عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 11-02-2020, 01:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,987
الدولة : Egypt
افتراضي رد: زاد العقول شرح سلم الوصول


زاد العقول شرح سلم الوصول (8/ 17)
أبي أسامة الأثري جمال بن نصر عبدالسلام



بحث التخصيص


36- تَمْيِيزُ بَعْضِ الْجُمْلَةِ التَّخْصِيصُ ثُمّْ
لِذِي اتِّصَالٍ وانْفِصَالٍ يَنْقَسِمْ
37- فَأَوَّلٌ شَرْطٌ وَوَصْفُ اسْتِثْنَا
وَشَرْطُهُ الْإِبْقَاءُ مِمَّا اسْتَثْنَى
38- مَعَ اتِّصَالِهِ وَالْمُطْلَقَ احْمِلِ
عَلَى الْمُقَيَّدِ تَرَ الْحَقَّ جَلِي



معاني المفردات:
♦ تمييز: فَصْل.
♦ الجملة: جماعة كل شيء.
♦ جليّ: واضح.

المعنى الإجمالي:
قال الناظم: التخصيص هو تمييز بَعْضِ الجملة.
وينقسم إلى: متَّصل، ومُنْفصِل.
فالمُتَّصل يكون التمييز فيه بـ: "الاستثناء"، و"الشرط"، و"الصِّفة".
وشرط الاستثناء أن يَبْقي من المُسْتَثني منه شيءٌ، وأن يكون متَّصِلاً بالمستثنى منه.
والمقيَّد بالصِّفة يُحْمَل عليه المُطْلَق.

المباحث التي تشتمل عليها الأبيات:
1 - تعريف التخصيص.
2 - أقسام الخاص.

المبحث الأول:
تعريف التخصيص:
عَرَّف النَّاظمُ التخصيص بأنه: تَمْييز بعض الجملة.
وفاتَه تعريفُ الخاصِّ نفسه.
وربَّما حمَله على هذا أنَّ الجويني لم يُعرِّفه صراحة، وإنما عرَّفه بالضِّد.
وكان قد عرَّف العامَّ بأنه: "ما عَمَّ شيئين فأكثر"؛ اهـ.
إذًا الخاصُّ عنده: ما لا يتناول شيئين فصاعدًا.
نحو: رجل، رجلين، ثلاثة رجال.

فإن قيل: إنَّ ثلاثة رجال عمَّ أكثر من شيئين، قلنا: ولكن مع حَصْر، وشرط العامِّ - كما قدَّمْنا في تعريفه - أن يكون من غير حصر.

قال العلاَّمة محمد بن صالح العثيمين في "شرح نظم الورقات" ص 91:
"إذًا الخاصُّ ضد العامِّ، هو الذي لا يعمُّ أكثر من واحد، أو يعمُّ أكثر مع الحَصْر، فالأعلام خاصَّة أو عامَّة؟ خاصة؛ زيد، بكر، خالد: خاص؛ لأنَّه لا يعم أكثر من واحد، أو مع حصر يعني أكثر من واحد، لكن مع الحصر، مثل أن تقول: أكرم عشرين رجلاً، هذا خاصٌّ أم عامّ؟ هذا خاص، إذًا الخاص ما دلَّ على شيء محصور؛ إمَّا بعينه، وإما بِعَدده"؛ اهـ.


المبحث الثاني:
أقسام الخاص:
ينقسم الخاصُّ إلى قسمين:
1 - مُخصِّص متصل.
2 - مخصص منفصل.

أوَّلاً - المخصِّص المتصل:
وهو الذي يُذْكَر مع دليله في نصٍّ واحد.

ويأتي على صُور، منها:
1 - الاستثناء:
والاستثناء: إخراج البعض مِن حُكْم الكلِّ الذي ذُكِر قبله.
ويكون ذلك باستخدام أداة استثناء بين الحكمين.

وأركانه ثلاثة:
♦ المستثنى: وهو الحُكْم المذكور بعد أداة الاستثناء، ويُراد إخراجه من الحكم العامِّ الذي سبقه.
♦ المستثنى منه: وهو الحكم العامُّ المذكور قبل أداة الاستثناء غالبًا، وهو الذي يخرج منه المستثنى.
♦ أداة الاستثناء: وهي: إلا، أو إحدى أخواتها.

مثال:
عن الصماء بنت بسر رضي الله عنها أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((لا تصوموا يوم السبت إلاَّ فيما افْتُرِض عليكم، وإن لم يجد أحدكم إلاَّ لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه))؛ أخرجه أبو داود[1].

♦ المستثنى "الخاص": ((في فريضة)).
♦ المستثنى منه "العام": ((لا تصوموا يوم السبت)).
♦ أداة الاستثناء: ((إلا)).
ويصح الاستثناء بشرط أن يبقى من المستثنى منه شيء، وأن يكون مُتَّصلاً بالكلام، ويصح أن يَسْبق المستثنى المستثنى منه.

قال الشاعر:
وَمَا لِيَ إِلاَّ آلَ أَحْمَدَ شِيعَةٌ ♦♦♦ وَمَا لِيَ إِلاَّ مَذْهَبَ الْحَقِّ مَذْهَبُ

يعني: وما لي شيعةٌ إلاَّ آل أحمد، وما لي مذهب إلاَّ مذهب الحق.
ويجوز الاستثناء من الجنس، ويسمَّى: استثناء تامًّا، نَحْو: "جاء القوم إلاَّ محمَّد"، فمحمد من القوم.

ويجوز الاستثناء من غير الجنس - يعني: جنس المستثنَى منه - بشرط أن يكون له تعلُّق به، نحو: "جاء القومُ إلاَّ الأمتعة"، فالأمتعةُ ليست من جنس القوم، ومع ذلك يصحُّ الاستثناء؛ لأنَّ الأمتعة لها تعلُّق بالقوم.

2- المقيَّد بالصِّفة:
وهو ما أشعر بمعنًى يختصُّ به بعض أفراد العامِّ؛ من نعتٍ، أو بدلٍ، أو حالٍ، أو غايةٍ، أو شرط.
♦ ومثال النعت: قال تعالى: ï´؟ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ المُؤْمِنَاتِ ï´¾ [النساء: 25].
♦ ومثال البدَل: قال تعالى: ï´؟ وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ï´¾ [آل عمران: 97].

قال صاحب "المراقي":
وَبَدَلُ البَعْضِ مِنَ الكُلِّ يَفِي ♦♦♦ مُخَصِّصًا لَدَى أُنَاسٍ فَاعْرِفِ

♦ ومثال الحال: قال تعالى: ï´؟ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا ï´¾ [النساء: 93].
♦ ومثال المقيَّد بالغاية: قال تعالى: ï´؟ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ï´¾ [البقرة: 222].

♦ ومثال الشرط: قال تعالى: ï´؟ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ï´¾ [النساء: 11]، وقال تعالى: ï´؟ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ï´¾ [النور: 33].

ثانيًا: المخصِّص المنفصِل:
وهو الذي يرد في دليل آخر مستقلٍّ عن الدَّليل العامِّ.

وهو يأتي على ثماني صور:
1- الحِسُّ:
قال تعالى: ï´؟ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ï´¾ [النمل: 23]، فلَفْظ "كل" من ألفاظ العموم، وهذه الآية وردَتْ في "بلقيس" مَلِكة سبأ.
وكما في قوله تعالى: ï´؟ أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا ï´¾ [القصص: 57].

فالحِسُّ قاضٍ بالْمُشاهدة: أنَّ بشرًا لا يُمكن أن يُؤْتَى من كلِّ ما يُسمَّى شيئًا، وإنَّما يُؤتى كلُّ أحد ما قدَّره الله له.
فالمُتَتبِّع - أيْ: بالْحِسِّ - يجد أشياءً كثيرة لا تُجْبَى إليهم في الحرم.

2- العقل:
قال تعالى: ï´؟ قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ï´¾ [الرعد: 16].

فالعقل يُخرِج ذات الله - عزَّ وجل - لأنَّها غيْرُ مخلوقة، مع أنَّ لفظ "شيء" يتناوله، قال تعالى: ï´؟ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللهُ ï´¾ [الأنعام: 19].

فائدة:
مِن العلماء مَن قال: إنَّ ما خُصَّ بالحسِّ والعقل ليس من باب العموم المخصوص، وإنما هو من باب: "العامِّ الذي أُريد به الخصوص"؛ إذِ المخصوص لم يكن مُرادًا عند المتكلِّم، ولا المخاطب من أول الأمر، وهذا حقيقة العامِّ الذي يراد به الخصوص.

3 - الإجماع:
كما في قوله تعالى: ï´؟ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ï´¾ [المؤمنون: 6] في ذِكْر مَن يُباح نكاحهم، فهذا خُصِّص بأنَّ الأخت من الرضاع لا تَحِلُّ بإجماع المسلمين بمِلْك اليمين.

ومن المعلوم أنَّ لكلِّ إجماع مُسْتندًا قد يُعرف أو لا يعرف، ومستند الإجماع هنا هو قوله تعالى: ï´؟ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ ï´¾ [النساء: 23].

4 - القياس:
قال تعالى: ï´؟ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ï´¾ [النور: 2]، فإنَّ عموم الزَّانية خُصَّ بالنص، قال تعالى: ï´؟ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ ï´¾ [النساء: 25].

فقيس العبد - الذي لم يَرِد فيه نَصٌّ - عليها بجامع الرِّقِّ، فيلزم جَلْد العبد إذا أتى بفاحشة خمسين جلدة قياسًا على الأَمَة.

5 - المفهوم:
والمفهوم على قسمين:
أ - مفهوم موافقة:
ومثاله: عن عمرو بن الشَّريد، عن أبيه، عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((ليُّ الواجد يُحلُّ عرضه وعقوبته))؛ أخرجه أصحاب السُّنن عدا التِّرمذي[2].

يخصص هذا بمفهوم الموافقة في قول الله تعالى: ï´؟ فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ï´¾ [الإسراء: 23]، فإنه يمنع حبس الوالد في دَيْن ابنه.

ب - مفهوم المُخالَفة:
ومثاله: عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: ((في أربعين شاةً شاةٌ))؛ أخرجه ابن ماجه[3].
((وفي سائمة الغنَم إذا كانت أربعين ففيها شاة))[4].
فمفهوم المخالفة في "السائمة" أن المعلوفة تخرج من عموم النصِّ الذي سبَق عن أبي بكر آنفًا.

6 - الشرع:
قال تعالى: ï´؟ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ï´¾ [المائدة: 3]، فلفظ "أل" في الميتة يفيد معها العموم، يعني كل ميتة، وخُصَّ هذا النَّص بالسُّنة، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال في البحر: ((هو الطَّهُور ماؤُه، الحلال ميتته))؛ أخرجه أبو داود[5].

تتمَّات البحث:
التتمة الأولى:
فات النَّاظِمَ ذِكْرُ أقسام الاستثناء:
قال الجوينيُّ رحمه الله في "الورقات" ص 13:
"وإنما يصح بشرط أن يَبْقى مِن المستثنى منه شيءٌ، ومِن شرطه أن يكون متَّصلاً بالكلام، ويجوز تقديم الاستثناء على المستثنى منه، ويجوز الاستثناء من الجِنْس وغيره"؛ اهـ.



يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.41 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.78 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.07%)]