عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 08-10-2020, 07:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,207
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

نسخ الوصية للوالدين والأقربين بآيات المواريث

والشاهد عندنا في قوله: الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ [البقرة:180].وهنا نسخ هذا اللفظ بالذات، ما هذا اللفظ؟ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ [البقرة:180] الواجبة لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا [البقرة:180] واجباً عَلَى الْمُتَّقِينَ [البقرة:180]، هذا قبل نزول آية المواريث، قبل أن تنزل سورة النساء، وفيها: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11] إلى آخر الآيات.فقد فرض الله أولاً على المؤمنين إذا حضر أحدهم الموت أن يوصي لوالديه أولاً ثم الأقربين كالأبناء والإخوان وما إلى ذلك، إذ ما كانت قسمة، وهذا هو التدرج والترقي لتبلغ هذه الأمة كمالها في ظرف ثلاث وعشرين سنة.أمك قبل كل شيء، أوص لها بشيء، وأبوك كذلك، ثم الأقرب فالأقرب، هذا قبل نزول آية المواريث، قبل قسمة المواريث التي أنزلها الله فيما بعد. إذاً: حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ [البقرة:180] معناه: واجباً على الذين يتقون غضب الله وسخطه، الذين يتقون النار وما فيها من عذاب مقيم، حق واجب عليهم، وهذه الآية منسوخة، وبقيت فيها أحكام لم تنسخ، منها ما علمتم من أنه لا ينبغي لمؤمن له حقوق أو عليه حقوق أن يبقى ثلاثاً وليست وصيته عند رأسه.

حكم الوصية للوارث

ثانياً: أذن الرسول صلى الله عليه وسلم في أن يوصي المؤمن أو المؤمنة بثلث ماله في وجوه البر والإحسان، ولا يوصي للورثة، إذ قال فداه أبي وأمي والعالم أجمع: ( لا وصية لوارث ) خلدت هذه الكلمة، قلها يا عبد الله، فالوارث له حق في التركة أم لا؟ فلِم توصي له؟ لو فتح الله هذا الباب لكان الرجل يوصي لمن يشاء من أحبائه، من أبنائه وأعمامه وأخواله، لكن الباب أغلقه أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: ( لا وصية لوارث ) ما معنى هذا الكلام؟ أي: لا توصِ بالثلث أو بالربع أو بالسدس أو بشيء لواحد من ورثتك وأنت تموت، وأجاز أهل العلم أخذاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يوصي لوارث بشرط أن يرضى بذلك سائر الورثة، فيقول: يا أبنائي.. يا إخوتي: إن فلاناً أعمى أو أعرج، أو أمي كذا، ونريد أن نوصي له بشيء، فهل توافقون؟ قالوا: نوافق ونوقع، أوص لأخينا مثلاً، فإن أجازها الورثة أجمعون جازت.فـ ( لا وصية لوارث )، فإذا رضي الورثة بأن عرض عليهم الهالك أن فلاناً أو فلانة في حاجة إلى كذا، وذكر الأسباب والعوامل، فاقتنع الورثة كلهم، وقالوا: لا بأس فإنه يجوز، أليس هو خيراً أو لا؟ أصبح الورثة قد تصدقوا على هذا، ولهم أجرهم، كأنهم اشتركوا في صدقة، فيجوز.

حكم رجوع الموصي عن الوصية

وهل للموصي أن يتراجع عن وصيته قبل أن يموت؟ الجواب: نعم. أوصى بالبستان الفلاني للفلانيين، أو الدار الفلانية للفلانيين، ثم أصابه ضعف أو مرض أو حصل له موانع فتراجع وأبطل الوصية وهو حي، وهي لا تنفذ إلا بعد موته، حتى ولو كتب، والوصية بالكتابة وبالشهود، أوصى لابن عمه الذي ليس من الورثة، ولاحظ فيه بعد أعوام أو أيام التمرد والفسق والباطل والشر، فقال: أنا ما أعطي مالي لهذا ليعصي به الله، فأبطل الوصية عند القاضي، فيجوز إبطالها، فله أن يوصي ثم يتراجع لأمر شرعي أو لنظرية سديدة صالحة، فله الحق في ذلك ما لم يمت أو يحضره الموت.

تفسير قوله تعالى: (فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم)

وقوله تعالى: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ [البقرة:181]، إذا أوصى المؤمن بوصية وأشهد اثنين وسمعا، ثم لما مات بدلا وغيرا، فهل يأثمان أو لا؟ يأثمان، والمتوفى ما يأثم: فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ [البقرة:181]. وقوله: إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:181] تهديد، إياك أن تظن أنك وحدك، وتغير الوصية وتزيد وتنقص، فمعك السميع العليم، السميع لأقوالك، العليم حتى بنياتك وإراداتك.

تفسير قوله تعالى: (فمن خاف من موص جنفاً أو إثماً فأصلح بينهم فلا إثم عليه ...)

قال تعالى: فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ [البقرة:182]، من هو هذا؟ أنت حاضر في المجلس، وخفت من هذا الذي يوصي ميلاً عن الحق، أو رأيت منه جنفاً واضحاً في وصيته، حيث قال: تعال يا فلان، يا فلان، أنا مريض أشهدكم على وصيتي، فَمَنْ خَافَ [البقرة:182]، منكم مِنْ مُوصٍ [البقرة:182]، من هذا الموصي جَنَفًا [البقرة:182] ميلاً، إما عن جهل وإما عن عدم بصيرة، خاف ميلاً عن الحق في وصيته أَوْ إِثْمًا [البقرة:182]، بمعنى أنه متعمد الحيف والجور في وصيته، قال: فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ [البقرة:182]، قال للموصي: هذا ما ينبغي، ما يجوز هذا، كيف تحيد، كيف تجور؟ ما الفرق بين ابنك إبراهيم وخالك فلان أو عمك فلان، فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ [البقرة:182]، فهذا غير الوصية وبدلها؛ لأنه كان فيها انحراف واعوجاج، فتحمل واجتهد وأصلح تلك الوصية ومضى بها على الوجه المطلوب، فهل حين بدل وغير يعتبر آثماً؟الجواب: لا، فإن الله قال: فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ [البقرة:182]؛ لأنه أصلح فاسداً، لا لرغبة ولا لهوى، ولكن للحق وحب الخير، فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ [البقرة:182]، لِم لا إثم عليه؟ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة:182]، يغفر له ويرحمه، ويغفر للموصي الذي مال وصوبناه، أو انحرف، بل سقط في الإثم وأنقذناه، وإن كان مريضاً ومات بعد ساعات، لكن لما استقر الوضع على وصية شرعية فلا إثم عليه، لِم؟ لأن الله غفور رحيم، فيغفر له ويرحمه، هذا معنى الآيات، ونقرؤها في الكتاب.
قراءة في كتاب أيسر التفاسير

شرح الكلمات

قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين: [ شرح الكلمات: كُتِبَ [البقرة:180]: فرض وأثبت. خَيْرًا [البقرة:180] أي: مالاً، نقداً أو عرضاً أو عقاراً ]، والعقارات: الأراضي والمباني، والنقد: الدينار والدرهم.[ الْوَصِيَّةُ [البقرة:180] الوصية: ما يوصى به من مال وغيره. بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:180] هو ما تعارف عليه الناس كثيراً أو قليلاً؛ بحيث لا يزيد على الثلث ]، لا تزيد وصيتك على ثلث مالك، لو أوصيت بثلثين أو بنصف فالقاضي يبطل هذه الوصية، ما عندك أبناء ولا آباء، عندك أبناء عم أغنياء، فقلت: إذاً: أوصي بالنصف فلا، فالقاضي لا يقر ذلك، أو بالثلثين، فهذا حسد للورثة، ما أنت بمسئول عن غناهم وفقرهم.إذاً: الذي تعارف عليه المسلمون: أن الوصية لا تزيد على الثلث، سواء لحي أو ميت.قال: [ فَمَنْ بَدَّلَهُ [البقرة:180] التبديل: التغيير للشيء بآخر. جَنَفًا أَوْ إِثْمًا [البقرة:182]، الجنف: الميل عن الحق خطأ، والإثم: تعمد الخروج عن الحق والعدل ].هذه كلمات تحتاج إلى شرح، والآن مع معنى الآيات.

معنى الآيات

قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين: [ معنى الآيات: بمناسبة ذكر آية القصاص، وفيها: أن القاتل عرضة للقتل، والمفروض فيه أن يوصي في ماله قبل قتله؛ ذكر تعالى آية الوصية هنا، فقال تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ [البقرة:180] أيها المسلمون إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا [البقرة:180] إن ترك مالاً الْوَصِيَّةُ [البقرة:180] أي: الإيصاء لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ [البقرة:180].ثم نسخ الله تعالى هذا الحكم بآية المواريث ]، في سورة النساء: يُوصِيكُمُ اللَّهُ .. [النساء:11] إلى آخر الآيات، [ وبقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لا وصية لوارث ) .ونسخ الوجوب وبقي الاستحباب، ولكن لغير الوالدين والأقربين الوارثين، إلا أن يجيز ذلك الورثة، وأن تكون الوصية ثلثاً فأقل ] إن أجاز الورثة، [ فإن زادت وأجازها الورثة جازت؛ لحديث ابن عباس عند الدارقطني : ( لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة ) ]، إذا أجاز الورثة ما فوق الثلث فلهم ذلك؛ لأن المال مالهم إذا أرادوا أن يتطوعوا.[ ودليل الاستحباب ] استحباب الوصية [ حديث سعد في الصحيح؛ حيث أذن له الرسول صلى الله عليه وسلم في الوصية بالثلث. وقد تكون الوصية واجبة على المسلم، وذلك إن ترك ديوناً لازمة أو حقوقاً واجبة في ذمته، فيجب أن يوصي بقضائها واقتضائها بعد موته، لحديث ابن عمر في الصحيح: ( ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده )، هذا ما تضمنته الآية الأولى، وهي المائة والثمانون. وأما الآية الثانية -وهي: المائة وإحدى وثمانون- فيقول تعالى لعباده المؤمنين: فمن بدل إيصاء مؤمن أوصى به بأن زاد فيه أو نقص، أو غيره، أو بدل نوعاً بآخر؛ فلا إثم على الموصي، ولكن الإثم على من بدل وغير، وختم هذا الحكم بقوله: إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:181]، تهديداً ووعيداً لمن يقدم على تغيير الوصايا لغرض فاسد وهوى سيئ. وفي الآية الأخرى أخبر تعالى: أن من خاف من موصٍ جنفاً أو ميلاً عن الحق والعدل بأن جار في وصيته بدون تعمد الجور، ولكن خطأ، أو خاف الإثم على موص حيث جار وتعدى على علم في وصيته فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ [البقرة:182] أي: بين الموصي والموصى لهم، فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ [البقرة:182] في إصلاح الخطأ وتصويب الخطأ والغلط، وختم هذا الحكم بقوله: إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة:182].

هداية الآيات


قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:[ هداية الآيات: من هداية الآيات: أولاً: نسخ الوصية للوارثين مطلقاً إلا بإجازة الورثة ].وهنا سؤال: هل يجوز للمؤمن أن يقسم التركة قبل موته؟الجواب: يجوز، وإذا كسب مالاً جديداً فإنه يقسمه أو يتركه يُقسم بعده.إذاً: من هداية الآيات أولاً: نسخ الوصية للوارثين مطلقاً إلا بإجازة الورثة، وإذا أجاز بعض الورثة أجاز والبعض ما أجاز فلا تنفذ الوصية، لا بد أن يتفقوا.[ ثانياً: استحباب الوصية بالمال لمن ترك مالاً كثيراً يوصي به في وجوه البر والخير ].يستحب لأي مؤمن أو مؤمنة يكون له مال كثير وخير كثير أن يوصي في وجوه البر كالمساجد، الفقراء، طلبة العلم، المسافرين، الغرباء، المرضى، المستشفيات، يوصي بشيء من ماله، يستحب له هذا، لكن هل هذا واجب؟ الجواب: لا، فيستحب لمن حضره الموت أن يوصي بالثلث فأقل في وجوه البر والإحسان.[ ثالثاً: تأكد الوصية حضر الموت أو لم يحضر ]، ليس شرطاً أن يحضر الموت، وإنما الغالب، فالشخص إذا مرض مرضاً شديداً وخاف الوفاة فإنه يوصي.[ تأكد الوصية حضر الموت أو لم يحضر لمن له أو عليه حقوق، خشية أن يموت فتضيع الحقوق، فيأثم بإضاعتها ]كما قدمنا، فلا يبيت أحدنا ثلاث ليال أو ليلتين كما ورد وله شيء يوصي به إلا وكتب وصيته، كم من إنسان عنده ديون عند الناس، فإذا وما وصى فالورثة لا حق لهم، أو تكون عليه حقوق لفلان وفلان وفلان، فإذا مات يؤاخذ بها ويطالب، فلا بد أن يوصي.[ رابعاً: حرمة تبديل الوصية وتغييرها إلى غير الصالح ]، ما معنى (إلى غير الصالح)؟ الشيخ الفلاني حضره الموت والمرض فقال: أوصيكم بأن تأخذوا ثلث مالي بعد موتي لبناية القباب على قبور الصالحين، فالآن ما بقي الناس يحترمون الأولياء، ولا يقدسونهم، وأصبحت القباب إذا سقطت لا تجدد، فهذا المال في ذمتكم أن تجددوا به قباب الصالحين، فهل يجوز هذا؟وآخر كان مغرماً بالحشيشة أو بالخمر، فقال: ثلث مالي للحشاشين من أصدقائي وأحبائي! فهل يجوز؟! لا يجوز، وهكذا، فإن كان تغييرها وتبديلها لأجل الصالح فنعم، هذا أوصى على الخمر فيبدلونها إلى الفقراء والمساكين، أوصى لبناية القبور أو للمواليد، فلان يقول: كل سنة تقيمون المولد على حسابي، غلة البيت الفلاني أو البستان الفلاني تنفق في هذا! فهل يجوز هذا؟ لا يجوز، ويبدل إلى الصالح، فهذا لا يصح، هو بدعة، فكيف تنفق فيها المال؟مرة أخرى أقول: هذه الآيات ذات هدايات: الهداية الأولى: [ نسخ الوصية للوارثين مطلقاً إلا بإجازة الورثة ]، فإذا أجاز الورثة فلا بأس، كم من إنسان يكون له أربعة أولاد أكثرهم موظفون وأغنياء وواحد منهم معتوه وضعيف، فيقول: أبنائي! الدار الفلانية أوصينا بها لأخيكم، فهل توافقون؟ إن قالوا: لا أسكتوه، وإن قالوا: نعم يا والدنا، ونحن أحق بهذا منك، فلا حرج.[ استحباب الوصية بالمال لمن ترك مالاً كثيراً ]، لماذا قلنا: كثيراً؟ عندك أربعة أولاد وعندك دخل خمسة آلاف في الشهر، فتوصي بماذا؟ مثلاً: عندك ثلاث بنات متزوجات ومع أولادهن، وعندك مال ما شاء الله، فأوص بالثلث، لِم؟ لأن ورثتك أغنياء، يرضون أو لا يرضون؟ لا حق لهم؛ لأنك أوصيت بما دون الثلث أو بالثلث فقط.هذه الوصية مستحبة، وتذكرون سعداً رضي الله عنه، ذهب إلى مكة فمرض، فخاف أن يموت في غير دار هجرته، فعاده النبي صلى الله عليه وسلم، فبكى وذكر له ماله، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( الثلث والثلث كثير ) .[ تأكد الوصية سواء حضر الموت أو لم يحضر ] وهذا للذي عليه حقوق أو له حقوق، فكيف لا يكتب ويوصي إلا عند المرض؟ لا يدري الإنسان فقد يموت وهو يمشي، أو وهو راكب، فالذي له حقوق ينبغي أن يكتبها ويوصي، والذي عليه حقوق كذلك يكتب: لفلان علينا كذا، لفلان علينا كذا وكذا، حتى إذا مات فالورثة يوزعون ذلك المال على الورثة، إذ القسمة لا يبدأ بها إلا بعد سداد الدين وقضائه.[ تأكد الوصية حضر الموت أو لم يحضر لمن له أو عليه حقوق خشية أن يموت فتضيع الحقوق فيأثم بإضاعتها ]؛ إذ هو الذي أضاعها. وأخيراً: [ حرمة تبديل الوصية وتغييرها إلى غير الصالح ]، هل هذا له إشارة في الآية؟ نعم. قال تعالى: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ [البقرة:181].فإن أوصى بمال لبناء قبة، أو أوصى بأن يدفن في المسجد الفلاني، فهذا التبديل يصح، فإن كان التبديل لغير صالح فهو حرام، ولا يجوز، وعليه الإثم: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:181].هذا والله تعالى أسأل أن ينفعني وإياكم بما ندرس ونسمع، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.92 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.29 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.17%)]