تفسير: (فكلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما)
♦ الآية: ﴿ فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ﴾.
♦ السورة ورقم الآية: مريم (26).
♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ فَكُلِي ﴾ من الرطب ﴿ وَاشْرَبِي ﴾ من الماء السري ﴿ وَقَرِّي عَيْنًا ﴾ بولدك ﴿ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا ﴾ فسألك عن ولدك ولامَكِ عليه ﴿ فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا ﴾ صَمْتًا؛ أي: قولي له: إني أوجبت على نفسي لله سبحانه ألا أتكلَّم، وذلك أن الله تعالى أراد أن يظهر براءتها من جهة عيسى عليه السلام؛ يتكلم ببراءة أمِّه وهو في المهد، فذلك قوله: ﴿ فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ﴾.
♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قوله سبحانه وتعالى: ﴿ فَكُلِي وَاشْرَبِي ﴾؛ أي: فكلي يا مريم من الرطب واشربي من ماء النهر، ﴿ وَقَرِّي عَيْنًا ﴾؛ أي: طيبي نفسًا، وقيل: قري عينك بولدك عيسى؛ يُقال: أقر الله عينك؛ يعني: صادف فؤادك ما يرضيك، فتقر عينك من النظر إليه، وقيل: أقرَّ الله عينه؛ يعني: أنامها، يُقال: قر يقر إذا سكن، وقيل: إن العين إذا بكت من السرور، فالدمع بارد، وإذا بكت من الحزن؛ فالدمع يكون حارًّا، فمن هذا قيل: أقرَّ الله عينه وأسخن الله عينه.
﴿ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا ﴾؛ أي تري، فدخل عليه نون التأكيد، فكسرت الياء لالتقاء الساكنين؛ معناه: فإما ترين من البشر أحدًا فيسألك عن ولدك، ﴿ فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا ﴾؛ يعني: صَمْتًا، وكذلك كان يقرأ ابن مسعود رضي الله عنه، والصوم في اللغة: الإمساك عن الطعام والشراب والكلام؛ قال السدي: كان في بني إسرائيل من إذا أراد أن يجتهد صام عن الكلام كما يصوم عن الطعام، فلا يتكلم حتى يمسي، وقيل: إن الله تعالى أمرها أن تقول هذا إشارةً، وقيل: أمرها أن تقول هذا القدر نطقًا، ثم تُمسِك عن الكلام بعده، ﴿ فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ﴾ يُقال: كانت تُكلِّم الملائكة ولا تُكلِّم الإنس.
تفسير القرآن الكريم