عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19-08-2020, 03:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,372
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أين أنتم يا حماة التوحيد؟!

كما قال شاعرهم:



أَبا هِندٍ، فَلا تَعْجَلْ عَلَينا

وَأَنْظِرْنا نُخَبّرْكَ اليَقينَا




بِأَنّا نُورِدُ الرّاياتِ بِيضاً

ونُصْدِرُهنّ حُمراً قَد رَوِينَا




وَقَدْ عَلِمَ القَبَائِلُ غيرَ فَخْرٍ

إذا قُبَبٌ بِأَبْطَحِهَا بُنِينَا




بِأَنَّا العاصِمُونَ، إذا أُطِعنا

وَأَنَّا الغارِمُونَ، إذا عُصِينَا




وَأَنَّا المُنْعِمُونَ، إذا قَدَرْنَا

وَأَنّا المُهْلِكُونَ، إذا أُتِينَا




وَأَنّا الحاكِمُونَ بما أَرَدْنا

وأَنّا النّازِلونَ بِحَيْثُ شَينَا




وَأَنّا التّارِكُونَ لِمَا سَخِطنا

وَأَنّا الآخِذُونَ لِمَا هَوِينَا




وَأَنّا الطّالِبونَ، إذا نَقَمنا

وأَنّا الضّارِبُونَ، إذا ابتُلينَا




وأَنّا النّازِلُونَ بِكُلّ ثَغْرٍ

يَخَافُ النّازِلُونَ بِهِ المَنُونَا




وَنشْرَبُ، إنْ وَرَدْنا، الماءَ صَفواً

وَيَشْرَبُ غَيْرُنا كَدَراً وطِينَا[8]








والجاهلية - أيها الإخوة - قلب قاس يئد البنت حية، اعتراضاً على قدر الله تعالى، وبلا ذنب جنته تلك الطفلة البريئة.. قال سبحانه: ﴿ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ * وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ * لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [النحل: 57 - 60].



وقال سبحانه: ﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾ [التكوير: 8، 9].



والجاهلية - أيها الإخوة - افتراء على الله جل في علاه، وكذب عليه ونسبة ما لا ينسب إليه فجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً وجعلوها بنات الله وعبدوها معه فأخطأوا خطأً كبيراً في كل مقام من هذه المقامات الثلاثة فنسبوا إليه تعالى الولد ولا ولد له ثم أعطوه أخس القسمين من الأولاد وهو البنات.



وهم لا يرضونها لأنفسهم كما قال تعالى: ﴿ أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى * تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى ﴾ [النجم: 21، 22] وقال عز من قائل: ﴿ أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ [الصافات: 151 - 154]، ثم عبدوهم من دون الله فبئس ما صنعوا.



أيها الإخوة!

روى أبوداود وابن ماجه وغيرهما، سياق خطبة الوداع فكان مما قال فيها رسول الله: "ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمانا، دم ابن ربيعة ابن الحارث بن عبد المطلب، كان مسترضعًا في بني سعد فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع كله، وأول ربا أضع ربانا، ربا العباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله".[9]



"إن هذه الكلمات المنبعثة من مشكاة النبوة، ليؤكد المصطفى صلى الله عليه وسلم فيها حتمية المخالفة لما كان عليه أهل الجاهلية، ويبين بذلك أن مسمى الجاهلية، يعني أن يكون الأمر إسلامًا أو لا إسلام، فالجاهلية والإسلام أمران نقيضان، لا يمكن أن يجتمعا في نفس واحدة ألبته.



إن كلمة الجاهلية، لم تكن نشازًا من حديث النبي، لا وكلا، بل هي كلمة مطروقة، تكرر ذكرها في غير ما موضع من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقد قال سبحانه ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 50] وقال - عز وجل -: ﴿ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ﴾ [آل عمران: 154] [سورة آل عمران:154]. ويقول جل شأنه: ﴿ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾ [الأحزاب: 33] ويقول أيضًا: ﴿ إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ ﴾ [الفتح: 26].



ولقد بوب البخاري في صحيحه بابًا فقال: باب المعاصي من أمر الجاهلية. وذكر فيه قول النبي لأبي ذر لما عير رجلًا بأمه "إنك امرؤ فيك جاهلية"[10]، قال الحافظ ابن حجر: إن كل معصية تؤخذ، من ترك واجب أو فعل محرم فهي من أخلاق الجاهلية.[11]



وعن ابن مسعود قال: قال رجل: يا رسول الله، أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية قال: "من أحسن في الإسلام، لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر"[12]



وقد قال ثابت بن الضحاك: نذر رجل أن ينحر إبلًا ببوانة، فسأل النبي: "هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ؟"قالوا:لا، قال: "فهل كان فيها عيد من أعيادهم ؟"قالوا: لا، فقال رسول الله: "أوف بنذرك …"[13] الحديث،



فيؤخذ من هذا الحديث وغيره - عباد الله - التحذير الشديد من أمور الجاهلية، أو مشابهة أهلها، في أي لون من ألوانها، كيف لا ورسول الله يقول: "ألا إن كل شيء من أمور الجاهلية تحت قدمي موضوع"[14]، ولو لم يكن من ازدرائها وشناعة قبحها، إلا حكم النبي بأنها تحت قدميه لكفى.



لقد أكد رسول الله مخالفة ما عليه أهل الجاهلية من الكتابيين والأميين، مما لا غنى للمسلم في أن ينبذها وينأ بنفسه عن الوقوع في هوتها، وأن ينسل بنفسه، عن أشدها خطرًا وآكدها ضررًا، وهو عدم إيمان القلب بما جاء به الرسول، ناهيكم عما ينضاف إلى ذلك، من استحسان ما عليه أهل الجاهلية، الذي تتم به الخسارة والبوار كما قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [العنكبوت: 52] وقال تعالى: ﴿ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السموات وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾ [آل عمران: 83]. [15]



هذه بعض صفات الجاهلية وإلا فهو غيض من فيض وقل من كثر ونقطة من بحر لجي متلاطم الأمواج فما أحرانا وأجدر بنا التعرف إلى صفات هذه الجاهلية حتى لا نقع فيها، فإن من عرف الشر تبصر به، ومن جهله وقع فيه وهذا ما حدث فعلاً من بعض الأمة العظيمة الخيرة وهذا هو عنصرنا الثاني من عناصر اللقاء:

صور شركية جاهلية في أمة خير البرية:

نعم - أيها الإخوة - وقع هذا الشرك في الأمة ويا للأسف شابهت الأمة الجاهلية في صور كثيرة وتعجبون إذا علمتم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نبه إلى هذا ونبأ أنه يقع في هذه الأمة بل يصير أمرها في آخر الزمان إلى الشرك المحض كما في الحديث الذي أخرجه أبو داود وابن ماجه بسند صحيح عن ثوبان وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان". [16]



وفي البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة وذو الخلصة طاغية دوس التي كانوا يعبدون في الجاهلية". [17]



بل روى مسلم من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى أَحَدٍ يَقُولُ اللَّهُ اللَّهُ ".[18]



ومن الأدلة على هذا المعنى وهو أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان

قول الله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا ﴾ [النساء: 51].



وقوله تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ﴾ [المائدة: 60].



وقوله تعالى: ﴿ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا ﴾ [الكهف: 21].



مع ما أخرجه الشيخان عن أبي سعيد - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لتتبعن سنن من كان قبلكم، حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه". قالوا: يا رسول الله: اليهود والنصارى ؟ قال: "فمن ؟! ". [19]



ولمسلم عن ثوبان - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها، وأعطيت الكنزين: الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة بعامة، وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد، إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة بعامة، وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها، حتى يكون بعضهم يهلك بعضا، ويسبي بعضهم بعضا ".[20]



وأخرجه البرقاني في صحيحه، وزاد: "وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين، وإذا وقع عليهم السيف لم يرفع إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان، وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون، كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين، لا نبي بعدي، ولا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله -تبارك وتعالى- ".



وصور الجاهلية الشركية في الأمة كثيرة فمن هذه الصور - أيها الإخوة -:

أن كثيرًا من الناس يتعبدون بإشراك الصالحين في دعاء الله وعبادته، يريدون شفاعتهم عند الله في حين أنهم لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًا ؛بل إنهم لأحوج إلى عفو الله ورحمته من أولئك الذين يدعونهم؛ كما قال سبحانه: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴾ [الإسراء: 57].



وهذه - عباد الله - هي أعظم مسألة خالف فيها الرسول ما كان عليه أهل الجاهلية، وعندها بدت بينه وبينهم العداوة والبغضاء أبدًا حتى يؤمنوا بالله وحده، ومن هنا افترق الناس إلى مسلم وكافر، ولأجل هذه القضية العظمى شرع الجهاد في سبيل الله ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 193]. [21]



أيها الإخوة - !

لو أننا نظرنا إلى بلاد الإسلام المختلفة لوجدناها تعج بالأضرحة التى تعبد من دون الله إن معظم مساجدنا الكبيرة في القاهرة وعواصم المحافظات فضلاً عن الغالبية العظمى من مساجد الريف، قد تحولت من بيوت لله إلى مقابر للأولياء والصالحين، تمارس فيها كل مظاهر الشرك بالله من طواف ودعاء واستغاثة وتقبيل للأعتاب!! سبحان الله.. البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه قد تحولت لغير الله، وفقدت الصلاة فيها القدسية والجلال. [22]



يقول العلامة عبدالله بن جبرين - رحمه الله -:

كنت على صعيد عرفات.. والناس في بكاء ودعوات.. قد لفوا أجسادهم بالإحرام.. ورفعوا أكفهم إلى الملك العلام.. وبينما نحن في خشوعنا وخضوعنا.. نستنزل الرحمات من السماء.. لفت نظري شيخ كبير.. قد رق عظمه.. وضعف جسده.. وانحنى ظهره.. وهو يردد: يا شيخ فلان.. أسألك أن تكشف كربتي.. اشفع لي.. وارحمني.. ويبكي وينتحب.. فانتفض جسدي.. واقشعرّ جلدي.. وصحت به: اتق الله.. كيف تدعو غير الله !! وتطلب الحاجات من غير الله !! الجيلاني عبدٌ مملوكٌ.. لا يسمعك ولا يجيبك.. ادعُ الله وحده لا شريك له..



فالتفت إليَّ ثم قال: إليك عني يا عجوز.. أنت ما تعرف قدر الشيخ فلان عند الله !!.. أنا أؤمن يقيناً أنه ما تنزل قطرة من السماء.. ولا تنبت حبة من الأرض إلا بإذن هذا الشيخ.. فلما قال ذلك.. قلت له: تعالى الله.. ماذا أبقيت لله.. فلما سمع مني ذلك.. ولاني ظهره ومضى.. [23]



ومن مظاهر الشرك المنتشرة للأسف في كثير من بلاد المسلمين نشير سريعًا إلى:

أولًا: اعتقاد أن الأولياء الموتى يقضون الحاجات ويفرجون الكربات والاستعانة والاستغاثة بهم والله - سبحانه وتعالى - يقول: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ﴾ [الإسراء: 23]، وكذلك دعاء الموتى من الأنبياء والصالحين أو غيرهم للشفاعة أو للتخليص من الشدائد والله يقول: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ﴾ [النمل: 62] وبعضهم يتخذ ذكر اسم الشيخ أو الولي عادته وديدنه إن قام وإن قعد وإن عثر وكلما وقع في ورطة أو مصيبة وكربة فهذا يقول يا محمد وهذا يقول يا علي وهذا يقول يا حسين وهذا يقول يا بدوي وهذا يقول يا جيلاني وهذا يقول يا شاذلي وهذا يقول يا رفاعي وهذا يدعو العيدروس وهذا يدعو السيدة زينب وذاك يدعو ابن علوان والله يقول: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ ﴾ [الأعراف: 194] وبعض عباد القبور يطوفون بها ويستلمون أركانها ويتمسحون بها ويقبلون أعتابها ويعفرون وجوههم في تربتها ويسجدون لها إذا رأوها ويقفون أمامها خاشعين متذللين متضرعين سائلين مطالبهم وحاجاتهم من شفاء مريض أو حصول ولد أو تيسير حاجة وربما نادى صاحب القبر يا سيدي جئتك من بلد بعيد فلا تخيبني والله - عز وجل - يقول ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ﴾ [الأحقاف: 5] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار)[24]، وبعضهم يحلقون رؤوسهم عند القبور، وعند بعضهم كتب بعناوين مثل: "مناسك حج المشاهد" ويقصدون بالمشاهد القبور وأضرحة الأولياء، وبعضهم يعتقد أن الأولياء يتصرفون في الكون وأنهم يضرون وينفعون والله - عز وجل - يقول: ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ﴾ [يونس: 107]، وكذلك من الشرك النذر لغير الله كما يفعل الذين ينذرون الشموع والأنوار لأصحاب القبور.



أيها الإخوة!

أخبروني بالله عليكم عن الذي يقال في الأناشيد والقصائد التي تقال مثلا بمناسبة الاحتفال بالمولد أو بذكرى تاريخية غيرها، فقد سمعناهم ينشدون:



يا إمام الرسل يا سندي

أنت باب الله ومعتمدي



و في دنياي و آخرتي

يا رسول الله خذ بيدي






وآخر يقول:

ما يبدلني عسرا يسرا إلاك يا تاج الحضره



ماذا لو سمع رسول الله مثل هذا؟ تالله لو سمع الرسول مثل هذا لتبرأ منه، إذ لا يبدل العسر باليسر إلا الله وحده، ومثلها قصائد الشعر التي تكتب في المجلات والكتب وفيها طلب المدد والعون والنصر من الرسول والأولياء والصالحين العاجزين عن تحقيقها.



ثانيًا: ومن صور الشرك الأكبر المنتشرة الذبح لغير الله والله يقول: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2] أي انحر لله وعلى اسم الله وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله من ذبح لغير الله)[25]، وقد يجتمع في الذبيحة محرمان وهما الذبح لغير الله والذبح على غير اسم الله وكلاهما مانع للأكل منها، ومن ذبائح الجاهلية - الشائعة في عصرنا -"ذبائح الجن" وهي أنهم كانوا إذا اشتروا دارًا أو بنوها أو حفروا بئرا ذبحوا عندها أو على عتبتها ذبيحة خوفًا من أذى الجن[26]



ثالثًا: ومن أمثلة الشرك الأكبر العظيمة الشائعة تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله أو اعتقاد أن أحدا يملك الحق في ذلك غير الله - عز وجل -، أو التحاكم إلى المحاكم والقوانين الجاهلية عن رضا واختيار واعتقاد بجواز ذلك وقد ذكر الله - عز وجل - هذا الكفر الأكبر في قوله: ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 31] ولما سمع عدي بن حاتم نبي الله صلى الله عليه وسلم يتلوها قال: فقلت: إنهم لم يكونوا يعبدونهم قال: (أجل ولكن يحلون لهم ما حرم الله فيستحلونه ويحرمون عليهم ما أحل الله فيحرمونه فتلك عبادتهم لهم)[27]، وقد وصف الله المشركين بأنهم ﴿ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ ﴾ [التوبة: 29]، وقال الله - عز وجل -: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ﴾ [يونس: 59].



إن فصل الدين عن سائر شؤون الحياة وهي ما يعرف بالعلمانية والتي تدعوا إلى إقامة حياة لا علاقة لها بالدين ولا تعترف بحلال ولا حرام ويعيش الناس في ظل هذا النظام كالبهائم، هي من مظاهر الشرك بالله فالله - عز وجل - قال: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65]، وهنا يجب أن أنبه إلى أن بعض المسلمين يصلون ويؤدون الفرائض وعند معاملاتهم الاقتصادية وحياتهم الاجتماعيه لا يراعون لشرع الله حرمة ويقولون العبارة المشهورة (الدين في المسجد) وهذه حقيقة العلمانية والتي هي ومن اعتقد أن شرع الله لا يحكم في معاملات الناس كفر بالله وبشرعه وبنبيه الكريم.[28].
يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 40.47 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 39.84 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.55%)]