عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 27-02-2020, 09:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,830
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نعم، البخاريُّ ليس إلهًا...

نعم، البخاريُّ ليس إلهًا... الجزء الثاني
يحيى صالح



ثم نعود ونسألك: كيف علمتَ بصحة نسبة هذه الأقوال إلى أصحابها الذين لم تقابلهم؟ هل من كتبهم أم بواسطة العنعنة؟ وكيفما كان الجواب لزمك مثله في اعتماد العلماء لكتب السنة.


قال: قد أخرجَ البخاري أحاديثَ لبعضِ الكاذبين مثل إسماعيل ابن أبى أويس، وقد وصفهُ النسائيُّ بأنه ضعيفٌ، وقال عنه يحيى بن معين: إنه لا يساوى فلسًا، وقال ثالثٌ: إنه وأباه يسرقان الحديثَ، وقال رابعٌ: إنه مخلط، يكذبُ، وليس بشيءٍ، وقال خامسٌ: كان مُغفَّلاً. وابن أبى أويس كان يقولُ: «رُبَّما أضعُ الحديثَ لأهلِ المدينةِ إذا اختلفُوا في شيءٍ فيما بينهم»، إذْ كانَ شخصًا ضعيفًا فيما روى، يتعمَّدُ الكذبَ على رسُول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ثَمَّ كان ينبغي تركُ رواياته، ومع ذلك أخرج له البخاري مع آخرين من المجهُولين والجُهال والضعفاء مثل أسباط أبو اليسع البصري.



نقول: أمَّا إسماعيل بن أبي أويس فننقل أقوال الأئمة المذكورين فيه؛ إذ ينحصر الكلام في الإمام النَّسَائي ويحيى بن معين وتجريحهما إياه، فنقول:



جاء قول ابنِ معينٍ فيه بتجريح وجاء أيضًا بتوثيق، أمَّا تجريحه فبناه على ما أخبرنا به الإمام النَّسَائيِّ أنَّ إسماعيلَ قال: (رُبَّما أضعُ الحديثَ لأهلِ المدينةِ إذا اختلفُوا في شيءٍ فيما بينهم)، فبنى ابن معين والنَّسَائيُّ التجريح على هذا القول.



ولقد أحسن الإمام ابن حجر العسقلاني صاحب (فتح الباري) حين قال:



(وهذا هو الذي بان للنَّسَائيِّ منه حتَّى تجنب حديثه وأطلق القول فيه بأنه ليس بثقة، ولعلَّ هذا كان من إسماعيل في شبيبته ثم انصلح).



فعلى هذا يصح توثيق ابن معين لإسماعيلَ.



على أنَّ الدكتور/ الأعظمي قال في معنى قول إسماعيل ابن أبي أويس (رُبَّما أضعُ الحديثَ لأهلِ المدينةِ إذا اختلفُوا في شيءٍ فيما بينهم):



"قصده: أضع لهم مصنفًا في ذلك، أو أضع الحديث بينهم؛ أي أخبرهم به". انتهى



وهذا من حسن الظن بالعلماء، لا إساءة الظن كما يفعل البعض ممن لا خلاق لهم!



نزيدك علمًا أنه لم يكن من رجال البخاريِّ وحده؛ بل روى له أيضًا الأئمة: مسلم وأبو داود والترمذي والقزويني والدارمي والفسوي وغيرهم، وكان ابن أخت الإمام مالكٍ إمام المدينة.



قال فيه الذهبي في (سير أعلام النبلاء): لا ريب أنه صاحب أفراد ومناكير تنغمر في سعة ما روى، فإنه من أوعية العلم.



على أنَّ مرويات إسماعيل بن أبي أويس في صحيح البخاري على أنواع ثلاثة:



- الأول: موقوفات؛ يعني من كلام أو فعل الصحابة، وليست منسوبةً للنبي صلى الله عليه وسلم، وهذه لا ينبني عليها عمل شرعيٌّ إلا الاستئناس بها فقط لا بناءَ أصلِ العمل عليها من حيث الوجوب والتحريم والثواب والعقاب وغيرها.



- الثاني: متابعات وليست أصولاً، يعني أنَّ إسماعيل بن أبي أويس لا ينفرد بالرواية عن شيخه وإنما يروي البخاريُّ حديثه عنه وعن راوٍ آخرَ في نفس طبقته.



- الثالث: روايات انفرد بها إسماعيل بن أبي أويس في صحيح البخاري ولها شواهد في كتب الحديث الأخرى.



أما طعنك في احتجاج الإمام البخاري بــ (أسباط أبو اليسع)، فنقول:



قال ابن حِبَّان: روى عن شعبةَ أشياءَ لم يتابع عليها.



قال الحافظ ابن حجر: روى عنه البخاري حديثًا واحدًا في البيوع من روايته عن هشام الدستوائي مقرونًا.



يعني أنَّه ليس له في صحيح البخاري ما يستدعي هذا التهويل، هذا على الرغم من عدم انفراده بالرواية بهذا الحديث الواحد!



قال: كما أنهُ أخرج أحاديثَ لرُواةٍ كانوا يأخذون أجرَهُم على رواياتهم، وهؤلاء يُمْنَعُ الأخذُ عنهم، إذ يُساء الظنُّ بهم، مثل يعقوب بن إبراهيم، وأبي نُعَيْمِ الفضل بن دُكَيْنٍ، وهشام بن عَمَّار، وعفَّان بن سالم، لأن هؤلاء يبيعون الحديثَ.



نقول: هل أتيتَ بهذا الفقه من عقلك أم اعتمادًا على كلام الإمام الحافظ ابن الصلاح؟



ها نحن نراك تركتَ –كالعادة- عقلك واعتمدتَ على كلام المحدثين حين تراه في صفك! ألا تستحي؟!



وكلام الإمام ابن الصلاح ننقله بكامله للمنصف؛ إذ يقول:



"من أخذ على التحديث أجراً منع ذلك من قبول روايته عند قوم من أئمة الحديث‏.‏ روينا عن ‏‏إسحاق بن إبراهيم‏‏ أنه سُئل عن المحدث يحدث بالأجر ‏؟‏ فقال‏:‏ لا يكتب عنه‏.‏ وعن ‏‏أحمد ابن حنبل‏ وأبي حاتم الرازي‏‏ نحو ذلك‏.‏ وترخص ‏أبو نعيم الفضل بن دكين‏‏ و‏‏علي بن عبد العزيز المكي‏، وآخرون، في أخذ العوض على التحديث‏.‏ وذلك شبيه بأخذ الأجرة على تعليم القرآن ونحوه‏.‏ غير أن في هذا من حيث العرف خرماً للمروءة، والظن يساء بفاعله، إلا أن يقترن ذلك بعذر ينفي ذلك عنه، كمثل ما حدثنيه الشيخ أبو المظفر، عن أبيه الحافظ أبي سعد السمعاني‏:‏ أن أبا الفضل محمد بن ناصر السلامي ذكر‏:‏ أن أبا الحسين بن النقور فعل ذلك، لأن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي أفتاه بجواز أخذ الأجرة على التحديث، لأن أصحاب الحديث كانوا يمنعونه عن الكسب لعياله، والله أعلم‏.‏"انتهى كلام الإمام ابن الصلاح.



وهنا نرى أنَّ المسألة خلافية وليست كما عرضتها أنت كأنها مسلَّمات بديهيات!



ومع هذا فالكلام فيمن ذكرتَ أسماءهم لم تخرج مسألتهم عن كونهم ممن فيهم الخلاف المذكور في كلام ابن الصلاح، وهم أيضًا لم يخرجوا عن كونهم ثقاتٍ.



يؤيد هذا ما ذكره الحافظ السخاوي في "فتح المغيث" قال:



(قال الإمام أحمد: شيخان كان الناس يتكلمون فيهما ويذكرونهما وكنا نلقى من الناس في أمرهما ما الله به عليم، قاما لله بأمر لم يقم به أحد أو كبير أحد مثل ما قاما به؛ عفَّان وأبو نعيم).



ثم قال السخاوي: يعني بقيامهما: عدم الإجابة في المحنة، وبكلام الناس من أجل أنهما كانا يأخذان على التحديث، ووَصَفَ أحمدُ مع هذا عفَّانَ بالمتثبت، وقيل له: مَنْ تابع عفَّانَ على كذا؟ فقال: وعفَّانُ يحتاج إلى أن يتابعه أحدٌ؟ وأبا نعيمٍ –يعني وصفه الإمام أحمد بكونه- الحُجَّةَ الثبتَ، وقال مرة: إنه يُزَاحَمُ به ابنُ عيينة، وهو على قلة روايته أثبت من وكيع. إلـى غير ذلـك من الروايـات عنه؛ بل وعن أبي حاتم في توثيقه وإجلاله.



فيمكن الجمع بين هذا وإطلاقهما كما مضى أولاً عدمَ الكتابة بأن ذاك في حق من لم يبلغ هذه المرتبة في الثقة والتثبت أو الأخذ مختلف في الموضعين كما يشعر به بالسؤال لأحمد هناك).



فيظهر لنا من كلام الإمام أحمد توثيقٌ واضحٌ للإمامين: عفَّان ابن سالم وأبي نُعَيمٍ الفضل بن دُكَينٍ.



وأزيدك على ما سبق بيانًا من تصريح أبي نُعيم نفسه إذ يقول: (يلومونني على الأخذ، وفي بيتي ثلاثة عشر نفسًا، وما فيه رغيف)!



ونسألك أن تعطينا مثالاً واحدًا لمحدث كان يأخذ أجرة على التحديث بينما في بيته ما يكفيه!



ثم نعود إلى نقطة انطلاقك، ومن فمك ندينك:



من أين علمتَ أن هؤلاء كانوا يأخذون أجرة على الرواية؟ هل من عقلك أم اعتمادًا على (كتب) الأسلاف؟!



قال: كما أن البخاري أخرجَ أحاديثَ لرُواةٍ ممَّن عُرِفَ عنهم التدليسُ والخِداعُ وإخفاء العُيُوب.



نقول: سبق أثناء الرد على مقالك الأول بيان أنَّ العلماء لم يأخذوا عن المدلسين إلا ما صرَّحوا فيه بالتحديث، وما هو في الصحيحين (البخاري ومسلم) من قبولهما العنعنة من الموصوفين بالتدليس محمول على رواية المدلس للحديث نفسه في موضع آخر بالتحديث وليس بالعنعنة، أو أن يكون له متابع آخر من غير المعروفين بالتدليس، فكلامك هذا –كما يقولون- شنشنة أعرفها من أخزم؛ بمعنى أنك لم تأتِ بجديد وإنما هو (لف ودوران) دون طائل وإنما ليتوه الجاهل في ثنايا كلامك ويظنه موزونًا!



أمَّا مسألة أن يروي البخاري –أو مسلم- لراوٍ معروف بالخداع وإخفاء العيوب، فهذا هو نفس معنى التدليس، فلا داعي للمزايدة وكثرة الكلام في نفس المعنى.



قال: لقد تعرَّضَتْ- إذن- الأحاديثُ النبويةُ إلى هجماتٍ مُتعاقبةٍ على مرِّ الأزمان، حيثُ لعبت السياسةُ دورًا في الدسِّ على الرسُولصلى الله عليه وسلم، ورُبَّما يكونُ الأُمَوِيُّون والعباسيون هُم مِن أكثر مَنْ دلَّسُوا ودسُّوا وكذبوا على الرسُول صلى الله عليه وسلم في وضع أحاديث ونسبتها إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لدعم حُكم بني أمية، وخدمة وتعضيد مُلكهم، حيث قامت كلُّ فرقةٍ بوضع أحاديث لصالحها تذُمُّ وتَسُبُّ الفرقةَ الأخرى وتنال منها، حيث كانت الدولة الأُمَوِيَّةُ مصدرَ فُرقة، إذْ انتشرت الخُصُومات والتصفيات الجسدية بين أصحاب المِللِ والنِّحَلِ.



نقول: لو أنك قرأتَ قليلاً في تاريخ العلماء الأثبات الذين عاصروا دولة بني أمية لم تتفوه بـهذه الكلمات التي تدلُّ على جهلٍ شديدٍ بمواقفَ لا ينساها التاريخ مهما حاول المبطلون إخفاءها...



انظر إلى الإمام الثبت محمد بن مسلم بن شهاب الزهري جبل الحفظ والإتقان وهو من التابعين الأعلام في هذه الواقعة كمثالٍ وليس للحصر:



سأل هشامٌ بن عبد الملك سليمانَ بنَ يسارٍ عن تفسير قوله تعالى "والذي تولَّى كِبْرَه منهم له عذاب عظيم"، فقال هشام: مَن الذي تولَّى كِبْرَهُ فيه؟ قال سليمان: هو عبدُ الله بنُ أُبَيِّ بنِ سلول، فقال هشام: كذبتَ؛ إنما هو عليُّ بنُ أبي طالبٍ –يريد هشام أن يختبرهم في شدتهم في الحق- فقال سليمانُ بنُ يسار: أمير المؤمنين أعلم بما يقول، ثم وصل الإمام الزهري فسأله هشام نفس السؤال فأجابه الإمام الزهري بنفس الإجابة، فقال له هشام: كذبتَ؛ إنما هو عليُّ بنُ أبي طالبٍ، قال الإمام الزهري وقد امتلأ غضبًا: أنا أكذب؟ لا أبا لك! فو الله لو ناداني منادٍ من السماء أنَّ الله أحلَّ الكذب ما كذبتُ، حدثني عروةُ وسعيدٌ وعُبَيدُ اللهِ وعلقمةُ عن عائشةَ أنَّ الذي تولَّى كِبْرَهُ منهم هو عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ.



هذه الواقعة رواها الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، وإلا فيلزمك تكذيب هذا الإمام العَلَمَ والظهور أمام الناس على حقيقتك!



وما من قصة ترويها في هذا الشأن إلا ويقف العلماء الربَّانيون لك بالمرصاد لتحقيق البهتان والكذب في دعواك، والدَّعَاوَى يُحتجُّ لها لا يُحْتجُّ بها.



أما انتشار الخصومات والتصفيات الجسدية بين أصحاب الملل والنِّحَلِ فهذا مما لا يخفى على مدار التاريخ الإنساني كله؛ سواء في هذا الإسلام أو النصرانية، ولا يخفى علينا (محاكم التفتيش) التي كان أصحاب السلطة الدينية النصرانية ينصبونها لمخالفيهم في المذهب، واقرؤوا في هذا (دمِّروا الإسلام أبيدوا أهله) لمؤلفه/ جلال العالم.



ولدينا من الأحاديث الباطلة والموضوعة في ذمِّ أو مدح شيخ أو إمام أو عالِمٍ الكثير والكثير مما استفاض العلم ببطلانه.



قال: ولهذا أقولُ: إنَّ كُتب الحديث ليست مُقدَّسة، خُصُوصًا (البخاري)، لأنه إلى الآن لم يتم حل الجدل الدائر- رغم بُعد السنين- بين السُّنَّة والشيعة فيما يتعلقُ بالحديثِ النبويِّ، أو رُواته سواء أكانوا ثقاتٍ أم غير ذلك، وهؤُلاء وأولئك لا يعترفُونَ ببعضِهِم. نـقـول: حـسـنًا، ومـا دخل (صـحـيـح) الإمـام البـخـاري فـي الجدل الدائر هذا؟



هل أنت شيعيٌّ فلا تعترف بالثقة في علماء السنة؟ هل تتفضل وتَحُلُّ النزاع بين السنة والشيعة؟ أم لا نأخذ بالأحاديث إلى أن تنتهي المحكمة من البَتِّ في هذه القضية؟!



أو –لنستريح- نلقي بصحيح البخاري في البحر!



أيها المسلمون، خذوا بنصيحة هذا المشفق الجاهل:



لا تقرؤوا الفاتحة في الصلاة، ولا التشهد، ولا تسلموا عن اليمين أو اليسار، ولا تكبروا في بداية الصلاة؛ بل لا تُصَلُّوا أصلاً لأن عدد الركعات لا يثبت إلا بالسنة!



لا تأكلوا الكبد ولا الطحال ولا السمك أساسًا لأن الميتة كلها حرام ولا نعلم حِلَّ السمك إلا بالسنة... وهكذا.



لا تُخرِجُوا الزكاة بمقاديرها المعلومة، ولا تؤدوا مناسك الحج، ولكم أيها الرجال أن تجمعوا بين المرأة وعمتها في الزواج أو المرأة وخالتها...



وكل هذا لأنَّ الأحاديث التي تفيد هذا لا تثبت كما يقول هذا المشفق الجاهل!



قال: فقد روى الصحابةُ- وليس كلُّهم عُدُولاً أو ثُقاتٍ- الكثيرَ عن الأحاديث، ونسبُوها إلى الرسُول.



نقول: أُفٍّ ثم أُفٍّ لهذه العقول الخربة! الصحابة ليس (كلهم) عدولاً أو ثقاتٍ؟



مَن منهم إذاً تختاره ليكون عدلاً أو ثقةً؟



أراك اختصرتَ الطريق وتجاوزتَ البخاريَّ وقفزتَ إلى مأربك لتطعن في الصحابة كما ظهر هذا منك بمقالك الأول وتم الرد عليك فيه!



منهج أهل السنة والجماعة الذي هو ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه القول بعدم عصمة أحدٍ من البشر إلا الأنبياء، والفارق كبير بين قولنا إنهم غير معصومين وبين قولنا إنهم غير ثقاتٍ أو غير عدول..



فالأول يعني إمكانية وقوع الخطأ من بعضهم ولو عن قصد، وهذا واضح من وقوع البعض في الزنا أو السرقة أو شرب الخمر، ولكنها ليست ظاهرة عامة في الصحابة، لذا هم أفضل جيل على الإطلاق من حيث الجملة.



والثاني يعني الطعن فيهم فيما ينقلونه من أمور الدين عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا المعنى مأثور عن الشيعة.



وقد قال ابن كثير: أهل السنة والجماعة يقولون في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة: هو بدعة؛ لأنه لو كان خيرًا لسبقونا إليه، لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها. انتهى.



وقال ابن القيِّم في (مفتاح دار السعادة):



"قد يغلط في مسمى العدالة فيظن أن المراد بالعدل مَنْ لا ذنب له، وليس كذلك؛ بل هو عدل مؤتمن على الدين، وإن كان منه ما يتوب إلى الله منه، فإن هذا لا ينافي العدالة كما لا ينافي الإيمان والولاية" انتهى.



ومع ذلك فلا بدَّ من النظر في غرض من يُخطِّئُ أحدًا من الصحابة، فإن كان مراده ما سبق بيانه من نفي العصمة عن آحادهم، فهذا حق. وأمَّا إن اتُخِذ ذلك سبيلاً إلى سبهم والطعن فيهم أو انتقاصهم حقهم، فهذا من علامات أهل الشقاق والنفاق.



قال: فمع ظاهرة العنعنة، أي النقل عن فلان حتى تطولَ سلسلة (عن) جعل كثيرًا من الأحاديث منافية أو مجافية للعقلِ والنفس، وضعيفة، أو مشكوكًا في صحتها.



نقول: هذه الكلمات كلها وردت بمقالك الأول فلا داعي للإعادة، وليراجعها مشكورًا من أراد الإفادة.



قال: كما أنَّ البخاري يُثبتُ في «صحيحه» أن المُعوذتيْن (سُورتي الفلق والناس) ليستا من القرآن نقلاً عن عبد الله بن عباس:"قل أعوذ برب الفلق، من شر ما خلق، ومن شر غاسق إذا وقب، ومن شر النفاثات في العقد، ومن شر حاسد إذا حسد"، "قل أعوذ برب الناس، ملك الناس، إله الناس، من شر الوسواس الخناس، الذي يوسوس في صدور الناس، من الجِنَّة والناس".





نقول: أولاً: لم ينقل الإمام البخاري عن (ابن عباس) وإنما عن (ابن مسعود)!





ثانيًا: فرق بين النقل وبين طعنك في صحة أحاديث صحيح البخاري؛ فالسؤال هو: هل الإسناد في صحيح البخاري إلى ابن مسعود صحيح أم غير صحيح؟






إن كان غير صحـيح فالـكلام هنا موجـه لصحيح البخاري، وإن كان صحيحًا فلا تثريب عليه، ومثال هذا أن تقول أنت في شهادتك: رأيتُ فلانًا يشرب خمرًا، فهل العيب عليك أم على فـلانٍ هذا؟ ليـس فـي شـهـادتـك طـعـنٌ فـي هـذه الـحـال، وكذا نقول في هذا الإسناد إنه صحَّ إلى ابن مسعود رضي الله عنه.
يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.58 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.95%)]