عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 28-01-2020, 12:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,434
الدولة : Egypt
افتراضي التفسير المفهوم لسورة الإخلاص

التفسير المفهوم لسورة الإخلاص




أبو الحسن هشام المحجوبي و وديع الراضي




الحمد لله منزل الفرقان، والصلاة والسلام على خير من فسَّر القرآن، وعلى آله وصحبه الأعلام، وبعد:
﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص:1 - 4] سورة الإخلاص مكية؛ أي: نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة، عدد آياتها 4، قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، إنها لتعدل ثلث القرآن))؛ لاشتمالها على توحيد الله الذي بيَّنه ثلث القرآن، وقيل: تعدل تلاوتُها وتدبُّرها والعمل بها في الأجر ثلث القرآن.

وقد رُوِي في سبب نزولها أن المشركين أتَوُا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا له: انسب لنا ربك، فأنزل الله تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾[الإخلاص:1 - 4].

قال سبحانه: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾، الله: أعظم اسم من أسمائه الحسنى سبحانه، ومعناه المعبود الذي يَتقرب إليه عبادُه بشتى الطاعات حبًّا وتعظيمًا، وقد أجمع العلماء أنه لا يجوز لأحد التسمِّي به؛ لتفرده سبحانه وتعالى بالعبادة.

وأما الأحد: فهو من أسمائه تعالى الحسنى، ومن أسمائه أيضًا الواحد، ومعناهما: المتفرد بالربوبية والألوهية والكمال في أسمائه وصفاته.

والمعنى العام للآية: أي ادعُ يا محمد أنت وأُمتُك الناسَ إلى التوحيد.

والتوحيد: هو إفراد العبدِ ربَّه فيما يختص به من ربوبية وألوهية وأسماء وصفات، قال سبحانه: ﴿ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: 65].

﴿ اللَّهُ الصَّمَدُ ﴾: الصمد: من أسمائه تعالى الحسنى، قيل في معناه: السيد الكامل في سؤدده، وقيل: السالم من العيوب، وقيل: الذي لا جوف له، وقيل: المقصود في الحوائج على الدوام، وقيل: المتصف بالكمال، وقيل: تفسيره ما بعده: ﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴾، قال سبحانه: ﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ ﴾ [الحديد: 3]، وقال أيضا: ﴿ بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الأنعام: 101]، وقال أيضًا: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ﴾ [مريم: 88 - 93]، وقال أيضًا: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنبياء: 26، 27]، وقال سبحانه: ﴿ وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ *سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الصافات: 158، 159]، وفي صحيح البخاري، قال صلى الله عليه وسلم: ((لا أحدَ أصبرُ على أذًى سَمِعَه من الله؛ يجعلون له ولدًا، وهو يرزقهم ويعافيهم)).

﴿ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾؛ أي: ليس له شبيه أو مثيل في أسمائه وصفاته، قال سبحانه: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11].

اشتملت سورة الإخلاص على فوائد عظيمة، ينبغي لكل مسلم معرفتها والعمل بها:
أولاً: من أسمائه سبحانه "الله".
ثانيًا: من أسمائه سبحانه "الأحد".
ثالثًا: وجوب توحيد الله سبحانه وتعالى والدعوة إليه.
رابعًا: من أسمائه سبحانه الحسنى "الصمد".
خامسًا: أنه سبحانه وتعالى لا والدَ ولا صاحبةَ ولا ولدَ له.
سادسًا: أنه سبحانه وتعالى لا مثيل له في جميع أسمائه وصفاته.

ونسأل الله تعالى أن يتقبل عملنا، وأن يرزقنا الإخلاص والأجر والثواب، آمين، والحمد لله رب العالمين.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.97 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.38%)]