عرض مشاركة واحدة
  #240  
قديم 14-10-2020, 07:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,207
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة البقرة - (126)
الحلقة (133)



تفسير سورة البقرة (91)

شرع الله عز وجل لعباده المؤمنين حج بيته الحرام، وجعل ذلك ركناً من أركان الإسلام التي يقوم عليها، فمن استطاع حج بيت الله وتوفر له زاده وراحلته وكفاية أهله وجب عليه الحج ولم يعذر بتركه، والحج يصاحبه أحياناً ما يمنع الحاج من إتمام حجه، لذا شرع الله له أن يشترط عند تلبيته بحج أو عمرة، حتى إذا ما أحصر ومنعه مانع من إتمام نسكه جاز له أن يتحلل في مكانه ويعود إلى بلده ولا شيء عليه.

تفسير قوله تعالى: (وأتموا الحج والعمرة لله ...)

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.أما بعد:فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة -ليلة الأحد من يوم السبت- ندرس كتاب الله عز وجل، ورجاؤنا في الله أن يتحقق لنا ذلك الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).وها نحن مع قول ربنا تبارك وتعالى من سورة البقرة: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [البقرة:196].معاشر المستمعين والمستمعات! هيا بنا نتدارس هذه الآية.فقول ربنا جل ذكره: وَأَتِمُّوا [البقرة:196] يخاطبنا الله عز وجل والحمد لله، ومن نحن وما نحن حتى يخاطبنا رب السماوات والأرض ورب كل شيء ومليكه؟ فالحمد لله، بم فزنا -يرحمكم الله- بهذا الكمال؟ هل بشرف الآباء.. بالوطن، بم؟ بإيماننا؛ لأن المؤمن حي متهيئ لأن يخاطب ويسمع ويعي ويفعل ويترك، والكافر ميت، فالحمد لله أن أحيانا الله مرتين: أحيانا بأرواحنا وأحيانا بالإيمان، فأصبحنا أهلاً لأن يشرفنا بأمره ونهيه.إذاً: نحن مأمورون بهذا، فبماذا يأمرنا؟ قال تعالى: وَأَتِمُّوا [البقرة:196] أيها المؤمنون الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196].

كيفية إتمام النسك لله تعالى

والسؤال: كيف نتمهما لله يا شيخ؟ بين لنا ما الطريق؟ الجواب: أولاً: ألا يخطر ببالنا خاطر يلفتنا إليه ويتركنا بعيدين عن ربنا، بل نتمهما لله وحده لا شريك له، ومن هنا فلا رياء ولا سمعة ولا قصد تجارة ولا كسب ولا فائدة، لا هم لك يا عبد الله إلا أن تحج أو تعتمر. وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196]، فلا يحل لك أن تدخل في حج ثم بعدما تأتي ببعض الفرائض تقول: يكفينا، أو: أنا شعرت بتعب فسأعود إلى أهلي، فإتمامهما من كلمة: لبيك اللهم لبيك إلى طواف الوداع، فلا يحل أن تنقص منهما واجباً ولا ركناً، هذا الإتمام، وأن يكون عملك خالصاً لله، لا تقل: أنا ذاهب إلى الحج وسأشتري بضائع من مكة فأربح فيها ما يشاء الله أن أربح، مع العلم أنك إذا ما نويت ثم وجدت بضائع في مكة أو في منى واشتريت للتجارة فلا حرج؛ لقول الله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة:198]، لا تشرك التجارة في الحج أو العمرة، وإلا فما أطعت الله تعالى في أمره إياك بقوله: (وأتموا)، فقد نقصتهما وما أتممتهما.خلاصة ما نفهم به هذا ونقوله ونعمل به: أولاً: الإخلاص في هذه العبادة كغيرها، لا ليقال: حج فلان ولا اعتمر فلان، ولا لنشاهد البشرية أو نرى مظاهر الناس، لا يخطر هذا ببال، وإن خطر بباله لفظه وطرده، لا يريد إلا زيارة بيت الله والوقوف بعرفات يوم يباهي الله بعباده المؤمنين.ثم هذه النية -كما قدمنا- لا يخلط فيها عمله التعبدي بعمل دنيوي، لأنه تعالى قال: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196] فإتمامهما كيف يكون؟أولاً: بالإتيان بكل منهما وافياً كاملاً، لا يسقط ركناً ولا فرضاً ولا واجباً.ثانياً: أن تكون الفريضة لله لا يتمها لغير الله، ومن ذلك: ألا يشرك التجارة فيها فيحمل النقود ويقول: أنا إذا فرغت من الحج أو العمرة سأشتري بضائع وأبيعها، بل ينفي هذا عن نفسه، وإن حصل له ذلك.

معنى قوله تعالى: (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي)

وقوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196] الإحصار والحصر معناه: أن عدواً أحصرنا في الطريق وقال: لن تدخلوا مكة، كما فعل المشركون بالمؤمنين في عمرة الحديبية، إذ خرج نبي الله صلى الله عليه وسلم ومعه ألف وأربعمائة معتمرين يلبون من ذي الحليفة، وعلمت قريش بخروجهم فأعدت عدتها وجهزت جيشها وقالت: لن يدخلوا، إذاً: فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن نزل بالحديبية، وجرت سفارة بينه وبين قريش، وانتهت بألا يعتمروا هذا العام ولهم أن يعتمروا العام المقبل، وقد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك تسمى بعمرة القضاء أو القضية، وتمت الاتفاقية على صلح بارك الله فيه ونفع الله به المؤمنين نفعاً عظيماً، ومن ذلك إلقاء السلاح وإطفاء نار الحرب عشر سنين. فحين حصروا ما كان من الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أن أمر أصحابه بأن ينحروا ويذبحوا ما عندهم ويتحللوا.

حكم التحلل بحصر المرض

إذاً: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ [البقرة:196] بسبب العدو أو بسبب مرض شديد مانع، وهنا يقف مالك وحده ومعه الشافعي فيقولان: المريض يبقى على إحرامه ولو بقي سنة لا يتحلل حتى يعود إلى مكة ويطوف، وفي هذا من الشدة ما فيه.ثم إنه ليس عندهم دليل، فالأمر قضية اجتهادية، فما دامت اجتهادية فالإحصار كما يكون بالعدو يكون بالمرض، سواء بالسيف أو بالأذى، وهل إذا ما استطاع أن يواصل العمرة أو الحج يبقى سنة وهو في مرضه على إحرامه يلبي؟ رحمة الله أوسع من هذا؛ فلهذا آثرنا هذا، فجعلنا الإحصار بالعدو وبالمرض الشديد، لا أن يبلغه أن امرأته ماتت أو حدث حادث في بيته فيرجع، هذا لا يسمى إحصاراً، الإحصار حقاً من الحصر والضغط، فما يستطيع، لمرض، أو عدو قال: لن تمر هذا العام، فما الحكم؟قال تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ [البقرة:196] فالواجب هو فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196] إن استطعت، يعني: شاة أو بقرة أو بعيراً، الذي يتيسر لك، فَمَا اسْتَيْسَرَ [البقرة:196] أي: استسهل وخف وسهل، فاذبح وعد إلى بيتك. فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196] والهدي ما يهدى إلى الحرم لجيران الله عز وجل، فالواجب هو ما استيسر من الهدي.

معنى قوله تعالى: (ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله)

(( وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ))[البقرة:196] إذا كان في الإمكان أن نبعث بالغنم.. بالبقر.. بالإبل إلى مكة فتذبح في الحرم، وحين نعلم أنهم وصلوا وانتهوا نحلق رءوسنا ونلبس ثيابنا ونعود، والمسافة ليست بعيدة، وإذا كان لا يتأتى أن نذبح في مكة فإننا نذبح في المكان الذي نحن فيه إذا كنا في قرية من القرى، فإن لم نستطع فإنا نذبح في أي مكان، أو نعود إلى المدينة ونذبح ونوزع على الفقراء والمساكين، (( فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ))[البقرة:196]، وبعدما نذبح نحلق شعورنا ونعلن عن تحللنا.(( وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ))[البقرة:196] ومحله الحرم، ليس مكة فقط ومنى، الحرم حدوده عشرين كيلو من الغرب وحوالي سبعة عشر من الشرق وكذا من الجنوب وسبعة كيلو من الشام؛ لأن ميقات عائشة هو التنعيم أو جبال التنعيم، هذه قريبة من مكة، والآن دخلت المباني وغطتها، لكن بقيت حراماً إلى يوم القيامة.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.83 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.37%)]