المطلب الثالث: تنظيمات الطريقة، مصادر التلقي ومنهج الاستدلال:
على المستوى التنظيمي الداخلي فينقسم شيوخ الطريقة إلى طبقات، ونظرًا للعلاقة الوطيدة التي جمعت بين أعلامهم وبين سلاطين المغرب، فقد أعطوا أولوية كبيرة لنصرة توجههم الديني.
ولا نجد اختلافًا كبيرًا بين الطريقة التيجانية وغيرها من الطرق الصوفية، إلا ما كان من باب استخلاص المريدين للطريقة؛ فإنه يشترط على المريد - وهو الشخص الذي يريد الأخذ عن الطريقة - ترك كل أوراده وطرقه السابقة مما يغاير ورد وطريقة التيجانية، تركًا باتًّا، حتى يؤذن له في الالتحاق، وهو أمر لا تشترطه باقي الطرق الصوفية، فيما تشترك التيجانية مع باقي هذه الطرق في تركيز أنشطتهم فيما يسمى بالزوايا، وهي مراكز علمية قائمة بذاتها، شبيهة بالمساجد، تقام للصلاة على مدار اليوم والليلة، وتقام فيها الخلوات والطقوس، وتتلى فيها الأوراد التيجانية، إما بشكل انفرادي أو جماعي تبعًا للمناسبات، وكانت هذه الزوايا تستقبل المساكين والمُعوزين أيضًا لإيوائهم، وتقيم التلاوات الجماعية للقرآن.
أما التلقي عند التلاميذ (المريدين) فيتم عبر ما يسمونه بالصحبة بين المريد والمقدم، بعدما يوافق التلميذ على شروط معينة تكفل حفظ عهود الولاء والبراء لصالح الطريقة ورؤوسها، الأحياء منهم والأموات، ويتم تنظيم أعضاء الطريقة وفق أربع مراتب، وهي:
♦ المريد، وهو الشخص الذي يريد الانضمام للطريقة وتبنِّي مبادئها.
♦ المقدم، وهو ناشر الطريقة، والملقِّن للأوراد.
♦ الخليفة.
♦ الشيخ، ولا يسمح لأحد بتقلد هذا المنصب سوى مؤسس الطريقة أحمد التيجاني؛ سدًّا لباب الابتداع فيها؛ لكونها متلقَّاة عن النبي صلى الله عليه وسلم شخصيًّا - حسب اعتقادهم، وهو المصدر، ولا يجوز تعدد المصادر.
وتستمد الطريقة أصولها من الكتاب والسنة بصبغة صوفية يطغى عليها الغلو في تأويل معاني القرآن والسنة، وتحريفها، والغلو أيضًا في التقديس، وهو شيء لا يستغرب من فرقة شربت من معين كبار صوفية الأزمان الغابرة، أمثال: ابن عربي[7]، والحلاج[8]، أضف إلى ذلك مزجهم الخفي بين مبادئ الطرق الصوفية الأخرى التي التقى أحمد التيجاني بأبرز أعلامها خلال رحلته؛ كالقادرية، والخلوتية، وبدا هذا المزج جليًّا في مؤلفاته التي تمثل مصادر التلقي الثانوية لدى التيجانية، مثل كتابه: "جواهر المعاني"، و"ميزاب الرحمة الربانية في التربية بالطريقة التيجاني"، فنتج عن ذلك أن اعتمد منهج التلقي عندهم على ثلاثة أمور:
♦ القرآن والسنة بمنهج استدلالي محدَث.
♦ كتب غلاة الصوفية.
♦ الأوهام والظنون.
أما منهج الاستدلال عند التيجانية فيرتكز على عدم الالتزام بتفسير الصحابة والسلف للنصوص، ولا بقواعد الاستدلال السليم، بل يميلون نحو اعتماد العقل والظنون بشكل كبير في فهمها، ويأخذون بمجمَلها ومتشابهها، ولا يميزون بين صحيحها وضعيفها، بل يردون كل ذلك للهوى والعقل، كما يعمدون إلى ابتداع ممارسات ومصطلحات لم يسبقهم إليها أحد، شأنهم في ذلك شأن كل أهل البدع[9].
المبحث الثاني: مبادئ معتقد الطريقة التيجانية:
وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: معتقد الطريقة في أبواب التوحيد:
قبل الدخول في هذا الموضوع، ينبغي التنبيه إلى أن التيجانيين قد وافقوا أهل الغلو من المتصوفة في بعض المعتقدات، وانفردوا بأخرى، وضابط المعتقدات التي انفردوا بها هو كونها مما ارتبط بالفتح الأكبر، أو الولاية العظمى؛ فمن أصولهم في التوحيد:
• توحيد الله سبحانه وتعالى في العبادة والتسليم له والرضا بحكمه.
• تخصيص الله سبحانه وتعالى بصفات الكمال والجلال، وجعله القصد الأكبر وغاية المطلب.
• تقسيمهم للتوحيد إلى قسمين: توحيد العارفين، وهو ما يشمل عبادة الله الواحد الصمد، وهو توحيد الرسل، وتوحيد المتكلمين، وهو ما صار عليه العامة ممن نظر في أدلة التوحيد عن طريق العقل والبديهيات، وعن طريق علوم الفلسفة اليونانية وعلم الكلام.
• تجويزهم إسقاط الله سبحانه وتعالى لبعض صفاته وأفعاله على صالحي عباده - تعالى الله عما يصفون.
• عدم اعتبار الكافر خارجًا عن الإرادة والمشيئة الإلهية والمرتبطة بالأمر الكوني، فيُعتبَر بذلك ممتثلاً لأمر الله، وغير مستحق للعداوة، كما يثبتون المحبة الإلهية للكافر باعتبار دخوله تحت صفة المرحومين[10]، وقد كان لهذه الأصول أثر عميق في تحديد موقفهم من الاستعمار الأجنبي في المغرب الأقصى آنذاك.
• تمييزهم بين العباد في باب الدعاء؛ فقد يجوز في حق الشيخ ما لا يجوز في حق المريد من الأدعية الخاصة أو "الفتوحات"، كما يسمونها.
المطلب الثاني: معتقد الطريقة في أبواب الاتباع:
من أصول الطريقة في أبواب الاتباع:
• جواز رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة في حق الشيخ الأعظم أحمد التيجاني، واللقاء به، والأخذ عنه، واتباعه في أمره ونهيه.
• جواز رؤية الشيخ الأعظم أحمد التيجاني بعد مماته، والأخذ عنه، واتباعه في أمره ونهيه؛ وذلك في حق المصطفَيْن من أتباعه، ولمن بلغ المرتبة العالية في تعبده.
• الإيمان بالولاية الكبرى، وبمنزلة المعلم المطلق، والتي بموجبهما يصير شيخ الطريقة - أحمد التيجاني - مبلغًا جديدًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل وخاتم الأولياء.
• الإيمان بعصمة القطب الأكبر، في الصادر عنه من الأقوال والأفعال.
• تجويزهم زيادة غير الأنبياء على الأنبياء في العلم، ودليلهم في ذلك قصة موسى عليه السلام مع الخضر.
• إلزام الطالب - المريد - بطريقة الطائفة التيجانية ومعتقداتها وسلوكياتها، والتشديد عليه في ترك كل الطرق الصوفية الأخرى، والمذاهب والفرق من باب أولى، بل والتسليم بتوقف النعيم والهلاك في الآخرة على الأخذ بالورد التيجاني أو تركه، قال محمد النظيفي[11] في الدرة الخريدة: (قال رضي الله عنه وأرضاه وعنا به: "كل الطرق تدخل في طريقة الشاذلي رضي الله عنه، إلا طريقتنا هذه المحمدية الإبراهيمية الحنيفية، فإنها مستقلة بنفسها، فلا ينبغي لنا إلا التفرد بها؛ لأنه أعطاها لنا منه إلينا صلى الله عليه وسلم، وقال: لا يصلك شيء إلا على يدي، وقال رضي الله عنه وأرضاه وعنا به: "كل الطرق تدخل عليها طريقتنا فتبطلها")[12]؛ اهـ.
• إلزام الطالب بطاعة الشيخ "الكبير" طاعة مطلقة، "تسلب من الطالب اختياره وإرادته".
• قبولهم لجميع الانتماءات العقدية، بما فيها الشيعة، وعقد الولاء والبراء على الطريقة التيجانية فقط.
* المطلب الثالث: معتقد الطريقة في أبواب التقديس:
من أصول الطريقة في هذا الباب:
• إيمانهم بقدسية شخص الشيخ الأعظم - أحمد التيجاني - في حياته ومماته، وعقدهم الولاء والبراء على اتباعه والذود عنه، ونعته بأكثر الألقاب غلوًّا؛ كالغوث، والقطب، وقطب الأقطاب، وخاتم الأولياء، والخاتم المحمدي، وغيرها.
• إيمانهم بقدسية الزوايا التيجانية، واعتبارها بُقعًا مباركة، وفي مقدمتها الزاوية الأم، بمدينة فاس المغربية؛ لاحتضانها قبر شيخ الطريقة أحمد التيجاني، وزاوية منطقة عين بوماضي الجزائرية، مسقط رأسه.
• إيمانهم بقدسية ثلاثة قبور، واستحقاقها بذلك للزيارة دون غيرها من القبور؛ وهي قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقبر شيخ الطريقة أحمد التيجاني، وقبور بعض أتباع الطريقة من الصالحين، ويحرمون زيارة غيرها.
• إيمانهم بقدسية ما أملاه شيخ الطريقة أحمد التيجاني من أوراد وشروحات، حتى صيروه سببًا لنيل البركات، ونزول الخيرات على البيوت، وحفظ الأماكن والأشخاص.
الفصل الثاني: موقف أهل السنة والجماعة من الطريقة التيجانية:
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: مخالفات الطريقة التيجانية لمنهج أهل السنة والجماعة في الأصول:
وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: مخالفات الطريقة في باب أركان الإيمان:
• إيمانهم بوحدة الوجود، وبأن الله سبحانه وتعالى يتجلى في مخلوقاته وملكوته، وبأنه والوجود واحد لا يتجزأ، وهذا مخالف لِما عليه عقيدة أهل السنة والجماعة؛ من علو الله فوق عرشه، وهذا فيه إخلال بعلو الله، الذي يمثل أصلاً من أصول الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة، وقد نقل الشيخ آل دخيل قول أحمد التيجاني بذلك في روح المعاني، حيث قال: "اعلم أن أذواق العارفين في ذوات الوجود أنهم يرون أعيان الموجودات "كسراب بقيعة"، فما في ذوات الوجود كله إلا الله سبحانه وتعالى، تجلى بصورها وأسمائها، ظاهرة بصورة الغير والغيرية، وهي مقام أصحاب الحجب الذين حجبوا بظاهر الموجودات عن مطالعة الحق فيها"، كما أقر أحمد التيجاني بصحة القول بوحدة الوجود فقال: "وأن هذا الاعتقاد ليس اعتقاد القائل بوحدة الوجود؛ لأن ذلك اعتقاد صحيح شرعًا، يقبله العقل السليم بالوهب الإلهي والفيض الرحماني، وإن لم يدركه بالنظر الفكري"، والتيجانيون ينقسمون فيما يخص هذا الاعتقاد إلى ثلاث فرق، المجوزون، والمحرمون، ومن يقلد هذا وذاك [13]، وفي هذا مخالفة شديدة النكارة لمعتقد أهل السنة والجماعة، الذين يقرُّون بانفراد الله سبحانه وتعالى بصفات الكمال والجلال، وبتنزيهه عن الشبيهِ والمثيل.
• إيمانهم بالرؤية العينية الدنيوية للنبي صلى الله عليه وسلم، وبتخصيصه عبادًا معينين بالعلم؛ كتخصيص أحمد التيجاني بأوراد مخصوصة، مثل: صلاة الفاتح لما أغلق، وغيرها، وهذا مخالف لاعتقاد أهل السنة والجماعة في فناء حياته صلى الله عليه وسلم، وفي إكمال الله سبحانه وتعالى للشريعة منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا مضت.
• إقرارهم بعمد النبي صلى الله عليه وسلم إلى كتم شيء من الشريعة، وتخصيص بعض أمته بالعلم دون غيرهم، بل واتخاذهم وسائط بينه وبين الأمة، والأدلة النقلية والعقلية شاهدة على بطلان هذا الادعاء، فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم كاتمًا شيئًا مما أوحي إليه لكتم معاتبة الله سبحانه وتعالى له في قصة زواجه من زينب بنت جحش، ولكتم معاتبة ربه له في قصته مع ابن مكتوم رضي الله عنه، ولكنه صلى الله عليه وسلم ما غادر الدنيا إلا بعدما أشهد ربه ثلاثًا على أنه بلَّغ، وقد جاء قول الله عز وجل في كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلف: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ ﴾ [آل عمران: 187]، قال الطبري 33 في تفسير هذه الآية: "هذا ميثاق أخذه الله على أهل العلم؛ فمن علم شيئا فليعلمه، وإياكم وكتمان العلم؛ فإن كتمانَ العلم هَلَكة"[14].
• غلوهم في النبي صلى الله عليه وسلم، حتى نسبوا الفضل في وجود باقي الكائنات لنوره عليه الصلاة والسلام، مستندين في ذلك إلى حديث موضوع، ربطوا بين خلق النبي صلى الله عليه وسلم وخلق الأنبياء والأولياء بزعمهم أنهم خلقوا من طينته، وقولهم أيضًا بـ: "المدد" النبوي الذي يصل كل الأنبياء والمرسلين، ويصل منه قدر لأحمد التيجاني، ومنه لجميع الخلائق، وربطهم بين خلق النبي صلى الله عليه وسلم وباقي المخلوقات[15].
• إيمانهم بتنزُّل الملائكة بالذكر والوحي في هذه الدنيا، والمقصود الوحي التشريعي، وهذا مخالف أيضًا لاعتقاد أهل السنة والجماعة في انقطاع الوحي مع وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
• قول التيجاني بأن الله سبحانه وتعالى خلَق الملائكة من طينة جسد النبي صلى الله عليه وسلم[16].
• تفضيلهم لصلاة الفاتح على القرآن في القراءة أجرًا، وصيغة هذه الصلاة: (اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق، والخاتم لما سبق، ناصر الحق بالحق، الهادي إلى صراطك المستقيم، وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم)، قال أحمد التيجاني في روح المعاني: "ثم أمرني بالرجوع صلى الله عليه وسلم إلى صلاة الفاتح لما أغلق، فلما أمرني بالرجوع إليها سألته صلى الله عليه وسلم عن فضلها، فأخبرني أولاً بأن المرة الواحدة منها تعدل من القرآن ست مرات، ثم أخبرني ثانيًا أن المرة الواحدة منها تعدل من كل تسبيح وقع في الكون، ومن كل ذِكر، ومن كل دعاء كبير وصغير، ومن القرآن ستة آلاف مرة؛ لأنه من الأذكار"؛ وقد سئلت اللجنة الدائمة في حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصيغة:
س: هناك صلاة تقال من بعض الأشخاص: اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق، والخاتم لما سبق، ناصر الحق بالحق، والهادي إلى صراط مستقيم، هل هذا الدعاء صحيح أم لا؟
ج: لم تثبت هذه الصيغة عنه صلوات الله وسلامه عليه، ومعناها صحيح، إلا قوله: "الفاتح لما أغلق"؛ فإن فيه إجمالًا، فإن أريد به أنه فاتح بشرعه العظيم لما أغلق على الناس واشتبه عليهم فهو حق، وإن أراد غير ذلك فلا بد من بيانه حتى ينظر فيه، وخير منها وأفضل: الصلاة الإبراهيمية المحمدية، التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، ونقلها أصحابه إلى من بعدهم، وهي ما يأتي به المسلمون اليوم في آخر صلاتهم قبل السلام، وهي المشروعة، أما الصلاة المسماة بصلاة الفاتح فبدعة يجب تركها؛ لعدم نقلها عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولما في أولها من الإجمال المحتمل الحق والباطل.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[17].
وقد نقل الشيخ آل دخيل[18] تكفير أهل السنة والجماعة لمن قال بتفضيل كلام البشر على القرآن[19].
• إيمانهم بجواز زيادة غير النبي على النبي في العلم[20]، وبجواز تفضيل الولي على النبي في الكرامة والقرب، وهذا يظهر إخلالاً بالمعتقد السني الذي يعتبر أن أفضل البشر هم الأنبياء على الإطلاق.
• إيمانهم بوحدة الشهود؛ حيث يدرك الصوفي التيجاني بكثرة الرياضة وطول المجاهدة مقامًا عاليًا عند الله سبحانه وتعالى، يكشف فيه الحجاب فيتراءى النور، فيترتب عن ذلك فَناء الشيخ "الواصل" واضمحلاله في الذات الإلهية، تعالى الله عما يصفون علوًّا كبيرًا [21]، وقد رد الشيخ آل دخيل على هذا الادعاء، ودحض شبههم فيه بالبراهين النقلية والعقلية[22].
• إيمانهم بأن الله سبحانه وتعالى يجمع أحمد التيجاني وأتباعه في حثية من الحثيات الثلاث يوم القيامة، فيضعهم في الجنة، وفي هذا تجرؤٌّ على القول على الله بغير علم، وتخرص بغيبيات اليوم الآخر، فلا دليل في القرآن ولا في السنة على تخصيص أهل هذه الطريقة بمقام معين في الآخرة، مع ما هم عليه من ادعائهم مجاهدة النفس في عدم الأمن من مكر الله.
• إيمانهم بأن الله عز وجل يبعث لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبره، وكذلك الصحابة والخلفاء الراشدين، لحضور طقوسهم وحلقات ذكرهم، وهذا خلاف ما عليه أهل السنة والجماعة من استحالة انبعاث الميت بعد موته في الدنيا، ويجوزون لقاء الأنبياء بالأولياء لقاءً حسيًّا في الحياة الدنيا، روى جابر بن عبدالله: "نظر إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((ما لي أراك مهتمًّا؟)) قلت: يا رسول الله، قتل أبي وترك دَينًا وعيالاً، فقال: ((ألا أخبرك، ما كلم الله أحدًا قط إلا من وراء حجاب، وإنه كلم أباك كفاحًا، فقال: يا عبدي، سَلْني أُعطِك، قال: أسألك أن تردني إلى الدنيا فأُقتَلَ فيك ثانية، فقال: إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون، قال: يا رب، فأبلغ من ورائي، فأنزل الله تعالى: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ ﴾ [آل عمران: 169] الآية))[23].
يتبع