عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 09-02-2020, 03:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,499
الدولة : Egypt
افتراضي رد: زاد العقول شرح سلم الوصول

زاد العقول شرح سلم الوصول (2/ 17)
أبي أسامة الأثري جمال بن نصر عبدالسلام




(2/ 17)




المباحث التي تشتمل عليها الأبيات:
• المبحث الأول:
تعريف أصول الفقه:
عرفه الناظم، فبدأ بأصولِ الفقه، باعتبار أنَّه لقب على علم خاص، ثم عرفه بعد ذلك باعتبار مفرداته، خلافًا للمصنف - رحمه الله - الذي بدأ بالمفردات، ثُمَّ عقب بعد ذلك بتعريف أصول الفقه باعتبار أنه لقب على علم خاص.
وعرف الناظم أصولَ الفقه تبعًا لصاحب الأصل، فقال: إنَّه علم يبحث عن أدلة الفقه الإجمالي.
وفاته جزء من تعريف الجويني - رحمه الله - في الأصل.

قال الجويني - رحمه الله - في "الورقات" ص 8:
"وعلم أصول الفقه: طرقه على سبيل الإجمال، وكيفية الاستدلال بها"؛ اهـ.
ويقصد الجويني - رحمه الله - بكيفية الاستدلال بها: كيفية الاستفادة منها، وذلك لا يتأتى إلاَّ بِمَعرفة دلالات الألفاظ؛ من عموم وخصوص، وإطلاق وتقييد، وناسخ ومنسوخ، ونحو ذلك.

إذًا تعريف أصول الفقه عند الجويني - كما في الورقات - يبحث في:
طرق الفقه.
وكيفية الاستدلال بها.
قلت: وفاتهما معرفةُ حال المستفيد، كمعرفة الاجتهاد، وشروطه، وحكمه.
إذًا التعريف الأمثل: هو علم يبحث عن أدلة الفقه الإجمالية، وكيفية الاستفادة منها، وحال المستفيد.
قلت: ولأصول الفقه تعاريف أخرى، اخترت منها التعريفَ المناسب في المقدمة؛ راجع المقدمة "المبحث الأول".

تتمَّات البحث:
التتمة الأولى:
خالف الناظم المصنف في ترتيب الكتاب:
فأورد تعريفَ أصول الفقه، باعتبار أنَّه لقب على علم خاص أولاً، ثم عرفه باعتبار مفرداته بعد ذلك.

وهذا معيب من وجوه:
1- أنَّه مُخالف للمتعارف عليه في الحدود؛ حيث إنَّ تصوُّر المفردات يساعد على فهم المصطلح عند التركيب.
وهذا ما عليه أغلب أهل العلم، يبدؤون بالمفردات أولاً، ثُم باللقب - التركيب - بعد ذلك.
2- أنَّ الجويني - رحمه الله - قصد هذا؛ لفائدةٍ أخرى، وهي ذكر الأحكام أثناء الكلام على الفقه؛ لأَنَّ الفقه عنده هو العلم بأحكام التكليف.

قال الجويني في "البرهان" ص 8:
"فإن قيل: ما الفقه؟ قلنا: هو في اصطلاح علماء الشريعة: العلم بأحكام التكليف"؛ اهـ.
وسيأتي بعد قليل تفصيل ذلك، فلا تنسه.

التتمة الثانية:
فات الناظم تعريف: "الفرع".
قال الجويني - رحمه الله - في "الورقات" ص 5:
"والفرع ما يبنى على غيره"؛ اهـ.

ونظمه الشَّرف العِمْريطي في "نظم الورقات"، فقال:
فَالْأَصْلُ مَا عَلَيْهِ غَيْرُهُ بُنِي ♦♦♦ وَالْفَرْعُ مَا عَلَى سِوَاهُ يَنْبَنِي

تعريف الأحكام السبعة:
قصر الناظمُ الأحكامَ الشرعية على سبعة، تبعًا لصاحبِ الأصل، وهذا فيه نظر؛ لأَنَّ الأحكامَ الشرعية عند الأصوليِّين أكثرُ من ذلك.
والذي تبيَّن لي في هذا المقام أنَّ الجويني - رحمه الله - أراد المتعلق منها بالفقه، فالفعل إمَّا واجب، أو مندوب، أو مباح، أو حرام، أو مكروه.
فإذا استوفى شروطه، صار "صحيحًا"، وإذا لم يستوفِها، أو وجد خلل فيه، صار "باطلاً".
قال العبَّادي - رحمه الله - في "شرح الورقات" ص 17 بـ "هامش إرشاد الفحول": "ولا يصحُّ الاقتصار على هذه السبعة، اللهُمَّ أن يؤول كلامه بأن المرادَ أن هذه السبعة من جملة الأحكام المرادة، ثم رأيت عبارة "البرهان" ظاهرة في منافاة هذا التأويل؛ حيث قال:
"فإن قيل: ما الفقه؟ قلنا: هو في اصطلاح علماء الشريعة العلم بأحكام التكاليف".
وقد يؤول على أنَّ المراد أحكام التكاليف، وما يتبعها من أحكام الوضع.
وقد يكون اصطلاحُ المصنف تَخصيصَ الفقه بأحكام التكليف، فلا إشكالَ، وعلى هذا فالفقه: العلم بالواجب، والمندوب، وهكذا"؛ اهـ.
قلت: ومن الأصوليِّين من يعد الصحةَ والبطلان من الأحكام التكليفية.

قال د. عبدالكريم زيدان في "الوجيز" ص 65:
"ذهب بعضُ الأصوليين إلى أنَّ وصف الفعل بالصحة والبطلان من قبيل الحكم التكليفي، مُحتجِّين بأنَّ الصحةَ ترجع إلى إباحةِ الشارع الانتفاعَ بالشيء، والبطلان يرجع إلى حرمة الانتفاع بالشيء"؛ اهـ.
قلت: وهذا على الأرجح ما قصده الجويني - رحمه الله - حيث عرف الصحيح بأنَّه ما يتعلق به النفوذ، وعَرَّف الباطل بأنَّه ما لا يتعلق به النفوذ، ولا يعتد به.
فاعضض على هذا ولا تنسه.

قال الناظم:
12- الْوَاجِبُ الَّذِي تَرَتَّبَ الثَّوَابْ
بِفِعْلِهِ وَتَرْكُهُ بِهِ الْعِقَابْ

13- وَالنَّدْبُ مَا الثَّوَابُ فِيهِ صَاحِ
وَيَنْتَفِي الْأَمْرَانِ فِي الْمُبَاحِ

14- وَوَاجِبٌ بِعَكْسِهِ جَاءَ الْحَرَامْ
وَعَكْسُ مَنْدُوبٍ فَمَكْرُوهٌ يُرَامْ

15- ثُمَّ الصَّحِيحُ مَا بِهِ يُعْتَدُّ
وَبَاطِلٌ بِعَكْسِهِ يُحَدُّ



معاني المفردات:
صاحِ: منادى بحذف حرف النداء؛ أي: يا صاحبي.
يحد: يعرف.

المعنى الإجمالي:
بدء الناظم في سرد الأحكام التكليفية السبعة، كما هو مذهب صاحب الأصل.
فعرف الواجب بأنه: ما يُثاب فاعِلُه، ويعاقب تاركه.
وعرف المندوب بأنه: ما يثاب على فعله، ولا يعاقب على تركه.
أمَّا المباح، فعرفه بأنه: ما استوى فيه الفعل والترك.
وعرف الحرام بأنه عكس الواجب.
وعرف المكروه بأنه عكس المندوب.
ثم عرف الصحيح بأنه ما يعتد به.
وأخيرًا عرف الباطل بأنه عكسه.

المباحث التي تشتمل عليها الأبيات:
1- تعريف الواجب.
2- تعريف المندوب.
3- تعريف المباح.
4- تعريف الحرام.
5- تعريف المكروه.
6- تعريف الصحيح.
7- تعريف الباطل.

المبحث الأول:
تعريف الواجب:
قوله في تعريف الواجب: الذي ترتب الثَّواب بفعله.
جاء تبعًا لصاحب الأصل، ولا بد أن يقيد بـ"امتثالاً"؛ فالفاعل لا يثاب على فعل المأمور به، إلاَّ إذا كان مُمتثلاً لأمر من كتاب الله تعالى، أو حديثٍ من سُنَّةِ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.
عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حَمِيَّة، ويقاتل رياء؛ أيُّ ذلك في سبيل الله؟ فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن قاتَل لتكونَ كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله))؛ متفق عليه.[6]
عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّما الأعمال بالنيات، وإنَّما لكل امرئ ما نوى))؛ متفق عليه.[7]
وقوله: والترك بالعقاب.
فيه نظر أيضًا، فلا بُدَّ أن يقيد بـ "يتوعد تاركه بالعقاب".
لأنَّ العقاب حكم أخروي، قد يتخلَّف بشيء من مُكفِّرات الذنوب، أو بشفاعةٍ من الشفاعات.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن حج هذا البيت، فلم يرفث، ولم يفسُق، رجع كيومَ ولدتْه أمه))؛ متفق عليه.[8]
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي))؛ أخرجه أحمد، وأبو داود.[9]
إذًا التعريف الأمثل أنْ يقال: "هو ما يثاب فاعله امتثالاً، ويتوعد تاركه بالعقاب".
خلافًا للمعتزلة الذين يقولون بوجوب إنفاذ الوعيد، فهو أصلٌ من أصولهم الخمسة المشؤومة.
قال الجويني - رحمه الله - "في البرهان"1/ 106: "فأمَّا الواجب، فقد قال قائلون: الواجب الشرعي هو الذي يستحق المكلف العقاب على تركه.
وهذا بعيد عن مذهب أهل الحق في الثَّواب والعقاب، فإنَّا لا نرى على الله استحقاقًا، والرب يعذب من يشاء، وينعِّم من يشاء"؛ اهـ.
وقال العلامة/ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - في "الشرح الممتع على زاد المستقنع" 1/ 266: "الواجب: ما أمر به الشارع على سبيل الإلزام بالفعل.
وحكمه: أنَّ فاعِلَه يُثاب، وتاركه مُتوعد بالعقاب، ولا نقول يعاقب تاركه؛ لأَنَّه يَجوز أن يعفو الله عنه.
قال تعالى: ï´؟ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ï´¾ [النساء: 48]، وقد استند المعتزلة وأفراخهم إلى أنَّ الخلف صفة ذم، وهذا مُمتنع في حق الله - تبارك وتعالى.
ويُجاب عليهم من وجوه، منها: أنَّ خلف الوعيد منقبة، وخلف الوعد هو المؤاخذ عليه.
فخلف الوعيد فيه كرم وعفو ومغفرة ورحمة، أمَّا خلف الوعد، فيدل على فساد الظاهر والباطن؛ لذا عَدَّه النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من النفاق.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذَب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان))؛ متفق عليه.[10]
وهذا من أقوى ما يُرَدُّ به عليهم.



يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.56 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.23%)]