عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 28-09-2020, 05:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,805
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي

شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع
(كتاب الصلاة)
شرح فضيلة الشيخ الدكتور
محمد بن محمد المختار بن محمد الجكني الشنقيطي
الحلقة (75)

صـــــ(13) إلى صــ(18)

الأسئلة
[حكم الجمع بين أدعية الاستفتاح في موضع واحد]
q هل يجوز جمع روايات دعاء الاستفتاح في الصلاة، أم يقتصر على رواية واحدة؟
a الذي اختاره جمع من المحققين أنه ينوع، فيدعو بهذا تارة ويدعو بهذا تارة؛ لأن الخلاف هنا خلاف تنوع وليس بخلاف تضاد، وبناء على ذلك ينوع، فيصلي بهذا تارة ويصلي بهذا تارة؛ لأنه هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.أما لو جمع الجميع في موضع واحد فللعلماء وجهان:
الوجه الأول: اختار الإمام النووي رحمه الله أنه لا حرج في الجمع بين هذه الأدعية.
والوجه الثاني: اختار شيخ الإسلام وغيره:
أن الجمع بينهما لم يرد، فلذلك يقتصر على الوارد.والأولى والأحوط أن الإنسان يقتصر على الوارد، فيصلي بهذا تارة وبهذا تارة، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، والله تعالى أعلم.
[معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (وتعالى جدك)]
q ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (وتعالى جدك) في دعاء الاستفتاح؟
a ( تعالى) من العلو، فلذلك وصف الله سبحانه وتعالى بالعلو، وقد ثبتت صفة العلو لله سبحانه وتعالى، وهي على مذهب أهل السنة والجماعة تدل على ثبوت الفوقية لله سبحانه وتعالى، كما قال تعالى: {يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون} [النحل:50].ولذلك لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم الجارية: (أين الله؟ قالت: في السماء)، فهذا إثبات صفة العلو لله سبحانه وتعالى، على خلاف من قال بعدم ثبوتها، وقال: إن العلو ليس لله سبحانه وتعالى، بمعنى أنك لا تقول: إن الله في العلو كما ثبتت به النصوص الواردة في الكتاب والسنة، ولذلك يقول: من أثبت الجهة كان مبتدعا، وهذا قول مردود.فمذهب أهل السنة والجماعة إثبات العلو لله عز وجل على ما يليق بجلاله وكماله.فالنصوص ثبتت بوصف الله عز وجل بكونه أعلى، كما قال عليه الصلاة والسلام: (سبحان ربي الأعلى) في سجوده، وقال تعالى في كتابه: {سبح اسم ربك الأعلى} [الأعلى:1]، فأثبت العلو لنفسه، ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم للجارية: (أين الله؟ قالت: في السماء)، فدل هذا على ثبوتها.وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الدعاء كما جاء في السنن عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (أحب الكلام إلى الله: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك).
[حكم إشراك نية الدنيا مع نية الآخرة]
q هل يشترط في الخروج إلى المساجد أن يستحضر النية في رفع الدرجات وحط الذنوب والسيئات بالخطا، أم أنها تقع بمجرد المشي؟

a باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.أما بعد: فإذا خرج الإنسان من بيته ونيته المسجد فلا يخلو من حالات:
الحالة الأولى: أن تكون نيته الصلاة والتقرب إلى الله عز وجل، وليس في قلبه أن يلقى أحدا أو أي شيء من عرض الدنيا، لا يريد إلا أن يذهب لأجل أن يصلي ويطيع الله عز وجل، فهذا بأعلى المراتب وأشرفها عند الله عز وجل، ونيته نية آخرة، فإذا نوى هذه النية كتب الله له أجره، ورفع درجاته، وحط خطيئاته، فتكفي هذه النية، وهي أن تخرج للصلاة ولا يخرجك إلا إجابة داعي الله عز وجل، وهذا هو الذي يحصل به قدر الفضل.
الحالة الثانية: أن يخرج ونيته الدنيا والعياذ بالله، كرجل لولا أن هناك حاجة من حوائج الدنيا ما خرج، أو يخرج رياء أو سمعة، فهذا -والعياذ بالله- خروجه عليه لا له.الحالة الثالثة: أن يشرك بين النيتين، فتكون نيته الصلاة والدنيا، يقول: أخرج إلى الصلاة وألقى فلانا فأكلمه على البيت وعلى الحاجة، أو أكلمه على دين، أو أكلمه على أمر من الأمور.وإن كانت نيته المشتركة نية طاعة وعبادة فلا إشكال، كأن يقول:
أخرج إلى المسجد من أجل الصلاة ومن أجل تعليم العلم، فهذا أفضل من الذي قبله من جهة أنه جمع بين فضل الصلاة بالخطا وفضل تعليم الناس، كما قال صلى الله عليه وسلم: (من عمد إلى مسجده ليتعلم أو يعلم الناس كان كأجر المجاهد في سبيل الله)، كما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا من خصوصيات مسجده عليه الصلاة والسلام.أما إذا كانت النية المشركة لحاجة من حوائج الدنيا كأن يقول: أصلي وأكلم فلانا، أو: أصلي وأوصي فلانا على أمر من أمور الدنيا، فحينئذ إن كانت نية الآخرة هي الأصل ونية الدنيا تبع بحيث لو لم توجد نية الدنيا لخرج لا يؤثر هذا التشريك؛ لقوله تعالى: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} [البقرة:198]، فإنها نزلت فيمن يريد الحج والتجارة، فلما كانت التجارة تبعا لم تؤثر، وقال تعالى: {وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم} [الأنفال:7]، فكانوا يتمنون العير وقد خرجوا إلى غزوة بدر، فجعل الله لهم فضل الجهاد مع أنهم كانوا يتمنون العير وهي دنيا، وكقوله عليه الصلاة والسلام: (من قتل قتيلا فله سلبه)، فهذا دنيا لكنه تبع وليس بغاية.فمن خرج إلى المسجد بهذا النوع الثالث وهو يريد الدنيا، والنية لها تبع وليست بأصل، بحيث لو امتنعت نية الدنيا لخرج، فهذا لا يؤثر، ويعتبر من التشريك المغتفر على مذهب المحققين من العلماء، كما ارتضاه الإمام الطبري رحمه الله، والحافظ ابن حجر، وغيرهم من علماء الإسلام، فإذا كانت نيتك الصلاة أساسا ونية الدنيا تبعا فلا حرج عليك في ذلك، وأنت مأجور إن شاء الله.
والله تعالى أعلم.
[الجمع بين أفضلية الجماعة على الانفراد بسبع وعشرين وخمس وعشرين درجة]
q ورد في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاة الجماعة تفضل على صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة)، وفي حديث آخر: (بخمس وعشرين)، فكيف نجمع بين الحديثين؟

a هذه المسألة فيها خلاف، قال بعض العلماء: سبع وعشرون وخمس وعشرون لا تعارض بينهما، فالسبع والعشرون لمن بكر إلى المسجد، وحصل الصلاة من أولها، والخمس والعشرون لمن تأخر فجاء في آخر الصلاة، كأن يدرك التشهد، فمن أدرك الإمام قبل أن يسلم فقد أدرك الخمس والعشرين، وهذا القول له وجه من حديث أبي هريرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وذلك أنه إذا توضأ فأصبغ الوضوء ثم مشى إلى المسجد أو خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة) الحديث، وقد قال في صدر الحديث: (تضعف على صلاة الفذ بخمس وعشرين ضعفا) فجعل الفضل من جهة الخروج، فمن أدرك آخر الصلاة أدرك الخمس والعشرين، والسبع والعشرين لمن أدرك أولها، فلا تعارض بين الحديثين لانفكاك الجهة.وقال بعضهم: السبع والعشرون درجة للصلاة مع الجماعة إذا كانت جهرية، والخمس والعشرون درجة إذا كانت سرية؛ لأن الجهرية فيها قراءة واستماع وتأثر بالقرآن.وقيل: السبع والعشرون درجة لمن سمع القراءة وتأثر بها، والخمس والعشرون لمن سمع وغفل عن التأثر بها.وقيل: إن السبع والعشرين درجة تكون لمن مشى إلى المسجد، والخمس والعشرين لمن ركب.وقيل: إن السبع والعشرين درجة تكون لمن تأثر وخشع وكانت الصلاة مؤثرة فيه، والخمس والعشرين لمن كان على قدر الإجزاء، فيكون له حظ السعي والتعب والمشي.وهناك أوجه أخرى ذكرها العلماء رحمهم الله، من ذلك أن سبعا وعشرين درجة للجماعة الكثيرة، وخمسا وعشرين درجة للجماعة القليلة، إلى غير ذلك مما ذكروه.ولكن الحقيقة أن القول الذي يقول: إن الخمس والعشرين للمشي، والسبع والعشرين لكمال الصلاة من القوة بمكان، وهناك وجه يرفع التعارض بالكلية، فيقول: عندنا حديث يقول: (صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة)، وهذا من حديث ابن عمر في الصحيح، وحديث أبي هريرة: (صلاة الرجل في مسجده تضعف على صلاته في بيته خمسا وعشرين ضعفا)، فجعل الفضل هنا بالضعف، والفضل هناك بالدرجات، والقاعدة في الأصول أنه لا يحكم بالتعارض إلا إذا استويا محلا، وهنا لم يستويا؛ لأن الموصوف بالدرجة ليس كالموصوف بالمضاعفة، وهذا مذهب من يقول بانفكاك جهة التعارض.وعلى العموم صل مع الجماعة وأدرك فضلها وأنت على خير، فالأفضل للإنسان أن يدرك الصلاة على أكمل وجوهها، حتى يحصل الفضل على أتم وجوهه، كتبكير إلى الصلاة، والخشوع والتأثر بالقرآن، فهذا أكمل ما يكون من الحظ في السبع والعشرين درجة، وهو أعلى مرتبة من صاحب الخمس والعشرين درجة، ولذلك ينبغي للمسلم أن يحرص دائما في مسائل الفضل على تحصيل الفضل، وما دام أن الإنسان يرجو الخير والفضل ويسعى إلى الكمال فهو على خير، ثم العلم عند الله في حقيقة هذه الأمور، وهو الذي يفصل بين عباده وهو خير الفاصلين.والله تعالى أعلم.
[حكم الائتمام بمسبوق من الجماعة الأولى]
q يحدث كثيرا أن بعض المصلين يفوتهم شيء من الصلاة، فإذا قاموا ليقضوا ما فاتهم جاء رجل من خارج المسجد وائتم بأحد هؤلاء، فهل يصح ذلك؟
a هذه المسألة فيها تفصيل، فإذا صليت مع الجماعة وأدركت الجماعة فلا تخلو من حالتين: فإن أدركت ركعة فأكثر فقول جماهير العلماء أنه لا يصح الاقتداء بك؛ لأنك مأموم ولست بإمام، ولا يصح للمأموم حكما وفضلا أن يصير إماما، ولا يعرف في الشرع هذا إلا في مسائل الاضطرار كالاستخلاف.وقال بعض العلماء -وهو وجه ضعيف عند الشافعية-: يجوز أن يصلي المأموم الذي أدرك الإمام بجماعة ثانية، واستدلوا على هذا بوجود صلاة الخوف في الاستخلاف، ولكن هذا المذهب ضعيف، وبين العلماء رحمهم الله أنه قول ضعيف ولا يقوى دليله.والصحيح أن من أدرك ركعة فأكثر أنه مأموم وليس بإمام، ولا يحمل عن مأمومه الصلاة وهو منها في حل، ولذلك لا يكون المأموم إماما.أما بالنسبة للحالة الثانية فهي أن لا تدرك ركعة مع الإمام، كأن تدرك الإمام وقد رفع من الركوع الأخير، سواء أدركته بين الرفع وبين السجود، أم أدركته في السجدة قبل الأخيرة، أو السجدة الأخيرة، أو في التشهد، فإذا أدركته في هذه الحالة جاز لك أن تصير إماما لغيرك؛ لأنك وبالإجماع تأخذ حكم المنفرد، ألا تراهم في هذه الحالة يقولون: إنك لو أدركت إمام الجمعة في التشهد أو بعد الركعة الأخيرة فإنك تصلي ظهرا على الراجح، فدل ذلك على أنك مدرك لفضل الجماعة لا لحكمها، فتكون إماما من هذا الوجه، ولذلك رخص العلماء في هذه الصورة، فإذا دخلت مع إنسان معك تقول له: إذا سلم الإمام ائتم بي حتى تكون النية منقعدة، فإذا سلم الإمام تقوم أنت فتكبر فيتبعك دون أن تكلمه، فتنعقد لكم الجماعة، فيحصل لكم فائدة دخولكم في الجماعة الأولى، وفائدة الجماعة الثانية من جهة الاقتداء.ولذلك الأفضل للإنسان إذا دخل أن يتبع الإمام، بل قال العلماء: يجب على من دخل المسجد ولو بقيت لحظة على سلام الإمام أن يدخل معه، ولو لم يدخل يأثم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أدركتم فصلوا)، وهذا نص من السنة، وإن كان بعض الشافعية رحمهم الله اختاروا على أنه لا حرج أن يحدث جماعة ثانية، لكنه وجه شاذ؛ لأن الإسلام يحرص على الجماعة ولا يريد الشذوذ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: لما رأى الرجلين لم يصليا قال: (ما منعكما أن تصليا في القوم، ألستما بمسلمين؟!!)، فدل على أنه لا يجوز إحداث جماعة في داخل المسجد مع وجود الجماعة الأولى، ولأنه يحتمل أن الإمام بقيت عليه ركعة كأن يكون سلم من ثلاث وهو في ظهر سهوا، فلذلك لا يحكم بجواز إحداث الجماعة الثانية ما دام أن الإمام لم يسلم من الجماعة الأولى، ولأن إدراكك للجماعة الأولى أفضل من إحداث جماعة ثانية؛ لأنك إذا أدركت الجماعة الأولى أدركت فضلا في الوقت لم تدركه الجماعة الثانية، واللحظة اليسيرة في أوقات الصلاة بينها وما بعدها كما بين السماء والأرض، ففي الحديث: (إن العبد ليصلي الصلاة، وما يصليها في وقتها، وإن ما فاته من وقتها خير له من الدنيا وما فيها)، فقد يكون وقتا يسيرا جدا ما بين الجماعة الأولى والثانية، فتفوت على نفسك الفضل بإحداث الجماعة الثانية، ثم إن هذا شذوذ ويخالف ظاهر السنة في قوله صلى الله عليه وسلم: (ما أدركتم فصلوا)، فدل على أن من دخل المسجد يلزم بالدخول مع الجماعة، ولا يجوز له أن يختلف عن الإمام والشذوذ عنه.وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.56 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.08%)]