عرض مشاركة واحدة
  #108  
قديم 19-08-2020, 09:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,736
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)





السلسلة الثانية
(أخلاق البيت السعيد)
الحلقة (15)
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر




بسم الله الرحمن الرحيم


لأجـل العفـة (6-6)




الركن الرابع : العدل

العدل في اللغة هو ما قام في النفوس أنه مستقيم ، وتعديل الشيء ؛ تقويمه ، والاعتدال توسط حال بين حالين في كمٍ أو كيف ، والعدل الأمر المتوسط بين الإفراط والتفريط (1) . وهو ضد الظلم والجور ، ويقصد به عدة أمور ؛ العدل في الأخلاق ، والعدل في المعاملات المالية ، والعدل في الأسرة ، والعدل في القضاء ، والعدل من النفس .

أما العدل في الأخلاق فقد قال عنه ابن القيم رحمه الله : [ العدل يحمله على اعتدال أخلاقه وتوسطه بين طرفي الإفراط والتفريط ؛ فيحمله على خلق الجود والسخاء الذي هو توسط بين الإمساك والإسراف والتبذير ، وعلى خلق الحياء الذي هو توسط بين الذل والقحة ، وعلى خلق شجاعة الذي هو توسط بين الجبن والتهور ، وعلى خلق الحلم الذي هو توسط بين الغضب والمهانة وسقوط النفس ](2).

وأما العدل في المعاملات المالية ، كالعدل في المكاييل والموازين وغيرها ،قال الله تعالى ( وأوفوا الكيل والميزان بالقسط )(3).

وأما العدل في الأسرة فكالعدل بين الأولاد(4)، والعدل بين الزوجات ، قال سبحانه ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة )(5) والعدل بين الأقران عموماً .

وأما العدل في القضاء فمعلوم ؛ بأن لا يفرق بين رئيس ومرؤوس ، ولا بين شريف في قومه ومن هو دونه ،.... وتأمل هذه العدالة الحقة التي لا تعرف المماراة ولا المحاباة ، عن عائشة رضي الله عنها أن قريشاً أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت ، فقالوا : من يُكلم فيها رسول الله ؟ فقالو : ومن يجترئ عليه إلا أسامة حب رسول الله ؟! فكلمه أسامة ، فقال رسول الله ( أ تشفع في حد من حدود الله ؟! ) ثم قام فخطب فقال ( أيها الناس إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، ، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها!؟ )(6)

وأما العدل من النفس فهو الإنصاف منها للغير . قال الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين )(7) .

ولا شك أن هذه الأمور كلها تعود إلى الأخلاق . ومتى عوّد الإنسان نفسه على العدل في كل الأمور والأخذ بأوساطها ظفر بمعالي الأخلاق .

ومما يعين على اكتساب صفة العدل :

الأول : تقوى الله تعالى ، وتذكر يوم العرض والحساب ، يوم لا تخفى خافية .

الثاني : التأني في الأمور كلها وعدم العجلة ؛ فإن التأني يجعل المرء ينظر فيما عرض له ويتأمله ويتصرف بحكمة ، فيدرك مثلاً البذل وقتئذ إسرافاً ، أم جوداً ، وكظم الغيظ أ هو حلم أم مهانة ، والإقدام شجاعة أم تهور ... وهكذا ؛ ولذلك يقول النبي r ( الأناة من الله والعجلة من الشيطان )(8) .









(1) انظر لسان العرب 11/430-433 ، مختار الصحاح 1/176 ، التعاريف 1/183 ، التعريفات 1/192 .



(2) مدارج السالكين 3/74 .



(3) سورة الأنعام آية 152 .



(4) سيأتي ذكره في الفصل الثاني في الخلق مع الأولاد .



(5) سورة النساء آية 3 .



(6) أخرجه مسلم ك الحدود باب قطع السارق الشريف وغيره ح 688-3/1315 .



(7) سورة النساء آية 135 .



(8) أخرجه الترمذي باب الأناة من الله ح 2012 -4/367 وقال: حديث غريب ، والبيهقي في السنن الكبرى باب التثبت في الحكم ح 20057-10/104 ، والطبراني في الكبير ح 5702-6/122 .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.86 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.23 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.18%)]