عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 22-08-2020, 04:57 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,207
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

شفاعات أخرى للنبي صلى الله عليه وسلم

وللنبي صلى الله عليه وسلم شفاعات أخرى، لكن من الذي يمنحه إياها؟ الله، فيشفعه في أهل الكبائر من أمته، واقرءوا الحديث في الروضة، في لوحة حديدية أو نحاسية: ( لكل نبي دعوة أعطاه الله إياها )، اطلب يا موسى، جائزة، وسام شرف، خدمتنا كثيراً، اسأل، كل نبي طلب طلبة وأعطيها، قال: ( وأنا ادخرت طلبي شفاعة لأمتي ) ما قبلها وظيفة في الدنيا ولكن قال: ( ادخرتها لأمتي يوم القيامة ) .فأهل الكبائر الذين يموتون على الكبيرة، فهذا مات على الزنا .. هذا مات على الربا .. هذا مات على كذا على كذا من كبائر الذنوب وهي سبعون، فهذا الذي عوقته الكبيرة عن دخول الجنة لأنه ما تاب منها، مات وهو يباشرها، فهذا يشفع الله تعالى فيه رسوله، لم؟ لأن هذا العبد تصدق، وصام، وجاهد، وزكى، وأطعم، وقال، وعبد الله ولكن ارتكب كبيرة، فعلّقته، وحالت بينه وبين دخول دار السلام، فيرحمه الله لما له من طاعات، وعبادات، وبر، وخير وإحسان فلا يغفر الله ذلك كله، ولكن يؤاخذ به، فهو محروم الآن، فيشفّع الله تعالى فيه محمداً، فيدخلون الجنة. هذه الشفاعة الثانية.والثالثة: أنه يشفعه في أهل الجنة، في رفع درجاتهم، فأحدهم درجته في مستوى كذا، فيرفعه الله بشفاعة رسوله أن يكون في الدرجة العليا الفلانية.فلهذا سلوا الله الشفاعة المحمدية فإنها نافعة سواء كنت من أهل الكبائر أو من أهل الصغائر أو من أهل الطاعات والعبادات، فإنها تنالك، فترتفع بها إلى درجة ما كنت لتصلها إلا بهذه الشفاعة.انتبه يا غافل، وأنت نائم، فتحدث غداً الناس وتقول: اسألوا النبي الشفاعة، هل أنا قلت هذا؟ وهل يجوز أن نقوله، أكذب عليكم فتقول: يا رسول الله! اشفع لي؟والله ما كان، ولا يجوز أبداً، وإنما اسأل الله: اللهم اجعلني ممن تشفع فيهم نبيك .. اللهم اجعلني ممن تشفع فيهم نبيك، هذا نعم، اسأل الليل والنهار؛ لأنك تسأل الله عز وجل.

شروط قبول الشفاعة

من هنا نعود إلى الساحة وقد عرفنا مقام النبوة، وما انتهى إليه المقام المحمدي.الآن فيما بيننا نحن، الشفاعة موجودة، فقد يشفع الرجل في أمه .. في أبيه، وقد يشفع الشيخ في تلامذته، ولكن احذروا مما ساد العامة وغشاها وغطاها أكثر من ألف سنة، وهم يقولون: الشيخ الفلاني يشفع لتلامذته .. يشفع لمريده!!هذا الكلام باطل؛ لأن الشفاعة أولاً: أن يرضى الله تعالى عن المشفوع له، يرضى أن يجاوره ويدخل جنته، إذ قال تعالى: وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى [الأنبياء:28]، الذي ارتضاه أن يجاوره، وأن ينزل منازل الأبرار، هذا إذا قام أحد يريد أن يشفع له يشفع له.وثانياً: لابد للشافع أن يكون قد أذن الله تعالى له: يا عبدي! اشفع في فلان وفلان وفلان، وفي القرآن الكريم: وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ [النجم:26] للشافع، وَيَرْضَى [النجم:26] عن المشفوع له.انتبهوا: إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ [النجم:26] لمن؟ لمن أراد أن يشفع، وَيَرْضَى [النجم:26] عن من؟ عن المشفوع له، أما إذا لم يأذن الله لأحد أن يشفع، والله ما استطاع أحد أن يمد يده، وأن يقول: أشفع لك يا فلان، والمشفوع له إذا كان خبيث النفس متعفن الروح وروحه كأرواح الشياطين، فلن يقبل الله فيه شفاعة الشافع أبداً.ويشفع الله عز وجل في أهل التوحيد .. أهل لا إله إلا الله على عهد نوح، وموسى، وإبراهيم، ومحمد .. أهل التوحيد الذين لم يعرف قلب أحدهم غير الله يحيي ويميت، ويعطي ويمنع، ويضر وينفع .. لم تعرف قلوبهم سوى الله المعبود الحق، فهؤلاء دخلوا النار؛ لأنهم زنوا .. قتلوا .. أكلوا مال الناس .. عصوا الوالدين، فعلوا وفعلوا وفعلوا.أستطرد، لاحظ، إياك أن تفهم من كلامي أن عبداً عرف الله معرفة يقينية، وامتلأ قلبه بحب الله وخشيته وبتوحيده، وأنه يعيش يعربد ويقتل ويفعل، لا هذا كذاب، لا يوجد. انتبهوا، هذا مِثله: من قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، وأدركه الموت، فمات وما اغتسل ولا صلى، يدخل الجنة أو لا؟ والله يدخلها بكلمة التوحيد، ( من مات وآخر كلامه: لا إله إلا الله دخل الجنة )، قد يدخل النار، ويمتحش فيها، ويسود ويحترق، ولكن تلك الحسنة العظمى لن تضيع سدى: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:40]، هل هناك حسنة أعظم من حسنة التوحيد؟ والله لا. هل هناك سيئة أسوأ وأقبح من سيئة الشرك؟ والله لا وجود لها، واقرءوا قول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48].القلب الذي عرف صاحبه غير الله، سوّى بالله سواه، ونظر إليه كما ينظر إلى الله بالرهبة أو الرغبة أو الحب أو الولاء، صاحب هذا الشرك لن يدخل دار السلام، ولا تنفعه شفاعة الشافعين.إنما الشفاعة لأهل الكبائر، وهم موحدون مؤمنون، ولكن زلت أقدامهم، وأوقعهم العدو في سخط الله بذنب من الذنوب العظام، ومات على غير التوبة، واستوجب النار ودخلها، ولن يخلد فيها، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنهم ( يخرجون من النار وقد امتحشوا، فيأتون بهم إلى نهر من أنهار الجنة فيغتسلون فيه، فينبتون كما تنبت الخامة من الزرع في السيل، أرأيتموها صفراء ملتوية ) يقولها صلى الله عليه وسلم، كأنه خبير بالفلاحة، هذه هي الشفاعة.فإذا كنت أنت ولياً، عبداً صالحاً، وزلت قدم أبيك أو أمك أو أخيك بذنب من الذنوب وكبيرة من الكبائر، وأراد أن ينقذه بصالح أعماله، يقول: عبدي فلان، اشفع في أمك فلانة، أو اشفع في أبيك .. يا شيخ! اشفع في فلان وفلان من تلامذتك؛ لأن الله أراد أن يدخلهم الجنة، فيكرم الشيخ بهذه الشفاعة، وبذلك ترتفع درجته، ويعلو مقامه، وتسمو مكانته؛ لأن الله شفعه.أما أن نقول: سيدي عبد القادر يشفع في إخوانه .. سيدي أحمد يشفع في إخوانه .. سيدي كذا، انتبهتم، فهذا باطل.. باطل.. باطل وزور.. وزور.. وزور.والذين لا تقبل منهم شفاعة، ولا يؤخذ منها عدل هؤلاء ماتوا على الكفر .. على الشرك، ومن مات كافراً أو مشركاً هو آيس من رحمة الله، فلا يخرجون من النار، ولا يدخلون الجنة؛ دار الأبرار، وإنما من مات من أهل التوحيد، أهل لا إله إلا الله، لا الكفر والشرك، والعياذ بالله.

تفسير قوله تعالى: (وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ...)

قال تعالى: وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ [البقرة:49] أخذ تعالى يذكر لهم نعمه عليهم، اذكروا يا بني إسرائيل لتشكروا الله، فتؤمنوا برسوله وكتابه، وتدخلوا في دينه، ولا تبقوا منحازين، متعنترين، تتكالبون على الناس. ‏

آل فرعون

وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ [البقرة:49] من آل فرعون؟ هم رجاله؛ من البوليس إلى الوزير، من الشرطي إلى العسكري.وهنا لطيفة: قد يطلق لفظ (الآل) على الأهل، وقد يطلق لفظ الآل على الأتباع، أما إذا قلت: أهل فلان فلا يتناول إلا الزوجة والولد والأقارب.أما إذا قلت: آل فلان، يدخل كل من معه في سلك حاله، فلهذا لما نصلي على نبينا صلى الله عليه وسلم نقول: اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد، فيدخل في هذا كل مؤمن تقي، ويخرج أعمام النبي أو يدخلون؟ يخرجون فما هم بمؤمنين، وإذا قلنا: وعلى (آل إبراهيم) يدخل كل مؤمن؛ لأن الآل مأخوذة من آل يئول فيما يبدو.إذاً: فمن آل إليك وانضم إلى جماعتك وكتلتك من أهل الإيمان، فهذا هو آلك، فآل فرعون ليس زوجته آسية بنت مزاحم ، أما الولد ما له ولد، وليس أخوه أو عمه، آل فرعون: رجاله الذين كانوا معه يحكمون، ويسوسون، ويعذبون المؤمنين. وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ [البقرة:49] من فرعون هذا؟ هذا أرجح الأقوال: اسمه الوليد بن مصعب بن الريان ، وأصله عربي محض، نزحوا من الجزيرة ودخلوا مصر أيام العمالقة.

قصة تولي فرعون للحكم والسلطة

وهذا الوليد -فرعون- تذكر له قصة تبين كيف وصل إلى الحكم.كان لصاً يجلس في المقبرة، إذا جاء الناس بميت: هاتوا عشرة ريالات، وإلا لا تدفنون ميتاً، فإذا جاءت السلطة هرب، فكان يعيش على التلصص في المقبرة، فلما بلغ الحكومة أذى هذا العفريت قال الملك: هذا يصلح أن يكون خادماً لي؛ لأنه قوي، ويسوس خيلي، وسائس الخيل كان ممتازاً؛ لأن الخيل هي المركوب الممتاز، فاختير لهذا المنصب وأصبح يسوس خيل الملك فرعون، وزاد قوة وتعنتر، فما إن مات حتى تولى هو وحكم.ولقب فرعون أصبح يطلق على كل من ملك مصر في قرون معينة، كما ساد أيضاً من يحكم الأحباش يقال فيه: النجاشي، ومن يحكم فارس يقال فيه: كسرى، ومن يحكم الروم يقال فيه: هرقل .. وهكذا.إذاً: نجاهم من آل فرعون، وبيّن من أين نجاهم.

عذاب فرعون لبني إسرائيل

يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ [البقرة:49]، يروى -والجلال هو الذي ذكر هذا- أن كاهناً من الكهنة رأى رؤيا، بأن زوال ملكك يا فرعون يكون على أيدي بني إسرائيل، وبنو إسرائيل أغراب أجانب، وما هم بأقباط مصريين، لِم؟ لأن يوسف عليه السلام لما بيع واشتراه العزيز، ونشأ في مصر وتربى فيها، وملكه الله عز وجل مصر، وأصبح الملك فيها، جاء حينئذٍ يعقوب وأولاده ونزلوا في مصر، وقد جاءوا من فلسطين، وتناسلوا حتى بلغوا ستمائة ألف. فهذا الكاهن يقول: سقوط دولتك على يد هؤلاء.وأنا أقول: هذا الكلام ليس بصحيح، الصحيح أن السياسيين قالوا: هؤلاء لهم أصل، ولهم ملك، ولهم دولة، ما يؤمَنون في يوم من الأيام إذا كثروا أن ينقلبوا عليك، هذا التخطيط سياسي وهو الحق.إذاً: كيف نصنع؟ قلل النسل منهم، أولاً: أذلهم وأرهقهم بالعمل حتى تسقط طاقاتهم البدنية، فكانوا يكلفون ببناء الجدران وصنع الطوب .. وما إلى ذلك، حتى ما لهم راحة، فما نفعت هذه، ما زالوا يتناسلون، ماذا نصنع يا رجال الدولة؟ قالوا: من السياسة أنك تقتل الذكران، وتبقي على النساء، حتى ينقرض هذا الجنس؛ لأن هؤلاء لهم مجد ومكانة وشرف، فلا ينسون ذلك أبداً، والله ما نسوه إلى الآن، ها هم يطالبون بمملكة في إسرائيل، أما احتلوا فلسطين رغم أنوف العرب والمسلمين.فصدر قانون رسمي: أولاً: يجب على كل امرأة من بني إسرائيل تقرب ولادتها أن تتصل بالدائرة، بعمدة الحي، تبلّغه، أبوها يبلغ أو الزوج، فتحضر تنظر، فإذا سقط ذكر رمته في الحفرة ودفنته، إذا كان بنتاً لا بأس ترضعه.ثم تململ رجال الدنيا والمال وقالوا: والخدم والعمل كيف نعمل؟ نحن منتفعون بهذا الجنس، فصدر أمر: عاماً يقتلون وعاماً لا، لأنه لو استمر القتل خلال أربعين سنة لا يبقى أحد، قالوا: إذاً سنة يقتل الذكور وسنة لا، وكان تدبير الله، فالسنة الذي كان فيها العفو ولد هارون آمناً، والسنة التي فيها القتل ولد موسى، ودبر الله له بأن أوحى إلى أم موسى: وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ [القصص:7]، فلا تخافي إذا خرج الولد، ضميه إلى صدرك وأرضعيه، فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ [القصص:7]، اجعلي له صندوقاً أو تابوتاً وألقيه في النيل، وامتثلت أمر ربها؛ لأنه إلهام ألهمها الله، وشاء الله أن القابلة ما سمعت أو ما بلغوها، فمعها الله عز وجل، لكن أرضعيه حتى لا يموت جوعاً، وإذا جاءت الشُّرط وجاءت الدنيا، ضعيه في صندوق وارميه في اليم.وهذا الموضوع نتكلم فيه مرة أخرى إن شاء الله. وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.89 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.26 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.52%)]