عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 09-09-2020, 07:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,207
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

بعض مواقف الذكر والشكر من كتاب الله

هيا معنا نستعرض مواقف الذكر والشكر من كتاب الله.اسمعوا هذا الخبر العظيم الجليل، فالمخبر هو الله، والخبر مدون ومسجل في كتابه، وشاهدوا أنفسكم.أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ [التوبة:111] تأكد يا عبد الله! تأكديِ يا أمة الله! أتمت هذه البيعة؟ أتمت هذه الصفقة أو لا؟ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ [التوبة:111] بقي وراء نفسك ومالك شيء؟ ما بقي شيء.قال: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ [التوبة:111] هذا هو الثمن، والبضاعة هي النفس والمال، والبائع أنت يا عبد الله، والمشتري هو الله، وما أعظم كرمه وأوفاه، يهبك حياتك ومالك ويشتريهما منك.وقد حدث هذا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك عندما اشترى من جابر بن عبد الله بعيره لما كلّ وانحصر وما قدر على المشي، واشتراه منه في السفر، ثم اشترط جابر على الرسول صلى الله عليه وسلم أن يصل به إلى المدينة. وعاد الجمل كما كان آية من آيات النبوة ومعجزة من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم، فلما وصل إلى المدينة قال: أعطنا البعير، فهذا بعيرنا. فوهبه البعير والثمن، والله عز وجل هكذا عاملنا، أعطانا أموالنا وأنفسنا واشتراها منا، وبأي ثمن؟ اسمع يا عبد الله! بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ [التوبة:111].قال: يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ [التوبة:111] ثلاثة سجلات .. فدُوِّنت هذه الصفقة في ثلاثة كتب إلهية: التوراة والإنجيل والقرآن.ثم قال: وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ [التوبة:111] أيوجد؟ لا والله. إذاً: فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:111].من هؤلاء الرابحون، أصحاب الصفقة العظيمة؟اسمع الآن -وهو محل الشاهد- لننظر هل نحن بينهم؟ هل نحن منهم؟ هل نحن معهم؟ ومتى نصل إليهم؟اسمع: التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ [التوبة:112] هذه مما وفاه إبراهيم لله وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [التوبة:112]، وهل نحن وفينا؟الحمد لله، وبشراكم أيها المؤمنون، هذه ثمان صفات.ولعل بعض السامعين والسامعات يقولون: ما السياحة؟ إلى أين؟ إلى هولندا .. إلى كندا؟!السياحة هي هنا: الصيام، فسياحة الروح البشرية للصائم، لما يترفع عن الشهوة واللذة من الطعام والشراب والجماع، فتسيح روحه في عالم الطهر والصفاء.معاشر المستمعين والمستمعات هل نحن معهم؟فإن قيل: يا شيخ! نحن ما نأمر بمعروف، ولا ننهى عن منكر.أقول: لم؟ أما عندك امرأتك وأولادك فتأمر بينهم بالمعروف وتنهى عن المنكر.أما عندك أصدقاؤك وأقاربك يحترمونك وتحترمهم، فإن رأيتهم تركوا معروفاً فامرهم حتى يفعلوه، وإن رأيتهم فعلوا منكراً فانههم حتى ينتهوا ويتركوه، وليس شرطاً أن تكون موظفاً حكومياً، وليس شرطاً أن تأمر عامة الناس وتنهاهم لقصورك عن ذلك، ولكن لو كان المجتمع ربانياً من هذا النوع لأمرت ونهيت في أي مكان وجدت من شعب آمن بالله ولقائه، ولكن إذا حصل الذي حصل فعلى الأقل تؤدي هذا الواجب، وتثبت أنك من الوارثين لدار السلام، فأمر بالمعروف في بيتك والمحيط الذي تعيش فيه، وتقدر فيه على أن تأمر وتنهى.وأنت تستطيع أن تأمر وتنهى في دار الكفر فضلاً عن دار الإيمان؛ لأنك عندما تبتسم وتقول: يا مسيو! يا سيد! هذا لا ينبغي لك وأنت من أنت في كمالك وبشريتك، فإنه لا يغضب.وأنت تستطيع أن تقول: يا سيد! أنا أحبك .. أنا أخوك، لو تفعل كذا لكان خيراً لك، فلا يغضب؛ لأن الكلمة الطيبة ينفتح لها الصدر، وتقبلها الجوارح.أما قوله تعالى: التَّائِبُونَ [التوبة:112] فيا من يزاولون المعصية الكبيرة توبوا، ومن الآن بالعزم والنية والتصميم.إذاً: قوله تعالى: التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [التوبة:112] وإبراهيم قد وفى في هذه.وموقف آخر: اسمع قول الله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ [المؤمنون:1] من هم؟ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ [المؤمنون:2-10] الوارثون للدينار والدرهم! لا إنهم الوارثون للجنة دار السلام أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [المؤمنون:10-11] وقد وفى إبراهيم في هذه، فهل وفينا؟ قولوا: إن شاء الله وفينا ونوفي.وموقف آخر: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب:35].كيف أنتم أيها المؤمنون ويا أيتها المؤمنات؟ حتى المؤمنات ذكرن هنا؛ لأن المطلوب أن يوفين لله كما وفى إبراهيم.وآخر عرض وكل هذا نسب إلى إبراهيم حتى قيل فيه: وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى [النجم:37].قال تعالى: إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا [المعارج:19-22] هذا النوع الجديد إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ [المعارج:22-35].كيف حالكم معاشر المستمعين والمستمعات؟ أنتم هم؟

كيفية الوصول إلى الإمامة في الدين

وهنا سؤال: هل تريدون الإمامة؟ هل أعطيكم صكاً بالإمامة؟ هل تريدون أن تكونوا أئمة؟أما سمعتم عباد الرحمن وهم يقولون: وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا [الفرقان:74]؟ أي: يقتدون بنا، ويأتسون بحالنا، ويمشون وراءنا، ونقودهم إلى ساحات العز، والكمال، والسيادة، وبلوغ الآمال.أتريدون أن تكونوا أئمة؟اسمعوا الله تعالى يقول: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً [السجدة:24] أي: قادة يقتدى بهم، ويمشى وراءهم، وهم يقودون، لم؟ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة:24] فلذا يقول بعض الحكماء: بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين.فإن قيل: ما الصبر يا شيخ؟ كيف نصبر؟أقول: الصبر حبس النفس وهي تصرخ كارهة غير راضية في ثلاثة مواطن، فلا يسمح لها أن تهرب .. أن تشرد .. أن تفر وتتخلى عن موقفها:الموطن الأول: أن تحبسها على ما أوجب الله، وما فرض الله من الطاعات والعبادات، فلا تسمح لها أن تتخلى عن كلمة مما فرض الله أن تقوله، أو عن التفاتة مما أمر الله تعالى أن تلتفت، فاحبسها وهي كارهة على طاعة الله. هذا موطن.الموطن الثاني: أن تحبسها دون معصية الله، فلا تسمح لها أن تنطلق فتفجر أو تفسق أو ترتكب ما يغضب الله مما نهى عنه وحرمه أبداً وطول العمر، فهو صبر متوالي، وأنت حابس لها، وغاصب لها حتى لا تتجاوز ما حد الله، وما أذن الله فيه.الموطن الثالث: أن تصبر على ما تجري به الأقضية والأقدار، إذ قد تمتحن من قبل سيدك ليظهر باطنك، وينصع طيبك، ثم تنتقل إلى درجة الإمامة.إذاً: صبر على ما تجري به الأقدار الإلهية فقد تمرض .. تجوع .. تضرب .. تسجن .. تبتلى، لكنك مع الله، فلم يتغير فيك شيء عن الله، فلسانك ذاكر، وقلبك شاكر، وبعد فترة من الزمن ينزل القبول من السماء.فهذه هي مواطن الصبر مع اليقين، فلا تتردد، ولا تشك، ولا يخطر ببالك سوء، فأنت عبد الله ووليه، وبعدها تتخرج إماماً يقتدى بك ويؤتسى بك بين الناس.

إبراهيم إماماً للبشرية

وإبراهيم عليه السلام قد ظفر بهذا المقام، بسبب الابتلاء وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ من ابتلاه؟ رَبُّهُ [البقرة:124] فامتحنه واختبره، فلما فاز نزل من عند الله صك القبول: إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا [البقرة:124] فكان -والله- إماماً للبشرية، فما اكتحلت عين الوجود بمثلك يا إبراهيم.وإبراهيم قد وفى في هذا كله لله، وأعظم من ذلك موقفه الصلب الثابت القوي في تلك الأمة المشركة التي تعبد غير الله، وتؤله سوى الله، وهو وحده يعلنها مدوية: لا إله إلا الله.ولو نستعرض مواقفه في القرآن، فاقرءوا قول الله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ * قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ * قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ * قَالَ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ * وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ [الأنبياء:52-57] ونفذ فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ [الأنبياء:58] ومن يقف هذا الموقف؟فهو كأنما وقف في بهو موسكو أيام الشيوعية، وهم مجتمعون يدبرون لتحطيم العالم، وتخريب الدنيا، وتخريب البشرية، فقال: اسمعوا! لا إله إلا الله.أو وقف في عاصمة الصليبية: الفاتيكان، وفي قاعة الفاتيكان وقال: اسمعوا! لا إله إلا الله.وهل يستطيع البشر لو اجتمعوا أن ينقضوا هذه الجملة بالمنطق والعقل؟ والله ما استطاعوا، ولن يستطيعوا أبداً.يستطيعون أن يقولوا: لا إله بالمرة؟ هذه أضحوكة وسخرية.من يقول: لا إله وهو مخلوق أو لا؟فإن قال: أنا غير مخلوق .. غير موجود. قلنا: هذا مجنون أخرجوه، ما أنت بمخلوق ولا موجود، فمع من نتكلم.فإن قال: نعم مخلوق، موجود. قلنا له: من أوجدك؟ من خلقك؟فإن قالوا: الطبيعة. قلنا: هذه هي اللعبة الأخيرة، فهل الطبيعة ذات إرادة .. ذات علم .. ذات قدرة، إنها تفاعلات كيماوية، هل هي التي خلقت الكون؟ وانفضحوا.قالوا: إذا لم نقل الطبيعة وقلنا: الله، قلتم: صلوا، ونحن لا نريد هذا. فانفضحوا في آخر ساعة.إذاً: لا إله إلا الله فقط.وإذا قال الفاتيكان: الآلهة ثلاثة، فهذه سخرية أكبر من الأولى.فلم ما تحاربوا وتنازعوا إلى هذا الوقت؟ فهم ثلاثة سلاطين في الكون، أما يحدث بينهم خلاف؟! قال تعالى: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا [الأنبياء:22] وهذا ليس في عام، ولا قرن، ولا ألف سنة، بل آلاف السنين فلو كان الآلهة ثلاثة لتحاربوا، وانتهت الهزيمة بمن ليس بإله، وثبت الحق للإله الأعظم الله لا إله إلا هو.ثم ما هذه الآلهة؟قالوا: عيسى، أمه، الأقنوم الأول، ابنه، الروح القدس. وهذه شعوذة، وخرافات، وأباطيل حافظ عليها رجال الكنيسة ليستعبدوا البهائم، ويقودوا البشرية إلى أهوائهم وشهواتهم.ولا إله إلا الله لا تنقض أبداً على مدى الحياة، إذ لا يوجد إله مع الله قط، ولا يقال: لا إله كما قال الشيوعيون، وانتهت فتنتهم وهبطوا إلى الحضيض. وقد دامت الشيوعية خمساً وسبعين سنة فقط، وقد بينا من عشرات السنين أنها لعبة يهودية حتى يخففوا ضغط النصارى عليهم، فأوجدوا فتنة الإلحاد في ديارهم فخف الضغط على اليهود، بل واستفادوا وسادوا، وبالفعل تم الصلح بين الفاتيكان واليهود، واعترف النصارى باليهود. يا جماعة! القرآن من ألف وأربعمائة سنة يقول: إن اليهود ما قتلوا عيسى أبداً، ولا صلبوه، وأنتم النصارى كالبهائم، ألف وأربعمائة سنة تقولون: اليهود قتلوا عيسى؟ أيقتلون الله؟! كيف هذا الإله الذي يقتل ويصلب؟لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، والقرآن يصرخ بأعلى صوته: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ [النساء:157] ومنذ خمس عشرة سنة قال بولس الثامن : اليهود برآء من دم السيد المسيح، إيه، الآن أفقتم فقط، وهذا هو السحر اليهودي.ونحن نأسف أنه انتقل أيضاً إلينا، وحطمنا، وفرقنا، ومزقنا، وما صحونا بعد.وسنصحو في اليوم الذي نجتمع اجتماعنا هذا في صدق على كتاب الله، وهدي رسول الله، في كل قرية، وفي كل مكان، من صلاة المغرب إلى صلاة العشاء، فأهل البلد أجمعون بنسائهم وأطفالهم في بيوت ربهم، وذلك كل ليلة، وطول العمر، وطول الحياة، ويومها حقاً نصحو ونفيق، ونعرف الحياة على حقيقتها؛ لأننا أصبحنا مبصرين؛ نسمع ونعي.فإن قيل: يا شيخ! لم تقول هذا الكلام؟أقول: والله الذي لا إله غيره لا ترتفع لنا راية حق، ولا يسمع لنا صوت، ولا نري الكون والحياة إلا إذا عدنا إلى كتاب الله وسنة الرسول، ومستحيل أن نرتفع على وجه الأرض بدون هذا النور الإلهي.

ابتلاء إبراهيم بالختان

وأخيراً مما فادى به إبراهيم: الختان، فلما بلغ إبراهيم من العمر ثمانين سنة قال له الله: اختتن يا إبراهيم.لكن كيف يعمل؟ أين الأطباء، وأين الإسعاف؟ وكيف يقطع غلفة ذكره؟ كيف وعمره ثمانون سنة؟الجواب: بواسطة القدوم، فوضع غلفة ذكره على حجر وضرب.من يقوى على هذا؟هذا الامتحان فاز به إبراهيم. فهو أول من اختتن في الأرض، وأولاده هم المختتنون، ونحن والحمد لله منهم، وإن كان اليهود يختتنون لكن لا تنفع عبادة بعد ما أضاعوا ألف عبادة، لكن نعترف أنهم يختتنون، ونحن أمة الختان.وممن ولد مختوناً نبينا صلى الله عليه وسلم، وجمع من الأنبياء قد مضوا وما لنا بهم تاريخ، لكن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم والله لقد ولد مختوناً.والختان واجب، ومن أهمله وأضاعه فهذا معناه أنه هدم الدين.والختان يبتدئ من يوم السابع، فيختن للذكر بقطع تلك الغلفة، ويذبح له شاتان، وإذا كان المولود أنثى فتذبح لها شاة واحدة، وهذه هي العقيقة، وهي شكر الله على الولد، فمن رزق ولداً ذكراً يوم سبعة من ميلاده يذبح عنه شاتين، ويحلق شعر رأسه، ويجمع ويزنه في ميزان الصيدليات الدقيق، ويتصدق بوزنه ذهباً، وكل هذا شكراً لله أن أحيا منهما ولداً، فمن أنتما؟ لو اجتمعت الدنيا على أن يخلقوا ولداً ما قدروا عليه، ولا استطاعوا، وأنت وامرأتك تنتجان هذا الولد.إذاً: السنة في يوم السابع أن يحلق الرأس، ويوزن الشعر، وممكن يكون وزنه ربع جرام .. نصف جرام، والجرام سعره أربعين ريالاً اليوم، والشاة والشاتان إن أمكن، فإن لم يستطع لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.أما البنت فقط شاة واحدة، لم هذا؟ لأن الله يعلم ما في قلوبكم، كيف وهو خالقها، وخالق دقاتها، فهو يعرف أن ميلك إلى الذكر أولى فضاعف الشكر بذبح شاتين، والأنثى بذبح شاة واحدة.هل عرف المسلمون هذا؟ لا يعرفون، لم؟هل يجتمعون على كتاب الله وسنة رسوله كل عام، طول الحياة هكذا، حتى يصبحوا علماء ربانيين رجالاً ونساءً؟ لا، كانوا لا يجتمعون على القرآن إلا لسماعه؛ لأنه ليلة الميت.وإخواننا يعرفون هذا، والله لا يجتمعون على القرآن ليدرسوه، ولكن فقط ليسمعوا ليلة الميت فقط، متنا وأماتونا.

معنى قوله تعالى: (قال ومن ذريتي ...)

قوله تعالى: قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي [البقرة:124] هذه سياسية وأنتم لا تقبلون السياسة.فقد سأل إبراهيم ربه ولاية العهد، فقال: أنت إمام. قال: واجعل من ذريتي أيضاً أئمة.ومن هذه الآية استنبط أهل العلم أن للحاكم الرباني المؤمن الصالح إذا خاف الوفاة أو الموت فعليه أن يوصي بمن هو أهل لحمل الأمانة، فيكون ولي عهده، يساعده وهو حي، وإذا مرض يقوم مقامه، وإذا مات تولى أمر المسلمين بعده، وهذا من باب الرعاية، والعناية، وحفظ العهد؛ لأنه لو مات وما ترك شيئاً فإنهم يتقاتلون في ظروف معينة، ومن الجائز في يوم من الأيام أنهم لا يقتتلون، لكن هذه الأمة تمر بها القرون والعصور والدهور ومن الممكن أنهم يقتتلون.وصلى الله على نبينا محمد.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.37 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.74 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.14%)]