عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 30-08-2020, 04:02 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي الدرر السنية من أخلاق الرسالة المحمدية





الدرر السنية من أخلاق الرسالة المحمدية















السيد مراد سلامة




















عناصر الخطبة:

العنصر الأول: الحكمة العلية من الرسالة المحمدية.

العنصر الثاني: رسول الأخلاق صلى الله عليه وسلم.

العنصر الثالث: انهيار الأخلاق انهيار للأمم والحضارات

العنصر الرابع: كيف نسموا بأخلاقنا؟

العنصر الخامس: ثمرات الأخلاق في الدنيا والآخرة.



الخطبة الأولى

العنصر الأول: الحكمة العلية من الرسالة المحمدية.

أمة الحبيب الأعظم - محمد صلى الله عليه وسلم - إن من أجل الأهداف السامية التي جاءت الشريعة الخالدة لتحقيقها هو إتمام الأخلاق وتهذيبها هذا من اعظم مقاصد الرسالة.



عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»[1]

وفي رواية عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق"[2]



فقد كانت بعثته صلّى اللّه عليه وسلّم في جوهرها لإتمام هذا الجانب التطبيقي المتمثل في إتمام مكارم الأخلاق، قولا وفعلا، دعوة وممارسة.



وها هو سبحانه يمتن على البشرية بهذه النعمة نعمة النبوة التي من أسمي أهدافها التزكية والسمو الأخلاقي يقول الله تعالى ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164]



والأخلاق شرط كمال الإيمان كذا أخبرنا نبينا العدنان - صلى الله عليه وسلم - عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا»[3].



عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكمل الناس إيمانا أحاسنهم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف"[4]



العنصر الثاني: رسول الأخلاق – السمية - صلى الله عليه وسلم -.

فإذا نظرنا إلى صاحب الرسالة - صلى الله عليه وسلم - لوجدناه قد على فوق قمة الأخلاق وسما عليها قال الله - سبحانه وتعالى - واصفا نبيه صلى الله عليه وسلم - ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4].



أي: وإنك - أيها الرسول الكريم - لعل دين عظيم، وعلى خلق كريم، وعلى سلوك قويم، في كل ما تأتيه وما تتركه من أقوال وأفعال..



والتعبير بلفظ "على" يشعر بتمكنه صلى الله عليه وسلم ورسوخه في كل خلق كريم.



يقول ابن عاشور - رحمه الله - واعلم أن جماع الخلق العظيم الذي هو أعلى الخلق الحسن هو التدين، ومعرفة الحقائق، وحلم النفس، والعدل، والصبر على المتاعب، والاعتراف للمحسن، والتواضع، والزهد، والعفة، والعفو، والجمود، والحياء، والشجاعة، وحسن الصمت، والتؤدة، والوقار، والرحمة، وحسن المعاملة والمعاشرة.



والأخلاق كامنة في النفس ومظاهرها تصرفات صاحبها في كلامه، وطلاقة وجهه، وثباته، وحكمه، وحركته وسكونه، وطعامه وشرابه، وتأديب أهله ومن لنظره، وما يترتب على ذلك من حرمته عند الناس، وحسن الثناء عليه والسمعة.



وأما مظاهرها في رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي ذلك كله وفي سياسته أمته، وفيما خص به من فصاحة كلامه وجوامع كلمه.[5]



أَتَيتَ وَالناسُ فَوضى لا تَمُرُّ بِهِم

إِلّا عَلى صَنَمٍ قَد هامَ في صَنَمِ



وَالأَرضُ مَملوءَةٌ جَوراً مُسَخَّرَةٌ

لِكُلِّ طاغِيَةٍ في الخَلقِ مُحتَكِمِ



مُسَيطِرُ الفُرسِ يَبغي في رَعِيَّتِهِ

وَقَيصَرُ الرومِ مِن كِبرٍ أَصَمُّ عَمِ



يُعَذِّبانِ عِبادَ اللَهِ في شُبَهٍ

وَيَذبَحانِ كَما ضَحَّيتَ بِالغَنَمِ



وَالخَلقُ يَفتِكُ أَقواهُم بِأَضعَفِهِم

كَاللَيثِ بِالبَهمِ أَو كَالحوتِ بِالبَلَمِ






وصفه الله تعالى بالرأفة والرحمة فقال سبحانه ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].



ووصفه بالتوراة بما وصفه في القرآن بالأخلاق الكريمة والشيم النبيلة عن أبي محمد عطاء بن يسار قال لقيت عبد الله بن عمرو فقلت أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة قال أجل إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً) الأحزاب، وحرزاً للأميين أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل ليس بفظٍّ ولا غليظ ولا سخابٍ في الأسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله ويفتح بها أعيناً عمياء وآذاناً صماء وقلوباً غلفاً"[6]



فَأَخْلاَقُ الرَّسُولِ لَنَا كِتَابٌ

وَجَدْنَا فِيهِ أَقْصَى مُبْتَغَانَا



وَعِزَّتُنَا بِغَيْرِ الدِّينِ ذُلٌّ

وَقُدْوَتُنَا شَمَائِلُ مُصْطَفَانَا






العنصر الثالث: انهيار الأخلاق انهيار للأمم والحضارات.

اعلموا عباد الله: إن انهيار الأخلاق والقيم وهو السبب الرئيس في انهيار الأمم والذي يستقرا التاريخ يرى تلك الحقيقة يقول ابن خلدون - رحمه الله - (إذا تأذّن الله بانقراض الملك من أمة حملهم على ارتكاب المذمومات وانتحال الرذائل وسلوك طريقها، وهذا ما حدث في الأندلس وأدى فيما أدى إلى ضياعه)[7]



وهذا ما قرره الله تعالى في كتابه في غير ما آية منه فقال سبحانه ﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا * وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ﴾ [الإسراء: 16، 17].



ما الذي غرّق أهل الأرض كلّهم حتى علا الماء فوق رؤوس الجبال؟

وما الذي سلّط الريح العقيم على قوم عاد حتى ألقتهم موتى على وجه الأرض، كأنهم أعجاز نخل خاوية، ودمّرت ما مرّت عليه من ديارهم وحروثهم وزروعهم ودوابّهم حتى صاروا عبرة للأمم إلى يوم القيامة.



وما الذي أرسل على قوم ثمود الصيحةَ حتى قطّعت قلوبهم في أجوافهم، وماتوا عن آخرهم؟



وما الذي رفع قرى اللوطية حتى سمعت الملائكة نبيحَ كلابهم، ثم قَلَبها عليهم، فجعل عاليها سافلها، فأهلكهم جميعًا. ثم أتبعهم حجارةً من السماء أمطرها عليهم، فجمع عليهم من العقوبة ما لم يجمعه على أمّةٍ غيرهم. ولإخوانهم أمثالُها، وما هي من الظالمين ببعيد! وما الذي أرسل على قوم شعيب سحابَ العذاب كالظُّلل، فلمّا صار فوق رؤوسهم أمطر عليهم نارًا تلظّى؟



وما الذي أغرق فرعون وقومه في البحر، ثم نُقلت أرواحُهم إلى جهنّم. فالأجساد للغرق، والأرواح للحرق؟ وما الذي خسف بقارون وداره وماله وأهله؟



وما الذي أهلك القرون من (بعد نوح بألوان العقوبات، ودمّرها تدميرًا؟ [8]



إنه الانحلال الأخلاقي والوقوع في بحار المعصية قال الله سبحانه ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41].



وها هو النبي - صلى الله عليه وسلم - يبن لنا في خماسية الشقاء الاجتماعي التي متى ضربت أمة أهلكتها وجعلت عاقبة أمرها خسرا عبد الله بن عمر بن الخطاب قال: كنتُ عاشرَ عشرةِ وهي من المهاجرين عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأقبل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوجهه، فقال: "يا معشر المهاجرين، خمسُ خصال وأعوذ بالله أن تدركوهنّ: ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بها إلاّ ابْتُلُوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا. ولا نقص قومٌ المكيالَ والميزانَ إلا ابتلُوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان. وما منع قوم زكاةَ أموالهم إلا مُنِعوا القَطْرَ من السماء، فلولا البهائم لم يُمطَروا. ولا خفر قوم العهد إلا سلّط الله عليهم عدوَّهم من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم. وما لم تعمل أئمّتُهم بما أنزل الله في كتابه إلا جعل الله بأسَهم بينهم".[9]



الكأس والغانية:

قصة انهيار الأندلس: فشبابنا يعانون من حرب ضروس من الغرب والعلمانية. بدأت هذه الحرب منذ مئات السنين بدأت واضحة عندما أرادو استعادة بلاد الأندلس من المسلمين فأرسلوا جاسوسا لهم إلى بلاد الأندلس ليعلموا هل حان الوقت للغزو أم لا.



فذهب الجاسوس فأول ما قابل قابل شابا على صخرة يبكي فقال له ما يبكيك؟

قال أبكى لأن صاحبي يصيب هدفين بسهم واحد وأنا أصيب هدف بسهم

فعاد الجاسوس إليهم وقال لهم لم يحن الوقت بعد لغزو بلاد الأندلس.



ففكر الغرب جيدا كيف يكون لهم النصر فعلموا وتأكدوا أن هذا لن يكون إلا بضرب العمود الفقري وهو الشباب ثم أخذو في الكيد للشباب، وبعد مرور بضع سنوات أرسلوا جاسوسا أخر فأول ما قابل قابل شابا يبكي فسأله ما يبكيك؟



قال أبكى لأن حبيبتي تركتني ولم تأتي في موعدها.

فعاد الجاسوس وقال لهم الآن الآن حان وقت الغزو. وقد كان ما كان وأصبحت بلاد الأندلس لهم.



فمع وجود الغزو الفكري الذي يعد استعماراً لعقولنا، كما قال أحد اليهود: كأس وغانية نملك بهما المجتمع المسلم، وصلنا إلى ما وصلنا إليه، وترتب على ذلك العنف بين الأزواج والسعار الجنسي الذي ابتلى به الكثيرون وقضية تبادل الأزواج، والدعارة المنتشرة وقانون الطفل الذي يسمح للابن بأن يشتكي والده في قسم الشرطة ومن جهة أخرى نجد من يهدمون قيم الإسلام ويتلاعبون بثوابته.



قال شوقي - رحمه الله -:

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ♦♦♦ فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا



العنصر الرابع كيف نسموا بأخلاقنا؟

اعلم علمني الله تعالى وإياك: أن هناك عدة محاور لاكتساب الأخلاق القويمة وتحقيق الأخلاق الفاضلة وإليك بيانها باختصار:

المحور العقدي: فالبناء العقدي للفرد والمجتمع هو السياج الذي يحميه من هوة الرذيلة ومن الانحراف الأخلاقي.



فالتعبد لله تعالى بأسمائه وصفاته ينمي ويزكي أخلاق الفرد والمجتمع.

فالله هو السميع: إذن فلن أتكلم إلا بما يحب الله تعالى فلا غيبه ولا نميمة ولا كذب ولا سخرية

فالله هو البصير: إذن لن يراني الله تعالى حيث نهاني ولن يفتقدني حيث أمرني

فالله سبحانه هو العليم الذي يعلم السر وأخفى: إذن فلن احمل رفي قلبي حقدا ولا حسدا وبغضاء

فالله سبحانه هو الرقيب: إذن كل حركة وسكنة محسوبة بحساب دقيق.






إذا ما خلوْتَ، الدّهرَ، يوْماً، فلا

تَقُلْ خَلَوْتَ ولكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ



ولاَ تحْسَبَنَّ اللهَ يغفِلُ مَا مضَى

وَلا أنَ مَا يخفَى عَلَيْهِ يغيب



لهَوْنَا، لَعَمرُ اللّهِ، حتى تَتابَعَتْ

ذُنوبٌ على آثارهِنّ ذُنُوبُ



فَيا لَيتَ أنّ اللّهَ يَغفِرُ ما مضَى

ويأْذَنُ فِي تَوْباتِنَا فنتُوبُ




يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.29 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.66 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.68%)]