عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 11-03-2020, 02:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,922
الدولة : Egypt
افتراضي رد: جامع البيان في هدي خير العباد



إن الله سبحانه وتعالى علَّق بالهلال أحكامًا كثيرة؛ كالصوم والحج، والأعياد والعدد، والإيلاء وغيرها؛ لأنَّ الهلال أمرٌ مشهود مرئيٌّ بالأبصار، ومِن أصحِّ المعلومات ما شُوهِد بالأبصار، ولأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جعَل الحكم بالهلال معلَّقًا على الرؤية وحدَها؛ لأنها الأمر الطبيعي الظاهر الذي يستطيعُه عامة الناس، فلا يحصل لَبسٌ على أحدٍ في أمر دينه، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((إنا أمَّة أميَّة لا نَكتب ولا نَحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا))؛ يعني مرَّةً تسعة وعشرين ومرة ثلاثين، وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا تصوموا حتى ترَوُا الهلال، ولا تُفطروا حتى تروه؛ فإن غمَّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين)).

ومن هذا يتبيَّن أن المعوَّل عليه في إثبات الصوم والفِطْر وسائرِ الشهور هو الرؤية، أو إكمال العدة، ولا عِبرة شرعًا بمجرد وِلادة القمر في إثبات الشهر القمري بَدءًا وانتهاءً بإجماع أهل العلم المعتدِّ بهم، ما لم تَثبُت رؤيته شرعًا. وهذا بالنسبة لتوقيت العبادات، ومَن خالف في ذلك من المعاصرين فمَسبوقٌ بإجماعِ مَن قبله، وقولُه مردود؛ لأنه لا كلام لأحدٍ مع سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا مع إجماع السَّلَف. أما حسابُ سَيْر الشمس والقمر فلا يُعتبَر في هذا المقام؛ لما ذكَرنا آنفا، ولما يأتي:

أ - أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالصَّوم لرؤية الهلال، والإفطار لها في قوله: ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته))، وحصَر ذلك فيها بقوله: ((لا تَصوموا حتَّى ترَوُا الهلال ولا تفطروا حتى تروه)).

وأمَر المسلمين إذا كان غيمٌ ليلةَ الثَّلاثين أن يُكمِلوا العدَّة، ولم يأمر بالرجوع إلى عُلماء النُّجوم. ولو كان قولهم هو الأصل وحدَه، أو أصلاً آخَر مع الرؤية في إثباتِ الشهر لبيَّن ذلك. فلما لم يُنقَل ذلك، بل نُقِل ما يخالفه، دلَّ ذلك على أنه لا اعتبار شرعًا لِمَا سِوى الرؤية، أو إكمال العدة ثلاثين في إثبات الشهر، وأن هذا شرعٌ مستمرٌّ إلى يوم القيامة؛ قال الله تعالى: ï´؟ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ï´¾ [مريم: 64].

ودعوى أنَّ الرؤية في الحديث يُراد بها العلم، أو غلَبةُ الظنِّ بوجود الهلال، أو إمكان رؤيته، لا التعبُّد بنفس الرؤية - مردودةٌ؛ لأن الرؤية في الحديث متعدِّية إلى مفعول واحد، فكانت بصَريَّة لا عِلمية، ولأن الصحابة فَهِموا أنها رؤيةٌ بالعين، وهم أعلمُ باللغة ومقاصد الشريعة مِن غيرهم. اهـ. انظر مجموع فتاوى ابن باز (15/ 109).




[7] قال ابن العثيمين رحمه الله في مجموع الفتاوى سؤال رقم/ 614: صيام يوم الشكِّ أقربُ الأقوال فيه أنه حرام؛ لقول عمار بن ياسر رضي الله عنه: "مَن صام اليوم الذي يُشكُّ فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم"، ولأن الصائم في يوم الشك مُتعدٍّ لحدود الله عز وجل؛ لأن حدود الله أن لا يُصام رمضانُ إلا برؤية هلاله، أو إكمال شعبانَ ثلاثين يومًا، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((لا يتقدَّمن أحدُكم رمضانَ بصوم يوم أو يومين، إلا رجلٌ كان يصوم صومًا فليَصمه)).

ثم إن الإنسان الذي تحتَ ولايةٍ مسلمة يتبع ولايته، إذا ثبَت عند وليِّ الأمر دخولُ الشهر فليصمه تبعًا للمسلمين، وإذا لم يثبت فلا يَصُمه. اهـ.




[8] أخرجاه في الصحيحين؛ البخاري برقم/ 1773 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الهلال فصوموا، ومسلم برقم/ 1795 - باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال.




[9] انظر حديث رقم/ 199 في صحيح الجامع.




[10] قال العلامة ابن باز رحمه الله ردًّا على سؤال: إذا كان في الجوِّ سحابٌ أو غبار؛ هل يَجِب أو يُشرَع صيامُ يوم الشك احتياطًا؛ لاحتمال أنَّ الشهر قد دخل؟

فقال رحمه الله: لا يجوز صيام يوم الشكِّ ولو كانت السماء مغيمة، هذا الصواب؛ لأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يومًا))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا تقَدَّموا رمضان بصوم يومٍ ولا يومين، إلا رجل كان يصوم صومًا فليصمه)).

وأما ما يُروى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يصوم يوم الثلاثين إذا كان غيمًا، فهذا اجتهادٌ منه رضي الله عنه، والصواب خلافه، وأن الواجب الإفطار، وابن عمر اجتهَد في هذا المقام، ولكنَّ اجتهاده مُخالِفٌ للسُّنة عفا الله عنه، والصواب أن المسلمين عليهم أن يُفطروا يوم الثلاثين إذا لم يُرَ الهلال، ولو كان غيمًا فإنه يجب الإفطار، ولا يجوز الصوم حتى يَثبُت الهلال أو يُكمِل الناس العدة - عدةَ شعبان - ثلاثين يومًا، هذا هو الواجب على المسلمين، ولا يجوز أن يُخالَف النصُّ لقولِ أحدٍ من الناس؛ لا لقول ابن عمر، ولا غيره؛ لأن النص مقدَّم على الجميع؛ لقول الله سبحانه وتعالى: ï´؟ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ï´¾ [الحشر: 7]، ولقوله جل وعلا: ï´؟ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ï´¾ [النور: 63]؛ انظر مجموع فتاوى ابن باز (15/ 408).




[11] أخرجه البخاري برقم/ 1774 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتم الهلال فصوموا.




[12] قلت: التبييت: وهو إيقاع النية في الليل، ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر، لحديث ابن عمر عن حفصة رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من لم يُجمع الصيام قبل الفجر، فلا صيام له))؛ انظر صحيح الجامع.

وهذا بخلاف صيام النافلة، فلا يشترط فيه تبييتُ النية؛ لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيجب تبييتُ الصيام في كل ليلة من ليالي رمضان - عند الجمهور - لأن كل يوم عبادةٌ مستقلَّة لا يَرتبط بعضُه ببعض، ولا يَفسُد بفسادِ بعضه، ويتخلَّلها ما يُنافيها، وهو الليالي التي يحلُّ فيها ما يَحرُم في النهار، وهذا هو الصواب، ولكن لابن عثيمين رحمه الله وغيرِه من أهل العلم قولٌ آخرُ لا يَخلو من نظر.

قال رحمه الله: "من المعلوم أن كلَّ شخص يقوم في آخر الليل ويتسحَّر فإنه قد أراد الصوم ولا شكَّ في هذا؛ لأن كل عاقل يفعل الشيء باختياره، لا يمكن أن يفعله إلا بإرادة. والإرادة هي النية، فالإنسان لا يأكُل في آخر الليل إلا من أجل الصوم، ولو كان مُراده مجرد الأكل لم يكن مِن عادته أن يأكل في هذا الوقت. فهذه هي النية، ولكن يحتاج إلى مثل هذا السؤال فيما لو قُدِّر أن شخصًا نام قبل غروب الشمس في رمضان وبقي نائمًا لم يوقظه أحدٌ حتى طلع الفجر من اليوم التالي فإنه لم يَنوِ مِن الليل لصوم اليوم التالي فهل نقول: إن صومه اليوم التاليَ صومٌ صحيح بناء على النية السابقة؟ أو نقول: إن صومه غير صحيح؛ لأنه لم يَنوِه من ليلته؟

نقول: إن صومه صحيح؛ لأن القول الراجح أن نية صيام رمضان في أوله كافية، لا يَحتاج إلى تجديد النية لكل يوم، اللهم إلا أن يوجد سببٌ يُبيح الفطر، فيفطر في أثناء الشهر، فحينئذ لا بد من نية جديدة للصوم". اهـ - انظر مجموع فتاوى ابن عثيمين (19/ 176)




[13] أخرجه البخاري برقم/ 1 - باب بدء الوحي.




[14] قال الألباني رحمه الله في تمام المنة في تعليقه على فقه السنة (ص/ 417) عند قول السيد سابق رحمه الله: "فإذا طلَع الفجر وفي فمِه طعام وجَب عليه أن يَلفِظَه" - ما مختصره: هذا تقليدٌ لبعض الكتب الفقهية، وهو مما لا دليلَ عليه في السنة المحمدية، بل هو مخالفٌ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا سمع أحدُكم النِّداءَ والإناءُ على يده، فلا يضَعْه حتى يقضيَ حاجته منه))... ثم قال: وفيه دليلٌ على أنَّ مَن طلع عليه الفجر وإناءُ الطعام أو الشراب على يده، أنه يجوز له أن لا يضَعه حتى يأخذ حاجته منه، فهذه الصورة مستَثناة من الآية: ï´؟ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ï´¾ [البقرة: 187]، فلا تَعارُض بينَها وما في معناها من الأحاديث، وبين هذا الحديث، ولا إجماعَ يُعارضه، بل ذهب جماعةٌ من الصحابة وغيرهم إلى أكثر مما أفاده الحديث، وهو جواز السحور إلى أن يتَّضِح الفجر، وينتشر البياض في الطُّرق - راجع الفتح - لأنَّ مِن فوائد هذا الحديث إبطالَ بدعةِ الإمساك قبل الفجر بنحو ربع ساعة! لأنهم إنما يَفعلون ذلك خشية أن يُدرِكَهم أذانُ الفجر وهم يتسحَّرون، ولو عَلموا هذه الرُّخصة لما وقَعوا في تلك البدعة؛ فتأمَّل! انتهى كلام الالباني من كتاب تمام المنة.

وزاد ابن عثيمين رحمه الله في جلساته الرمضانية 1410 هـ - 1415 هـ - (الدرس/ 23) ردًّا على سؤال: هل يمكن أن نوجِّه دلالة الحديث الذي أخرجه أحمد وأبو داود وغيرهما بسندٍ صحيح من رواية أبي هريرة مرفوعًا: ((إذا سمع أحدُكم النِّداء والإناءُ على يده فلا يضَعْه حتى يقضيَ حاجته منه))، زاد أحمدُ وغيره بسند صحيح على شرط مسلم: "وكان المؤذِّن يؤذِّن إذا بزَغ الفجر"، هل يمكن أن يُوجَّه الحديث على ما إذا أذَّن المؤذن في بداية بُزوغ الفجر؛ فإن الله قد أرخص له، إذا كان على هذه الصفة، وهو إذا رفعَه إلى فيه؟

فقال رحمه الله:

نعم، أنا عندي أنَّ هذا الحديث موجَّهٌ على أحدِ وجهين:

الوجه الأول: إما أن يكون المؤذن يؤذن بالتحرِّي، والذي يؤذن بالتحري قد يُصيب وقد لا يصيب، كالمؤذِّنين عندَنا الآن.

والوجه الثاني: أن يكون ذلك بالتأذين من المؤذِّن عن يقينٍ، ومشاهدته للفجر؛ ولكن هذا من باب الرُّخصة، لما كان الإنسان رفع الماء ليشرب، تعلَّقَت به نفسه، ولهذا لو كان في الأرض لا تحمله، لا ترفعه من الأرض، بل لا بد أن يكون في يدك، وإلاَّ كانت النَّفسُ قد تعلَّقَت بهذا الماء الذي رفعه، كان مِن رحمة الله عزَّ وجلَّ أن يَقضي الإنسان نَهْمتَه منه، كما لو حضَر الطعام والإمام يصلِّي فإنك تأكل من الطعام، ولو فاتتك الصلاة، فتُسقط بذلك واجبًا؛ لأن نفسَك متعلقة بهذا الطعام الذي قُدِّم بين يديك.

فالحديث لا يَخرج عن أحد هذين الوجهين.

الوجه الأول ما هو؟ أن المؤذن يؤذن بالتحري؛ لكن هذا قد يمنعه روايةُ أحمد، أنه يؤذن حين بزوغ الفجر؛ إلا أنه يؤيده ما ثبت في الصحيحين من قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ((إنَّ بلالاً يؤذِّن بليل؛ فكُلوا واشربوا حتى تسمعوا أذانَ ابنِ أمِّ مكتوم؛ فإنه لا يؤذِّن حتى يَطلُعَ الفجر)) هكذا جاء الحديث مرفوعًا بهذا اللفظ.

الوجه الثاني: قلنا: إن هذا من باب الرخصة، وهو أنه لما اشتدَّ تعلُّق النفس بهذا الماء المرفوع رخَّص له الشارع أن يَقضي نَهمته منه، وإن كان في وقتٍ يُمنع منه، ونظير ذلك: ((لا صلاةَ بحضرة طعام)) أو ((إذا قُدِّم العَشاء فابدَؤوا به قبلَ صلاة العِشاء)). أمَّا ما يفعله بعض النَّاس إذا أذَّن قدَّم السحور، هذا لا يتَّفق أبدًا، لا مع الحديث ولا مع نصِّ الآية. اهـ.

قلتُ: والحاصل أن الحديث حسنٌ وثابتٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن لا يجيز الحديثُ للصائم أن يستمر في الأكل والشرب خلال أذان الفجر الصادق، ولا يمكن أن يقال هذا، بل يمتنع عن الطعام والشراب، ويقتصر على أكلِ ما في يديه؛ للرُّخصة في ذلك، والله أعلم.




[15] انظر صحيح وضعيف سنن أبي داود (برقم/ 2350) للألباني.




[16] قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: ففيه بركةٌ لكونه مُعينًا على طاعة الله، وفيه بركة لأنه امتثالٌ لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، وفيه بركةٌ لأنه اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلَّم، وفيه بركة لأنه يُغني عن عدة أكلات وشرابات في النهار، وفيه بركة لأنه فَصْل بين صيامنا وصيام أهل الكتاب؛ فهذه خمسة أوجُهٍ من بركته.




[17] أخرجاه في الصحيحين؛ البخاري برقم/ 1789 - باب بركة السحور من غير إيجاب، ومسلم برقم/ 1835 - باب فضل السحور وتأكيد استحبابه.




[18] أخرجه مسلم برقم/ 1836 - باب فضل السحور وتأكيد استحبابه.




[19] قال الشيخ ابن باز رحمه الله: الواجب على الصائم إذا كان صومُه فرضًا أن يُمسِك عن الطعام والشراب وسائر المفطرات بعد التأكد من طلوع الفجر، أو سماع أذان المؤذن الذي من عادته أن يؤذن مع طلوع الفجر، أو على التقويم المؤقت بطلوع الفجر؛ لقول الله سبحانه: ï´؟ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ï´¾ [البقرة: 187]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يناديَ ابن أم مكتوم))، وكان رجلاً أعمى لا يُنادي حتى يُقالَ له: أصبحتَ أصبحت.

فإذا أكل بعد ذلك أو شرب أو تَعاطى شيئًا من المفطرات بطَل صومه.

أما المتطوِّع فلا يتم صومه إلا إذا أمسك عن الطعام والشراب وسائر المفطرات عند طلوع الفجر كالمفترض؛ فإن أكل أو شرب أو تعاطى شيئًا من المفطرات بعد طلوع الفجر أو بعد الأذان المؤقَّت على طلوع الفجر فلا صوم له، لكنه يَختلف عن الصائم المفترِض في أنه يجوز له أن يصوم من أثناء النهار، إذا كان لم يَتعاطَ شيئًا من المفطرات بعد طلوع الفجر، ويكتب له أجر الصائم من حين نيَّتِه؛ لقول عائشة رضي الله عنها: "دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: ((هل عندكم شيء؟)) قلنا: لا. قال: ((فإني إذا صائم)). ثم أتانا يومًا آخر فقلنا: أُهدِيَ لنا حيس، فقال: ((أرينيه فلَقد أصبحتُ صائمًا)) فأكل"؛ انظر مجموع فتاوى ابن باز (15/ 287).




[20] أخرجاه في الصحيحين؛ البخاري برقم/ 587 - باب الأذان قبل الفجر واللفظ له، ومسلم نحوه برقم/ 1829 - باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر.




[21] قال ابن حجر رحمه الله في فتح الباري في شرح الحديث: وكانت العرب تُقدِّر الأوقات بالأعمال؛ كقوله: قدر حلبِ شاة، وقدر نحرِ جَزور، فعدَل زيدُ بن ثابت عن ذلك إلى التقدير بالقراءة؛ إشارةً إلى أن ذلك الوقت كان وقت العبادة بالتلاوة، ولو كانوا يقدِّرون بغير العمل لقال مثلاً: قدر درجة أو ثُلث خمس ساعة. وقال ابن أبي جَمرة: فيه إشارةٌ إلى أنَّ أوقاتهم كانت مستغرَقةً بالعبادة. وفيه تأخيرُ السحور؛ لكونه أبلغَ في المقصود. قال ابن أبي جمرة: كان صلى الله عليه وسلم يَنظر ما هو الأرفَقُ بأمَّتِه فيفعله؛ لأنه لو لم يتسحَّر لاتَّبَعوه فيشق على بعضهم، ولو تسحَّر في جوف الليل لشق أيضًا على بعضهم ممن يغلب عليه النوم؛ فقد يُفضي إلى تَرْك الصبح، أو يحتاج إلى المجاهدة بالسهر. وقال: فيه أيضًا تقويةٌ على الصيام لعموم الاحتياج إلى الطعام، ولو ترك لشقَّ على بعضهم ولا سيما من كان صفراويًّا فقد يُغشى عليه فيفضي إلى الإفطار في رمضان. قال: وفي الحديث تأنيسُ الفاضل أصحابَه بالمؤاكَلة، وجواز المشي بالليل للحاجة؛ لأنَّ زيد بن ثابت ما كان يَبيت مع النبي صلى الله عليه وسلم. وفيه الاجتماعُ على السحور، وفيه حُسنُ الأدب في العبارة؛ لقوله: "تسحَّرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم"، ولم يقل: نحن ورسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لما يُشعِر لفظ المعيَّة بالتبعية. اهـ.




[22] أخرجه البخاري برقم/ 1787 - باب قدر كم بين السحور وصلاة الفجر.




[23] قال ابن القيم في زاد المعاد في هدي خير العباد (2/ 47) ما نصُّه: كان يحضُّ على الفطر بالتمر فإن لم يجد فعلى الماء، هذا مِن كمال شفَقتِه على أمته ونُصحِهم؛ فإنَّ إعطاء الطبيعة الشيء الحلو مع خلوِّ المعدة أدعى إلى قَبوله وانتفاع القُوَى به، ولا سيما القوة الباصرة فإنها تَقْوى به، وحلاوة المدينة التمر، ومرباهم عليه، وهو عندهم قوتٌ وأدَم، ورُطَبُه فاكهة، وأما الماء فإن الكبد يحصل لها بالصوم نوعُ يبس، فإذا رطبت بالماء كمل انتفاعها بالغذاء بعده، ولهذا كان الأولى بالظَّمآن الجائع أن يَبدأ قبل الأكل بشُرب قليلٍ من الماء، ثم يأكل بعده، هذا مع ما في التمر والماء من الخاصية التي لها تأثيرٌ في صلاح القلب لا يعلمها إلا أطبَّاء القلوب. اهـ.




[24] قال الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة في شرح الحديث رقم2081 - ما نصُّه:

"وإنَّ من المؤسف حقًّا أنَّنا نرى الناس اليوم قد خالفوا السُّنة؛ فإنَّ الكثيرين منهم يرَون غروب الشمس بأعيُنِهم، ومع ذلك لا يُفطِرون حتى يَسمعوا أذانَ البلد، جاهلين أولاً: أنه لا يؤذَّن فيه على رؤية الغروب، وإنما على التوقيت الفلكي. وثانيًا: أن البلد الواحد قد يَختلف الغروبُ فيه من موضعٍ إلى آخَر؛ بسبب الجبال والوديان، فرأَينا ناسًا لا يُفطِرون وقد رأَوُا الغروب! وآخَرين يُفطرون والشمسُ بادية لم تَغرب؛ لأنهم سمعوا الأذان! والله المستعان! اهـ.




[25] أخرجاه في الصحيحين؛ البخاري برقم/ 1821 - باب تعجيل الإفطار، ومسلم برقم/ 1838 - باب فضل السحور وتأكيد استحبابه واستحباب تأخيره وتعجيل الفطر.




[26] انظر حديث رقم/ 4995 في صحيح الجامع للألباني.




[27] قال ابن عثيمين رحمه الله ردًّا على سؤال: ما هو الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم عند الإفطار؟

فقال الشيخ رحمه الله: الأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الإفطار لم تَكُن في الصحيحين ولا في أحدهما، لكنها في السنن، ومنها: ((اللهم لك صُمت، وعلى رِزقك أفطرت)) اللهم لك صمت: وهذا إخلاص، وعلى رزقك أفطرت: وهذا شكرٌ لله عز وجل.

ووَرَد أيضًا فيما إذا اشتدَّ الحر وأفطر الصائم: ((ذهَب الظَّمأ وابتلَّت العروق وثبَت الأجرُ إن شاء الله))؛ فقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ذلك حين إفطاره، وهذا الحديث واضحٌ أنه في يوم كان شديد الحر؛ لأن العروق يابسة، والظمأ حصل، فإذا شرب قال: ((ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر)) أجر الصوم، وأجر مشقة الظمأ. انظر جلسات رمضانية 1410 هـ - 1415 هـ درس رقم/ 2.




[28] حسَّنه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم/ 2357.




[29] قال ابن عثيمين في مجموع الفتاوى (20/ 93): واختلف العلماء في معنى ((مَن فطَّر صائمًا)) فقيل: إن المراد مَن فطَّره على أدنى ما يُفطِر به الصائم ولو بتمرة. وقال بعض العلماء: المراد بتفطيره أن يُشبِعه؛ لأن هذا هو الذي يَنفع الصائمَ طولَ ليله، وربما يَستغني به عن السحور، ولكن ظاهر الحديث أن الإنسان لو فطَّر صائمًا ولو بتمرةٍ واحدة فإنه له مثلَ أجره. اهـ.




[30] انظر حديث رقم/ 6415 في صحيح الجامع.




[31] يقول الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (6/ 575): "قوله: "بين أمرَين" أي: مِن أمور الدنيا؛ يدلُّ عليه قوله: "ما لم يكن إثمًا"؛ لأن أمور الدين لا إثم فيها، وقوله: "ما لم يكن إثمًا"؛ أي: ما لم يكن الأسهَلُ مقتضِيًا للإثم؛ فإنه حينئذ يَختار الأشدَّ. وفي حديث أنس عند الطبراني في الأوسط: "إلا اختار أيسَرَهما ما لم يكن لله فيه سخط"". انتهى.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 37.25 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.66%)]