عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 06-02-2020, 03:22 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,114
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بلاغة الفواصل القرآنية: قراءة في آيات العقيدة

بلاغة الفواصل القرآنية: قراءة في آيات العقيدة


د. عبدالله علمي






تقويم:
نَخلُص من خلال هذه المدارسة لفواصل آيات العقيدة أثناء بناء عقيدة التوحيد، وحجاج المخالفين لها إلى النتائج التالية:
1- نتائج عامة:
• الفاصلة القرآنية أُسُّ إعجاز نصوص العقيدة، وهي مكون مهمٌّ من مكونات الإعجاز عكس ما قرَّره الجرجاني، وإنما دفع الإمامَ عبدَالقاهر لهذا الحكم انتصارُه لمذهبه العقدي (الأشعري) الذي لا يَحفِل بالمظاهر اللفظية، وهذا يرتبط بالقضية البلاغية النقدية (اللفظ والمعنى) التي دار حولها جدل كبير لأسباب عقدية بحتة.


وقد جار الجرجاني على الفاصلةِ القرآنية حينما أخرجها بشكل قاطع من نظرية الإعجاز التي ظلت تبحثُ عن أسرار الأساليب في بناء المعنى التامِّ، وهذا أوقعه في تناقض صارخ بيَّناه في الشق التطبيقي، بالبرهنة على دقة اختيار الفواصل لأغراض دلالية بلاغية لا عَلاقة لها بضرورة السجع والجمال الصوتي.


• الفاصلة القرآنية في آيات العقيدة لا تبحث عن التناسب الصوتي والسجع الإيقاعي على حساب المعنى، عكس ما ذهب إليه أغلبُ الدارسين المنساقين وراء نظرة الجرجاني، بل المقصد البلاغي الأهم.


• جمع فواصل آيات العقيدة بين جمال الشكل: الإيقاع الصوتي الذي يجذب الأسماع، ويؤثر في النفوس، ودقة المعنى البلاغي الملخص لمعنى النص.


• تلوين الفاصلة القرآنية في آيات العقيدة حسب سياق النص الداخلي: (السباق واللحاق)، والسياق الخارجي (أسباب النزول)، فالفاصلة تأتي أحيانًا لينةً سهلة، وأخرى قوية قاصفة.


2- نتائج خاصة:
أسهمت الفاصلة القرآنية في إبلاغ عقيدة التوحيد؛ مثل التركيز على ضرورة الاتكال التام على الله تعالى، بتوظيف أسلوب الترتيب في فاصلة آية الاستعانة ï´؟ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ï´¾ [الفاتحة: 5].


كما بعثت الفواصل الطمأنينة في نفوس معتنقي عقيدة القرآن، وذلك بدقة اختيار الحروف، التي تختتم بها النصوص العقدية التي تعمل على ذلك، كحرف (الدال) المتكرر في فواصل سورة (التوحيد).


وعمِلت الفاصلة على بيان أسماء الله وصفاته، وهي ركنٌ أساس من أركان التوحيد بشكل شديد الدقة؛ كالبَدْء باسم الله الدال على رحمة (الرحمن) بعد ذكر اسم (الرحيم) لارتباط الأول بالله وحده، وارتباط الثاني بالبشر المحتاجين للرحمة، فالله تعالى رحمن ورحيم بخلقه.


واختتمت فاصلة النص الحاث على التوكل المطلق على الله باسم الله (الوكيل)، وفاصلة النص المُفصِّل في قضية الشفاعة ذُيِّلت (بالمُقيت)، والنص الحامل للتحدي انتهت (بالعزيز الحكيم)، والمبين لقدرة الله المطلقة يفصل القول بفاصلة (إن الله على كل شيء قدير).


صياغة فواصل آي العقيدة في قالَبٍ يُلخِّص مضمون النص، كختمِ النص الذي استعرض نعم الله بصيغة المبالغة: ï´؟ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ï´¾ [إبراهيم: 34]؛ لبيان جحود الكافرين، وتذكير وصف مريم عليها السلام بالقنوت في فاصلة: (كانت من القانتين) التي عدَلت عن صيغتها الأصلية، فبدل التعبير بالقانتات عبرت بالقانتين؛ لتأكيد كمال مريم عليها الصلاة والسلام، وبيان أنها بلغت مرتبة الصديقين المقربين من الله.


كما توسلت آيات العقيدة بصيغ المبالغة، مثل التعبير بصيغة: (مستورًا) في وصف الفرقان بين أهل الحق (التوحيد) والباطل (الشرك) في قوله تعالى: (حجابًا مستورًا)، والأصل حجابًا ساترًا، ولكنه بالغ لمنح عقيدة الوحدانية قوة ظاهرة.


وواكبت الفاصلة نظم النصوص العقدية أثناء حجاج المخالفين لطرح القرآن، فحينما تحاجج النصوص بأمور علمية دقيقة، تُوجِّه الفاصلة خطابها للعلماء، مثل فاصلة: ï´؟ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ï´¾ [الأنعام: 97]، وحينما يدعو النص العقدي إلى تأمُّل أمورٍ سطحية واضحة، تُوجِّه الفاصلة خطابها لجميع مَن يَعقِل مِن العامة، مثل فاصلة: ï´؟ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ï´¾ [الرعد: 4].


المصادر والمراجع:
أ:
♦ أبجد العلوم الوشي المرقوم في بيان أحوال العلوم، صديق القنوجي، تحقيق: عبدالجبار زكار، بيروت، دار الكتب العلمية، 1978م.
♦ إرشاد العقل السليم، القاضي، أبو السعود محمد العمادي، وضع حواشيه عبداللطيف عبدالرحمن، دار الكتب العلمية بيروت لبنان، 1999م.
♦ إعجاز القرآن الكريم، فضل إحسان عباس، دار النفائس للنشر والتوزيع.
♦ الإعراب المفصل لكتاب الله المرتل، لبهجت عبدالواحد صالح، دار الفكر للنشر والتوزيع.
♦ الإتقان في علوم القرآن، جلال الدين السيوطي، المكتبة العصرية، بيروت لبنان، 2003م.

ب:
♦ البرهان في علوم القرآن، بدر الدين الزركشي، دار عالم الكتب، المملكة العربية السعودية، 2003م.
♦ البيان في روائع القرآن، دراسة لغوية وأسلوبية للنص القرآني، تمام حسان، عالم الكتب، ط 1، 1993م.
♦ بدائع الفوائد، ابن قيم الجوزية، تحقيق: سيد عمران وعامر صلاح، دار الحديث، القاهرة، 2002م.
♦ البحر المحيط في التفسير، أبو حيان الغرناطي، دار الفكر، 1992م.

ج:
♦ الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان.

ت:
♦ التصوير الفني في القرآن، دار الشروق، القاهرة، الطبعة/ 18، 2006م.
♦ التحرير والتنوير، الطاهر بن عاشور، الدار التونسية للنشر والتوزيع، والدار الجماهرية للنشـر والتوزيع، بدون تاريخ.
♦ تفسير القرآن العظيم، لأبي الفداء الحافظ ابن كثير، ضبطه حسين إبراهيم زهران، دار الفكر، الطبعة الأولى، 1999م.
♦ التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج، وهبة الزحيلي، دار الفكر دمشق وآفاق معرفة متجددة، الطبعة الثانية، 2003م.

ث:
ثلاث رسائل في إعجاز القرآن، للإمام الرماني والإمام الخطابي والإمام عبدالقاهر الجرجاني، حققها وعلق عليها: محمد خلف ومحمد زغلول سلام، دار المعارف مصر، الطبعة الثالثة.

د:
♦ دلائل الإعجاز، عبدالقاهر الجرجاني، دار المعرفة، بيروت لبنان، الطبعة الثالثة.

ر:
♦ روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، أبو الفضل محمد الألوسي، دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية، 2005م.

ز:
♦ زاد المسير في علم التفسير، لابن الجوزي، المكتب الإسلامي، الطبعة الرابعة، 1987م.

س:
♦ سجع القرآن الفريد، لأحمد الحوفي، مقال بمجلة مجمع اللغة العربية، عدد: 28، نوفمبر، 1971م.
♦ سلسلة الأحاديث الصحيحة، ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع بالرياض.

ص:
♦ صحيح البخاري، أبو عبدالله محمد البخاري، موافقة لترتيب محمد فؤاد عبدالباقي، مع ذكر أطراف الحديث وبيان ما اتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم، وبيان من أخرج الأحاديث من أصحاب الكتب الستة، وبيان ما انفرد به البخاري، اعتنى به: محمود بن الجميل، مكتبة الصفا، 2003م.

ك:
♦ تفسير الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، جار الله الزمخشري، رتبه وضبطه وصححه محمد عبدالسلام شاهين، دار الكتب العلمية، الطبعة الخامسة، 2009 م.

ل:
♦ لسان العرب، للإمام أبي الفضل جمال الدين بن منظور، دار صادر، بيروت، لبنان.

م:
♦ التفسير الكبير أو مفاتح الغيب، الفخر الرازي، دار الكتب العلمية، طهران، إيران.
♦ مختصر تفسير الشعراوي، محمد متولي الشعراوي، أعده وقدم له عبدالرحيم متولي الشعراوي، دار التوقيفية للتراث، القاهرة، 2011م.
♦ معاني القرآن، الفراء، عالم الكتب بيروت لبنان، الطبعة الثالثة، 1983م.
♦ تفسير النسفي المسمى مدارك التنزيل وحقائق التأويل، لأبي البركات عبدالله النسفي، تحقيق: سيد زكريا، مكتبة نزار مصطفى الباز، الطبعة الأولى، 2000م.

ن:
♦ نظم الدرر في تناسب الآي والسور، برهان الدين البقاعي، دار الكتاب الإسلامي القاهرة، 1984م.


[1] البرهان في علوم القرآن،1 / 83 - 84.

[2] سجع القرآن الفريد، ص: 96.

[3] لسان العرب، 11 / 622.

[4] الإتقان في علوم القرآن، 2 / 97.

[5] البرهان في علوم القرآن، 1 / 53.

[6] ثلاث رسائل في إعجاز القرآن، ص: 97.

[7] التصوير الفني في القرآن، ص: 109.

[8] النكت في إعجاز القرآن، ص:98.

[9] أبجد العلوم الوشي المرقوم في بيان أحوال العلوم، 2/ 570.

[10] البيان في روائع القرآن دراسة لغوية وأسلوبية للنص القرآني، ص: 285 - 283.

[11] دلائل الإعجاز، ص: 387.

[12] دلائل الإعجاز، ص: 389 - 390.

[13] دلائل الإعجاز، ص: 391.

[14] إعجاز القرآن الكريم، ص: 81.

[15] الكشاف، 1/ 65.

[16] إرشاد العقل السليم، 1/ 19.

[17] التحرير والتنوير، 1/ 189.

[18] الإتقان في علوم القرآن، 3/ 252.

[19] روح المعاني، 27/ 58.

[20] الكشاف، 1/ 45.

[21] بدائع الفوائد، 1/ 32

[22] التحرير والتنوير، 1/ 172؛ بتصرف.

[23] الجامع لأحكام القرآن، 14/ 179

[24] زاد المسير في علم التفسير، 2/ 151.

[25] التفسير الكبير، 25/ 191.

[26] البحر المحيط، 1/ 111.

[27] التفسير الكبير، 25/ 258.

[28] تفسير الشعراوي، 1/ 4657.

[29] التفسير المنير، 13/ 232، (بتصرف).

[30] تفسير القرآن العظيم، 2/ 67.

[31] تفسير النسفي، 1/ 288.

[32] روح المعاني، مج: 8، ج: 12، ص: 159.

[33] الإعراب المفصل لكتاب الله المرتل، 6/ 45.

[34] التحرير والتنوير، 13/ 237.

[35] التفسير الكبير، 3/ 43.

[36]التحرير والتنوير، مج: 4، 6/ 139.

[37] التفسير الكبير، 11/ 149 - 150.

[38] البحر المحيط، 3/ 501.

[39] تفسير القرآن العظيم، 2/ 37 - 38.

[40] نظم الدرر في تناسب الآي والسور، 2/ 525.

[41] التفسير الكبير، 11/ 103.

[42] صحيح البخاري، تحت رقم: 3411، وأخرجه مسلم، وأحمد، والترمذي، وابن ماجه، صحيح الجامع، 2/ 840.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.12 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.04%)]