عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 08-10-2020, 07:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,207
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

معنى قوله تعالى: (فمن تطوع خيراً فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون)

فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ [البقرة:184]، إذا أطعم عشرين فليفعل، بدل أن يعطي المد يعطي أربعة أمداد، هل هناك من يقول: لا؟ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ [البقرة:184]. وَأَنْ تَصُومُوا [البقرة:184] أيها المطيقون للصيام بالتكلف، إن شئتم أطعمتم، ولكن: وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:184] ففوائد الصيام وآثاره طيبة في النفس والحياة، خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:184].

الأحكام المتعلقة بفطر الشيخ الكبير والمريض والحامل والمرضع

هنا عندنا شيخ كبير هرم، وعندنا مريض ميئوس من شفائه، على سرير الموت، وعندنا حامل في بطنها جنين أو جنينان، وعندنا مرضع ترضع ولداً، ما كان الثدي الصناعي ولا كانت الإبرة، هؤلاء أربعة أصناف. فالرجل الكبير المسن، طالت به الحياة فما أصبح يستطيع الصيام، هذا يفطر بلا نزاع، ولا يكلف نفسه ما لا يطيق، ويطعم عن كل يوم مسكيناً.ونظيره المريض الذي لازمه المرض، وما أصبح ينتظر الشفاء حتى يقضي، هذا أيضاً كالأول يطعم مسكيناً عن كل يوم ولا قضاء عليه.أما الحامل والمرضع فشفقة بهما ورحمة بهما، الحامل في بطنها الجنين، وهي تتألم، إذا جاعت تخشى أن يسقط جنينها، والمرضع تخشى إذا جاعت أن ينقطع لبنها ويبكي طفلها ويصرخ، فتفطران وتطعمان وتقضيان، تفطران وتطعمان عن كل يوم مسكيناً، وتقضيان.هنا مسألة: المرضع إذا خافت على ولدها، والحامل إذا خافت على حملها، هاتان تفطران وتطعمان وتقضيان، وإذا خافت على نفسها فقط لا على الولد، مرضع أو حامل خافت إذا صامت أن تتأذى وتمرض هي، فهذه تقضي ولا تطعم، كالمسافر والمريض.والموضوع يحتاج إلى تأمل، فأقول: ما حكم المريض والمسافر؟الجواب: يفطران ويقضيان. وما حكم الشيخ الهرم والمريض الذي لا يرجى برؤه؟الجواب: يفطران ويطعمان.فعندنا حامل ومرضع، فإن خافتا على نفسيهما لا على ولديهما فإنهما تفطران وتقضيان، ولا تطعمان، شأنهما شأن المريض، لكن إن خافتا على ولديهما لا على نفسيهما، فهنا تفطر وتطعم وتقضي، لأن خوفها على ولدها أو على ما في بطنها، ما هو بخوف على نفسها، ما هي مريضة، خافت على طفلها. إذاً: لابد أن تطعم مسكيناً.
قراءة في كتاب أيسر التفاسير

شرح الكلمات

وبعد ذلك البيان نسمعكم ما في التفسير لزيادة معرفة وعلم.قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:[ شرح الكلمات:كتب: فرض وأثبت ].ما معنى كتب؟ معناه: فرضه وأثبته بالكتابة تأكيداً له. [ الصيام: لغة: الإمساك، والمراد به هنا: الامتناع عن الأكل والشرب وغشيان النساء من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ]. غشيان النساء، يقال: غشيها: إذا غطاها، وفي ذلك تعبير قرآني فيه الأدب: فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا [الأعراف:189]، هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ [البقرة:187]. ودعنا نبكي قليلاً، فالآن بلغنا: أن مؤتمراً عالمياً سيعقد في القاهرة يضم مائة، هذا المؤتمر إشفاقاً منه ورحمة على البشرية،يريد أن يبيح اللواط والزنا والباطل والشر، وأن يحدد الولادة ويمنع الولادة، نصب نفسه منصب الرب تعالى ليخطط ويشرع، وأحسب أنه ما ارتكبت زلة أعظم من هذه في الحياة، حتى قلت وأنا في كرب: لو يستطيع أحداً أن يأخذ كلمات مني في الرسالة ويقرؤها في المؤتمر الذي أسأل الله أن لا ينعقد، فوالله! لأعطينه خمسة آلاف ريال، يطير بالطائرة بألف ويقرأ الرسالة.فهؤلاء كفار، بلغ بهم الكفر حتى تنكروا للفطرة، والذي نقول لهم: يا كفرة! ابتعدوا عن ساحة الرب، فهو الذي يشرع ويقنن لعباده، هل خلقتم أنتم امرأة أو رجلاً، خلقتم طفلاً أو طفلة؟ من أين لكم أن تشرعوا وأن تقننوا، وتبيحوا ما حرم الله، وتحاربوا الله عز وجل ورسله وأولياءه في الأرض والسماء؟أمر يكرب ويحزن ويحطم في بلد إسلامي، قالوا: حقوق الإنسان، ومن حقوق الإنسان أن يسمح للأولاد بأن يلوط بعضهم ببعض أمام أهليهم وذويهم، فالحق حقهم! كلام قذر وأوساخ.والحقيقة أنهم لا يلامون: أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ [النحل:21]، بهائم، بل شر من البهائم وأسوأ، ظهروا لما غبنا، ورفعوا رءوسهم لما ذللنا وطأطأنا رءوسنا، نحن الذين أضعناهم وأهملناهم، ما عرفناهم بالله ولا عرفوه، ما عرفناهم بشرائع الله وما تنتجه وما تظهره من كمال البشر في الأرض، فلهذا نحزن فقط.قال: [ الصيام لغة: الإمساك، والمراد به هنا: الامتناع عن الأكل والشرب وغشيان النساء من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ]، لِم عبر بالغشيان والتغطية واللباس؟ ينزه المؤمنين أن يتكلموا بكلمة سوء، أو ينطقوا بعبارة تدل على الفحش والقبح، إنهم أولياء الله، وهؤلاء الملاحدة والمسحورون بسحر اليهودية يتبجحون بفتح المجال للأولاد أن يلوط بعضهم ببعض![ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ [البقرة:184]، تسعة وعشرون أو ثلاثون يوماً بحسب شهر رمضان ]، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( الشهر هكذا وهكذا وهكذا )، وعقد بكفيه تسعة وعشرين وثلاثين، وما هناك واحد وثلاثون ولا ثمانية وعشرون أبداً.[ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184]، فعلى من أفطر لعذر المرض أو السفر فعليه صيام أيام أخر بعدد الأيام التي أفطر فيها ].وهنا مسألة: إذا فرط المسافر أو المريض وما قضى، عاد من سفره ولم يقضِ حتى دخل العام الثاني؟ هنا يسن له أن يطعم عن كل يوم مسكيناً مع القضاء قطعاً؛ لأن المفروض ألا يمضي عليه سنة كاملة ولا يقضي، إلا إذا كان في مرض متواصل أو سفر متواصل فلا حرج، فيقضي في العام الآتي وليس عليه إطعام.[ يُطِيقُونَهُ [البقرة:184] أي: يتحملونه بمشقة لكبر سن أو مرض لا يرجى برؤه. فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة:184]، فالواجب على من أفطر لعذر مما ذكر أن يطعم على كل يوم مسكيناً ولا قضاء عليه ]، وهذا الجزء منسوخ.[ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا [البقرة:184] أي: زاد على المدين أو المد أو أطعم أكثر من مسكين، فهو خير له. وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة:184]، الصيام على من يطيقه ولو بمشقة خير من الإفطار مع الإطعام ].هذا الشرح للكلمات، كل كلمة على حدة.

معنى الآيات

قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:[ معنى الآيتين:لما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ]، أي: المدينة النبوية [ وأصبحت دار إسلام ] بعدما كانت دار كفر وأوثان، [ أخذ التشريع ينزل ويتوالى، ففي الآيات السابقة كان حكم القصاص، وحكم الوصية، ومراقبة الله في ذلك، وكان من أعظم ما يُكوِّن في المؤمن ملكة التقوى الصيام، فأنزل الله تعالى فرض الصيام في السنة الثانية للهجرة، فناداهم بعنوان الإيمان: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [البقرة:183] وأعلمهم أنه كتب عليهم الصيام كما كتبه على الذين من قبلهم من الأمم السابقة، فقال: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ [البقرة:183]، وعلل لذلك بقوله: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183] أي: ليعدكم به للتقوى، التي هي امتثال الأوامر واجتناب النواهي، لما في الصيام من مراقبة الله تعالى ]، فالصائم دائماً يراقب الله، لولا أنه يراقب لكان يأكل ويشرب، فما دام مع مراقبة الله فإنه ما يعصي الله.[ وقوله: أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ [البقرة:184]، ذكره ليهون به عليهم كلفة الصوم ومشقته، إذ لم يجعله شهوراً ولا أعواماً، وزاد في التخفيف أن أذن للمريض والمسافر أن يفطر، ويقضي بعد الصحة أو العودة من السفر، فقال لهم: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184]، كما أن غير المريض والمسافر إذا كان يطيق الصيام بمشقة وكلفة شديدة له أن يفطر ويطعم على كل يوم مسكيناً، وأعلمهم أن الصيام في هذه الحالة خير، ثم نسخ هذا الحكم الأخير بقوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة:185].وقوله: إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:184]، يريد: تعلمون فوائد الصوم الدنيوية والأخروية، وهي كثيرة، أجلها: مغفرة الذنوب وذهاب الأمراض ].

هداية الآيات

قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:[ هداية الآيات:من هداية الآيات: أولاً: فرضية الصيام وهو شهر رمضان.ثانياً: الصيام يربي ملكة التقوى في المؤمن.ثالثاً: الصيام يكفر الذنوب؛ لحديث: ( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ).رابعاً: رخصة الإفطار للمريض والمسافر.خامساً: المرأة الحامل أو المرضع دل قوله: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ [البقرة:184] أنه يجوز لهما الإفطار مع القضاء، وكذا الشيخ الكبير فإنه يفطر ولا يقضي، والمريض مرضاً لا يرجى برؤه كذلك ] يفطر ويطعم ولا يقضي، [ إلا أن عليهما أن يطعما عن كل يوم مسكيناً، بإعطائه حفنتي طعام ]، هذا نصف صاع، [ كما أن المرأة الحامل والمرضع إذا خافت على حملها أو طفلها أو على نفسها أن عليها أن تطعم مع كل صوم تصومه قضاء مسكيناً ].لكن فصلنا فقلنا: إذا خافت الحامل أو المرضع على نفسيهما فتفطران وتقضيان ولا تطعمان كالمريض، وإن خافتا على ولديهما فتفطران وتقضيان وتطعمان.[ سادساً: في الصيام فوائد دينية واجتماعية عظيمة، أشير إليها بلفظ: إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:184] ].

فوائد الصيام

[ من هذه الفوائد: أولاً: يعود الصائم الخشية من الله تعالى في السر والعلن.ثانياً: كسر حدة الشهوة، ولذا أرشد العازب إلى الصوم ]، كما في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: ( يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) أي: خصاء، وبعض الشباب يقولون: كلما صمنا زادت قدرتنا، فنقول: لا، واصلوا الصوم، ولا تسرفوا في الطعام والشراب طول الليل، صوموا الصوم الشرعي فلن يتخلف أبداً.[ ثالثاً: يربي الشفقة والرحمة في النفس ]، فالذين ما ذاقوا الجوع أبداً لو سقط أمامهم أحد بالجوع لا يفهمونه، لكن لما يصومون يعرفون الذي يتلوى من الجوع أو العطش.[ رابعاً: فيه المساواة بين الأغنياء والفقراء والأشراف والأوضاع ]، يقال: غداً رمضان فتصبح كل الأمة صائمة، الشريف، الوضيع، الغني، الفقير، العالم، الجاهل، فهذه مساواة أو لا؟[ خامساً: تعويد الأمة النظام والوحدة والوئام ]، يقال: غداً رمضان فتصبح كلها صائمة، وبعد غد العيد فتصبح كلها مفطرة، فيعود على النظام والوئام.وعندنا مثل للنظام: فالآن لو نربي الحجاج في بلادهم ونأتي بهم ليرموا الجمر فإذا أحسنوا النظام سيرمونها وهم يبتسمون، ولما نزلت آية تحويل القبلة إلى الكعبة جاءَ جاءٍ من المسجد النبوي إلى مسجد القبلتين فوجدهم يصلون غرباً صفوف النساء والرجال، فأعلمهم فاستداروا كما هم عليه.والآن والله! ما تستطيعون، فأولئك استداروا كلهم في خط واحد، وقد كانوا إلى الغرب فاستداروا كما هم، فهذا يحتاج إلى تربية، والأمة قابلة للطلوع، فنحن الآن هابطون ما نستطيع.[ سادساً: يذهب ] أي: الصيام [ المواد المترسبة في البدن ] من الشحم وما إلى ذلك، [ وبذلك تتحسن صحة الصائم ]، وفي الحديث: ( صوموا تصحوا، وسافروا تغنموا ) .وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.16 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.43%)]