عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 03-02-2020, 05:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأحكام الفقهية من القصص القرآنية

الأحكام الفقهية من القصص القرآنية (8)

مسائل فقهية في اتخاذ مقام إبراهيم مصلى




د.وليد خالد الربيع



لا نزال مع الأحكام الفقهية المستفادة من قوله تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} البقرة:125، ومع المسألة الثانية مع قوله تعالى: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} ما المراد بمقام إبراهيم؟

المقام في اللغة: موضع القدمين، ومكان القيام، قال النحاس: مقام من قام يقوم، ويكون مصدرا واسما للموضع، واختلف في تعيين المقام على أقوال:

فعن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وعطاء أنه الحج كله، وهو اختيار الشيخ ابن سعدي حيث قال: « لعل هذا المعنى أولى لدخول المعنى الأول فيه واحتمال اللفظ له».، وعن عطاء والشعبي أنه عرفة ومزدلفة والجمار، وقال النخعي ومجاهد: الحرم كله مقام إبراهيم، وأصح الأقوال أنه الحجر الذي تعرفه الناس اليوم الذي يصلون عنده ركعتي الطواف، وهذا قول جابر وابن عباس وقتادة وغيرهم وهو اختيار الطبري وابن العربي والشوكاني والشيخ ابن عثيمين للأحاديث الصحيحة في ذلك، منها ما أخرجه مسلم من حديث جابر الطويل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما رأى البيت استلم الركن فرمل ثلاثا، ومشى أربعا، ثم تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}، فصلى ركعتين قرأ فيهما بـ:{قل هو الله أحد}، و:{قل يا أيها الكافرون}.

مقام إبراهيم هو (الحجر)

وفي البخاري: أن مقام إبراهيم الحجر الذي ارتفع عليه إبراهيم -عليه السلام- حين ضعف عن رفع الحجارة التي كان إسماعيل يناولها إياه في بناء البيت، وغرقت قدماه فيه، قال الطبري: «ولو لم يكن على صحة ما اخترنا في تأويل ذلك خبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكان الواجب فيه من القول ما قلنا، وذلك أن الكلام محمول معناه على ظاهره المعروف، دون باطنه المجهول، حتى يأتي ما يدل على خلاف ذلك، مما يجب التسليم له. ولا شك أن المعروف في الناس بـ (مقام إبراهيم) هو المصلى الذي قال الله -تعالى- ذكره: {وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}».

المراد بقوله تعالى: {مصلى}

واختلفوا في المراد بقوله -تعالى-: {مصلى}:

فمن فسر المقام بمشاهد الحج ومشاعره قال: مصلى (مدعى) أي: مكان دعاء؛ من الصلاة التي هي الدعاء، وهو قول مجاهد ومن وافقه، ومن فسر المقام بالحجر قال: معناه اتخذوا من مقام إبراهيم قبلة لصلاتكم، فأمروا بالصلاة عنده، وهو قول قتادة ومن وافقه، قال ابن العربي: «إنَّه (أي حديث جابر) بَيَّنَ الصَّلَاةَ وَأَنَّهَا الْمُتَضَمِّنَةُ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَا مُطْلَقِ الدُّعَاءِ». وهو الأظهر لدلالة الأحاديث.

المسألة الثالثة

ما حكم ركعتي الطواف؟

اتفق الفقهاء على أنه يسن للطائف أن يصلي بعد فراغه ركعتين، ويستحب أن يركعهما خلف المقام لقوله تعالى‏:‏ ‏{وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى‏}‏، ويستحب أن يقرأ فيهما: ‏{‏قل يا أيها الكافرون‏}‏ في الأولى، و: ‏{‏قل هو الله أحد‏}‏ في الثانية‏، لحديث جابر المتقدم في صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر أنه صلى ركعتين بعد الطواف، قال النووي: «هذا دليل لما أجمع عليه العلماء أنه ينبغي لكل طائف إذا فرغ من طوافه أن يصلي ركعتي الطواف»، وقد اختلف الفقهاء في وجوب ركعتي الطواف بعد الاتفاق على مشروعيتهما:

المذهب الأول

ركعتا الطواف واجبتان، وهو مذهب الحنفية والمالكية وقول للشافعية؛ لأن الله أمر بهما، وبينهما النبي - صلى الله عليه وسلم - بفعله وواظب عليهما، والأصل في الأمر الوجوب، ولأنهما تابعتان للطواف فكانتا واجبتين‏، كالسعي.

المذهب الثاني

ركعتا الطواف مستحبتان، وهو مذهب الشافعية والحنابلة وهو قول ابن حزم واختيار ابن باز وابن عثيمين، لقوله -عليه السلام-‏: «‏خمس صلوات كتبهن الله على العبد من حافظ عليهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة‏» ‏ وركعتا الطواف ليستا منها، ‏‏ولما سأل الأعرابي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الفرائض‏، ذكر الصلوات الخمس قال‏:‏ فهل علي غيرها‏؟‏ قال‏:‏ «لا، إلا أن تطوع‏».

قياسهما على السعي

وأما قياسهما على السعي فالجواب: أن السعي لم يجب لكونه تابعا‏، ولا هو مشروع مع كل طواف، ولو طاف الحاج طوافا كثيرا لم يجب عليه إلا سعي واحد فإذا أتى به مع طواف القدوم‏، لم يأت به بعد ذلك بخلاف الركعتين فإنهما يشرعان عقيب كل طواف‏، قال النووي: «وسواء قلنا: واجبتان، أو سنتان لو تركهما لم يبطل طوافه».

المسألة الرابعة

هل تجزئ المكتوبة عن ركعتي الطواف؟

قال ابن قدامة: «وإذا صلى المكتوبة بعد طوافه‏‏ أجزأته عن ركعتي الطواف، روي نحو ذلك عن ابن عباس وعطاء وجابر بن زيد‏‏ والحسن وسعيد بن جبير وإسحق، وعن أحمد أنه يصلي ركعتي الطواف بعد المكتوبة، قال أبو بكر عبد العزيز‏:‏ هو أقيس. وبه قال الزهري‏‏ ومالك وأصحاب الرأي؛ لأنه سنة فلم تجزئ عنها المكتوبة‏ كركعتي الفجر.

ذكر الشوكاني أن الزهري لما قيل له: إن عطاء يقول: تجزئ المكتوبة من ركعتي الطواف. فقال الزهري: «السنة أفضل، لم يطف النبي - صلى الله عليه وسلم - أسبوعا إلا صلى ركعتين».

قال الشوكاني: «استدل به من قال: لا تجزئ المكتوبة عن ركعتي الطواف، وتعقب بأن قوله: «إلا صلى ركعتين» أعم من أن يكون ذلك نفلا أو فرضا؛لأن الصبح ركعتان».

ورجح ابن قدامة الأول؛ لأنهما ركعتان شرعتا للنسك، فأجزأت عنهما المكتوبة‏ كركعتي الإحرام‏».


المسألة الخامسة

هل تجزئ ركعتا الطواف في مكان آخر؟

إذا لم يتيَسَّرْ للطَّائِفِ أداءُ ركعتي الطَّوافِ خَلْفَ المقامِ بسبب الزِّحامِ أو غيره، فإنه يُصَلِّيها في أي مكانٍ تيسَّرَ في المسجِدِ باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ، قال ابن قدامة: «وحيث ركعهما ومهما قرأ فيهما‏ جاز، فإن عمر ركعهما بذي طوى».

قال النووي: «والسنة أن يصليهما خلف المقام، فإن لم يفعل ففي الحجر، وإلا في المسجد، وإلا في مكة وسائر الحرم، ولو صلاهما في وطنه وغيره من أقاصي الأرض جاز وفاتته الفضيلة».


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.65 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.02 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.04%)]