
19-08-2020, 05:31 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,207
الدولة :
|
|
رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة البقرة - (47)
الحلقة (54)
تفسير سورة البقرة (18)
أنعم الله على بني إسرائيل نعماً جليلة، منها إرساله الرسل إليهم، وإنزاله الكتب عليهم، فكان حرياً بهم أن يمتثلوا أوامر الله سبحانه، فيفوا بالعهود، ويرهبوا الله وحده، ويؤمنوا بكتبه جميعها، بما في ذلك القرآن الذي أنزله الله مصدقاً لما معهم، ومع هذا جحدوا به، وبذلوا كل ما يستطعيون في طمس معالم الحق من كتبهم سواء بالتحريف أو التأويل في سبيل الحفاظ على دنياهم، وإرضاء أهوائهم ورؤسائهم.
تابع تفسير قوله تعالى: (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم ...)
الحمد لله نحمده تعالى، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً. أما بعد:فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إن السورة ما زالت كعهدنا بها سورة البقرة، وإن الآيات المباركات التي نستعين الله تعالى على تفسيرها وفهم معانيها سائلين الله عز وجل أن يرزقنا الاهتداء بهديها والعمل بها؛ إنه قريب مجيب سميع الدعاء.قراءة تلك الآيات بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ * وَآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ * وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة:40-43]. معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! اذكروا أن السياق الكريم قد وقف بنا على أن هناك مؤمنين صادقين، القرآن الكريم هدى لهم وبه يهتدون. وأن هناك فريقاً آخر هم الكفار أهل النار، وأنهم والآيات تنزل منهم من توغل في الكفر والشر والفساد فختم على قلبه وعلى سمعه، وعلت بصره غشاوة فهو لا يؤمن، وقد حكم الله عليهم بأن لهم عذاباً عظيماً. وكفار مستعدون للإيمان، متى وجهت إليهم الدعوة، وبينت، ووضحت لهم نتائجها وآثارها استجابوا؛ إذ ما هناك مانع؛ لأنهم ما توغلوا في الشر، والظلم، والخبث، والفساد.وهنا بلغكم وعلمتم أن علينا ألا نواصل الذنب بعد الذنب، فاحذر يا عبد الله، واحذري يا أمة الله من مواصلة الذنب، وعجل بالتوبة خشية أن يعلو ذلك الإثم على النفس فيحجبها، ويموت العبد على سوء الخاتمة.ولهذا قالت العلماء: التوبة واجبة على الفور، لا يحل أن تقول: غداً أتوب، بمجرد ما تزل القدم فيسقط عبد الله أو أمته في الوسخ ينهض سريعاً: أستغفر الله وأتوب إليه، وبذلك يمحى ذلك الأثر، أما أن يسترسل ويواصل الجريمة فإنه قد يأتي يوم يصبح فلا يراها إلا هي.وشاهده ما علمتم من تصنيف الكفار إلى صنفين: صنف مختوم عليهم بأنهم لا يتوبون؛ لتوغلهم في الشر والفساد، وفريق ثالث هم المنافقون، ومنهم منافقو العرب من الأوس والخزرج، ومنهم منافقو اليهود؛ إذ الآيات مدنية والسورة مدنية، واليهود موجودون بالمدينة، ومنهم من ينافق.خاطب الله تعالى في مثل هذا السياق بني إسرائيل؛ لأنهم متواجدون في المدينة، ومنهم المنافقون، فقال تعالى: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ [البقرة:40] وهذا النداء الإلهي وجهه تعالى إلى أولاد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، وقد عرفنا أن إسرائيل معناه: عبد الله أو صفوة الله كما يقول بنو إسرائيل، وهذا لقب وليس باسم، والاسم الحقيقي هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام.وهنا الخطاب يشمل بني إسرائيل قاطبة، فكل من انحدر من صلب يعقوب عليه السلام من أولاد الأسباط إلى اليوم هذا النداء صالح لهم: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ [البقرة:40].
نعم الله على بني إسرائيل
قد علمنا أن ذكر النعمة يساعد على شكرها، وصح هذا، وبالتجربة، فالذي يذكر النعمة يسهل عليه شكرها، بل يبادر إلى شكرها، والذي لا يذكرها ويتناساها، ولا يحدث نفسه بها أنى له أن يشكر، فالأمر بالذكر أمر بالشكر؛ لأن الشكر لا يتم إلا بذكر النعمة.وقد قلت للسامعين والسامعات: من أراد أن يبكي فليضع رأسه بين ركبتيه، ويغمض عينيه، ويستعرض نعم الله عليه منذ طفولته، فلا يشعر إلا وعيناه تذرفان بالدموع، وهو يلهج بكلمة: الحمد لله.اذكر تشكر، انس واترك لن تشكر.فهذه دل عليها هذا التوجيه الإلهي يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ [البقرة:40].لكن ما هي النعم التي أنعم بها عليهم؟نعم لا تعد ولا تحصى، لكن من مظاهرها أنهم أبناء الأنبياء وأحفاد الرسل، وأن الله عز وجل أنجى بني إسرائيل من مهالك ومعاطب ومخازٍ لا حد لها. ومنها أنه جعل فيهم الأنبياء والرسل، فعامة الأنبياء والرسل من ولد إبراهيم عليه السلام، حتى لقب بأبي الأنبياء وهم من بني إسرائيل.وظهرت لهم دولة يا لها من دولة انتظم في سلكها العالم على عهد سليمان.التوراة كتاب الله بين أيديهم يتلونها.أقول: النعم لا تعد ولا تحصى، فذكرهم وناداهم اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ [البقرة:40].نعمة الإيجاد، نعمة الإمداد، نعمة الخلق والرزق.. أليست هذه نعم؟!
أمر الله لبني إسرائيل بالوفاء بالعهود والرهبة منه
قال تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ [البقرة:40] هذا خطاب سام شريف، آه لو كانوا أهلاً له، كيف لا يستحون ولا يخجلون!الله جل جلاله يقول لهم: وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ، أوفوا بعهدي بأن اعبدوني وحدي، ولا تشركوا بعبادتي، (أوفوا بعهدي) آمنوا برسلي وبالأخص النبي الخاتم الذي أخذ الله الميثاق على كل نبي ورسول إذا بعث هذا النبي أن يؤمن به ويصدقه ويتبعه، فإذا أنتم آمنتم فوفيتم بعهدي وفيت بعهدكم، عهد الله لهم: العز .. السعادة .. الكمال .. الطهر .. الصفا .. الجنة دار السلام. وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ [البقرة:40] لا ترهبوا سواي، ولا ترهبوا غيري، والرهب هو الخوف، ولكن مع نوع من الحركة البدنية، فالراهب هو ذاك الذي يرتعش من الخوف.(فارهبون) أي: لا تخرجوا عن طاعتي .. لا تفسقوا عن أمري .. لا تكذبوا برسولي .. لا تتركوا ما أنعمت به عليكم من هذه النعم فتكفروها، خافوني. وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ [البقرة:40] كأنهم كانوا يرهبون غير الله؟ إي نعم، كانوا يخافون إذا دخلوا في الإسلام أن يغضب عليهم رؤساؤهم من الأحبار ويجالد بهم، فكانوا يخافونهم ويرهبونهم، فأرشدهم إلى أن اللائق بهم أن يرهبوا الله ولا يرهبوا سواه؛ إذ الله بيده كل شيء؛ الإسعاد والشقاء، والإذلال والإعزاز، والعطاء والمنع.. كله بيده، فكيف يرهب غيره؟ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ [البقرة:40].
تفسير قوله تعالى: (وآمنوا بما أنزلت مصدقاً لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ...)
قال تعالى: وَآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ [البقرة:41] ما الذي أنزله مصدقاً لما معهم؟ إنه القرآن العظيم، أي: وآمنوا بالقرآن الكريم.
أمر الله لبني إسرائيل بالإيمان بما أنزل في القرآن
وَآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ [البقرة:41] إذ القرآن يتفق مع التوراة اتفاقاً كاملاً في العقيدة: البعث، والجزاء، والكتب، والرسل، ولقاء الله، واليوم الآخر.. كلها ثابتة في التوراة والقرآن.أما الأحكام الطارئة فقد تختلف بين عصر وعصر، وبين أمة وأخرى، فيحل الله ما شاء، ويحرم ما شاء من أجل هداية أولئك الناس الذين يحل لهم أو يحرم عليهم.أما أصول الدين والعقيدة فلا تختلف أبداً، فالقرآن مصدق لما بين يدي اليهود مما جاء في التوراة من أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن الإيمان بالرسل والكتب إيمان لازم لكل مؤمن، ولا إيمان بدون ذلك، الإيمان بالبعث الآخر وما يتم وما يجري فيه من حساب وجزاء بالنعيم المقيم أو بالعذاب الأليم، فالقرآن الكريم ما تناقض أبداً مع التوراة ولا اختلف معها، بل مصدق لما فيها.إذاً: فلا معنى للكفر بالقرآن، ولا معنى أبداً للهروب من هذه الحقيقة، فما جاء القرآن لينقض عقائد الحق التي تحملها التوراة، أو ما جاء بأمر جديد خارق للعادة، بل هو جاء بموافقة ما في التوراة والإنجيل. وَآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ [البقرة:41] دعاهم إلى الإيمان بالقرآن العظيم.كما دعاهم إلى الإيمان بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم فيما تقدم من الآيات: وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ [البقرة:23]، فهو دعوة إلى الإيمان بالنبوة المحمدية، وهنا طالبهم بأن يؤمنوا بالقرآن الكريم، ومن آمن بالرسول يؤمن بكتابه، ولا معنى للتفرقة.قال تعالى: وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ [البقرة:41]، أنتم أهل كتاب ومستواكم فوق مستوى العرب، والعرب أميون وجهلة، وأنتم أهل الكتاب، فكيف يتأخر إيمانكم ويؤمن بالقرآن من هو من أهل الجهل وعدم العلم؟!إذاً: وكونوا أول من يؤمن، ولا تكونوا أول من يكفر.إذاً وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ [البقرة:41] أي بالقرآن العظيم؛ إذ أمرهم بالإيمان به لقوله: وَآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ أي: من القرآن مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ [البقرة:41] واحذروا أن تكونوا أول من يكفر به وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ .
التحذير من كتمان الحق
قال تعالى: وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا [البقرة:41] المراد من الآيات: آيات التوراة، وفيها نعوت النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته، وفيها ما يدعم هذه الملة الحنيفية؛ ملة إبراهيم، ولكنهم يحرفون، ويبدلون، ويغيرون، بل ويبيعونها بثمن بخس، والاشتراء بمعنى البيع، فلا تبيعوا الحق بالباطل، ولا تبيعوا الإسلام دين الحق بثمن بخس، تتلقونه من رؤسائكم وزعمائكم. وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا [البقرة:41] والثمن مهما كان فهو قليل، ولكن أسلوب القرآن بحسب مفاهيم الناس، وإلا الآية الواحدة تزن الدنيا بما فيها، لكن لما يصرون على الباطل ويكفرون بالحق مقابل منصب أو مقابل عطاء يتلقاه أحدهم في العام مرة من الرؤساء كان كمن باع آيات الله بثمن قليل وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا .
أمر الله لبني إسرائيل بتقواه وحده
وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ [البقرة:41] واتقون: ترهبون، ولكن التقوى أعم، وإياي فاتقوا سخطي، وغضبي، وعذابي عليكم.بم نتقيه؟ نتقيه بالطاعة .. بالتسليم .. بالانقياد، أي: بالإيمان والعمل الصالح مع اجتناب الشرك والكفر والعمل الطالح الفاسد؛ إذ لا يتقى الله عز وجل بغير الإسلام له، والاطراح بين يديه، وذلك بقبول أمره والنهوض به، واجتناب المنهي والابتعاد عنه.هم مأمورون بأن يدخلوا في الإسلام، وبأن يؤمنوا بالله ولقائه ومحمد وكتابه، فإنهم آثروا الدنيا والأحلام التي تراودهم في أن لهم مستقبلاً زاهراً، وأن مملكة إسرائيل ستعود، فكيف نذوب وندخل في الإسلام؟وهذه حقيقة هي التي صرفتهم عن الدخول في الإسلام، فقد كانوا من قبل يحلمون بإيجاد مملكة بني إسرائيل، وقد نزحوا إلى الحجاز ونزلوا المدينة وما فوقها من المدن إلى الشام من أجل انتظار البعثة المحمدية، وعرفوا مهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم وهي المدينة، وهم ينتظرون، وما إن طلعت الشمس المحمدية حتى تحركوا، وأخذوا ينتظرون، ولا يتكلمون.ويوماً بعد يوم حتى هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ورأوا إقبال العرب على الدين الإسلامي، من ثم اختنقوا، وبريقهم شرقوا، وما أطاقوا، وأعلنوا العداء في صراحة، وقالوا: إن نحن دخلنا في الإسلام انتهى وجود بني إسرائيل، لا أمل أبداً.ويدلكم للحقيقة أنه بعد مضي ألف وأربعمائة سنة أوجدوا دولة إسرائيل، فمعنى هذا أنهم كانوا يعملون لها منذ أكثر من ألفي سنة، من يوم أن سقطت على أيدي الروم أو الرومان وهم يعملون في الظلام لعودة مملكتهم، فلهذا انصرفوا عن الإسلام بعد علمهم بأنه الدين الحق، وألا سعادة للعبد إلا به، ورضوا بالعذاب، وقالوا: لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ [آل عمران:24].رؤساؤهم يدجلون عليهم ويضللونهم: لا بأس ستدخلون النار، ولكن لمدة محدودة فاصبروا. ولهذا جاءت هذه الآيات تقول لهم: وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ [البقرة:41]، فلا تتقوا الرؤساء والمسئولين عندكم، ولا ترهبوهم ولا تخافوهم، ارهبوا الله واتقوه خيراً لكم؛ لأنكم تهلكون معهم. سبحان الله العظيم! قولوا: آمنا بالله. كيف هذه الرحمة الإلهية! أقوام أعرضوا عن ذكره، وحاربوا أولياءه، وقتلوا أنبياءه، وخرجوا عن طاعته كلياً، ومع هذا يتلطف معهم، وينزل آياته لهم بل ويناديهم: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ [البقرة:40] يا أبناء الرجل الكريم! يا أحفاد الأنبياء! افعلوا كذا، ولا تفعلوا كذا، افعلوا كذا، ولا تفعلوا كذا.. من أجل ماذا؟ من أجل إكمالهم وإسعادهم؛ لأنهم أحفاد الأنبياء وأبناؤهم. وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ [البقرة:41]. مرة أخرى: كل من باع دينه بالدنيا اشترى الرخيص بالثمن القليل، وكل من يرتد أو يخرج عن الإسلام أو يستبيح ما حرم الله ويفسق عن أمر الله من أجل الدنيا.. اشترى بآيات الله ثمناً قليلاً.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|