
23-09-2020, 04:55 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,138
الدولة :
|
|
رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة البقرة - (94)
الحلقة (101)
تفسير سورة البقرة (61)
نعى الله عز وجل على اليهود والنصارى الجدال والمحاجة في الله عز وجل، وعاب عليهم الافتراء عليه سبحانه والتقول عليه بغير علم، فمنهم الذين زعموا لله الولد والصاحبة، ومنهم الذين زعموا أنه ثالث ثلاثة، ومنهم الذين زعموا أنهم أولياء الله وأحباؤه وخيرته من خلقه وأصفياؤه، وهم في كل ذلك كذبة مفترون، ولنبوة محمد خاتم الأنبياء والرسل جاحدون، ولما أخذ الله عز وجل عليهم من العهد والميثاق كاتمون، فاستحقوا بذلك أن يكونوا ملعونين، ومن رحمة الله ورضوانه مطرودين.
تابع تفسير قوله تعالى: (قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ...)
ابتداء الصراع واستمراره بين المسلمين وأهل الكتاب
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.أما بعد:فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إن السورة ما زالت -كعهدنا بها- سورة البقرة، وها نحن مع الآيات المباركات التي نستعين الله تعالى على تفسيرها وفهم معانيها، سائلين الله عز وجل أن يرزقنا الاهتداء بهديها والعمل بها؛ إنه قريب مجيب سميع الدعاء.أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ * أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ [البقرة:139-141].. إلى آخر ما جاء في هذا السياق القرآني المبارك الكريم.معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! أعيد إلى أذهان المستمعين تذكيراً للناسين وتعليماً لغير العالمين أن الصراع بين أهل الكتاب والمسلمين صراع بدأ من ساعة أن حل الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه المدينة، والبداية الحقيقية من وقعة بدر في السنة الثانية من الهجرة، وما زال الصراع إلى الآن وإلى أن تقوم الساعة. والمراد من أهل الكتاب اليهود والنصارى، اليهود يعتزون باليهودية وهي بدعة ابتدعوها ولم يشرعها الله عز وجل، ولم ينزل بها كتاب، ولم يتفوه بها نبي ولا رسول، والنصارى كذلك ابتدعوا النصرانية وجعلوها ملة وعقيدة وديناً، بل ونظاماً، وهم يصارعون الإسلام مصارعة عنيفة.ومن هنا كانت سورة البقرة من أولها إلى هذه الآيات وإلى ما بعدها وهي تبين لهم الطريق وتشرح لهم ما تنشرح له الصدور وتطيب له القلوب والنفوس، فمن أراد الله إكرامه وإنعامه وإسعاده استجاب للدعوة، ودخل في رحمة الله وأصبح من أولياء الله، ومن لم يكتب الله تعالى له السعادة أصر على يهوديته أو نصرانيته وما سكن ولا سكت، وما زال إلى الآن يضرب الإسلام بأشد قوة.
وقوف اليهود والنصارى وراء الفساد في العالم الإسلامي
وخطر ببالي أن أذكر أن هذا الفساد الذي انتشر في العالم الإسلامي سببه اليهود والنصارى، نذكر ولا حرج أنه شاع في ديار الإسلام ضروب من الكبائر يندى لها جبين العاقل، فالربا من سنه ومن قننه ومن جعله نظاماً عاماً تعيش عليه البشرية؟ إنهم اليهود عليهم لعائن الله، حتى السحر من نشره في العالم الإسلامي وأصبح المسلمون نساءً ورجالاً يعانون من هذه الفتنة؟ اليهود هم أهل السحر. وكشف الوجوه والعري والاختلاط بين النساء والرجال وإشاعة الزنا -والعياذ بالله- ما هي عوامله؟ اليهود والنصارى، وزادوا الطين بلة -كما يقولون- في هذه الآلات الناقلة للأصوات والصور فملئوا بها بيوت المسلمين، فهجرتها الملائكة وحلت محلها الشياطين فانتشر الفحش والدمار. لو تتبعنا ما نسميه بحضارة خطوة خطوة فسنجد أنها الدمار لا الحضارة، الخراب لا العمران، البادية أرحم وأحسن.
توبيخ أهل الكتاب في محاجتهم المسلمين في الله تعالى
اذكروا هذا واسمعوا هذا الكلام الإلهي، فماذا يقول ربنا؟ قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ [البقرة:139] من القائل؟ الله، من الذي قال له: قل؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قل يا رسولنا أيها المبلغ عنا، قل يا محمد صلى الله عليه وسلم، قل لأهل الكتاب من اليهود والنصارى، قل لهم موبخاً مقرعاً مؤدباً: أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ [البقرة:139] نحن أعرف منكم بالله، نحن أعلم منكم بالله، نحن أولياءه، وأنتم تدعون أنكم أولياء الله، يدعون أنهم أولى بالله من المسلمين ويفترون الكذب ويختلقون الأباطيل، ومن بين ذلك اليهودية والنصرانية، وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ [المائدة:18] هذه الدعوة الفارغة الباطلة تعالى الله عن مثلها، هل أنتم أبناء الله؟! تعالى الله عن أن يلد أو يولد: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:1-4] . وادعوا فقالوا: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى [البقرة:140]، والله! ما عرفوا اليهودية ولا سمعوا بها، ولا عرفوا نصرانية ولا سمعوا بها قط، ويلصقون هذه الأباطيل بأولئك الأنبياء المصطفين الأخيار، ليفحموا المسلمين في نظرهم، والله ولي المؤمنين، ومن كان الله وليه لا ينهزم ولا ينكسر، فها هو ذا تعالى يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم: قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ [البقرة:139]، أي: خالقنا وخالقكم، رازقنا ورازقكم، معبودنا الحق ومعبودكم، سيدنا وسيدكم، كيف تحاجوننا فيه وتجادلون وتقولون: نحن أولى بالله منكم؟! كيف جاءت هذه الولاية؟! أللإيمان الهابط الساقط الباطل، أو لتقواكم التي لا وجود لها، فالعهر والفجور والربا وسفك الدماء والشر والخبث كله في وسطهم، ويدعون ولاية الله! أولياء الله هم المؤمنون الصادقون في إيمانهم المتقون لربهم الذين لم يخرجوا عن طاعته ولم يفسقوا عن أمره في اعتقاد ولا قول ولا عمل. أما الذين ما عرفوا الله حق المعرفة، ما آمنوا به حق الإيمان، الذين يقولون في الله: إنه ولد وإن له ولداً، فهل آمنوا بالله؟ لقد آمنوا بالشيطان، والذين يشبهون الله بمخلوقاته ويقولون: إنه ينسى ويعطي ويتراجع، وهذا مذهب اليهود لعنة الله عليهم، أهذا الإيمان يكونون به أولياء؟ أما التقوى فأين التقوى؟ أين اتقاء ما سخط الله وغضب عليه؟ قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ [البقرة:139] هذه كلمات الله البينة الفاصلة التي تقطع هذا الحجاج الباطل والجدال الذي لا معنى له، يقول: كيف تجادلوننا في الله وهو ربنا وربكم، ليس ربكم وحدكم بل ربنا وربكم، لكن عرفناه وما عرفتموه، أطعناه وعصيتموه، استجبنا له وأعرضتم عن ندائه واستجبتم للشياطين!
حقيقة أعمال المؤمنين وأعمال الكفرة من أهل الكتاب
وخلاصة القول: وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ [البقرة:139] أعمالهم ما هي؟ كل ضروب الفسق والفجور والفساد هي أعمال اليهود والنصارى، المكر والخداع والغش والتضليل والحيل والباطل، ولكن أعمالهم سوف يجزون بها. وَلَنَا أَعْمَالُنَا [البقرة:139] وما هي أعمال المسلمين؟ استقامة على منهج الله، إذا أذن الله في الكلمة قلناها، وإذا لم يأذن فيها صمتنا وسكتنا، نظرة أذن فيها نظرنا، وإن منعنا امتنعنا، لقمة عيش أذن فيها أكلناها، وإن لم يأذن تركناها، هذه الأعمال التي ترضي الله عنا وتحببنا إليه وتحببه إلينا، هذه الأعمال المزكية للنفس المطهرة للروح البشرية. أعمال شرعها وأودع فيها قوة التأثير في تزكية النفس والتطهير، لا بدع وضلالات وخرافات يضعها القسس والرهبان والأحبار ويقدمونها لأولئك البلداء الأغبياء الضالين فيسومونهم ويسوسونهم كما تسام البهائم. فمن هؤلاء المخاطبون؟ إنهم أهل الكتاب، يقول لهم: أتؤمنون بالله وتكفرون برسوله؟! تؤمنون بالله وتجادلون فيه وتكذبون كلامه وكتابه وتنكرونه؟! أي مس في العقل أكثر من هذا؟! تقولون: نحن أبناء الله وأولياء الله، ها هو ذا تعالى قد أنزل كتابه القرآن العظيم فكيف تردونه؟ كيف تنكرونه؟ بأي منطق أو حجة أو ذوق؟ واصطفى رسولاً وأرسله، وعندكم صفاته كاملة وافية، وتحرفون وتؤولون وتغطون وتجحدون وتضللون أتباعكم ولا تؤمنون بخاتم الأنبياء!
المفارقة بين المؤمنين وكفرة أهل الكتاب في الإخلاص
وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ [البقرة:139]، هذه كلمتنا نحن أيها المسلمون، وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ [البقرة:139]، أما هم فمخلصون للدنيا، والله! ما أخلصوا إلا لأهوائهم وشهواتهم وأطماعهم وأغراضهم السافلة المادية، فلو أخلصوا قلوبهم لله وأعمالهم لما باتوا ليلة واحدة على يهودية مبتدعة ولا على نصرانية باطلة لا تقوم على أساس ولا منطق ولا عقل ولا ذوق، فضلاً عن الوحي الإلهي، وهم مصرون عليها ويدعون إليها ويحاربون الإسلام حرباً شعواء حتى لا يظهر هذا الإسلام. وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ [البقرة:139] أخلصنا له ماذا يا عباد الله؟ أخلصنا له قلوبنا، فقلب المسلم الحق لا يتقلب طول حياته إلى طلباً لمرضاة الله، قلب المؤمن المسلم -لا بالنسبة ولكن بالحق- دائماً يريد الله، لا هم له إلا رضا الله عز وجل، أسلمنا جوارحنا لا نعطي ولا نأخذ لا نرفع ولا نضع إلا بإذنه وبرضاه وكيفما يريد منا. فهل أنتم - معشر اليهود والنصارى- فعلتم هذا؟ هل أخلص اليهود والنصارى شيئاً لله؟ لا شيء، ولكن بما أنهم يجادلون ويحاجون فالله عز وجل يبين لرسوله صلى الله عليه وسلم كيف يرد أباطيلهم ويمزق حججهم الهاوية.
حقيقة الإخلاص وأهميته
معاشر المستمعين! هذه تعنينا أكثر، أتعرفون ما هو الإخلاص؟ هل نحن مأمورون بالإخلاص؟ ما هي سورة الإخلاص؟ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:1-4] . ومن سورة تنزيل الزمر: تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ [الزمر:1-2]. ومن سورة البينة: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة:5] . خلاصة ما أقول للمستمعين والمستمعات في هذا الأصل: أن الإخلاص هو عنصر العبادة، متى تأكد ووجد أمكن للعبد أن يستفيد من عبادته، فإن ضعف هذا الأصل بطلت العبادة ولا أثر لها في النفس، الإخلاص أن تريد بحياتك وجه الله، تقول، تعمل، تبني، تتزوج، تطلق، تسافر، تقوم، تقعد، دائماً تريد الله. الإخلاص: ألا تلتفت بقلبك إلى غير الله، ترابط السنة والسنتين والعشر وأنت رابط نفسك في حدود وثغور دار الإسلام لا تريد جزاءً إلا من الله، تنفق أموالك وتضعها في أيدي المحاويج والفقراء والمساكين ولا تريد أن يقال: فلان منفق أو فلان يتصدق، تبيت راكعاً ساجداً بوجهك لا يراك أحد ولا يسمع أحد أنك صليت ولا قمت، تطلب العلم من أول ساعة إلى أن تتخرج لا هم لك إلا وجه الله. فالإخلاص معناه: جعل العمل كله لله، إذ هو الخالق هو الرازق هو الإله الحق، ونحن له مخلصون، نحن له مسلمون، فكل أعمالنا له، فمن صرف من أعماله شيئاً إلى غير الله فما أخلص بل أشرك. وهذا الإخلاص يحتاج إلى مقاومة النفس ومجاهدتها، ويساعدك على هذا أن تعيش وأنت تشعر أنك بين يدي الله، يرى حركاتك وسكناتك، يسمع دقات قلبك وما يخطر ببالك، فهذه المراقبة هي التي تساعد على الإخلاص. واعلم أن الخلق كلهم لا يساوون شيئاً، ليس بينهم من يحيي ولا من يميت، لا من يعطي ولا من يمنع، ولا من يضر ولا من ينفع، وإنما الضر والنفع هو بيد الله، والمعطي والمانع هو الله، والمحيي والمميت هو الله، لا تغفل يا مؤمن وتظن أن القضية سهلة، لا بد من جهاد نفسك. واذكروا دائماً أننا وقف على الله، واقرءوا قول الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163]، وهل بعد الحياة والممات شيء؟ لا شيء.
تفسير قوله تعالى: (أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هوداً أو نصارى ...)
ثم يقول تعالى لرسوله: أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى [البقرة:140]، الاستفهام هنا للتقريع، أتقولون: إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط -وهم أولاد يعقوب الاثني عشر- كانوا يهوداً أو نصارى؟ النصارى يقولون: كانوا نصارى، واليهود يقولون: كانوا يهوداً. والله! ما سمعوا باليهودية ولا بالنصرانية، فاليهودية متى وجدت؟ على عهد موسى، لما فسقوا وظلموا وخرجوا عن طاعة الله أعلنوا عن توبتهم في مواقف وقالوا: إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ [الأعراف:156]، فمن ثم عرف بينهم لفظ اليهود. والنصارى من متى؟ قبل نبينا بخمسمائة سنة فقط، قال الحواريون: يا عيسى نحن أنصار الله، فهو الذي قال: مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ [آل عمران:52]، فمن ثم وجدت كلمة نصارى، فكيف يكون إبراهيم وأحفاده يهوداً ونصارى. ومن سورة آل عمران قال تعالى: مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا [آل عمران:67]، إذاً: يوبخهم ويقرعهم بهذا الاستفهام، أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى [البقرة:140]، اليهود يقولون: (كانوا هوداً)، والنصارى يقولون: (كانوا نصارى)، أما رؤساؤهم من الأحبار والقسس فهم يعرفون أن هذه أباطيل وترهات ليخدعوا بها العوام ويضللوا بها الناس، وإلا فكيف توجد يهودية ونصرانية على عهد إبراهيم وولده إسحاق ويعقوب وأحفاده، كيف يمكن هذا؟ ولكن حب الدنيا والطمع وحب السلطة والسيطرة على القلوب، لكن القرآن فضحهم فما استطاعوا أن يقفوا أمام هذه الآيات القرآنية.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|