عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 09-06-2020, 08:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,740
الدولة : Egypt
افتراضي رد: وما تجزون إلا ما كنتم تعملون

الخطبة الثانية
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.

قوله عز وجل: ï´؟ أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لَآَكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ * ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ * إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آَبَاءَهُمْ ضَالِّينَ * فَهُمْ عَلَى آَثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ ï´¾ [الصافات: 62 - 70].

أي أذلك النعيم الذي أخبر الله عز وجل به، والذي صوره الله عز وجل لنا أبلغ تصوير، هل هو خير أم شجرة الزقوم؟
وشجرة الزقوم عباد الله: شجرة تخرج في أصل الجحيم، جعلها الله عز وجل فتنة؛ أي عذابًا للظالمين؛ أي الذين ظلموا أنفسهم، وقيل: فتنة؛ لأن هذا من الأمور الخبرية، فالناس اعتادوا أن الشجر في الدنيا يحتاج إلى الماء، وأن النار تحرق الشجر، فكيف بشجرة تخرج في أصل الجحيم، طلعها كأنه رؤوس الشياطين، أي ثمرها كأنه رؤوس الشياطين، فهذا تشبيه بالغيب، فلم ير الناس رأس الشيطان، ولكنهم يتصورون الشيطان في أبشع صورة، كما أنهم يتصورون الملك في أحسن صورة، كما قال النسوة: ï´؟ إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ ï´¾ [يوسف: 31]، يصفون يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والتسليم؛ لأن الناس يتصورون الملائكة في أحسن صورة، ويتصورون الشياطين في أبشع صورة، فهذه الشجرة عباد الله تخرج في قعر الجحيم وفي أصل الجحيم، وتتفرع فروعها في دركات النار.


يقول ابن عباس رضي الله عنهما: "لو أن قطرة من الزقوم قطرت في بحار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا طعامهم"[3]، فكيف بمن يأكل من هذه الشجرة عباد الله؟

وقال بعضهم: "ما نهش منها نهشة إلا ونهشت منه مثلها"، جعلها الله عز وجل فتنة للظالمين كما جعل الله عز وجل عدة؛ أي عدد حراس النار وملائكة العذاب فتنة أيضًا: ï´؟ وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً ï´¾ [المدثر: 31]؛ أي عددهم، قال عز وجل: ï´؟ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ï´¾ [المدثر: 30].


فقال المشركون يستقلون هذا العدد، قال بعضهم: أنا علي بكذا، وأنت عليك بكذا، وما دروا أن ملكًا واحدًا من هؤلاء الملائكة لو صاح في بلدة لصعق مَن فيها وقتل مَن فيها، كما أن جبريل صاح في ثمود صيحة فماتوا عن آخرهم، وكما أن جبريل حمل قرى اللوطية على طرف جناحه، فقلَبَها فجعل عاليها سافلها، فهذا من جهلهم بالله عز وجل، ومن جهلهم بعظمة ملائكة الله عز وجل، فجعل الله عز وجل الإخبار بعددهم فتنة للكافرين، كذلك جعل هذه الشجرة التي تخرج في النار، وتتغذى بالنار، فتنةً للظالمين، لكنهم لو عقلوا لعلموا أن الله عز وجل الذي جعل الماء يغذي الشجرة في الدنيا، هو قادر عز وجل على أن يخلق شجرة في النار تتغذى بالنار، لا تتغذى بالماء.


ï´؟ أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لَآَكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ï´¾ [الصافات: 62 - 66]؛ أي: يملؤون بطونهم من هذه الشجرة الخبيثة، ï´؟ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ ï´¾ [الصافات: 67]؛ أي يخلط الزقوم شديد المرارة بالحميم شديد الحرارة، ï´؟ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ * ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى الجَحِيمِ ï´¾ [الصافات: 67، 68].

ثم قال الله عز وجل مبينًا سبب ضلالهم: ï´؟ إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ï´¾ [الزخرف: 23].


فهم وجدوا أسلافهم، ووجدوا آباءهم، ووجدوا الناس على طريق، فهم ساروا على هذه الطريق، لم يتفكروا بعقولهم، ولم يتدبروا في صدق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولم يطلبوا الهداية من الله عز وجل؛ بل قال قائلهم: ï´؟ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ï´¾ [الأنفال: 32].

قلوب لا تريد الهداية، ولا تقبل الهداية، ولا تستحق الهداية، فلو كانت تريد الهداية لقالت: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا إليه، ولكنه مجرد المعاندة والكفر، والتمرد والعصيان، ï´؟ إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ * فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ ï´¾ [الصافات: 69، 70].


أي: يهرولون في طريق الباطل والضلال، لا يطلبون الهداية ولا يستهدون الله عز وجل، ولا يسألون الله عز وجل أن يوفقهم لما اختلف فيه من الحق بإذنه.

نسأل الله عز وجل أن يرزقنا يقينًا وإيمانًا.

اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا أبدًا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا.

اللهم اهدنا واهد بنا.


اللهم آثرنا ولا تؤثر علينا، وامكر لنا ولا تمكر علينا، وانصرنا على من بغى علينا.

اللهم عليك بالأمريكان الحاقدين، واليهود الغاصبين، ومن والاهم من المنافقين والعلمانيين، اللهم دمرهم تدميرًا، والعنهم لعنًا كبيرًا، اللهم أحصهم عددًا واقتلهم بددًا، ولا تغادر منهم أحدًا.

اللهم اهد شباب المسلمين يا رب العالمين، واهد أطفال المسلمين، واهد شيوخ المسلمين.

اللهم اهد نساء المسلمين للعفة والحجاب والحياء يا رب العالمين.


اللهم بلغنا رمضان يا رب العالمين، اللهم بلغنا رمضان، اللهم بلغنا رمضان، اللهم سلمنا إلى رمضان، وتسلمه منا متقبلاً.

اللهم وفقنا لبلوغ رمضان، وارزقنا قيامه وصيامه يا رب العالمين.

اللهم ارفع عن بلاد المسلمين الغلا، والوبا، والربا، والزنا، وردهم إليك ردًّا جميلاً.

وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.

[1] البخاري (3099)، ومسلم (327)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
[2] مسلم (271) من حديث أبي سعيد رضي الله عنه.
[3] الترمذي (2510)، وابن ماجه (4316) من حديث ابن عباس مرفوعًا، وضعفه الألباني في "ضعيف ابن ماجه" (4325)، وصححه في "صحيح الجامع" (5250).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.19 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.64%)]