عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 10-10-2020, 02:31 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي أخي الطالب: كيف تقضي إِجَازَة صَّيْفِيَّة سعيدة وهادفة؟

أخي الطالب: كيف تقضي إِجَازَة صَّيْفِيَّة سعيدة وهادفة؟
أحمد عبد المجيد مكي



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وبعد:
نِعَمُ اللَّهِ - تعالى- على عباده كثيرة لا تُحْصَى، ولم يجرؤ أحد من البشرية على طول تاريخها أَنْ يحسب ويحصي تلك النِّعَمَ لكثرتها واستمرارها ويسرها، وتتابع إنعام الله بها، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ الله لاَ تُحْصُوهَا) [إبراهيم: 34]،
ولهذه النِّعَمِ أصول وفروع، فمن أصولها بعد الإيمان بالله - تعالى -:
نعمة الصحة والعافية، التي منها سلامة السمع والبصر والفؤاد والجوارح، وهي محور حركة الإنسان وقوام استفادته مِنْ وجوده، و مِنْ أصولها أيضًا، بل مِنْ أجل أصولها وأغلاها: نعمة الوقت،

وقد جمع النبي - صلى الله عليه وسلم -بين هاتين النعمتين في حديث واحد محذرًا من التفريط فيهما فقال: (( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ))، والمغبون هو مَنْ يبيع السلعة بأقل من ثمنها أو يشتريها بأكثر من ثمنها، والمقصود أَنَّ غالب الناس لا ينتفعون بالصحة والفراغ بل يصرفونهما في غير محلهما.
وتجتمع هاتان النعمتان- مع غيرهما من النعم- في الإجازة الصيفية للشباب، و لَمَّا كان سوء توظيفهما وضياعهما يعرض الشباب والأمة لخسران مبين، أردت أَنْ أرشدهم إلى كيفية استغلال هذه الإجازة بما يعود عليهم وعلى الأمة بالنفع في الدنيا والآخرة.
فأقول: لكي يستفيد المسلم من إجازته تمام الاستفادة - وفي نفس الوقت يستمتع بها -عليه أمران:
الأمر الأول: التخلي عن الرذائل التي تجتمع وتتكاثر في هذه الفترة، وسأتحدث عنها تحت عنوان: المحذورات.



الأمر الثاني: التحلي بالفضائل وسأتحدث عنها تحت عنوان: المقترحات.
أ المحذورات:
1- رفقاء السوء:
للرفقة أبلغ الأثر في سلوك المرء، فالصاحب ساحب، والطبع سرَّاق، فَمَنْ جالس الأشرار وعاشرهم فلا بد أَنْ يتأثر بهم، ويقتبس من أخلاقهم، فمجالستهم تسوق بصاحبها إلى الحضيض، فكلما همَّ بالنهوض والتحلي بمكارم الأخلاق، والتخلي عن مساوئها أعاقوه، فعاد إلى غَيِّه، واستمر على جهله وسفهه، فعلى المسلم أَنْ يقلع عن صحبة السوء و أَنْ يصحب أولي الهمم العالية من الصالحين، وعليه أَنْ يعلم أَنَّ العبد ليستمد من لحظ الصالحين قبل لفظهم، لأَنَّ رؤيتهم تذكره بالله -عز وجل-، وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ)).
ومن أقوال الحكماء: " قل لي مَنْ صاحبك أقل لك مَنْ أنت"، " الرفيق ثم الطريق، ولا يُعْرف الرجل إلا برفيقه"،

" عَنِ الْمَرْءِ لَا تَسْأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ *** فكل قرين بالمقارن يقتدي".
" الطيور على أشكالها تقع".
2- الفراغ:
يعد الفراغ و وفرة الوقت لدى الناس -والشباب بصفة خاصة - مشكلة من المشاكل الكبيرة التي يعانون منها، فكثير من مظاهر الانحرافات السلوكية المختلفة كان الفراغ من أهم الأسباب الدافعة إليها، إذ إِنَّ وفرة الوقت دون عمل نافع- أيًا كان- يوقع صاحبه في أسر الوساوس الشيطانية، والأفكار والهواجس النفسية الخطيرة، فيبدي له من التصورات والأفكار الجديدة والكثيرة ما لا يمكن أن يحصل أثناء الانشغال بعمل ما.

وتعود مشكلة الفراغ في حقيقتها إلى الفراغ الروحي، وخواء القلب من كمال الإيمان الذي يشعر بالأنس والاطمئنان.
كما أَنَّ الفراغ يجعل الشاب ثقيل الظل في البيت، كثير المشاكل، كثير الأوامر والنواهي، إذا دخل فهِد وإذا خرج أسِد، لذلك قال الحكماء: الفراغ والجدة-أي الغنى واليسار- مفسدة للمرء أَيُّ مفسدة



3- التسويف:
التسويف بحر لا ساحل له، يدمن ركوبه مفاليس العالم، وهو من جنود إبليس المقربين، وقد أجاد أحد السلف حينما سأله مَنْ حوله النصيحة، فقال لهم: “ احذروا التسويف “، وعن الحسن البصري قال: “ إياك والتسويف فإنك بيومك ولست بغدك “، وكتب أحدهم إلى أخيه: “ إياك وتأمير التسويف على نفسك أو إمكانه من قلبك “، ويلاحظ أَنَّ بعض الشباب يستطول الاجازة و مِنْ ثَمَّ يسوف لنفسه آجالاً ويقول: سأبدأ غَداً سأفعل غَداً، وتنقضي الإجازة يوما بعد يوم، وتنصرم الشهور ولم يفعل مِنْ ذلك شيئًا، ولا شك أَنَّ هذا من تلبيس إبليس.



4- الإعلام المدمر:
لا يخفى على أحد أَنَّ كثيرا من وسائل الإعلام مُسَخَّرَةٌ اليوم لإشاعة الفاحشة والإغواء بالجريمة والسعي بالفساد في الأرض، فهي خطة للهدم استعملت فيها كل الوسائل لتدمير هذا الدين والقضاء عليه بطريق مباشرة أو غير مباشرة، فاحذر أَنْ تسول لك نفسك أو يسول لك الآخرون، فيخدعونك بأَنْ هذا ترويح عن النفس، فما هو بترويح، بل هو السم الزعاف، والعائدون إلى ربهم من هذا الطريق الموحش يعرفون ذلك ويقرون به بعد أَنْ خبروا أسراره وتجرعوا غصصه، ولا يعني هدا أَنْ تخاصم النافع والمفيد منها، فأنت تعرف جِيدًا عن أي نوع أتحدث، وأي نوع أقصد!!

ب - المقترحات:
ما سبق من المحذورات إذا تجنبها المسلم يكون قد قطع شوطًا كبيرًا نحو تحقيق هدفه، وبقي الشوط الثاني وهو التحلي بالفضائل.
وسأقترح الآن عليك منهجًا عمليًا تقوم فيه بترويض نفسك على طاعة الله من جهة، واكتساب مهارات تصقل الشخصية من جهة أخري، وذلك في النقاط التالية:

أولاً: ابحث لك عن عمل ولا تنظر إلى العائد المادي منه، ولو متدربا في ورشة للصيانة والإصلاح أو مرافقا لصاحب مهنة، فللعمل مزايا وفوائد لا تحصى منها: يعلم الصبر والمثابرة والجدية في العمل وكسر حاجز الخوف من التعامل مع الناس وتنمية روح العمل في فريق، ومن خلاله يتخلص الإِنسان من عادات سيئة كالكسل والفوضى والتسويف وسرعة الملل وحدة الطبع والفردية، كما أَنَّه يشبع حاجاته النفسية، كالحاجة إلى الاحترام والتقدير والإِحساس بالذات،
لذا وجب على الشاب المسلم أَنْ يبحث عن عمل مهما كان متواضعًا، وإلا كان مَلُومًا، فما الفائدة من أَنْ تعلم أَنَّ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والصالحين كانوا يعملون بأيديهم ويتقنون أعمالهم، دون أَنْ تقتفي أثرهم، ألم تعلم أَنَّ داود كان حدادًا، وزكرياء كان نجارًا، ورسولنا - صلى الله عليه وسلم - كان يرعى الغنم، بل ما من نبي إلا ورعى الغنم كما في الحديث الشريف.
وأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم من كان يحمل على ظهره كي يحصل على مال يتصدق به. وليس هذا بعيب ولا منقص من قدرهم.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.89 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.26 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.74%)]