
27-09-2020, 07:22 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,126
الدولة :
|
|
رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة البقرة - (101)
الحلقة (108)
تفسير سورة البقرة (68)
منح الله عز وجل معيته لمن صبر وأقام الصلاة من عباده، ومعية الله سبحانه وتعالى تقتضي التأييد والنصرة والرعاية، كما وهب الله عز وجل الحياة لمن قتل في سبيله، وأعد له عنده سبحانه مقاماً كريماً، وأمنه من فتنة القبر، ومن فزع يوم العرض، ذلك أنه بذل نفسه وروحه في سبيل الله، وأراق دمه طلباً لمرضاته، واستعجالاً لأجره وثوابه.
تابع تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين) وقفات مع جملة (إنا لله وإنا إليه راجعون)
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.أما بعد:فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إن السورة ما زالت -كعهدنا بها- سورة البقرة، وها نحن مع الآيات المباركات التي ما زلنا نستعين الله تعالى على تفسيرها وفهم معانيها، سائلين الله عز وجل أن يرزقنا الاهتداء بهديها والعمل بها، إنه قريب مجيب سميع الدعاء.أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ * وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:153-157].
فضلها ومعناها
قبل أن نشرع في تفسير الآيات أقول: إن كثيرين من عوام المسلمين لا يحفظون هذه الجملة ويحفظون أغنيات متسلسلة، ويعجز أن يحفظ هذه الجملة، وهي: إنا لله وإنا إليه راجعون، إنا لله وإنا إليه راجعون، إنا لله وإنا إليه راجعون، فهل يعجز المؤمن أو المؤمنة أن يعيد كلمة من كلام الله، هل يستطيع أن يقص القصص ويحكي أطول الحكايات ويعجز عن هذه الجملة: إنا لله وإنا إليه راجعون؟ والله! إنها لتزن ما على الأرض من ذهب، فـ ( ما من مؤمن يصيبه الله بمصيبة -في نفسه أو ماله أو ولده- فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم اؤجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها؛ إلا آجره في مصيبته وأخلفه خيراً منها ).ومعنى قوله: (إنا لله) أنه ما دمت تعترف أنك لله فإذا قتلك الله، سلبك الله، فعل ما شاء أن يفعل بك؛ فأنت عبد له، كما إذا رأيت الرجل يذبح شاته فهل تقول: لا تذبحها؟ رأيت الرجل يهدم جداره، فهل تقول: لا؟ رأيت الرجل يطالبك بأماناته عندك، فهل تقول: لا؟ فأنت عبد الله، فإذا أراد منك شيئاً فكيف تجزع؟ كيف تسخط؟ كيف تقول الباطل؟ وعهدناك إذا طلب منك شيء مما هو لغيرك تسلمه ولا تغضب ولا تسخط، وإذا أراد الله منك شيئاً من مالك أو من أولادك أو من نفسك تسخط وتغضب وتجزع، بل يقولون الهجر وينطقون بالباطل والكفر، فما سر ذلك؟ ما حفظوا هذه الجملة، ما هم في حاجة إليها، ما وجدوا يوماً من يرغبهم أو يحثهم أو يحضهم على حفظ كلمة من كلام الله، يعيش أربعين سنة ما يحفظها.
ثواب قولها
أيها المستمعون ويا أيتها المستمعات! إذا قال العبد: إنا لله وإنا إليه راجعون، فاسمع الجزاء: أُوْلَئِكَ [البقرة:157] السامون، أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:157].لأن الذي إذا أصابته مصيبة عرف وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ما تفوه بكلمة سوء، ولا تململ ولا تضجر، ولا ظهر في صفحات وجهه سخط ولا غضب، إنما رضي بقضاء ربه وحكمه، وهون على نفسه بقوله: إنا لله، فما دمنا له فليأخذ ما شاء منا وليبق ما شاء، يرفع منا ما شاء ويضع ما شاء، فنحن ملكه، فإنا لله. ثانياً: وإليه راجعون، فما دمنا راجعون إليه فإذا مت أو مات ابني أو مات أبي أو أخي أو امرأتي فهذا الموت أليس رجوعاً إلى الله؟ أما جئنا بإيجاده والرجوع إليه، فكيف نغضب؟ كيف يغضب الإنسان أن يرجع إلى الله؟هذه الكلمة لها وزنها وقيمتها، انتفع بها السالفون الأولون وجاء الجهل وغطى العالم الإسلامي، ألف سنة وهم في تيهان. أُوْلَئِكَ [البقرة:157] الذين يقولون هذا عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ [البقرة:157]، يغفر ذنوبهم ويرحمهم، وماذا بقي إذا غفر ذنبك وأدخلك الجنة، هل بقي طلب آخر؟ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:157] في طريق الكمال وسبيل السعادة، المهتدون إلى رضا الله عز وجل.قول ربنا جل جلاله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ [البقرة:153]، إنه الصبر الذي يكون لنا عوناً على النهوض بالتكاليف فعلاً وتركاً، الصبر الذي يجعلنا نحبس أنفسنا حتى لا تتململ ولا تتضجر ولا تسخط، هذا الصبر على الطاعات، وحبس النفس بعيدة عن الشهوات والمعاصي، والصبر على القضاء والقدر بالابتلاء بفقد المال أو الولد، هذا الصبر حين يتم بشر صاحبه بأن الله تعالى معه: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة:153]، لا يضيعهم، لا يخسرهم، لا يهلكهم، لا يكربهم ولا يحزنهم، لا يفوت النعم عليهم؛ لأنه معهم، أيما صابر في ميدان من الميادين لا يفقد ثمار ذلك العمل بوعد الله، ومن جزع وانقطع وما واصل العمل خاب وخسر. قد عرفنا قيمة الصلاة، وما واصلنا الحديث فيها، فنقول بإيجاز:إقام الصلاة -كما علمتم- أن تؤدى في أوقاتها التي حددها الله وبينها، إذ قال تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ [هود:114]، وقال: فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ [الروم:17-18]، الإمام الشافعي أخذ أوقات الصلوات الخمس من هذه الآية من سورة الروم، ومالك رحمه الله أخذها من قوله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [هود:114]، وقد عرف المؤمنون والمؤمنات أوقات الصلاة: الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء.هذه الصلاة إذا أديت في أوقاتها نفعت، أما الذي يصليها قبل حلول وقتها فصلاته باطلة، والذي يؤخرها حتى يخرج وقتها خسر، ( من ترك صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله )، هذه الصلوات الخمس من شرط إنتاجها وتوليدها للإيمان والطاقة أن تؤدى أولاً في أوقاتها، ثانياً: في بيوت الله مع عباده المؤمنين، ولا يصلين أحد في بيته أو دكانه أو مزرعته إلا إذا بعد عن المسجد بثلاثة كيلو متر، وأقل من ثلاثة كيلو متر ينبغي أن يشهد الصلاة، وإن كان ذا عذر كمرض أو تمريض أو حراسة أو حماية فإنه يصلي حيث أمكنه، أما أن يكون في ديار الإسلام وبين المؤمنين والصلاة تقام في بيوت الله وهو يتحدث ويضحك حتى تفرغ الصلاة ويقوم يصلي، فهذه ما تنتج شيئاً، كالذي دخل الحمام وخرج وما غسل ولا نظف.ثم لا بد أن تؤديها على الوجه المطلوب، كما علمها جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قلنا: نزل جبريل من السماء وصلى برسول الله في الكعبة يومين، علمه أوقاتها وكيفيتها، فمن لم يطمئن في الركوع أو في السجود أو في القيام أو الجلوس فصلاته باطلة، من لم يحسن قراءة الفاتحة مجودة مرتلة فصلاته باطلة، وما معنى باطلة؟ لا تولد له النور، الصلاة عبارة عن مولِّد النور، وتعرفون مكائن توليد الكهرباء التي تشترونها لبيوتكم، مكينة تدور فتولِّد الكهرباء، وهذه الكهرباء من أين؟ والصلاة مولِّدة للنور حقاً وصدقاً، ما إن يشع في صدرك حتى يظهر على بصرك.. على سمعك.. على لسانك، يظهر في سلوكك، ومن فقد هذا النور فهو كالأعمى يتخبط في كل واد للضلالة.وأنتم تعرفون أن فقهاءكم يقولون: إذا صليت قبل الوقت فصلاتك باطلة، وكذلك باطلة لأنك ما ركعت فيها الركوع المطلوب، فما معنى باطلة؟ أي: لا تولد الطاقة النورانية.وملايين الناس إلى اليوم كيف يصلون؟ يقول أحدهم في عجلة: الله أكبر، سمع الله، ربنا لك الحمد، الله أكبر، يركض ركضاً، ولا يجد من يذكره، ولا من ينبهه، ولا من يعلمه، ونحن نركض وراء الحياة، فلم نحيا؟ لمن حياتنا؟ لله، فهل قال الله هكذا؟ إنا لله وإنا إليه راجعون! فما دمت له فلم لا تؤدي خدمته المطلوبة منك كما يطلبها ويرضاها؟ لم تبخسها وتنقصها؟وورد عن أبي القاسم الهادي صلى الله عليه وسلم قوله: ( أسوأ الناس سرقة -أقبح الناس سرقة- من يسرق في صلاته )، السارق تقطع يده، والسرقة قبيحة كيفما كانت، وأقبح سرقة على الأرض أن يسرق المصلي من صلاته، بدل أن يتم في خمس دقائق يصليها في دقيقة.
أثر إقامة الصلاة في حياة العبد
قد تقول: يا شيخ! لم تشدد هذا التشدد؟ فأقول: لما علمتم، فإنها لا تنتج له النور، فيخرج من المسجد يشهد شهادة الزور، يخرج من المسجد يلاحق النساء ببصره ويده، يخرج من المسجد يجلس على كرسي الربا يبيع ويشتري، أين ذلك النور الذي أشرقت له نفسه؟ ما كسب نوراً، ما حصل على نور، فهو في الظلام، وهل الماشي في الظلام تلومه إذا جلس على حية أو وطئ شوكة؟ ما عنده نور، واقرءوا قول الله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ [العنكبوت:45]، لم يا رب؟ الجواب: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45]، القرية المدينة الإقليم المملكة إذا أقام أهلها الصلاة نساء ورجالاً أمنت، فلا زنا، لا كذب، لا سرقة، لا شهادة زور، لا اعتداء، لا سفك دماء، تلقائياً.بالأمس قلت لكم: تفضلوا، امشوا إلى أي محافظ في محافظات العالم الإسلامي وقولوا: يا سيد! أعطنا قائمة بأسماء المجرمين في هذا الأسبوع أو هذا الشهر أو هذا العام، قلت لكم: إن وجدتم من أهل الجرائم أكثر من خمسة في المائة من مقيمي الصلاة فاذبحوني، وخمسة وتسعون من تاركي الصلاة ومن المصلين الذين لا يقيمون الصلاة؛ لأن الذي يناجي ربه في الصباح والمساء في أوقات معينة في الليل والنهار ويتكلم معه ويبكي بين يديه ويتحدث معه هل يخرج من المسجد ليعصيه ويخرج عن طاعته؟ كيف يتم هذا؟ لا يتم، والذي يسرق ويفجر ويزني ويكذب ويسب ويشتم ويحسد ويبغض ويغتاب وينم هو عبد لا يصلي، أو يصلي صلاة باطلة ما تنتج له النور، فيعيش في الظلام، يسب حتى أمه، هل عرفتم هذا؟أزيدكم برهانا: قلت لكم: هل كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم في دولته بالمدينة لمدة عشر سنوات شرطة وبوليس ورجال الأمن؟ هل كان للخليفة الصديق رجال أمن وقوة؟ هل كان لـعمر بوليس ورجال الأمن؟ هل كان لـعثمان رضي الله عنه رجال بوليس؟ هل كان لـعلي ؟ الجواب: لا، فكيف ساد الأمن؟ كيف تم ذلك الأمن؟ تم بإقام الصلاة، الذي يتكلم مع الله ربع ساعة ما يستطيع أن ينساه في دقائق ويفجر عن نظامه وقانونه وسننه.وإن قلتم: ما ندري، فوالله! لكما تسمعون، ما كان لدولة الراشدين بوليس أبداً، وساد أمن وطهر وصفاء ما يستطيع أحد أن يثبت مثله في الحياة.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|