عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 26-08-2020, 02:49 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,881
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الاحتكار والاستغلال والغش أدواء قاتلة حرمها الإسلام



وفى رواية، (قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " مَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ الْمُسْلِمِينَ لَيُغْلِيَ عَلَيْهِمْ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَقْذِفَهُ فِي مُعْظَمِ جَهَنَّمَ رَأْسُهُ أَسْفَلُهُ " الحاكم في مستدركه ج 2/ ص 15 حديث رقم: 2168) نقلا من موسوعة التخريج المكتبة الشاملة).







رابعا: أسباب كثرة انتشار الاحتكار والإستغلال والغش والتلاعب بأقوات الناس



أولا: كثرة الذنوب والمعاصي، وبُعد الناس عن ربهم ودينهم فبعض المسلمين أصبحوا مفرطين في كثير من الأحكام الشرعية، ليس ذلك فقط؛ بل أصبحوا يقعون في بعض الكبائر غير مبالين بغضب الله -تعالى- وسخطه، فعاقبهم الله تعالى بغلاء الأسعار وما يقع ذلك في الناس إلابسبب ذنوبهم، وما أصابك من سيئة فمن نفسك والله سبحانه وتعالى قد أخبرنا أنه لا تصيبنا مصيبة إلا بما كسبت أيدينا قال -تعالى-: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30).







وقال -تعالى-: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41]، وهذا الارتفاع في الأسعار عقوبة من الله تعالى، قال بعض المفسرين عن قوله تعالى: ((﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ ﴾ [هود: 84] عن ابن عباس: (إني أراكم بخير)، قال: رُخْص السعر (وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط)، قال: غلاء سعر. (الأثر: 18467- " الذيال بن عمرو "، هكذا جاء هنا بالذال معجمة، وقد سلف في رقم: 14445، وتعليقي عليه، وتعليق أخي السيد أحمد رحمه الله، في ج 12: 589، رقم: 7، " الزباء بن عمرو "، وفي ابن كثير: " الديال " بدال مهملة، ولم نستطع أن نعرف من يكون. والإسناد هنا، هو الإسناد هناك نفسه).







وقال تعالى: ﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [السجدة: 21] قال القرطبي /: ولا خلاف أن العذاب الأكبر عذاب جهنم، والأدنى غلاء السعر. (14/107) فغلاء الأسعار من العذاب والعياذ بالله.







ثانيا: - حب المال، والإكثار منه، فحب المال والحرص على كسبه بأي طريق حتى ولو كان عن طريق الحرام أمر مشاهد للجميع، وخاصة مع انتشار المعاملات الربوية، واختلاط الحلال بالحرام، قال -تعالى-: ﴿ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً ﴾ [الفجر: 20]، وعندما يطغى ذلك على الناس يصبح الأمر خطيراً جدا، ويتسبب في مخالفات شرعية كثيرة، قال -صلى الله عليه وسلم-: "فوالله لا الفقر أخشى عليكم! ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم" متفق عليه.







ثالثا: تلاعب التجار والمحتكرين بالسلع التي يحتاج إليها الناس؛ فبعضهم يقوم بتخزينها وإخفائها من أجل رفع ثمنها لتحصيل أكبر كسب ممكن، ويتضح ذلك خلال بعض المواسم، كدخول شهر رمضان وغيره، وهذا فيه إضرار بالناس، وخاصة الفقراء وأصحاب الحاجات، وهو -أيضاً- منهي عنه شرعاً قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا ضرر ولا ضرار" رواه أحمد ومالك في الموطأ وصححه الألباني في "الإرواء"، ج (8)، رقم (2653)، ولأنه من الظلم الواضح البيّن الذي أمر الله باجتنابه، قال الله -تعالى- في الحديث القدسي: "يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا" رواه مسلم.







خامسا: حلول مشكلة الاحتكار والاستغلال والغش والتلاعب بأقوات الناس في شريعة الله عز وجل كثيرة، منها:



1- تربية الضمير على التقوى ومراقبة الله تعالى قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾ [ الأعراف 96 ]، وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة 65، 66 ]، فالتقوى هي سبب لسعة الأرزاق والبركة فيها، قال تعالى: ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]







2- كثرة الاستغفار والدعاء والتضرع الى الله تعالى والتوبة الصادقة والعمل الصالح، فما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة، والاستغفار من أسباب الازدهار فمن سنن الله أن الاستغفار المقرون بالتوبة والإنابة سبب من أسباب الرزق، قال الله تعالى: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً ﴾ [نوح: 12]. قال ابن صبيح: شكا رجل إلى الحسن البصري الجدوبة فقال له: استغفر الله. وشكا آخر إليه الفقر، فقال له: استغفر الله. وقال له آخر: ادع الله أن يرزقني ولداً، فقال له: استغفر الله. وشكا إليه آخر جفاف بستانه، فقال له: استغفر الله. فقلنا له في ذلك؟ فقال: ما قلت من عندي شيئاً، إن الله تعالى يقول في سورة نوح: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10-12] تفسير القرطبي 18/302.







وقال سبحانه ﴿ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ [هود: 3].







و قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام 42، 43]، قال الإمام ابن كثير - رحمه الله -: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء ﴾ يعني الفقر والضيق في العيش، ﴿ وَالضَّرَّاء ﴾ وهي الأمراض والأسقام والآلام، ﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ﴾ أي: يدعون الله ويتضرعون إليه ويخشعون، ﴿ فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ ﴾ أي: فهلا إذ ابتليناهم بذلك تضرعوا إلينا وتمسكنوا لدينا ﴿ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ أي: ما رقت ولا خشعت، ﴿ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ أي: من الشرك والمعاصي " (تفسير ابن كثير ج3 /186 سورة الأنعام )







3- التكافل الاجتماعي وأداء الزكاة والصدقات. فالزكاة عون للفقراء والمحتاجين، تأخذ بأيديهم لاستئناف العمل والنشاط إن كانوا قادرين، وتساعدهم على ظروف المعيشة إن كانوا عاجزين، فتحمي المجتمع من الفقر والدولة من الإرهاق والضعف، وعدم إخراج الزكاة سبب من أسباب البلاء والغلاء، ومن أسباب العداوة والبغضاء بين أفراد المجتمع لغياب التكافل فيما بينهم، أما إخراج الزكاة فهو سبب البركة وسبب المحبة والمودة بين أفراد المجتمع ولقد كَفَل الإسلام للإنسان الحاجات الأصلية التى تحقق له الحياة الكريمة وتُعينَه على عبادة الله سبحانه وتعالى، لتتفاعل الماديات والروحانيات في إطار متوازن لبناء الجسد وغذاء الروح، حتى أن الفقير الذى لا يملك الحد الأدنى للحاجات الأصلية كفل الله سبحانه وتعالى له حقاً معلوماً في مال الغنى، ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى: ﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾ [المعارج: 2425]، وأن تقوم الجمعيات والمؤسسات الخيرية والأفراد بإيجاد الحلول على جميع المستويات لهؤلاء المساكين. ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ ﴾ (البقرة: من الآية272) [يا ابن آدم أَنفق أُنفق عليك].







كما أشارت السنة النبوية إلى ذلك قال صلى الله عليه وسلم: " من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له " (صحيح: صحيح الجامع‏ 6497 ).







وعندما أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدنا معاذ بن جبل إلى اليمن فقال له: (أعلمهم بأن الله افترض عليهم صدقة، تؤخذ من أغنياهم فتُرد على فقرائهم [ رواه مسلم]، ويعنى هذا أن للفقير حقوقاً عند الغنى وعند الدولة حتى يعيش حياة كريمة،ومن مسئولية ولى الأمر في الإسلام أن يكفل للإنسان بصفة عامة وللفقير بصفة خاصة هذه الحقوق ولا سيما عند غلاء الأسعار ويعتبر مسئولاً أمام الله عز وجل عن شقاء رعيته، فهو راع ومسئول عن رعيته.







قال الشاعر:





الله أعطاك فابذل من عطيته

فالمال عاريّة والعمْر رحالُ



المال كالماء إِنْ تحبس سواقِيَه يأسن

وإن يجرِ يعذب منه سلسالُ










وقال أبو العلاء:





ياقوتُ ما أنتَ يا قوتٌ ولا ذهبُ

فكيف تُعجِزُ أقواماً مساكينا



واحسبُ الناس لو اعطوا زكاتهُمُ

لما رأيت بني الإعدام شاكِينا



فإن تعِشْ تبصر الباكين قد ضحكوا

والضاحكينَ لِفُرطِ الجهل باكينا














4- التحلي بخلق القناعة،فالغنى في الحقيقة غنى النفس، وقال صلى الله عليه وسلم: "... وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس ... " (حسن: صحيح سنن الترمذي 1876) والنبي صلى الله عليه وسلم أوصانا في أمور الدنيا إلى أن ننظر إلى من هو دوننا وليس إلى من هو فوقنا، فقال" انظروا إلى مَن أسفلَ منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله" [رواه مسلم] وقد قال صلى الله عليه وسلم " قد أفلح من أسلم ورُزق كفافا وقنعه الله بما آتاه " [رواه مسلم].





هي القناعة فالزمها تعش ملكاً

لو لم يكن منك إلا راحةُ البدن



وانظر إلى مالك الدنيا بأجمعها

هل راح منها بغير القطن والكفن










قال الخليفة هشام بن عبد الملك لسالم بن عبد الله بن عمر عند الكعبة: سلني حاجتك، فقال: والله إني لأستحي أن أسأل في بيته غيره. فلما خرج من المسجد قال هشام الآن خرجت من بيت الله فاسألني، فقال: من حوائج الدنيا أم الآخرة؟ قال: من حوائج الدنيا، فقال سالم: ما سألتها ممن يملكها، فكيف أسالها ممن لا يملكها. ( الصفدي: الوافي بالوفيات 15 / قال أبو العتاهية:





لا تخضعن لمخلوق على طمع

فإن ذلك نقص منك في الدين



لا يستطيع العبد أن يعطيك خردلة

إلا الذي سواك من طين



فلا تصاحب غنيا تستعز به

وكن عفيفا وعظم حرمة الدين



واسترزق الله مما في خزائنه

فإن رزقك بين الكاف والنون



واستغن بالله عن دنيا الملوك كما

استغن الملوك بدنياهم عن الدين











كان مالك بن دينار يمشي في سوق البصرة فرأى التين فاشتهاه ولم يكن معه نقود فخلع نعله وأعطاه لبائع التين فقال: لا يساوي شيئا فأخذ مالك نعله وانصرف فقيل للرجل إنه مالك بن دينار فملأ الرجل طبقا من التين وأعطاه لغلامه ثم قال له: ألحق بمالك بن دينار فإن قبله منك فأنت حر... فعدا الغلام وراءه فلما أدركه قال له اقبل مني فإن فيه تحريري. فقال مالك: إن كان فيه تحريرك فإن فيه تعذيبي. فألح الغلام عليه فقال: أنا لا أبيع الدين بالتين ولا آكل التين إلى يوم الدين.


يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.92 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 34.29 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.80%)]