نظرات على صيام الصالحين
سادات الصائمين
(65-41)
الشيخ سيد حسين العفاني
(54) صوم سعد بن إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف الزهري:
فقِيه العصر، صائم الدهر، المتعبد القارئ الكاسي العاري سعد بن إبراهيم الزُّهْرِي.
قال شُعبَة: كان سعد بن إبراهيم يصوم الدَّهرَ[23].
كان - رحمه الله - يَحتَبِي فيما يحل حبوته حتى يقرأ القرآن.
قال إبراهيم بن سعد: كان أبي سعد بن إبراهيم إذا كانت ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين، لم يفطر، حتى يَختِم القرآن، وكان يفطر فيما بين المغرب والعشاء الآخرة، وكان يفطر فيما بين المغرب والعشاء الآخرة، وكان كثيرًا إذا أفطر يُرسِلني إلى مساكين يأكلون مَعَه[24].
(55) صوم وكيع بن الجراح:
النصاح والمفهم المفصاح، أبو سفيان وكيع بن الجراح، الإمام الحافظ الرؤاسي محدث العراق، كان من بحور العلم وأئمة الحفظ.
قال يحيى بن معين: وكيع في زمانه كالأوزاعي في زمانه.
قال الإمام أحمد: ما رأيت قط مثل وكيع في العلم والحفظ والإسناد والأبواب مع خشوع وورع.
وقال عنه وكيع: إمام المسلمين في زمانه.
قال له الفضيل بن عياض: ما هذا السمن، وأنت راهب العراق؟ قال: هذا من فرحي بالإسلام فأفحمه[25].
قال يَحيَى بن أكثم: صحِبْت وكيعًا في الحضَر والسَّفَر، وكان يَصُوم الدَّهر، ويختم القرآن كل ليلة[26].
قال الذَّهَبِي: "رضي الله عن وكيع وأين مثل وكيع؟"[27].
قال ابن عمار: كان وكيع يصوم الدهر، ويفطر يوم الشك والعيد[28].
* كان وكيع لا ينام حتى يقرأ جزءه من كل ليلة ثلث القرآن، ثم يقوم في آخر الليل، فيقرأ المفصل، ثم يجلس فيأخُذ في الاستغفار حتى يطلع الفجر.
قال أبو جعفر الجمال: أتينا وكيعًا، فَخَرَج بعد ساعة، وعليه ثياب مَغسُولة، فلما بصرنا به، فزِعْنا من النور الذي يتلألأ من وجهه، فقال رجل بِجَنْبي: أهذا ملك؟ فتَعَجَّبْنا مِن ذلك النور[29].
(56) صوم أبي بكر بن عياش:
القارئ الهشاش، العابد البشاش، أبو بكر بن عياش، كان في العداد واحدًا، وفي العبادة شاهدًا[30].
كان - رحمه الله - يقول: يا ملكَيَّ، ادعوا الله لي؛ فإنكما أطوع لله مني، وكان - رحمه الله - يقول: إن أحدهم لو سقط منه درهم لظل يومًا يقول: إنا لله، ذهب درهمي، ولا يقول ذهب يومي ما عملت فيه[31].
قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (1/79): "هو الإمام المجمع على فضله".
روينا عن ابنه إبراهيم قال: قال لي أبي: إن أباك لم يأت بفاحشة قط، وإنه يختم القرآن منذ ثلاثين سنة كل يوم مرة.
وروينا عنه أنه قال لابنه: يا بني، إياك أن تعصيَ الله في هذه الغرفة، فإني ختَمْت فيها اثنى عشر ألف ختمة.
وروينا عنه أنه قال لابنته عند موته، وقد بكت: يا بنية، لا تبكي، أتخافين أن يعذبني الله تعالى، وقد ختمت في هذه الغرفة أربع وعشرين ألف ختمة.
قال الحافظ ابن حجر في ترجمته:
"ولد سنة 95 أو 96، ومات سنة 193، وكان قد صام سبعين سنة وقامها، وكان لا يعلم له بالليل نوم"[32].
يتبع