لا تستطيع، كأنك مشلول؛ لأن الله ملك هذه الحواس، فقال: ( فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها ) إذا شعرت بهذا فتعال أصافحك فأنت محبوب. ويبقى بعد ذلك العطايا الإلهية ما سألته إلا أعطاك، ولا استعذته إلا أعاذك، ولا طلبت نصرته إلا نصرك، فكيف وهو وليك وأنت وليه؟ أنتم أولياء الله حرام أن نسبكم.. أن نشتمكم.. أن نأكل أموالكم.. أن نفجر بأعراضكم.. أن نهينكم.. أن نذلكم؛ لأنكم أولياء الله. والله تعالى أسأل أن يزيدنا نوراً وعلماً وبصيرة، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|