عرض مشاركة واحدة
  #257  
قديم 21-10-2020, 07:20 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,254
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

دخول التكاليف في الابتلاء الممحص لدخول الجنة

والبلاء والابتلاء منه التكليف، فالغسل من الجنابة في الليلة الباردة من هذا، وإخراج زكاة مالك وإعطائها لغيرك من الابتلاء، شهودك بيت الله خمس مرات في الأربع والعشرين ساعة تسجد وتركع بين يديه مع إخوانك المؤمنين هذا ابتلاء، الإمساك عن الطعام والشراب شهر رمضان من الابتلاء، بر الوالدين، طاعة إمام المسلمين.. هذه كلها من الابتلاء، ويجب أن تصبر، وهي عوامل تزكية النفس وتطهيرها، فهل يدخل المرء الجنة ونفسه خبيثة؟ والله! ما كان أبداً، إذا لم يزكها بأدوات التزكية التي وضعها الله لها، ثم مات ونفسه خبيثة كأرواح الشياطين والكافرين فهيهات هيهات أن يدخل الجنة دار السلام. وحسبنا أن لا ننسى حكم الله الصادر علينا، أبيضنا وأسودنا أولنا وآخرنا؛ ذلكم الحكم العظيم الذي أقسم الجبار عليه لتطمئن النفوس وتسكن إليه، إذ قال: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10]، كثيراً ما نقول: هنا تقرير المصير، لا تفهم أن مصيرك تقرره يوم القيامة، لا والله، المصير يتقرر هنا، فمن آمن وحقق إيماناً سليماً صادقاً يقينياً، ثم اتقى الله فلم يفسق عن أمره ويخرج عن طاعته في الفعل والترك فقد زكى نفسه بهذه العبادات وطهرها من تلك الأرجاس والأنجاس، إذ ابتعد عن الشرك والكفر والخبث والفسق والفجور، فإذا جاء ملك الموت وجد نفسه مشرقة، والله! إنه ليحييه ويسلم عليه ويبشره وهو على سرير الموت: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا [فصلت:30]، ما مالوا يميناً ولا شمالاً، أحلوا ما أحل الله وحرموا ما حرم الله، ونهضوا بما أوجب الله من الجهاد والرباط إلى الصيام والصلاة، هؤلاء: تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ [فصلت:30] في ساعة الاحتضار، وفود الملائكة تبشرهم وتهنئهم، اللهم اجعلنا منهم.أما الذين يموتون وأرواحهم خبيثة منتنة بالإلحاد والشرك والكفر والعياذ بالله فقد أعلمنا الله بحكمه فيهم، ما ننسى آية من سورة الأعراف: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ [الأعراف:40]، وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ [الأعراف:41]، إذ المجرمون أجرموا على أنفسهم، لوثوها وأخبثوها بما أفرغوا عليها من أطنان الذنوب والآثام، ولا توبة ولا تراجع، الظالمون هم المشركون، ظلموا أنفسهم، بدل أن يطيبوها ويطهروها أخبثوها وعفنوها، وبين الرسول هذا بياناً شافياً، عندما يحتضر المؤمن التقي ولي الله، وتأتي الملائكة يسفر وجهه ويستبشر ويبتسم وهو يعالج بقبض روحه، ثم يعرجون بها ويستأذنون من أهل السماوات فيؤذن لهم إلى أن يقفوا بها عند العرش، ويكتب اسمها في عليين، ثم تعود إلى الأرض لفتنة القبر، ثم تعود إلى الجنة دار السلام، وأما الروح الخبيثة فوالله! ما يؤذن لها ولا تعرج إلى السماء ولا تصل إلى دار السلام، وتعود إلى الأرض لفتنة القبر، ثم تعود إلى أسفل سافلين في الدركات التي ما يخطر في البال أين هي. إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا [الأعراف:40]، التكذيب بالآيات هو التكذيب بالوضوء والغسل، هو التكذيب بالصلاة والزكاة، الذي كذب بالآيات كيف يعبد الله؟ الآيات هي حاملة للشرائع والعقائد والآداب والأخلاق والعبادات، والمستكبر كالمكذب، قال: أنا مؤمن، لكن يمنعه الكبر أن يغتسل من جنابة أو يصلي، فهل ينفعه هذا الإيمان؟وضربنا لهذا مثلاً قديماً: مريضان بأشد المرض، زرناهما فقدمنا للأول أدوية وعقاقير للعلاج، فقال: مع الأسف أنا لا أؤمن بهذه الخرافات والضلال، لا أقبل هذا العلاج الذي تقولونه. فهذا كذب به فمات، انتهى، فمشينا إلى الثاني فقلنا: مرحباً، أهلاً وسهلاً، جئناك بعلاج، فقال: جزاكم الله خيراً، نعم أنا مريض والعلاج نافع وأنا مؤمن بنفعه، ولكن مع الأسف ما عندي رغبة في هذا، تركه استكباراً فمات، فما الفرق بين المكذب والمستكبر؟ كلاهما هلك، فالذي يكذب بآيات الله ولا يقول بها ولا يعترف كالذي يقول: آيات الله ودين الله الإسلام حق ولا يريد أن يطبق شيئاً كبرياء، هل بينهما فرق؟ لا فرق. إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ [الأعراف:40]، تعرفون سَم الخياط؟ سَم الخياط: عين الإبرة، التي كنا نخيط بها ثيابنا قبل الآلات، هل تستطيع أن تدخل حبلاً في عين الإبرة؟ فكيف بالجمل؟!إذاً: من أراد أن يدخل الجنة ونفسه خبيثة طلب المستحيل، كالذي يريد أن يدخل حبلاً في عين الإبرة، أو جملاً في عين الإبرة، هذا يقال فيه: التعليق على المستحيل، فهو مستحيل.وهكذا القرآن يخاطب العرب والعجم والعالم والجاهل بألفاظ قريبة جداً، هل من المعقول أن يدخل الجمل في عين الإبرة؟ مستحيل، كذلك النفس الخبيثة بالشرك والجرائم، هذه النفس يستحيل أن تدخل الجنة أو تفتح لها أبواب السماء أبداً، لا تعود إلا إلى الدركات السفلى في الكون في سجين.

معنى قوله تعالى: (ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا ...)

يقول تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ [البقرة:214] أيها المؤمنون المحاصرون الجائعون، وَلَمَّا [البقرة:214]، (لما) بمعنى:لم، وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ [البقرة:214]، وفيه إشارة إلى أنه سيأتيهم البلاء والامتحان والشدائد؛ لأن (لما) تفيد الوقوع في المستقبل، ولما يأتكم صفة وحال الذين من قبلكم، مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ [البقرة:214]، شدة البأس والبلاء، وَالضَّرَّاءُ [البقرة:214] الأمراض وما إلى ذلك، وَزُلْزِلُوا [البقرة:214] زلزالاً يهز قلوبهم، والخوف من الأعداء يطوقونهم، ولو شاهدنا غزوة أحد فقط كيف كانت أو غزوة الخندق، خاصة غزوة الخندق هذه، أهل المشرق تجمعوا وزحفوا، أهل الجنوب كذلك، وطوقوا المدينة، ما كان من الرسول إلا أن أمر رجاله أن ينزلوا كلهم في سفح جبل سلَّع، وتركوا الأطفال والنساء في المدينة؛ لأن العدو ما جاء للأطفال والنساء، جاء لقتل الرسول وإنهاء وجوده، ومضت خمسة وعشرون يوماً، والبرد الشديد، ولا تسأل عن الطعام والشراب، فلا شيء، إذاً: مسهم مثل ما مس الذين خلوا من قبلهم من الأمم المؤمنة الصالحة، لا بد أن تتعرض لهذا، والمسلمون اليوم في غنى وفي سعادة، في كمال، ومعرضون عن الله، يريدون أن يدخلوا الجنة بالقوة! أَمْ حَسِبْتُمْ [البقرة:214] أحسبتم أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ [البقرة:214] هكذا بالاستراحة الدائمة؛ بالأكل والشرب والركوب والأمن ثم يقال: ادخلوا الجنة! فهذا التساؤل معناه: الإنكار عليهم، انزعوا من آذانكم هذا، لا بد إذاً أن تبتلوا -كما قدمنا- بالصلاة بالزكاة بالصيام بالحج بصلة المعروف، بالبر بالإحسان، بكلمة الحق، بالرحمة بالعدل، هذه التي تزكي النفس، فإذا ما عملتم والنفوس خبيثة فكيف تدخلون الجنة؟ وقد تصابون أياماً بحصار عدو وحرب تدخلون فيها معه، وبجوع، وقحط، ولا يتبدل فيكم شيء، قلوبكم مع الله وألسنتكم ذاكرة، وقلوبكم ذاكرة شاكرة، هذا هو الطريق. أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ [البقرة:214] أي: حالهم وصفتهم، مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا [البقرة:214] زلزالاً، وتزلزلت المدينة في حرب أحد لما انكسر المؤمنون وانهزموا، كل بيت فيه من يصرخ ويبكي، حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ [البقرة:214] هذا مع الرسل السابقين، وحتى مع رسولنا صلى الله عليه وسلم، يقولون: مَتَى نَصْرُ اللَّهِ [البقرة:214]؟ والله يقول لهم: أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ [البقرة:214] لا تستبطئوه.

التربية بالرد النبوي على شكاية المضطهدين في مكة

ولنذكر حديثه صلى الله عليه وسلم عندما كان متكئاً تحت البيت مستظلاً بجدار الكعبة، فجاءه من يبكي ويقول: ألا تدعو الله لنا، ألا تستنصر لنا يا رسول الله؟ من أولئك المضطهدين المعذبين المنكل بهم، يقول: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا؟ فيقول له: ( لقد كان من كان قبلكم يؤتى بالرجل فيوضع المنشار على رأسه فيقسم نصفين، ويمشط ما دون لحمه وعظمه بأمشاط الحديد لا يرده ذلك عن دينه، ثم قال: والله! ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه )، وتم هذا، فلم الاستعجال؟ لو تعرفون حياة الصحابة والذين ما عاشوا حتى الفتوحات فسنستحي أن نقول: نحن مؤمنون أمامهم.إذاً: ها نحن الآن مبتلون فقط بالتكاليف، هيا نتخلى عن الربا، لا يراني الله واقفاً أمام بنك ربوي، وصاحب البنك يغلقه أيضاً ويرمي بالمفتاح، ويطلب رزق الله حتى من الحمالة أو من أي شيء، نطهر قلوبنا من النظر إلى غير الله، من التعلق بغير الله، ونجعل قلوبنا خالصة لله، لا نلتفت إلى نبي ولا ولي، ما لنا إلا الله عز وجل، نطهر أنفسنا من اللغو والكلام الباطل، هذه الغيبة والنميمة والأضاحيك، نطهر بيوتنا، عجلوا قبل أن تنزل المصيبة، بيوت المؤمنين فيها عاهرات يغنين، والمؤمن وامرأته وأولاده يشاهدون، أهذا هو الإيمان؟ أين الحجاب؟ وقد بلغنا اليوم خبر من نقمة الله، أحد الغافلين سقط الدش على رأسه فكسر رأسه، هل من معتبر؟ الأحياء يعتبرون والأموات لا يعتبرون، على الأقل نقلل من هذا الإسراف في الطعام والشراب، وإذا توافر ريال أو عشرة نسد به خلة محتاج أو نساعد به مؤمناً، أو نضعه في خير من الخيرات، لم التكالب على هذه الأوساخ مادمنا في أمن ورخاء، لم ما نتنزه عن هذه القاذورات والأوساخ؟ كأننا نسينا أن الله بالمرصاد، ونحن نريد أن ندخل الجنة، هل نحسب أن ندخل الجنة؟ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا [البقرة:214] إلى حد أن يقول الرسول والمؤمنون معه: مَتَى نَصْرُ اللَّهِ [البقرة:214] يستبطئون هذا، والرسول يقول ذلك لأن الأعراض البشرية عامة في الرسل وفي غيرهم، يقولون: متى نصر الله؟ والرسول يقول: اثبتوا واصبروا فستنفرج: أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ [البقرة:214].

صيحة نذير بترك الدخان وإعفاء اللحية

نصرخ بين المؤمنين في التدخين فقط طول أربعين سنة: يا عبد الله يا أمة الله! الذي يذكر الله بفمه وقلبه كيف يخبث فمه برائحة كريهة؟ أسألكم بالله يا علماء: هل الذي يأخذ اسم الله في ورقة ويدسه في عذرة هل تحكمون بكفره أو لا؟ والله! ما بقي له من الإيمان شيء، ارتد وكفر.إذاً: الرسول صلى الله عليه وسلم يسلم عليه أحد أصحابه وهو على غير وضوء، فيعمد إلى جدار من جدران المدينة من لبن وتراب، ويتيمم من أجل أن يرد السلام؛ لأن في الرد اسم الله: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أي: من أجل أن يذكر الله، ما استطاع أن يذكر الله بدون وضوء، وشرع لنا السواك لم؟ قال: ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة )؛ لأنهم يذكرون الله عز وجل، هذه الأفواه مجاري ذكر الله أو لا؟ كيف تذكر الله بدون فمك وحلقومك ولسانك؟ هذا الموضع حرام أن يتلوث، أما الكافر الذي لا يذكر الله فيجعل في فمه حتى الخرء ما يضره ذلك، أرني مؤمناً تمضي عليه ساعة ما يذكر الله، ما هو بمعقول أبداً، فهو يرد السلام: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ويقال له: كيف حالك، فيقول: الحمد لله، ويقف: باسم الله، ويجلس: باسم الله، دائماً يذكر الله، كيف يلوث فمه؟ وما استجبنا، وما عرفنا، كأننا مشدودون بالأرض. وكذلك اللحية، قلنا: يا عباد الله! أنتم عسكر محمد صلى الله عليه وسلم، أنتم جيش الله، لا بد أن تكون لكم سمات خاصة لا تشتبه بسمات الكفار والمشركين والفاسقين أبداً، ما هي الميزة التي تميزكم؟ هي لحاكم، اليهود والنصارى والكفار لا لحى لهم، وجيش محمد له لحية أو لا؟ يحرم أن يكون مثلهم، وقد قلنا لهم: الجندي في اليابان، في الصين، في الأمم الهابطة، في الراقية، العسكري لا يستطيع مدني أن يلبس لباسه، فإنه يسجن أربع سنوات ويؤدب، كيف تلبس لباس جندي وأنت مدني؟ هذا معروف في العالم أو لا؟ ورجال الإسلام كلهم عسكر محمد صلى الله عليه وسلم، إذاً: فلباسهم يجب أن يتميز عن لباس الكافرين والمشركين، ومن أكبر الميزات الذي وضعها الرسول اللحية، فأعفوا لحاكم، فالمشركون والكافرون يحلقون، وصرخنا في باب الحجاب. المهم أننا -والله- لبالمرصاد، ما ندري متى يغضب الجبار، سئل أحدهم: أين الله؟ فقال: بالمرصاد، أتعرفون المرصاد أو لا؟ ذاك الذي يجلس على جبل ويترقب الغزلان أو الطيور متى تنزل ليضرب. إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ [الفجر:14]، فإما أن يتوب المسلمون فوراً بعجالة، ويظهروا في مظهر إسلامهم الحق، وإلا فسوف تنزل بهم الويلات والنكبات ويخسرون دنياهم وآخرتهم إلا من رحمه الله، هكذا قيل لأصحاب الرسول أو لا؟ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ [البقرة:214] ما هو؟ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ [البقرة:214] من شدة البلاء والكرب، ونحن -والحمد لله- لا كرب ولا بلاء، أحدثنا الكروب والبلاء بأنفسنا، مزقنا صلات الروابط والعلاقات الطيبة علاقات الإيمان، وأخذ الحسد يمزقنا والكبر يشتتنا، وأثارت الشياطين الخلاف بيننا، وتمزقنا بأنفسنا، إلى أين مصيرنا؟ إنا لله وإنا إليه راجعون.
قراءة في كتاب أيسر التفاسير

معنى الآية

والآن مع شرح هذه الآية الكريمة. قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:[ معنى الآية الكريمة: ينكر تعالى على المؤمنين وهم في أيام شدة ولأواء ] ينكر عليهم [ ظنهم أنهم يدخلون الجنة بدون امتحان ولا ابتلاء في النفس والمال، بل وأن يصيبهم ما أصاب غيرهم من البأساء والضراء والزلزال، وهو الاضطراب والقلق من الأهوال، حتى يقول الرسول والمؤمنون معه استبطاءً للنصر الذي وُعدوا به: مَتَى نَصْرُ اللَّهِ [البقرة:214]؟ فيجيبهم ربهم تعالى بقوله: أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ [البقرة:214]].

هداية الآية

هذه الآية فيها أربع هدايات:قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:[ هداية الآية الكريمة:من هداية الآية:أولاً: الابتلاء بالتكاليف الشرعية -ومنها الجهاد بالنفس والمال- ضروري لدخول الجنة ]، الابتلاء والله لا بد منه لدخول الجنة، والذي يريد أن لا يبتلى ولا يكلف ويعيش كالحيوان مصيره معروف إلى عالم الشقاء النار والعياذ بالله.[ ثانياً: الترغيب في الائتساء بالصالحين والاقتداء بهم في العمل والصبر ]؛ إذ قال تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا [البقرة:214] إذاً: ائتسوا واقتدوا أيضاً، فاصبروا كما صبروا، وإن كان زلزالكم وبلاؤكم أقل أو أكثر فلقد سبقكم أمم من الصالحين وصبروا على هذا.[ ثالثاً: جواز الأعراض البشرية على الرسل كالقلق ]، فالرسول رسول، ولكن يقلق، يستبطئ النصر، يتألم، لماذا؟ لأنه بشري ما هو بملك، فيه صفات البشر، والإنسان يحزن، يكرب، يخاف، يجوع، ويعطش، لا بد من هذا، وإن كان نبياً ورسولاً، فهذه الآية دلت على هذه.[ جواز الأعراض البشرية على الرسل كالقلق والاستبطاء للوعد الإلهي انتظاراً له.رابعاً: بيان ما أصاب الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من شدة وبلاء أيام الجهاد وحصار المشركين لهم ] في مكة، وفي المدينة أعظم، في مكة ابتلوا من المشركين، فهذا يضربونه، وهذا يقتلونه وهذا يفعلون به كذا، وما ننسى أبداً أن سمية وزوجها ياسر قتلا على مرأى ومسمع بين الناس.معاشر المستمعين! هل من توبة إلى الله، هل من رجعة إلى الله قبل فوات الوقت، والله! إننا لتحت النظارة، والبلاء ينتقل من بقعة إلى بقعة، فالمؤمنون إذا ثبتوا وصبروا كان هذا القلق والاضطراب رفعاً لدرجاتهم، وأما العذاب فيمسهم منه ما يمس غيرهم، والذين تهوكوا وهبطوا وأعرضوا عن الله وذكره فمصيرهم معروف، والله تعالى أسأل أن يحسن عاقبتنا وعاقبة كل مؤمن ومؤمنة.ندعو لإخواننا المصابين بالبلاء في الأفغان والديار الجزائرية، إذ ما نملك إلا الدعاء، فنحن ندعو الله عز وجل والله لا يخيب داعياً يدعوه في صدق وإخلاص.فاللهم يا ولي المؤمنين، ويا متولي الصالحين، ويا رب العالمين، إن عباداً لك مؤمنين في الديار الأفغانية والجزائرية قد أصيبوا بكرب عظيم وخلاف شديد، واشتعلت نار الفتنة بينهم فقتل بعضهم بعضاً، ونكل بعضهم ببعض، اللهم فرج ما بهم، اللهم فرج ما بهم، وأطفئ نار الفتنة بينهم، واجمع كلمتهم على الحق والهدى يا رب العالمين، ربنا إنه لا يعجزك شيء في الأرض ولا في السماء وأنت السميع العليم، كما نصرت نبيك ورسولك محمداً والمؤمنين في غزوة الخندق بعد الحصار الشديد، فانصر عبادك المؤمنين على أنفسهم وعلى شياطينهم وأهوائهم؛ ليعودوا إليك ويتوبوا إلى صراطك لينجوا من هذه الإحن والمحن والفتن يا رب العالمين، وق ديارنا هذه من مثلها وديار المؤمنين يا رب العالمين، وتب على الجميع إنك رب الجميع.وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.62 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.99 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.05%)]