عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 17-09-2020, 03:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,341
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحديث العالي والنازل



المساواة: وهو أن يتساوى عددُ الإسناد من المحدِّث إلى آخرِ السند مع إسناد أحد المؤلفين.

مثاله:

1- ذكر الحافظ ابن حجر أنه قد وقعت له أحاديثُ بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم فيها عشرة رجال، وقد وقع للنسائي حديث عدد رجاله كذلك، فتساوى ابن حجر مع النسائي في عدد رجال الإسناد، وقد جمع ابن حجر من هذا النوعِ عشرةَ أحاديث في جزء صغير سماه: "العشرة العشارية"[16].




2- أن يكون البخاري أخذ عن أصبغ، وهو أخذ عن ابن وهب، وهو أخذ عن مالك، وهو أخذ عن نافع، وهو أخذ عن ابن عمر، فأنت إذا رويتَ إما أن يكون بينك وبين النبيِّ كما بين البخاري وبين النبي صلى الله عليه وسلم، أو بأن يكون بينك وبين ابن عمرَ كما بين البخاري وابن عمر، أو يكون بينك وبين نافعٍ كما بين البخاري ونافع، أو بينك وبين مالكٍ كما بين البخاري ومالك، أو بينك وبين ابن وهب كما بين البخاري وابن وهب، أو تكون أخذتَ من أصبغ كما أخذ البخاري عن أصبغ، فإذا حصل شيء من ذلك، فيقال لك: مساوٍ للبخاري.



وقد كان هذا النوع ممكنَ الوصول في عصر ابن حجر رحمه الله ومَن دونه، أما اليوم بعد طول العهد وتعدُّد الأجيال، فقد أصبح غير ممكن الحصول عليه.




المصافحة: وهي استواءُ عدد الإسناد من الراوي إلى آخرِه مع إسناد تلميذ أحد المصنفين، وسميت مصافحةً؛ لأن العادة جرت في الغالب بالمصافحة بين من تلاقيا، فكأنه صافحَه وسمع منه، وهذا النوع غيرُ ممكن الوقوع في الأعصر المتأخرة[17].




مثاله: قال العراقي: حديث النهي عن نكاح المتعة، أخبرنا به محمد بن إسماعيل بن عبدالعزيز، قال: أخبرنا عبدالعزيز بن عبدالمنعم الحراني، قال: أنبأنا أسعد بن سعيد بن روح، وعفيفة بنت أحمد الفارفانية - واللفظ لها - قالا: أخبرتنا فاطمة بنت عبدالله الجوزدانيَّة، قالت: أخبرنا أبو بكر بن ريذةَ، قال: أخبرنا سليمانُ بن أحمد الطبراني، قال: حدَّثنا أبو الزنباع روح بن الفرج، قال: حدثنا يحيى بن بكير، قال: حدثني الليث ح قال الطبراني: وحدثنا يوسف القاضي، قال: حدثنا أبو الوليد الطيالسي، قال: حدثنا ليثُ بن سعد، قال: حدثني الربيع بن سبرة الجهني، عن أبيه - سبرة - أنه قال: أَذِن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة... الحديث، وفيه: ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من كان عنده شيء من هذه النساء اللاتي يتمتَّع بهنَّ، فليخلِّ سبيلها))، واللفظ لحديث يحيى بن بكير رواه مسلم في كتاب النكاح باب: المتعة.

قال العراقي: هذا الحديث مساواة لشيوخنا، مصافحة لنا[18].



وقال في الألفية:



............................

........... وعلو نسبي



بنسبة للكُتُبِ الستَّة إذ

ينزلُ متنٌ من طريقها أُخِذ



فإن يكن في شيخه قد وافَقَه

معَ علوٍّ فهُو الموافقَهْ



أو شيخِ شيخِه كذاك فالبَدَلْ

وإن يكن ساواه عدًّا قد حصَلْ



فهْو المساواة، وحيث راجحه

الأصلُ بالواحدِ فالمصافحهْ[19]






القسم الرابع: العلوُّ بتقدم وفاة الراوي عن شيخ، على وفاة راوٍ آخر عن ذلك الشيخ، وسبب العلو كما قال السخاوي: لأن المتقدم الوفاة يعزُّ وجود الرواة عنه بالنظر إلى متأخِّرها؛ فيُرغب في تحصيل مرويِّه لذلك.

مثاله: من سمع سنن أبي داود على الزكي عبدالعظيم، أعلى ممن سمعه على النجيب الحراني، ومن سمعه على النجيب، أعلى ممن سمعه على ابن خطيب المزة، والفخرِ بن البخاري، وإن اشترك الأربعة في رواية الكتاب عن شيخ واحد، وهو: ابن طبرزذ؛ لتقدم وفاة الزكي على النجيب، وتقدم وفاة النجيب على من بعده.




قال العراقي: روينا عن أبي يعلى الخليلي، قال: "قد يكون الإسناد يعلو على غيره بتقدم موت راويه، وإن كانا متساويين في العدد"، وهذا كله بنسبة شيخٍ إلى شيخ، وأما العلو المستفاد من مجرد تقدم وفاة شيخ لا مع التفات نظر لشيخ آخرَ، فقد اختلف في حدِّه، فقيل: إسنادُ خمسين سنة من موت الشيخ إسناد علو، وقيل: إذا مرَّ على الإسناد ثلاثون سنة فهو عالٍ، والتقييد بالخمسين؛ أي: من موت الشيخ، لا من وقت السماع عليه[20].



قال في الألفية:



ثم علوُّ قِدَمِ الوفاة

أما العلو لا معَ التفاتِ




لآخَرٍ فقيل: للخمسينا

أو الثلاثين مضت سنينَا[21]









القسم الخامس: العلوُّ بتقدم السماع من الشيخ، فمَن تقدَّم سماعُه من شيخ كان أعلى ممن سمع من ذلك الشيخ نفسِه بعده.

مثاله: أن يسمع شخصان من شيخ واحد، وسماع أحدهما من ستين سنة مثلًا، وسماع الآخر من أربعين سنة.

وأهل الحديث مجمِعون على أفضلية المتقدم في حق من اختلط شيخُه أو خرف؛ لهرم أو مرض، وهو واضح، أما من لم يحصل له ذلك، فربما كان السماع المتأخر أرجحَ، بأن يكون تحديثه الأول قبل أن يبلغ درجة الإتقان والضبط، ثم كان الشيخ متَّصفًا بذلك في حالة سماع الراوي المتأخر السماع، فلهذا مزيَّة وفضل على السماع المتقدم، وهو أرفع وأعلى، لكنه علو معنوي.




قال العراقي في الألفية:

ثم علوُّ قِدم السماعِ ♦♦♦.......................[22]



أقسام النزول:

أقسام النزول خمسةٌ، وتعرف من ضدِّها، فكل قسم من أقسام العلو ضده قسم من أقسام النزول[23]، وها هي باختصار:

النزول المطلق: وهو البعدُ من رسول الله بكثرة الوسائط بالنسبة إلى سندٍ آخَرَ يَرِدُ بذلك الحديث بعينِه بعدد كثير، وباقي الأقسام يعتبر نزولها نسبيًّا.




كثرة الوسائط إلى إمام من أئمة الحديث، وهو نزول مسافة.

نزول الإسناد من طريق غير الكتب الستة عن الإسناد من طريقها، وهو نزول مسافة.

النزول بتأخُّر وفاة الراوي عن شيخ، عن وفاة راوٍ آخر عن ذلك الشيخ.




النزول بتأخر السماع من الشيخ: فمن تأخر سماعه من الشيخ أنزَلُ ممن سمع من ذلك الشيخ نفسه متقدِّمًا، قال الحافظ العراقي:

وضدُّه النزولُ كالأنواع ♦♦♦ ......................................[24]



أشهر المصنفات في العالي والنازل:

لا توجد مصنفات خاصة في الأسانيد العالية أو النازلة بشكل عام، باستثناء ابن طاهر المقدسي الذي ألَّف جزءًا سماه: "مسألة العلو والنزول".




لكن أفرد العلماء بالتصنيف أجزاء أطلقوا عليها اسم "الثُلاثيات"، ويُعنون بها الأحاديث التي فيها بين المصنِّف وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشخاص فقط، وفي ذلك إشارة إلى اهتمام العلماء بالأسانيد العوالي، فمن تلك الثلاثيات[25]:

1- ثلاثيات البخاري؛ لابن حجر.

2- ثلاثيات أحمد بن حنبل، للسَّفَّاريني.

وهذا ما تيسَّر جمعه من كتب الأعلام، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



الخاتمة:

بعد هذا البحث المتواضع في هذا اللقب الجليل يمكن ذكر أهم النتائج المتوصل إليها، ومنها:

الإسناد من خصائص هذه الأمَّة.

طلب الإسناد العالي مرغَّب فيه، كما قال الإمام أحمد بن حنبل: الإسناد سنة عمن سلف.

الحديث العالي هو: الحديث الذي قلَّ عدد رواته، مع سلامته من الضعف، فيقرب رجال سنده، والنازل هو: الحديث الذي كثر رجال إسناده بالنسبة إلى غيره.

العلو إن صح أفضلُ من النزول، على الصحيح الذي قاله الجمهور.

قسم علماء الحديث العلو في الإسناد إلى خمسة أقسام؛ وهي:

القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم، من حيث العدد بإسناد نظيف غير ضعيف.




القسم الثاني من أقسام العلو: القرب إلى إمام من أئمة الحديث ذي صفة عالية كالحفظ والضبط؛ كالأعمش، والأوزاعي، ومالك، وسفيان.




القسم الثالث: العلو بالقرب إلى كتاب من كتب الحديث المعتمدة؛ كالصحيحين.

القسم الرابع: العلو بتقدم وفاة الراوي عن شيخ، على وفاة راوٍ آخر عن ذلك الشيخ.

القسم الخامس: العلو بتقدم السماع من الشيخ.

أقسام النزول خمسة أيضًا، وتعرف من ضدها.




لا توجد مصنفات خاصة في الأسانيد العالية أو النازلة، باستثناء ابن طاهر المقدسي ألف جزءًا سماه: مسألة العلو والنزول، وما صنفه العلماء من الأجزاء كـ "الثُلاثيات".



المصادر:

1- الباعث الحثيث، في اختصار علوم الحديث؛ لابن كثير.

2- معرفة علوم الحديث؛ للحاكم.

3- تيسير مصطلح الحديث؛ للطحان.

4- شرح التبصرة والتذكرة؛ للعراقي.

5- فتح المغيث، شرح ألفية الحديث؛ للسخاوي.

6- اليواقيت والدرر، شرح نخبة الفكر؛ للمناوي.

7- ألفية العراقي في الحديث.

8- صحيح البخاري.

9- صحيح مسلم.

10- تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي؛ للسيوطي.

11- لسان المحدثين؛ لمحمد خلف سلامة.

12- منهج النقد في علوم الحديث؛ لنور الدين عتر.

13- الشذا الفياح من علوم ابن الصلاح؛ للأبناسي.

14- توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار؛ للصنعاني.





[1] الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث؛ لابن كثير: 1/ 21.



[2] توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار؛ للصنعاني: 2/ 227.



[3] الشذا الفياح من علوم ابن الصلاح؛ للأبناسي: 2/ 420.



[4] صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب: السؤال عن أركان الإسلام: 1/ 93.



[5] معرفة علوم الحديث؛ للحاكم: 1/ 40.



[6] تيسير مصطلح الحديث؛ للطحان: 100.



[7] شرح التبصرة والتذكرة؛ للعراقي: 1/ 187.



[8] فتح المغيث، شرح ألفية الحديث؛ للسخاوي: 3/ 26.



[9] اليواقيت والدرر، شرح نخبة الفكر؛ للمناوي: 2/ 237.



[10] ألفية العراقي في الحديث: 1/ 59.



[11] شرح التبصرة والتذكرة؛ للعراقي: 1/ 188.



[12] ألفية العراقي في الحديث: 1/ 59.



[13] صحيح البخاري: 1/ 65، ومسلم: 4/ 144.



[14] ألفية العراقي في الحديث: 1/ 59.



[15] تدريب الراوي؛ للسيوطي: 2/ 165.



[16] لسان المحدثين؛ لمحمد خلف سلامة: 4/ 60.



[17] فتح المغيث؛ للسخاوي: 3/ 16.



[18] شرح التبصرة والتذكرة؛ للعراقي: 1/ 189.



[19] ألفية العراقي في الحديث: 1/ 59.



[20] شرح التبصرة والتذكرة؛ للعراقي: 1/ 19.




[21] ألفية العراقي: 1/ 60.



[22] ألفية العراقي: 1/ 60.



[23] منهج النقد في علوم الحديث؛ لنور الدين عتر: 1/ 362.



[24] ألفية العراقي: 1/ 60.



[25] منهج النقد في علوم الحديث؛ لنور الدين عتر: 1/ 359.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 45.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 44.51 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.39%)]