عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 30-08-2020, 04:03 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الدرر السنية من أخلاق الرسالة المحمدية



توبة شاب مسرف على نفسه على يد إبراهيم بن أدهم:

وروي أن رجلا جاء إلى إبراهيم بن أدهم فقال له يا أبا إسحاق إني مسرف على نفسي فاعرض علي ما يكون لها زاجرا ومستنقذا لقلبي قال إن قبلت خمس خصال وقدرت عليها لم تضرك معصية ولم توبقك لذة قال هات يا أبا إسحاق قال أما الأولى فإذا أردت أن تعصي الله عز وجل فلا تأكل رزقه قال فمن أين آكل وكل ما في الأرض من رزقه قال له يا هذا أفيحسن أن تأكل رزقه وتعصيه قال لا هات الثانية قال وإذا أردت أن تعصيه فلا تسكن شيئا من بلاده قال الرجل هذه أعظم من الأولى يا هذا إذا كان المشرق والمغرب وما بينهما له فأين أسكن قال يا هذا أفيحسن أن تأكل رزقه وتسكن بلاده وتعصيه قال لا هات الثالثة قال إذا أردت أن تعصيه وأنت تحت رزقه وفي بلاده فانظر موضعا لا يراك فيه مبارزا له فاعصه فيه قال يا إبراهيم كيف هذا وهو مطلع على ما في السرائر قال يا هذا أفيحسن أن تأكل رزقه وتسكن بلاده وتعصيه وهو يراك ويرى ما تجاهره به قال لا هات الرابعة قال إذا جاءك ملك الموت ليقبض روحك فقل له أخرني حتى أتوب توبة نصوحا وأعمل لله عملا صاحلا قال لا يقبل مني قال يا هذا فأنت إذا لم تقدر أن تدفع عنك الموت لتتوب وتعلم أنه إذا جاء لم يكن له تأخير فكيف ترجو وجه الخلاص قال هات الخامسة قال إذا جاءتك الزبانية يوم القيامة ليأخذونك إلى النار فلا تذهب معهم قال لا يدعونني ولا يقبلون مني قال فكيف ترجو النجاة إذا قال له يا إبراهيم حسبي حسبي أنا أستغفر الله وأتوب إليه ولزمه في العبادة حتى فرق الموت بينهما [10].



وإذا خلوت بريبة في ظلمة

والنفس داعية إلى الطغيانِ



فاستحي من نظر الإله وقل لها

إن الذي خلق الظلام يراني






وقال الشاعر:



الله يعلم كل ما تضمر

يعلم ما تخفي وما تظهر



وإن خدعت الناس لم تستطع

خداع من يطوي ومن ينشر






المحور الثاني المحور التعبدي: فالله تعالى شرع الشرائع وفرض الفرائض وجعلها سببا من أسباب تزكية النفوس وتطهير الأخلاق.



فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر: يقول تعالى ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].



عن أبي هريرة: أن رسول - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدِكم يغتسلُ منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟))، قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: ((فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا)).[11]



و الزكاة تطهر صاحبها من الشح والبخل والأثرة: يقول تعالى ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 103].



والصوم يُنبت التقوى ويحصن المرء:

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((قال الله: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي، وأنا أجزي به، والصيام جُنَّة، وإذا كان يومُ صومِ أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم))؛[12]رواه البخاري ومسلم.



والحج تربية وتهذيب وتأديب: يقول تعالى ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197].



المحور الثالث: محور المجاهدة: وهو أن يجاهد نفسه ويدربها على الأخلاق الفاضلة قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].



عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم من يتحر الخير يعطه ومن يتوق الشر يوقه ثلاث من كن فيه لم يسكن الدرجات العلى ولا أقول الجنة من تكهن أو استقسم أو رده من سفر تطير)[13]"



يقول الغزالي في الإحياء: الأخلاق على ضربين فمنها ما هو غريزي جبلي، ومنها ما هو اكتسابي يأتي بالدربة والممارسة والرياضة والمجاهدة، ولو كانت الأخلاق لا تتغير لبطلت الوصايا والمواعظ والتأديبات"[14]



وهذا المسك يحتاج إلى تكرار ودوام حتى يؤتى أثره. وهذا الدوام يستلزم الصبر فعلى الإنسان الذى يريد التخلق بنوع من الأخلاق الحسنة أن يتجمل بالصبر فإذا صبر وداوم انقادت نفسه وألفت الفعل[15]



المحور الرابع محور القدوة:

قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب:21]، ثم أمره بأن يقتدي بمن سبقه من الأنبياء ، قال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ﴾ [الأنعام:90].



ذكر عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - محامد الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين - وفضائلهم ووجوب الاقتداء بأفعالهم الحميدة وأخلاقهم النبيلة فقال: "ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: «من كان مستنا، فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، كانوا أفضل هذه الأمة: أبرها قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، اختارهم الله لصحبة نبيه، ولإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم على أثرهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم»."[16]



وكان أبو مسلم الخولاني قد علق سوطًا في مسجد بيته يخوّف به نفسه، وكان يقول لنفسه: قومي فوالله لأزحفن بك زحفًا، حتى يكون الكلل منك لا مني، فإذا دخلت الفترة (الفتور) تناول سوطه وضرب به ساقه، وقال: أنت أولى بالضرب من دابتي، وكان يقول: أيظن أصحاب محمد أ ن يستأثروا به دوننا؟ كلا والله لُتُزاحمَنَّهم عليه زحامًا حتى يعلموا أنهم قد خلفوا وراءهم رجالاً.

فتشبهوا بهم إن لم تكونوا ♦♦♦ مثلهم إن التشبه بالكرام فلاح



أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.



وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.



أما بعد:

أحباب رسول الله كانت هذه منزلة الأخلاق والطريق الموصل إليها فان قلت ما هي ثمرات الأخلاق الفاضلة في الدنيا والآخر؟



يأتيك الجواب بحول الملك الوهاب:

ثمرات الأخلاق في الدنيا والآخرة:

1 - مكارم الأخلاق من أعمال الجنة:

فهي من الأعمال المقربة للجنة الموصلة إليها المورثة الفردوس الأعلى.



عن أبى أمامه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه».[17]



عن أبي هريرة رضي الله عنه(سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: تقوى الله وحسن الخلق وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: الفم والفرج))[18]



2 - مكارم الأخلاق سبب في محبة الله جل جلاله لعبده:

عن أُسامةَ بنِ شَريكٍ - رضي الله عنه - قال صلى الله عليه وسلم (أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقًا)[19] رواه والطبراني.



3 - مكارم الأخلاق من أسباب محبة الرسول صلى الله عليه وسلم:

عن أبى ثعلبة الخشنى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«إن أحبكم إلى وأقربكم منى أحاسنكم أخلاقا وإن أبغضكم إلى وأبعدكم منى مساويكم أخلاقا الثرثارون المتشدقون المتفيهقون».[20]



4 - مكارم الأخلاق أثقل شيء في الميزان يوم القيامة:

عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ شَيْءٍ فِي الْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ»[21] (رواه الترمذي وصححه الألباني.



5 - مكارم الأخلاق تضاعف الأجر والثواب:

عن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل صائم النهار)[22]



6 - مكارم الأخلاق تزيد في الأعمار:

عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: «إنه من أعطي حظه من الرفق، فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة، وصلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار، ويزيدان في الأعمار»)[23]



الدعاء.





[1] أخرجه البيهقي (1) (10/ 191، رقم 20571) انظر الصحيحة: 4542



[2] (البخاري في الأدب المفرد ) 273، (والإمام احمد ) 8939، (و البيهقي ) 20572، صحيح الجامع: 2833، صحيح الأدب المفرد: 207



[3] أخرجه الترمذي (3/ 466 رقم 1162) وقال: حسن صحيح. وابن حبان (9/ 483، رقم 4176) والبيهقي في شعب الإيمان (1/ 61، رقم 27).



[4] أخرجه الطبراني في الأوسط (4/ 356، رقم 4422) قال الهيثمي (1/ 58): رواه الطبراني في الأوسط صحيح الجامع: 1231 ، الصحيحة: 751



[5] التحرير والتنوير (29/ 65)



[6] أخرجه البخاري (6029)، ومسلم (2321)



[7] مقدمة ابن خلدون 2/ 446.



[8] الداء والدواء لابن القيم



[9] أخرجه ابن ماجه برقم (4019). وأخرجه أبو نعيم في الحلية (8/ 333 - 334)



[10] التوابين (ص: 286)



[11] أخرجه أحمد (2/ 379، رقم 8911)، والبخاري (1/ 197، رقم 505)، ومسلم (1/ 462، رقم 667)



[12] أخرجه البخاري (2/ 670، رقم 1795)، ومسلم (2/ 807، رقم 1151)



[13] أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه (9/ 127)، والطبراني في الكبير (19/ 395)، وحسنه الألباني في الصحيحة (342) وفي صحيح الجامع (1/ 2328)



[14] إحياء علوم الدين، الإمام الغزالي (3/ 55)



[15] أصول الدعوة، عبد الكريم زيدان صـ100



[16] أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2/ 97).



[17] أخرجه أبو داود (4/ 253، رقم 4800)، والطبراني (8/ 98، رقم 7488)



[18] أخرجه أحمد (2/ 442، رقم 9694)، والبخاري في الأدب المفرد (1/ 110، رقم 294)، والترمذي (4/ 363، رقم 2004)



[19] أخرجه الطبراني (1/ 181، رقم 471)، قال المنذري (3/ 274)



[20] أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (4/ 250، رقم 4969). وأخرجه أيضًا: أحمد (4/ 194، رقم 17778).



[21] أخرجه الترمذي (4/ 363، رقم 2003)



[22] أخرجه أح أخرجه أحمد (6/ 159 رقم 25298) قال الهيثمي (8/ 153) مد (6/ 90، رقم 24639)، والحاكم (1/ 128، رقم 199)



[23] أخرجه أحمد 6/ 159.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.36 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 35.73 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.73%)]