عرض مشاركة واحدة
  #162  
قديم 15-09-2020, 05:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة البقرة - (87)
الحلقة (94)




تفسير سورة البقرة (56)


إن من فضل الله على هذه الأمة أن بعث فيها نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم، وأنزل عليه أفضل كتبه القرآن الكريم، فكان صلى الله عليه وسلم دعوة أبيه إبراهيم، فأتى عباد الله عز وجل يتلو عليهم آياته، ويعلمهم معاني الكتاب وهي الحكمة المحمدية، ليعرفوا الحلال والحرام، والحق والباطل، والخير والشر، وهذا هو ما دعت إليه ملة إبراهيم عليه السلام، ولا يرغب عنها إلا من جهل ما تحتاج إليه نفسه من الطهر والصفاء، الذي يقود إلى الفوز والفلاح.

تابع تفسير قوله تعالى: (ربنا وابعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياتك ...)

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.أما بعد:فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إن السورة ما زالت -كعهدنا بها- سورة البقرة، وها نحن مع الآيات المباركات التي ما زلنا نستعين الله تعالى على تفسيرها وفهم معانيها، سائلين الله عز وجل أن يرزقنا الاهتداء بهديها والعمل بها؛ إنه قريب مجيب سميع الدعاء.أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [البقرة:129-132]، إلى آخر ما جاء في هذا السياق القرآني المبارك الكريم. معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ [البقرة:129]، اذكروا أن هذه دعوة إبراهيم الخليل مع ولده إسماعيل عليهما السلام، سألا وطلبا ربهما وهما يبنيان البيت العتيق، الذي هو سرة هذا الكون، يسألان الله عز وجل أن يبعث في ذريتهما رسولاً يبعثه من ذريتهما لا من غيرهما: رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ [البقرة:129]، أي: من جنسهم، ومهمة هذا الرسول ما هي؟ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ [البقرة:129]. يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ [البقرة:129]، أي: يقرؤها، وهي آيات القرآن الكريم.

أثر تلاوة الآيات القرآنية على المؤمنين

وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ [البقرة:129]، فلنتأمل هذا المطلب الغالي السامي الرفيع، وهو طلب إبراهيم وإسماعيل أن يكون هذا الرسول الذي يبعث في ذريتهما مهمته أن يتلو عليهم آياتك يا رب، ومعنى هذا: أن تلاوة القرآن على المؤمنين والمؤمنات تزيد في نورهم، وطاقة إيمانهم، تعلمهم وتعرفهم وترفع مستواهم إلى أن يصبحوا أولياء لله ربانيين، ومعنى هذا: أن المؤمنين إذا لم يتل عليهم كلام ربهم، ولم يسمعوا، ولم يصغوا إليه طول حياتهم؛ معنى هذا أنهم يجفون، ييبسون، قد يحترقون، فلهذه التلاوة آثارها، وإلا لما سألا ربهما هذا. ومما يدل على هذه الحقيقة، وهي أن المؤمنين والمؤمنات إذا كان يتلى عليهم كتاب الله ويصغون إليه ويستمعون ويتفكرون ويتدبرون، فهذه الحال تجعل إيمانهم ينمو ويزيد، وعلومهم ومعارفهم أيضاً تقوى وتزيد، وإذا حرموا من هذا تعرضوا للهلاك والموت، مما يدل على هذه الحقيقة قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ [آل عمران:100]، وصدق الله العظيم، إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ [آل عمران:100] من اليهود والنصارى يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ [آل عمران:100]، وقد تجلت هذه الحقيقة، والمطلوب هو: وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ [آل عمران:101]، قد يتعثر المؤمن، ولكن يستحيل أن يرتد مؤمن عن دين والله وينتكس ويرتمي في أحضان الكفر والشرك والباطل وهو يسمع آيات الله تقرأ عليه طول حياته. فمتى ما أصبحت آيات الله تتلى على المؤمن والمؤمنة فسوف يترتب على ذلك قساوة القلب والجمود، والبعد عن نور الله، ومن ثم يصبح أهلاً لأن ينتكس ويعود إلى الوراء.

زيادة الإيمان وتحصيل المعرفة والمناعة بتلاوة القرآن الكريم

أعيد إلى السامعين والسامعات قول الخليلين: يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ [البقرة:129]، ما المراد من هذا؟ هل أن يقرأ عليهم القرآن كما يقرأ على الموتى؟ مع أن تلاوة القرآن على المؤمنين والمؤمنات تحفظ عليهم إيمانهم، تزيد في طاقة إيمانهم، ترفع مستوياتهم العقلية، يزدادون فهما وعلماً، تطهر نفوسهم، على الأقل يحتفظون بكمالهم لا يفقدونه، والبرهنة القطعية والدليل القاطع هو قوله تعالى: وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ [آل عمران:101]، من أين يأتي الكفر؟ كيف يحصل لكم الردة، كيف تنتكسون وأنتم تتلى عليكم آيات الله؟ ومن يوم أن فقد المؤمنون تلاوة آيات الله عليهم، ومنذ أكثر من ثمانمائة سنة وهم هابطون إلى الحضيض، إذ ما أصبح المؤمنون من قرون تتلى عليهم آيات الله صباحاً ومساء، أي: يجتمعون في بيوت ربهم أو بيوتهم ويتلى عليهم كتاب الله وهم مصغون متدبرون متأملون، الذي عرفناه -وهو الواقع- أنهم لا يجتمعون إلا على قراءة القرآن على الميت، سواء في المقبرة أو في بيت الهالك. أما أن يجتمع اثنان وثلاثة وأربعة تحت ظل شجرة، تحت ظل جدار، في منزل، في بيت الله ويقول أحدهم: اقرأ علينا كتاب الله، أسمعونا آيات الله، فتطأطأ رءوسهم وهو يبكون ويتأملون؛ فهل هذا واقع؟ فمن هنا أتينا. وسبحان الله! إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام في ضراعتهما ودعائهما يقولان: رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا [البقرة:129] لِم؟ ما مهمته؟ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ [البقرة:129]، يقرأ عليهم القرآن، أما كانا عليهما السلام واعيين بصيرين عالمين، ما المقصود من أن يقرأ عليهم القرآن؟ هل على الموتى حتى يثابوا على ذلك وينقذوا من النار كما نفهم نحن؟ لِمَ يتلو عليهم آيات الله؟أولاً: لزيادة الإيمان.ثانياً: للعلم والمعرفة.ثالثاً: للحصانة والمناعة حتى لا يتسرب إليهم دخان وظلمة الكفر من حولهم؛ لأن تلاوة القرآن مانع من أعظم الموانع عن الفسق والفجور والردة والكفر، والدليل القاطع قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ [آل عمران:100]، وصدق الله العظيم، والله! ما أطاع مؤمن كافراً من هذا النوع، من هذه الطائفة التي تريد محو الإسلام وإزالة آثاره واستجاب لها وأطاعها إلا ارتد؛ لأن الذي يخبر بهذا هو خالق الغرائز وطابعها، هو العالم بالنفوس، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ [آل عمران:100]، أحببتم أم أبيتم.وقوله تعالى: وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ [آل عمران:101]، من أين يأتيكم الكفر؟ سبحان الله! كيف ترتدون والحال أن آيات الله تتلى عليكم وفيكم رسوله؟ والجواب: يا رب! ما تليت علينا آيات الله قروناً، ما رأينا من يقول: تعالوا أسمعكم كلام الله، لا في البيت ولا في السوق ولا في المصنع، وإنما القرآن يتلى على الموتى لا على الأحياء، وسبحان الله! متى نفيق؟ ما زلنا وإلى الآن نقول: هل فرغ أحد من عمل في مصنع أو في متجر أو في مكان وقال: من يقرأ علينا شيئاً من القرآن حتى نخشع ونبكي ونتدبر، هل أهل بيت من بيوتكم بعد الفراغ من الطعام أو كذا يقول أحدهم: من يسمعنا شيئاً من كلام ربنا فيقرأ عليهم؟ هل جماعة يعملون في دائرة من الدوائر الحكومية، وفي ساعة الاستراحة يقول أحدهم: يا جماعة! من يسمعنا شيئاً من كلام ربنا؟ هل هذا واقع؟ لا وجود له، إذاً: هل يحصل المخوف أم لا؟ ممكن أن تفسد القلوب، وقد فسدت، وهل نحن في خير؟ إن الحسد والبغض والكبر والنفاق وأمراض القلوب من الغش والخداع كلها أكلت قلوبنا، ما هناك أبداً ما يدفعها أو يصرفها، لِم؟ لأننا لا نجتمع على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ [البقرة:129]، حتى يفهموا لغته ولسانه، ويعرفوا طبيعته وما هو عليه: يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ [البقرة:129]، لم يتلو عليهم الآيات؟ يقرأ عليهم القرآن لأي شيء؟ لأن المناعة كل المناعة في سماع كلام الله، أيسمع كلام الله طول عمره وينفذ الشيطان إلى قلبه ويرتد ويكفر ويخرج من دينه؟ والله! ما كان.

دور المساجد في تعليم الكتاب والحكمة بعد التلاوة القرآنية

يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ [البقرة:129] بعد ذلك الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ [البقرة:129]، أولاً: التلاوة الدائمة؛ لأنها الغذاء أو الطاقة التي لا بد منها، تزداد يومياً، ثم يعلمهم ما يحمله الكتاب من بيان أحكام وشرائع وقوانين وآداب وأخلاق، ويزيد بعد ذلك الحكمة التي هي بيان رسول الله، تفسير رسول الله؛ لأن الرسول هو الذي يبين ويفسر ويعلم، فيحفظون إيمانهم، ويزدادون علماً بمعرفة الكتاب والسنة. أيها المؤمنون! هل نستطيع أن نأخذ في هذا المسلك من الليلة؟ أم أننا مكبلون؟ حين تجلس مع إخوانك في البيت، مع أخيك مع أبيك قل: اسمع يا أبي، سأقرأ عليك شيئاً من القرآن. أو يقول هو: يا بني! أسمعني شيئاً من القرآن، أو جلست مجلساً ما في مكان ما، استرحتم، فتقول: من يسمعنا شيئاً من القرآن؟ لِم؟ لأن هذا السماع يقوي إيماننا، يحفظ ما عندنا، إن لم يزد الإيمان فإنه يحفظه.ثم بعد ذلك هذه المجالس الضرورية في بيوت الله، بين المغرب والعشاء على الأقل، وقت -والله- مناسب وملائم، وصالح وينفع ولا يضر، إذ كل الناس إذا تركوا العمل وفرغوا منه وغسلوا أيديهم وغيروا ملابسهم يذهبون إلى الراحة، اليهود والنصارى والمشركون يذهبون إلى اللهو إلى الباطل إلى اللعب ونحن إلى أين نذهب؟ يجب أن نذهب إلى بيوت ربنا، وهي موجودة في قرانا، في مدننا، في أحيائنا والحمد لله متوافرة، لِم لا نحمل نساءنا وأطفالنا ونذهب إلى بيوت ربنا نبكي بين يديه، نستمطر رحماته، نتعلم هداه؟ كيف تكون حالنا يومئذٍ، إذا أصبحنا كل ليلة طول العام نتعلم الكتاب والحكمة؟ كيف لا نصبح علماء ربانيين حكماء لا نضع شيئاً إلا في موضعه؟ هكذا الآيات تتلو هذه المعاني وتكررها والمسلمون في غفلة كاملة، هل بلغكم في بلد ما في الشرق في الغرب في الوسط في الشمال أو الجنوب أن أهل البلد أخذوا على أنفسهم العمل بهذا الهدي الإلهي والهدى الرباني، وأصبحوا يجتمعون بنسائهم وأطفالهم في بيوت الله يتلقون الكتاب والحكمة كل يوم؟ هل بلغنا الكمال في معارفنا وآدابنا وأخلاقنا؟ الجواب: لا، ضاع كل شيء، لو تطلع على عوراتنا وتنكشف أمامك سوآتنا فشاهدت بغضنا وحسدنا وأمراضنا لقلت: هؤلاء ما هم بمؤمنين! هذا هو الواقع، كيف نستقيم، كيف نصفو، كيف نطهر ونحن لا نتعلم؟ نطالب بالمحال.

دور المربي في التعليم والتزكية

قال تعالى: وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ [البقرة:129]، أولاً: يتلو علينا آيات الله.ثانياً: يعلمنا المعلم الكتاب ومعاني الكتاب وهي الحكمة المحمدية، وبذلك نعرف الحلال والحرام والحق والباطل، والخير والشر، وما يسمو بالعبد وما يهبط به. وزيادة: أن هذا المربي يزكينا، وما معنى أنه يزكينا؟ هل يعطينا شهادات تزكية أننا ربانيون، فيشهد بالباطل؟ ما معنى أنه (يزكينا)؟ اقرءوا قول الله عز وجل: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا [التوبة:103]، خذ من أموال المؤمنين صدقة من شأنها: أنها تطهرهم وتزكيهم، فالتزكية هي: تطهير النفس، وهل النفس فيها نجاسات قاذورات؟ إي والله لهي أفظع من الخرء والبول والقيء والدم، والله! لأفظع وأشد ضرراً. إذاً: (يزكيهم): يطهر تلك النفوس مما يلي:أولاً: من أوضار وأوساخ الشرك والعياذ بالله، والشرك ما هو؟ الالتفات إلى غير الله، النظر إلى غير الله، الغفلة والإعراض عن الله، ووضع الرأس والنفس والهم على هذه الحياة، من يزيل هذا الأذى أو القذر إن لم يكن المربي بالكتاب والحكمة؟الغفلة عن الله تودي بحياة العبد، ومن يزكيك هو الذي يزيل تلك الأوساخ والقاذورات، من أعظمها الالتفات إلى غير الله، وهو الشرك بمظاهره الخفيفة والجلية.ثانياً: يطهرها من أمراض أخرى، كالنفاق في النفس، كيف يزال وبِم يعالج؟ يعالجه هذا الحكيم الذي نجلس بين يديه يزكينا.الأمراض التي نشكو منها: الحسد، البغض، الغيرة، العداء، حب الذات، حب النفس، الكبر، هذه الأمراض كيف تعالج؟ والله! ما تعالج ولا يشفى منها العبد إلا بالمربي الحكيم الذي يتلو آيات الله ويعلم الكتاب والحكمة، هذا الذي يقوى ويقدر على تزكية النفوس.وهذا -يا معشر المستمعين- لا يتم في اجتماع كهذا، بل أهل كل حي في مسجدهم طول العام، بنسائهم وأطفالهم، بذلك تزكو النفوس وتطيب الأرواح وتطهر وتتأهل للكمال الأخروي والدنيوي.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.20 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.86%)]