عرض مشاركة واحدة
  #32  
قديم 15-02-2020, 03:51 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,685
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام كتاب الطهارة

أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب الغسل من الجنابة8)

الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك


الحديث الثامن


عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه كان هو وأبوه عند جابر بن عبد الله، وعنده قوم، فسألوه عن الغسل؟ فقال: صاع يكفيك، فقال رجل: ما يكفيني، فقال جابر: كان يكفي من هو أوفى منك شعرا، وخيرا منك- يريد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم أمنا في ثوب.

وفي لفظ: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يفرغ الماء على رأسه ثلاثا.

قال: الرجل الذي قال: "لا يكفيني" هو الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وأبوه محمد بن الحنفية.

قوله: (عن أبي جعفر) هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المعروف بالباقر.

قوله: (إنه كان هو وأبوه عند جابر بن عبد الله وعنده قوم فسألوه عن الغسل فقال: يكفيك صاع).

قال الحافظ: ( أفاد إسحاق بن راهويه في "مسنده" أن متولي السؤال هو أبو جعفر الراوي، فأخرج من طريق جعفر بن محمد عن أبيه قال: "سألت جابرا عن غسل الجنابة" وبين النسائي في روايته سبب السؤال فاخرج من طريق أبي الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي جعفر قال: (تمارينا في الغسل عند جابر، فكان أبو جعفر تولى السؤال" ونسب السؤال في هذه الرواية إلي الجميع مجازا لقصدهم ذلك، ولهذا أفرد جابر الجواب فقال: "يكفيك"[1].

قال ابن دقيق العيد: (والصاع أربعة أمداد بمد النبي -صلى الله عليه وسلم-، والمد رطل وثلث بالبغدادي.

قوله: (فقال رجل: ما يكفيني، فقال جابر: كان يكفي من هو أوفى منك شعرا) أي: أطول وأكثر، و"خير منك" بالرفع عطفا على "أوفى".

وفي رواية عن أبي جعفر قال: قال لي جابر بن عبد الله وأتاني ابن عمك يعرض بالحسن بن محمد بن الحنفية قال: (كيف الغسل من الجنابة؟ فقلت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأخذ ثلاثة أكف ويفيضها على رأسه ثم يفيض على سائر جسده، فقال لي الحسن: إني رجل كثير الشعر، فقلت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر منك شعرا".

(ثم أمنا في ثوب)، يعنى: صلى بنا في إزار بغير رداء.

وروى الشيخان عن جابر قال: قال رسول الله: -صلى الله عليه وسلم- (إذا كان الثوب واسعا فالتحف به" يعني في الصلاة "وإن كان ضيقا فاتزر به".

قال الحافظ: (هذا الحديث بيان ما كان عليه السلف من الاحتجاج بأفعال النبي -صلى الله عليه وسلم- والانقياد إلي ذلك، وفيه جواز الرد بعنف على من يماري بغير علم إذا قصد الراد إيضاح الحق وتحذير السامعين من مثل ذلك، وفيه كراهية التنطع والإسراف في الماء)[2]0 انتهى، والله الموفق.

قال في الاختيارات: (ويجب غسل الجمعة على من له عرق أو ريح يتأذى به غيره وهو بعض من بعض مطلقا بطريق الأولى، ولو اغتسل الكافر بسبب يوجبه ثم أسلم لا يلزمه إعادته إن اعتقد وجوبه بناء على أنه يثاب على طاعته في الكفر إذا أسلم ويكره الذكر للجنب لا للحائض.

ولا يستحب الغسل لدخول مكة والمبيت ومزدلفة ورمي الجمار ولا لطواف الوداع، ولو قلنا باستحبابه لدخول مكة كان نوع عبث للطواف لا معنى له.

وفي كلام أحمد ما ظاهره وجوب الوضوء على الجنب إذا أراد النوم، ويحرم على الجنب اللبث في المسجد إلا إذا توضأ، ولا تدخل الملائكة بيتا فيه جنب إلا إذا توضأ.

وإذا نوى الجنب الحدثين الأصغر والأكبر ارتفعا، قاله الأزجى.

ولا يستحب تكرار الغسل على بدنه وهو أحد الوجهين في مذهب أحمد، ويكره الاغتسال في مستحم أو ماء عريانا، وعليه أكثر النصوص ونهيه عليه السلام عن الاغتسال في الماء بعد البول، فهذا إن صح فهو كنهيه عن البول في المستحم.

ويجوز التطهير في الحياض التي في الحمامات سواء كانت فائضة أو لم تكن وسواء كان الأنبوب يصب فيها أو لم يكن وسواء كان نائتا أو لم يكن ومن اعتقد غسله من الحوض الفائض مسطرا أو دينا فهو مبتدع مخالف للشريعة مستحق التعزير الذي يردعه وأمثاله أن يشرعوا في الدين ما لم يأذن به الله.

ولا يجب غسل باطن الفرج من حيض أو جنابة وهو أصح القولين في مذهب أحمد.

قال أبو العباس في تقسيمه للحمام بعد ذكر من ذمه ومن مدحه من السلف فصلا للنزاع: الأقسام أربعة يحتاج إليها ولا محظور فلا ريب في جوازه ولا محظور ولا حاجة فلا ريب في جواز بنائها فقد بنيت الحمامات في الحجاز والعراق على عهد علي -رضي الله عنه- وأقروها وأحمد لم يقل ذلك حرام، ولكن كره ذلك لاشتماله غالبا على مباح ومحظور وفي زمن الصحابة كان الناس أتقى لله وأرعى لحدوده من أن يكثر فيها المحظور فلم يكن مكروها إذ ذاك للحاجة ولا محظور غالبا فالحاجات: منها ما هو واجب: كغسل الجنابة والحيض والنفاس، ومنها ما هو مؤكد قد نوزع في وجوبه: كغسل الجمعة والغسل في البلاد الباردة ولا يمكن إلا في حمام وإن اغتسل من غيره خيف عليه التلف، ولا يجوز الانتقال إلي التيمم مع القدرة عليه بالماء في الحمام هل يبقى مكروها عند الحاجة إلي استعماله في طهارة مستحبة؟ هذا محل تردد، فإذا تبين ذلك فقد يقال: بناء الحمام واجب حيث يحتاج إليه لأداء الواجب العام.

وأما إذا اشتمل على محظور مع إمكان الاستغناء كما في حمامات الحجاز في الأزمان المتأخرة فهذا محل نص أحمد، وبحث ابن عمر وقد يقال عنه إنما يكره بناؤها ابتداء، فأما إذا بناها غيرنا فلا نأمر بهدمها لما في ذلك من الفساد، وكلام أحمد إنما هو في البناء لا في الإبقاء، والاستدامة أقوى من الابتداء، وإذا انتفت الحاجة انتفت الإباحة: كحرارة البلد وكذا إذا كان في البلد حمامات تكفيهم كره الأحداث، ويتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع وإلا ظهر أن الصاع خمسة أرطال وثلث عراقية سواء صاع الطعام والماء، وهو قول جمهور العلماء خلافا لأبي حنيفة، وذهبت طائفة من العلماء كابن قتيبة والقاضي أبي يعلى في تعليقه وأبي البركات: أن صاع الطعام خمسة أرطال وثلث، وصاع الماء ثمانية أرطال عراقية والوضوء رغم ذلك)[3].


[1] فتح الباري: (1/ 366).

[2] فتح الباري: (1/ 366).

[3] الفتاوى الكبرى: (5/307).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.25 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.16%)]