عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 26-04-2020, 10:59 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,410
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القرآن .......... وليالى رمضان متجدد



رمضان والقرآن
محمد حسين يعقوب
(3)
قال ابن رجب - رحمه الله - في "لطائف المعارف": "الصيام يشفع لمن منعه الطعام والشهوات المحرمة كلها، سواء كان
تحريمها يختص بالصيام كشهوة الطعام والشراب والنكاح ومقدماتها، أو لا يختص كشهوة فضول الكلام المحرمة، والنظر المحرم والسماع المحرم، والكسب المحرم، فإذا منعه الصيام من هذه المحرمات كلها فإنه
يشفع له عند الله يوم القيامة،
ويقول: يا رب .. منعته شهواته فشفعني فيه، فهذا لمن حفظ صيامه ومنعه من شهوات، فأما من ضيع صيامه ولم يمنعه مما حرم الله عليه، فإنه جدير أن يضرب به وجه صاحبه ويقول له: ضيعك الله كما ضيعتني.

قال بعض السلف: إذا احتُضرِ المؤمن يقال للملك: شُمَّ رأسه، قال: أجد في رأسه القرآن، فيقاله: ثم قلبه، فيقول: أجد في قلبه الصيام، فيقال: شم قدميه، فيقول: أجد في قدميه القيام، فيقال: حفظ نفسه حفظه الله -عز وجل-.
وكذلك القرآن إنما يشفع لمن منعه من النوم بالليل، من قرأ القرآن وقام به فقد قام بحقه فيشفع له، أما من كان معه القرآن فنام عنه بالليل ولم يعمل به بالنهار، فإنه ينتصب القرآن خصما له يطالبه بحقوقه التي ضيعها" اهـ.
وقد "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، وكان جبريل يلقاه كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة" (1).
قال ابن رجب: "دل الحديث على استحباب دراسة القرآن في رمضان والاجتماع على ذلك، وعَرْضِ القرآن على من هو أحفظ


له، وفيه دليل على استحباب الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان.
وفي الحديث أن المدارسة بين جبريل عليه السلام وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت ليلًا، فيدل ذلك على
استحباب الإكثار من تلاوة القرآن ليلًا، فإن الليل تنقطع فيه الشواغل ويجتمع فيه الهم، ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر كما قال تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل: 6] " اهـ.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قرأ بمائة آية في ليلة كتب له قنوت ليلة" (2)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "يأتي القرآن يوم القيامة فيقول: يا رب حَلِّه، فيلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زده، فيلبس حُلَّة الكرامة، ثم يقول: يا رب ارض عنه، فيرضى عنه، فيقول: اقرأ وارْقَ، ويُزاد بكل آيةٍ حسنة" (3).
قال أحمد بن الحواري: إني لأقرأ القرآن وانظر في آية فيُحَيَّر عقلي بها، وأعجب من حفاظ القرآن كيف يهنيهم النوم، ويسعهم

أن يشتغلوا بشيء من الدنيا وهم يتلون كلام الله، أما إنهم لو فهموا ما يتلون، وعرفوا حقه وتلذذوا به، واستحلوا المناجاة به؛ لذهب عنهم النوم فرحًا بما رزقوا.
وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن ..
وكان مالك إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم.

وكان علي الأزدي يختم فيما بين المغرب والعشاء في كل ليلة من رمضان ..
وقال ربيع بن سليمان: كان الشافعي يختم القرآن في شهر رمضان ستين ختمة، ما منها شيء إلا في صلاة.

وكان قتادة يختم القرآن في كل سبع مرة، فإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث ليال مرة، فإذا دخل العشر ختم في كل ليلة مرة ..

وكان النخعى يفعل ذلك في العشر الأواخر منه خاصة، وفي بقية الشهر في ثلاث ..
وكان الأسود يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين، وفي غير رمضان في كل ست ليال ..
إخوتاه ..
هذا شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن عباد الله، وفي بقيته للعابدين مستمتع، وهذا كتاب الله يتلى فيكم بين أظهركم
ويُسْمَع.
وهو القرآن الذي لو أنزل على جبل لرأيته خاشعًا يتصدع، ومع هذا فلا قلب يخشع، ولا عين تدمع، ولا صيام يصان عن الحرام
فينفع، ولا قيام استقام فيرجى في صاحبه أن يشفع، وتراكمت علينا ظلمة الذنوب فهي لا تبصر ولا تسمع ..
كم تتلى علينا آيات القرآن وقلوبنا كالحجارة أو أشد قسوة، وكم يتوالى علينا رمضان وحالنا فيه كحال أهل الشقوة، لا

الشباب منه ينتهي عن الصبوة، ولا الشيخ ينزجر عن القبيح فيلتحق بالصفوة، أين نحن من قوم إذا سمعوا داعي الله أجابوا الدعوة، وإذا تليت عليهم آيات الله جلت قلوبهم جلوة، وإذا صاموا صامت منهم الألسنة والأسماع والأبصار، أفمالنا فيهم أسوة؟، ما بيننا وبين حال الصفا أبعد مما بين الصفا والمروة، كلما حسنت مِنَّا الأقوال ساءت الأعمال ..
فهل من توبةٍ صادقة وعزيمةٍ ماضية .. نتلو كتاب الله بالتدبر والفهم فيكون لنا شافعًا عند ربنا فيرفع ما بنا من غمة ..

هيا لنفهم القرآن مع كيفية تحصيل لذة القرآن:
أيها الإخوة ..

إذا عرفنا الآن أهمية القرآن في العودة بالأمة .. وعرفنا كيف نحفظه ونتعلمه كما حفظه الصحابة؛ لنتربى عليه وعرفنا ما هو المطلوب منا بالنسبة للقرآن في نقاط محددة .. بقي أن نعرف كيف نحصل لذة تلاوته وقراءته، لا سيما ونحن في شهر


القرآن.
__________
(1) متفق عليه، البخاري (6)، ومسلم (2308).
(2) أخرجه أحمد (4/ 103)، وصححه الألباني (644) في "الصحيحة".
(3) أخرجه الترمذي (2915)، وحسنه الألباني (8030) في "صحيح الجامع".




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.37 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.31%)]