عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 10-02-2020, 03:36 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,140
الدولة : Egypt
افتراضي رد: إجماع الأمة على عدم اشتراط عصمة الأئمة

إجماع الأمة على عدم اشتراط عصمة الأئمة
خالد وداعة




أما الإرادة فهي في الشرع على قسمين:
الأول: الإرادة القدرية الكونية: وهي المشيئة التي لابد من وقوع وتحقق ما تعلق بها من مراد الله، ولا تلازم بين هذه الإرادة ومحبة الله وأمره الشرعي، فقد يريد الله ويشاء وقوع شيء يكرهه لحكمة يعلمها وبأسباب من خلقه أنفسهم كوقوع الزنا والكذب والكفر والله تعالى لا يحب ذلك ولا يأمر به شرعاً وإنما نهى عنه لكنه يقع بإذنه ومشيئته، يقول تعالى: ï´؟وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُï´¾ (الأنعام: 11)، وكقوله تعالى: ï´؟إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُï´¾ (يس: 82).

الثاني الإرادة الشرعية: وهي بمعنى المحبة والقصد والأمر الشرعي الذي قد يقع وقد يتخلف مقتضاه كقوله تعالى: ï´؟يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَï´¾ (البقرة: 185)، وهذه الإرادة يتوقف وقوع مقتضاها ومرادها على العبد فقد يقع إذا قام العبد بأسبابه الجالبة، وقد لا يقع إذا قصر فيها فيقع ما يكرهه الله ولا يريده أي لا يحبه ولا يأمر به، ويحب الله شيئاً ويأمر به فلا يقع، فالله تعالى يحب اليسر لكل خلقه وأراده وأمر به، ويكره العسر لهم لكنه لا يتحقق في حق كثير من الناس الذين يشددون على أنفسهم.

ويقول تعالى: ï´؟مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْï´¾ (المائدة: 6) فالحرج واقع للبعض رغم أن الله ما يريده والتطهير لا يتحقق للكل رغم أن الله يريده لهم جميعاً فالآية خطاب لجميع الأمة، وكذلك في الآية محل النزاع، بدليل أنه لو كانت إرادة الله قدرية لابد من وقوعها لما دعا لهم إذ هم أغنياء عن دعائه صلى الله عليه وسلم لكون الله تعالى شاء عصمتهم وقدرها حتما،ً وإلا كان تحصيل حاصل، ولا يجوز، فدل على أن الإرادة شرعية.

يضاف إلى ما تقدم، أنه لا يعرف إطلاق لفظ "الرجس" على الخطأ في الاجتهاد، قال تعالى: ï´؟وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْï´¾ وقال تعالى: ï´؟وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَï´¾، وقال تعالى: ï´؟إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌï´¾ وقال تعالى: ï´؟أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌï´¾، فالرجس يقصد به النجس المادي، والمعنوي كالشرك[61].

3- قوله تعالى: ï´؟قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاًï´¾ [النحل: 43]
وجه الدلالة:يقول البياضي في تفسير أهل الذكر: «يعني: محمدًا، وعليًا، وفاطمة، والحسن، والحسين،هم أهل العلم والعقل والبيان»[62].

قال الطبري: «عن مجاهد ï´؟فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِï´¾ قال: أهل التوراة، وعنه أيضًا: هم أهل الكتاب، وعن ابن عباس: أهل الكتب الماضية، وعن أبي جعفر ï´؟فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَï´¾ قال: نحن أهل الذكر. وعن ابن زيد: الذكر: القرآن»[63].

ونقل ذلك من علمائهم الطوسي في التبيان[64]، والطبرسي في مجمع البيان[65]، فمن أين خصوا بها أهل البيت؟

قال ابن كثير: «وكذا قول أبي جعفر الباقر: "نحن أهل الذكر" -ومراده أن هذه الأمة أهل الذكر-صحيح، فإن هذه الأمة أعلم من جميع الأمم السالفة، وعلماء أهل بيت الرسول، عليهم السلام والرحمة، من خير العلماء إذا كانوا على السنة المستقيمة، كعلي، وابن عباس، وبني علي: الحسن والحسين، ومحمد بن الحنفية، وعلي بن الحسين زين العابدين، وعلي بن عبد الله بن عباس، وأبي جعفر الباقر -وهو محمد بن علي بن الحسين-وجعفر ابنه، وأمثالهم وأضرابهم وأشكالهم، ممن هو متمسك بحبل الله المتين وصراطه المستقيم، وعرف لكل ذي حق حقه، ونزل كل المنزل الذي أعطاه الله ورسوله واجتمع إليه قلوب عباده المؤمنين»[66].

4- قوله تعالى: ï´؟وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاًï´¾ [النساء: 83]
وجه الدلالة: الرجوع إلى الرسول- صلى الله عليه وسلم - في حياته، وإلى «الحجج عليهم السلام الذين أمر الله سبحانه بالرد إليهم... وقد بينا في غير هذا الكتاب ونبين فيه كون الأئمة الاثني عشر صلوات الله عليهم هم أولي الأمر، وأهل الذكر دون غيرهم»[67].

فهل نزلت الآية على هؤلاء الحجج؟
قال ابن كثير: «ويذكر هاهنا حديث عمر بن الخطاب المتفق عليه، حين بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طَلَّق نساءه، فجاءه من منزله حتى دخل المسجد فوجد الناس يقولون ذلك، فلم يصبر حتى استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفهمه: أطلقت نساءك؟ قال: "لا". فقلت الله أكبر»[68].
قال القرطبي: «أولوا الأمر وهم أهل العلم والفقه، عن الحسن وقتادة وغيرهما. السدي وابن زيد: الولاة. وقيل: أمراء السرايا»[69].

وإذا سلمنا جدلاً بأنهم الأئمة المعصومون، فهل نستفتي أخيرهم في سردابه أم ننتظر حتى يخرج؟!!!

5- قوله تعالى: ï´؟يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاًï´¾ [النساء: 59]
وجه الدلالة:كسابقه، وكذا مناقشته.

قالابن كثير: «والظاهر -والله أعلم-أن الآية في جميع أولي الأمر من الأمراء والعلماء»[70].

قالابن تيمية: «فالرسول وجبت طاعته؛ لأنه من يطع الرسول فقد أطاع الله فالحلال ما حلله والحرام ما حرمه والدين ما شرعه ومن سوى الرسول من العلماء والمشايخ والأمراء والملوك إنما تجب طاعتهم إذا كانت طاعتهم طاعة لله وهم إذا أمر الله ورسوله بطاعتهم فطاعتهم داخلة في طاعة الرسول قال تعالى: ï´؟يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْï´¾. فلم يقل وأطيعوا الرسول وأطيعوا أولي الأمر منكم؛ بل جعل طاعة أولي الأمر داخلة في طاعة الرسول؛ وطاعة الرسول طاعة لله وأعاد الفعل في طاعة الرسول دون طاعة أولي الأمر؛ فإنه من يطع الرسول فقد أطاع الله؛ فليس لأحد إذا أمره الرسول بأمر أن ينظر هل أمر الله به أم لا بخلاف أولي الأمر فإنهم قد يأمرون بمعصية الله فليس كل من أطاعهم مطيعا لله بل لا بد فيما يأمرون به أن يعلم أنه ليس معصية لله وينظر هل أمر الله به أم لا سواء كان أولي الأمر من العلماء أو الأمراء ويدخل في هذا تقليد العلماء وطاعة أمراء السرايا وغير ذلك وبهذا يكون الدين كله لله»[71].

6- قوله تعالى: ï´؟وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍï´¾ [الرعد: 7].
وجه الدلالة: رووا حديثًا عن ابن عباس، قال: قال رسول: - صلى الله عليه وسلم -:أَنَا الْمُنْذِرُ، وَعَلِيٌّ الْهَادِي، بِكَ يَا عَلِيُّ يَهْتَدِي الْمُهْتَدُونَ"رواه أبو نعيم، ويقول الحلي: وهو صريح في إثبات الولاية والإمامة[72].

قالالألباني: «موضوع. أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (13/ 72)، والديلمي (1/ 310-311- زهر الفردوس)، وابن عساكر (12/ 154/ 1) من طريق الحسن بن الحسين الأنصاري: أخبرنا معاذ بن مسلم عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما نزلت (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد)؛ قال النبي صلي الله عليه وسلم... فذكره. قلت: وهذا إسناد مظلم؛ وله ثلاث علل:
الأولى: اختلاط عطاء بن السائب.
الثانية: معاذ بن مسلم؛ قال الذهبي في ترجمته: مجهول. روى عن شرحبيل بن السمط؛ مجهول. وله عن عطاء بن السائب خبر باطل سقناه في (الحسن بن الحسين).
الثالثة: الحسن بن الحسين الأنصاري، وهو العرني،؛ وهو متهم، وقد تقدم شيء من أقوال الأئمة فيه تحت الحديث (4885)؛ فلا داعي للإعادة. وقد ساق الذهبي في ترجمته هذا الحديث من مناكيره من رواية ابن الأعرابي بإسناده عنه. وقال: ومعاذ نكرة، فلعل الآفة منه.

وأقره الحافظ في "اللسان"، وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (4/ 499- منار): وهذا الحديث فيه نكارة شديدة. وأقره الشوكاني في "فتح القدير" (3/ 66. وسكت عنه الطبرسي الشيعي في "تفسيره" (3/ 427)! قلت: وقد روي موقوفًا: رواه حسين بن حسن الأشقر: حدثنا منصور بن أبي الأسود عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله الأسدي عن علي: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد)؛ قال علي: رسول الله صلي الله عليه وسلم المنذر، وأنا الهادي.

أخرجه الحاكم (3/ 129-130)، وابن عساكر (12/ 154/ 1) عن عبد الرحمن ابن محمد بن منصور الحارثي عنه. وقال الحاكم: صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله: قلت: بل كذب، قبح الله واضعه. قلت: ولم يسم واضعه، وهو، عندي، حسين الأشقر؛ فإنه متروك كما تقدم بيانه تحت الحديث (358). وقد قال الذهبي فيه، في حديث بعد هذا في "التلخيص"،: قلت: الأشقر وثق. وقد اتهمه ابن عدي. والحارثي، الراوي عنه، قال ابن عدي: حدث بأشياء لم يتابع عليها". وقال الدارقطني وغيره: ليس بالقوي. ومما يؤيد نكارة الحديث: أن عبد خير رواه عن علي في قوله... فذكر الآية؛ قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: المنذر والهادي: رجل من بني هاشم.

أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (1/ 126)، ومن طريقه ابن عساكر: حدثني عثمان بن أبي شيبة: حدثنا مطلب بن زياد عن السدي عنه. وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات. وقد رواه ابن عساكر من غير طريق عبد الله فأفسده؛ قال: أخبرنا أبو العز بن كادش: أنبأنا أبو الطيب طاهر بن عبد الله: أنبأنا علي بن عمر بن محمد الحربي: أنبأنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار: أخبرنا عثمان بن أبي شيبة... فساقه مختصرًا بلفظ: والهادي علي. وهو بهذا الاختصار منكر، ولعله من أبي العز بن كادش، واسمه أحمد بن عبيد الله، شيخ ابن عساكر؛ فقد قال ابن النجار: كان مخلطًا كذابًا، لا يحتج بمثله، وللأئمة فيه مقال. وتوفي سنة ست وعشرين وخمس مئة. ووقع في "اللسان": ست وخمسين..."! وهو خطأ، والتصحيح من "الشذرات". وعلي بن عمر الحربي؛ فيه كلام أيضًا؛ ولكنه يسير، فراجعه، إن شئت، في "اللسان".

والحديث مما تلهج به الشيعة؛ ويتداولونه في كتبهم، فهذا إمامهم ابن مطهر الحلي قد أورده في كتابه الذي أسماه "منهاج الكرامة في إثبات الإمامة" (ص 81-82- تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم) من رواية "الفردوس"؛ قال: ونحوه أبو نعيم، وهو صريح في ثبوت الإمامة والولاية له"!! وقلده عبد الحسين في "مراجعاته" (ص 55)، ثم الخميني في "كشف الأسرار" (ص 161)؛ وزاد عليهما في الكذب والافتراء أنه قال: وردت في ذلك سبعة أحاديث عند أهل السنة"! ثم لم يذكر إلا حديثًا واحدًا زعم أنه أسنده إبراهيم الحموي إلى أبي هريرة!فمن إبراهيم الحموي هذا؟ والله لا أدري، ولا أظن الخميني نفسه يدري! فإن صح قوله أنه من أهل السنة؛ فيحتمل أن يكون إبراهيم بن سليمان الحموي، المترجم في "الدرر الكامنة"، و"شذرات الذهب"، و"الفوائد البهية"، و"الأعلام" للزركلي، فإن يكن هو؛ فهو من علماء الحنفية المتوفى سنة (732هـ)، فإن كان هو الذي عناه الخميني، وكان صادقًا في عزوه إليه؛ فإنه لم يذكر الكتاب الذي أسند الحديث فيه. فقوله عنه: أسند"! كذب مكشوف؛ إذ كيف يسند من كان في القرن الثامن، فبينه وبين أبي هريرة مفاوز؟!ولو فرضنا أنه أسنده فعلًا؛ فما قيمة مثل هذا الإسناد النازل الكثير الرواة؟! فإن مثله قل ما يسلم من علة؛ كما هو معلوم عند العارفين بهذا العلم الشريف!والعبرة من هذا العزو ونحوه مما تقدم عن هؤلاء الشيعة؛ أنهم كالغرقى يتعلقون ولو بخيوط القمر! فلقد ساق السيوطي في "الدر المنثور" في تفسير هذه الآية عدة روايات؛ وليس فيها حديث الخميني عن أبي هريرة!وأما حديث ابن عباس الذي احتج به ابن المطهر الحلي؛ فقد عرفت ما فيه من العلل، التي تدل بعضها على بطلانه؛ فكيف بها مجتمعة؟!فاسمع الآن رد شيخ الإسلام ابن تيمية على الحلي؛ لتتأكد من بطلان الحديث، وجهل الشيعة وضلالهم؛ قال، رحمه الله- 4/ 38): والجواب من وجوه:
أحدها: أن هذا لم يقم دليل على صحته؛ فلا يجوز الاحتجاج به، وكتاب "الفردوس" للديلمي فيه موضوعات كثيرة، أجمع أهل العلم على أن مجرد كونه رواه لا يدل على صحة الحديث، وكذلك رواية أبي نعيم لا تدل على الصحة.


الثاني: أن هذا كذب موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث، فيجب تكذيبه ورده.... ثم ذكر بقية الوجوه؛ وهي تسعة؛ ولولا أن يطول الكلام لسقتها كلها لأهميتها؛ منها قوله: الخامس: أن قوله: بك يهتدي المهتدون"؛ ظاهره أن كل من اهتدى من أمة محمد فبه اهتدى! وهذا كذب بين؛ فإنه قد آمن بالنبي صلي الله عليه وسلم خلق كثير واهتدوا به ودخلوا الجنة؛ ولم يسمعوا من علي كلمة واحدة، وأكثر الذين آمنوا بالنبي صلي الله عليه وسلم واهتدوا به لم يهتدوا بعلي في شيء، وكذلك لما فتحت الأمصار وآمن واهتدى الناس بمن سكنها من الصحابة وغيرهم؛ كان جماهير المسلمين لم يسمعوا من علي شيئًا، فكيف يجوز أن يقال: بك يهتدي المهتدون؟!. ثم ذكر في الوجه السادس؛ أن الصحيح في تفسير الآية: أن المقصود بها النبي صلي الله عليه وسلم؛ فهو النذير وهو الهادي. وأما تفسيره بعلي فباطل؛ لأنه قال: (ولكل قوم هاد)؛ وهذا يقتضي أن يكون هادي هؤلاء غير هادي هؤلاء، فتتعدد الهداة، فكيف يجعل علي هاديًا لكل قوم من الأولين والآخرين؟!»[73].

ثانيا: السنة النبوية:
استدلوا بما يلي:
1- حديث: "النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت أتاها ما يوعدون وأنا أمان لأصحابي ما كنت فإذا ذهبت أتاهم ما يوعدون وأهل بيتي أمان لأمتي فإذا ذهب أهل بيتي أتاهم ما يوعدون"، وقال محمد حسن المظفر: «وإن لم أجده في المسند بعد التتبع، والظاهر أن أيدي التلاعب لعبت في إسقاطه!!!»[74].

فلم لم يحذف أحاديث ضعيفة فيها مناقب عليرضي الله عنه في المسند، ثم إن الحديث لدى مستدرك الحاكم، وعلق عليه الذهبي بقوله: بل موضوع، وابن أركون ضعفوه، وكذا خليد ضعفه أحمد وغيره[75].

ولو صح، لما دل على إمامة علي رضي الله عنه.

2-حديث: "من سره أن يحيا حياتي ويموت ميتتي، ويتمسك بالقصبة الياقوتة التي خلقها الله بيده، ثم قال لها: "كوني فكانت " فليتول علي بن أبي طالب من بعدي".

قال البحراني: «والتمسك والموالاة هي المتابعة، وإذا كانت متابعة علي واجبة على الإطلاق، وجب أن يكون ملازمًا للحق على كل حال، وهي العصمة»[76].

قالالألباني: «موضوع. رواه أبو نعيم (1/86 و4/174) من طريق محمد بن زكريا الغلابي: حدثنا بشر بن مهران: حدثنا شريك عن الأعمش عن زيد بن وهب عن حذيفة مرفوعا، وقال: "تفرد به بشر عن شريك قلت: هو ابن عبد الله القاضي وهو ضعيف لسوء حفظه. وبشر بن مهران قال ابن أبي حاتم: "ترك أبي حديثه". قال الذهبي: "قد روى عنه محمد بن زكريا الغلابي، لكن الغلابي متهم".

قلت: ثم ساق هذا الحديث. والغلابي قال فيه الدارقطني: "يضع الحديث". فهو آفته. والحديث أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/387) من طرق أخرى، وأقره السيوطي في "اللآلي" (1/368 - 369)، وزاد عليه طريقين آخرين أعلهما، هذا أحدهما وقال: "الغلابي متهم". وقد روي بلفظ أتم منه، وهو: 894 - "من سره أن يحيا حياتي، ويموت مماتي، ويسكن جنة عدن غرسها ربي، فليوال عليا من بعدي، وليوال وليه، وليقتد بالأئمة من بعدي، فإنهم عترتي، خلقوا من طينتي، رزقوا فهما وعلما، وويل للمكذبين بفضلهم من أمتي، القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي". موضوع. أخرجه أبو نعيم (1/86) من طريق محمد بن جعفر بن عبد الرحيم: حدثنا أحمد بن محمد بن زيد بن سليم: حدثنا عبد الرحمن بن عمران بن أبي ليلى – أخو محمد بن عمران -: حدثنا يعقوب بن موسى الهاشمي عن ابن أبي رواد عن إسماعيل بن أمية عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. وقال: "وهو غريب".


قلت: وهذا إسناد مظلم كل من دون أبي رواد مجهولون، لم أجد من ذكرهم، غير أنه يترجح عندي أن أحمد بن محمد بن يزيد بن سليم إنما هو ابن مسلم الأنصاري الأطرابلسي المعروف بابن الحناجر، قال ابن أبي حاتم (1/1/73): "كتبنا عنه وهو صدوق". وله ترجمة في " تاريخ ابن عساكر" (2/ق 113 - 114/1) وأما سائرهم فلم أعرفهم فأحدهم هو الذي اختلق هذا الحديث الظاهر البطلان والتركيب، وفضل علي رضي الله عنه أشهر من أن يستدل عليه بمثل هذه الموضوعات، التي يتشبث الشيعة بها، ويسودون كتبهم بالعشرات من أمثالها، مجادلين بها في إثبات حقيقة لم يبق اليوم أحد يجحدها، وهي فضيلة علي رضي الله عنهم الحديث عزاه في " الجامع الكبير" (2/253/1) للرافعي أيضا عن ابن عباس، ثم رأيت ابن عساكر أخرجه في " تاريخ دمشق" (12/120/2) من طريق أبي نعيم ثم قال عقبه: "هذا حديث منكر، وفيه غير واحد من المجهولين " قلت: وكيف لا يكون منكرا وفيه مثل ذاك الدعاء! "لا أنالهم الله شفاعتي" الذي لا يعهد مثله عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يتناسب مع خلقه صلى الله عليه وسلم ورأفته ورحمته بأمته. وهذا الحديث من الأحاديث التي أوردها صاحب "المرجعات" عبد الحسين الموسوي نقلا عن كنز العمال (6/155 و217 - 218) موهما أنه في مسند الإمام أحمد، معرضا عن تضعيف صاحب الكنز إياه تبعا للسيوطي!. وكم في هذا الكتاب "المراجعات" من أحاديث موضوعات، يحاول الشيعي أن يوهم القراء صحتها وهو في ذلك لا يكاد يراعي قواعد علم الحديث حتى التي هي على مذهبهم! إذ ليست الغاية عنده التثبت مما جاء عنه صلى الله عليه وسلم في فضل علي رضي الله عنه، بل حشر كل ما روي فيه! وعلي رضي الله عنه كغيره من الخلفاء الراشدين والصحابة الكاملين أسمى مقاما من أن يمدحوا بما لم يصح عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم.

ولو أن أهل السنة والشيعة اتفقوا على وضع قواعد في "مصطلح الحديث" يكون التحاكم إليها عند الاختلاف في مفردات الروايات، ثم اعتمدوا جميعا على ما صح منها، لو أنهم فعلوا ذلك لكان هناك أمل في التقارب والتفاهم في أمهات المسائل المختلف فيها بينهم، أما والخلاف لا يزال قائما في القواعد والأصول على أشده فهيهات هيهات أن يمكن التقارب والتفاهم معهم، بل كل محاولة في سبيل ذلك فاشلة. والله المستعان»[77].

3- حديث:"أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأت الباب".
يقول الحلي: «وفيه دليل على عصمته؛ لأن من ليس بمعصوم يصح منه القبيح،فإذا وقع كان الاقتداء به قبيحًا، فيؤدي إلى يكون الرسول- صلى الله عليه وسلم - أمره بالقبيح، وذلك لا يجوز»[78].

قالالأرناؤوط: «أخرجه الترمذي رقم (3725) في المناقب، باب مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولفظه عند الترمذي: "أنا دار الحكمة وعلي بابها "، وإسناده ضعيف، وقال الترمذي: هذا حديث غريب منكر، ورواه أيضاً الحاكم 3/126 من حديث ابن عباس وجابر، وأسانيده ضعيفة، قال الدارقطني في " العلل": إنه حديث مضطرب غير ثابت»[79].

قال ابن تيمية: «والكذب يعرف من نفس متنه فإن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان مدينة العلم ولم يكن لها إلا باب واحد ولم يبلغ عنه العلم إلا واحد فسد أمر الإسلام؛ ولهذا اتفق المسلمون على أنه لا يجوز أن يكون المبلغ عنه العلم واحدا بل يجب أن يكون المبلغون أهل التواتر الذين يحصل العلم بخبرهم للغائب»[80].

4-حديث: "يا عمار إن رأيت عليا قد سلك واديا وسلك الناس واديا غيره فاسلك مع على ودع الناس إنه لن يدلك على ردى ولن يخرجك من الهدى".

قال الميلاني: «فإذا كان علي مع الحق، والحق معه حيث داروجب أن يكون معصومًا، والعصمة شرط الإمامة، ولا معصوم غيره من الصحابة اتفاقًا»[81].

قال الألباني: "موضوع، أخرجه ابن عساكر (12/ 185/ 2) عن المعلى بن عبد الرحمن: حدثنا شريك عن سليمان بن مهران الأعمش: أخبرنا إبراهيم عن علقمة والأسود قالا: أتينا أبا أيوب الأنصاري عند منصرفه من صفين... (فذكر قصة؛ وفيه قال) وسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لعمار... فذكره. وقال: "معلى بن عبد الرحمن ضعيف ذاهب الحديث". وقال الحافظ في "التقريب": "متهم بالوضع، وقد رمي بالرفض". والحديث؛ عزاه السيوطي في "الجامع الكبير" (3/ 63/ 1)؛ للديلمي عن عمار بن ياسر، وأبي أيوب»[82].

وهذه أمثلة من بحر كذب الشيعة وباقي تدليسهم لا يخرج في معناه في الجملة عما تقدم، فعن أي عصمة يتحدثون؟!!!

قالابن تيمية: "وعمدتهم في الشرعيات ما نقل لهم عن بعض أهل البيت، وذلك النقل منه ما هو صدق ومنه ما هو كذب عمدا أو خطأ، وليسوا أهل معرفة بصحيح المنقول وضعيفه كأهل المعرفة بالحديث»[83].

وقال أيضًا: «وفي الجملة فمن جرب الرافضة في كتابهم وخطابهم علم أنهم من أكذب خلق الله فكيف يثق القلب بنقل من كثر منهم الكذب قبل أن يعرف صدق الناقل»[84].

ولا يعتد بخلاف الشيعة الإمامية، فكيف ولم يستقم لهم ثمة دليل واحد؟!!!
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 42.81 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 42.18 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.47%)]