الموضوع: مالك بن نبي
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 07-01-2020, 11:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,616
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مالك بن نبي

توجيه رأس المال:
يفرق مالك بن نبي بين مصطلحي الثروة ورأس المال، فالأول يستخدمه الفرد في ميدانه الخاص مثل عقاره أو قطيعه أو ورشته (فالثروة لا تسعى لغايتها كقوة مالية مستقلة، بينما رأس المال ينفصل عن صاحبه ويتسع مجاله ليخلق حركة ونشاطاً، ويوظف الأيدي أينما حل وحيثما ارتحل) [117] فالثروة مال ساكن، ورأس المال مال متحرك، والمطلوب من المسلمين توجيه المال في خدمة الاقتصاد الإسلامي (فالقضية ليست في تكديس الثروة ولكن في تحريك المال وتنشيطه، بتوجيه أموال الأمة البسيطة إلى رأس مال متحرك ينشط الفكر والعمل) [118]
وقد نتج عن عدم توجيه (المال) أن (زاد أغنياء المسلمين على فقرائهم في العطل برغم ما يملكون من ثروات، فكثير منهم لا يهتمون بتولي طفل مسلم لتربيته تربية علمية) [119] (والأموال تنفق في توافه الأشياء وتترك المشاريع ذات النفع العام كالمدارس والمستشفيات إنها مشكلة توجيه رأس المال، إنها مشكلة نفسية وليست مالية) [120].
ومع هذه الدعوة إلى توجيه رأس المال إلا أن مالك يحذر الدول (من اختيار مبدأ التنمية الرأسمالية لأنها تكون كما لو قررت مبدئياً أن تضع عملها من أجل النهوض الاقتصادي في سجن المؤسسات المالية العالمية) [121] بل يرى أن المشكلة ليست في المال ولكن في تعبئة الطاقات الاجتماعية، والرصيد الأساسي هو الإنسان، (لو سمح لى أن ألخص وجهة نظر عبّرت عنها منذ ربع قرن لقلت أنه ليس من الضروري “ولا من الممكن” أن يكون لمجتمع فقير المليارات من الذهب كي ينهض، وإنما ينهض بالرصيد الذي لا تستطيع الأيام أن تنقص من قيمته شيئاً، الرصيد الذي وضعته العناية الإلهية بين يديه: الإنسان والتراب والوقت) [122] (إن الاقتصاد ليس قضية إنشاء بنك وتشييد مصنع فحسب، بل هو قبل ذلك تشييد الإنسان، وإنشاء سلوكه الجديد أمام كل المشكلات) [123].
وبمثل رأي مالك هذا قال ابن خلدون في مقدمته: (الكسب هو قيمة الأعمال البشرية، والله - سبحانه - خلق جميع ما في العالم للإنسان، وامتن به عليه في غير ما آية من كتابه (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ) [الجاثية: 13] وسخر لكم الأنعام، ويد الإنسان مبسوطة على العالم) [124]
الزراعة والصناعة:
إن ظروف العالم الإسلامي تقتضي عندما يريد النهضة الاقتصادية أن يبدأ بالزراعة، فهي الأساس، وهي التي تمده ببعض المواد الخام، وهي التي تحميه من الضغوط الاستعمارية، هذا هو رأي مالك بن نبي الذي يكرره كثيراً في كتبه، يقول:
(والأرض هي الوسيلة المأمونة - كما يقول اليوم الاقتصاديون الذين يدرسون مشاكل العالم الثالث - لضمان “إقلاع” مجتمع ما من مرحلة أولية إلى مرحلة ثانوية) [125] (ولكي يصل الاقتصاد إلى مرحلة التصنيع فليس له ما يعتمد عليه سوى الزراعة من ناحية والمواد الأولية “الخام” من ناحية أخرى، وهذان هما ثديا الاقتصاد الإسلامي على العموم) [126].
وتجربة الجزائر هي أكبر مثال على ذلك حين اهتم بالصناعة وأهمل الزراعة، ووجد الشعب والعمال أن المواد الضرورية للغذاء غير موجودة.
لاشك أن وجهة نظر مالك بن نبي صحيحة بشكل عام، ولا أظنه يعني أنه لابد من استكمال الزراعة حتى نبدأ بالصناعة، ولكن الزراعة هي الأساس، وهذا شيء طبيعي بالنسبة للعالم الإسلامي، فضعفه في الزراعة ومحاولة الانتفاش أنه صناعي جعلته يستجدي أخيراً المواد الغذائية من الغرب.
لم يقدم مالك بن نبي هنا نظرية متكاملة في الاقتصاد، بل إشارات وخطوط عريضة فقط، بل نستطيع القول أنه بسط الأشياء أحياناً، وهي أكثر تعقيداً وخاصة في ظروفنا الحالية.
كما أنه وبسبب “السذاجة السياسية” وقع في غلطة كبيرة عندما ظن أن ما قام به قادة انقلاب (23) يوليو في مصر مما سمي بـ (الإصلاح الزراعي) سيكون خطوة كبيرة في طريق الإصلاح الاقتصادي، إن ما قام به هؤلاء لا يعدو أن يكون ارتجالاً وتشنجات نفسية ضد الإقطاع وليس نابعاً عن خطة مدروسة فضلاً عن أن تكون خطة إسلامية، وقد خرجت مصر بعد ذهابهم أضعف اقتصاداً مما كانت عليه يوم جاءوا، ولكن مالك الذي عاش في الغرب يفرح بأي خطوة يخطوها أهل المشرق مما يظن أنه من الإصلاح.
لم يعش مالك حتى يرى انهيار المجتمعات الاشتراكية، سواء في الشرق أو في البلاد العربية، وانهيار الاقتصاد المزيف، وطبعاً لا تغني الوصفات من الرأسمالية فالأمل هو في المجتمعات الإسلامية التي (تعيد إلى عالم الاقتصاد أخلاقياته، ويتلافى بذلك الانحرافات الإباحية التي تورطت فيها الرأسمالية، كما ينجو من ورطة الماركسية المادية التي سلبت الإنسان ما يميزه عن الآلات والأشياء) [127].
بعد الحلقة الأخيرة في قراءة فكر مالك بن نبي كانت النية متجهة للكتابة عن بعض أخطائه ضمن الكتابة عن المدرسة التي تأثرت به، وفي مكان آخر غير صفحات هذه المجلة، ولكن بعض القراء أشاروا وطلبوا أن تكون الكتابة عن مالك في المجلة حتى تتضح الصورة، وتظهر الإيجابيات والسلبيات كي تقع الفائدة المرجوة وتتجنب الأخطاء، واستجابة لهذا سأكتب عن الأخطاء ضمن المنهج الصحيح في الجرح والتعديل؛ وهو أنه إذا غلب على الرجل الخير فالأولى تقديم إيجابياته والتغاضي عن سلبياته أو ذكرها مجملة ما أمكن ذلك، وما أردت في المقالات السابقة إلا عرض خلاصة أفكاره عن أمراض العالم الإسلامي وشروط النهضة، وهي أفكار تستحق الدراسة والتأمل، ونتمنى أن يستفيد منه المسلمون في كل مكان.
فقد أصاب فيها المحز، ووضع الإصبع على الجرح، ورغم مرور سنين على طرحها، لكن مشكلة المسلمين لا زالت كما حللها وكتب عنها.
إن الأخطاء التي سنتكلم عنها ليست أخطاء عادية مما يقع لكل كاتب، فكان لابد من ذكرها والتنبيه عليها.
النظرة السطحية للأحداث والشخصيات:
كان مالك بن نبي عميقاً في فهم غور الاستعمار وأساليبه الخفية للتسلط على العالم الإسلامي، وعميقاً في معالجة (القابلية للاستعمار) عند المسلمين، ولكنه في عالم الواقع والسياسة فيه سذاجة أو طفولة سياسية، وهذا ليس غريباً فقديماً تعجب الإمام ابن الجوزي من شخصية أبى حامد الغزالي، كيف يجمع بين الفقه والذكاء من جهة، وبين الصوفية وحكايات العجائب والخرافات من جهة أخرى.
أ - أعجب مالك بثورة 23 يوليو في مصر، ومدحها ووضع آماله فيها من ناحية الإصلاح الزراعي والصناعة، وإنشاء وزارة الثقافة والإرشاد، والحياد الإيجابي، وكل الدجل والشعارات التي أطلقها مهرج هذه الثورة.
فثورة يوليو (1952م) عند مالك (من أهم الحوادث بالنسبة للصراع الفكري، وكان لهذا الحدث تأثير شرارة كهربائية انطلقت في وعي البلاد العربية والعالم الإسلامي) [128] (وكل عربي يعلم أن نظرة الرئيس جمال عبد الناصر خطت للنهضة العربية الاتجاه الصحيح الذي يحقق الشرط الأول للانسجام مع القانون العام.. ) [129].
كيف يكون هذا الزعيم بهذه الصفات ونحن لا نعلم أن هناك زعيماً آخر في العصر الحديث ترك بلاده خراباً مثل جمال عبد الناصر؟ كيف لا يدري مالك بن نبي وهو من هو في فهم اللعبة الاستعمارية أن عبد الناصر كان ضمن (لعبة الأمم)، وأنهم ساعدوه على صنع هذه البطولة المزيفة، وحتى لو كانت هناك بعض الإصلاحات المادية - وهي لم تتحقق فعلاً - فأين الحديث عن الاستبداد السياسي وكرامة الشعب المسحوقة؟ بل أين تطبيق الإسلام؟.
2 - علق مالك بن نبي آمالاً كبيرة على مؤتمر باندونغ، واعتبره كتلة سلام للعالم، واعتبر هذا التنوع الذي يضم تسعاً وعشرين دولة، تضم تراثاً فكرياً متفاوتاً (يمكن بطبيعة الحال أن يقدم العناصر اللازمة لبناء قاعدة متينة للسلام)[130].
هذه نظرته لهذا المؤتمر، والحقيقة أنه كان يحب التكتلات الكبيرة لمواجهة الغرب، وقد يكون معه بعض الحق في هذا، ولكن مثل هذا التكتل كان يحمل بذور فشله، وقضية الحياد التي يرفعها لم تكن صحيحة، فكل دولة منحازة، والهند التي كانت من أبرز أعضاء المؤتمر وتدعي السلام والروحانية كانت تحمل بين جوانحها الكره العميق للمسلمين، بل إن صورة الهند العداونية كانت من البديهيات عند الشباب المسلم في الستينات، ولم ينخدعوا بكلام الدبلوماسي الهندي (ليس لدينا من الخشوع ما يكفينا ونحن ذاهبون إلى باندونغ) [131]، ويصدق مالك بن نبي أن نهرو حمل رسالة اللاعنف التي سلمه إياها غاندي، ونهرو هذا يكتب في (المجلة العصرية) مقالتين ينكر فيهما على الجمعيات المسلمة الحركة ضد القاديانية ويؤيد جانب القاديانية) [132]، وهند نهرو هي التي احتلت كشمير وأخذتها بالقوة، فأين السلم وأين الديمقراطية التي تدعيها؟ وما الفرق بين الهند وباكستان في (القابلية للاستعمار).
وقد أدرك مالك أخيراً عدم جدوى أي محاولة تجمّع ليست عناصره منسجمة [133]، كما كان يلمح في آخر حياته بأن ثورة 23 يوليو لم تقم بالواجب، ولاشك أن الكبار من أمثال مالك بن نبي يتراجعون إذا عرفوا الحق.
3 - كانت روسيا بعد الثورة الشيوعية تدعي أنها دولة صديقة للشعوب وللعالم الثالث، وأنها ليست دولة استعمارية، وقد صدّق مالك بن نبي هذه المقولة، يقول: (فالمناخ الاستعماري الذي تكوّن في أوربا وأمريكا على حد سواء، وفي الاتحاد السوفييتي قبل الثورة أيضاً) ولكن الحقيقة أن روسيا مستعمرة قبل الثورة وبعدها، ولم تتخل عن جشع الدول الكبرى، وهي وجه آخر للحضارة الغربية.
4 - نقد مالك الانتخابات السياسية التي تطالب بالحقوق فقط وتنسى الواجبات، وتعتمد أسلوب المظاهرات والحفلات، وهو محق في هذا، ولكنه شارك في هذه الوسائل، وساعد “مصالي الحاج” في قيام الحزب الوطني، مع أنه ينتقده هو وحزبه، ولكنه حب الحركة ثم يكتشف الأخطاء بعدئذ.
اللاعنف:
أعجب مالك بن نبي بقصة (اللاعنف) عند غاندي، فهو يذكرها دائماً، بل يذكرها بخشوع، ويبني عليها أحلامه الفلسفية في السلام العالمي، واتجاه العالم نحو مناقشة قضاياه بالسلم والحوار والفكر، يقول عن منطقة جنوب شرقي آسيا: (هي مجال إشعاع الفكر الإسلامي وفكرة اللاعنف، أي مجال إشعاع حضارتين: الحضارة الإسلامية والحضارة الهندوكية، الحضارتان اللتان تختزنان أكبر ذخيرة روسية للإنسان اليوم) [134].
ويحلق في الخيال والطوباوية عندما يقول: (فكذلك رفات غاندي التي ذروها فإن الأيام ستجمعها في أعماق ضمير الإنسان من حيث سينطلق يوماً انتصار اللاعنف ونشيد السلم العالمي). [135]
(هذا الرجل “غاندي” كان يتقمص إلى درجة بليغة الضمير الإنساني في القرن العشرين). [136]
إن فكرة (السلم العالمي) بمعنى أن يحل السلام في العالم بشكل دائم، أو أن العالم يتجه نحو هذا الهدف، هذه الفكرة غير واقعية وغير شرعية، وهي فكرة خيالية محضة، فهي تنافي مبدأ الصراع الذي ذكره القرآن الكريم (وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ) [البقرة: 251] كما تنافي مبدأ الجهاد في الإسلام، وهي غير واقعية لأن من طبيعة البشر التغالب والعدوان إن لم يردعهم رادع، والدول الكبيرة القوية تأكل الضعيفة إن لم يكن عسكرياً فاقتصادياً.
والبشرية لن تبلغ رشدها في عمرها الثالث فتصبح الفكرة ذات قيمة قي حد ذاتها كما يتصور مالك بن نبي [137]، بل إنها كثيراً ما تتردى من الناحية الإنسانية، والبشرية لا تبلغ رشدها إلا إذا حكمها الإسلام.
إن فكرة (اللاعنف) و (الإنسانية) من الأفكار الخطيرة التي بذرها مالك ووسعها بعدئذ تلامذته، وحاولوا اللف والدوران كثيراً حول مبدأ الجهاد الإسلامي.
الإنسانية والعالمية
وقريب من مبدأ (السلام العالمي) كان مالك يحلم بأن تتوحد الإنسانية في مجتمع عالمي، ويظن بأن البشرية تسير بهذا الاتجاه، (فالعالم قد دخل إذن في مرحلة لا يمكن أن تحل فيها أغلبية مشكلاته إلا على أساس نظم الأفكار) [138]، (وحين اتجه العالم إلى إنشاء منظمة اليونسكو، كان يهدف إلى “تركيب” ثقافة إنسانية على المدى البعيد) [139] (وما محكمة العدل في لاهاي والقانون الدولي، والقانون البحري إلا مظاهر خاصة لذلك الاتجاه العام الذي لا يفتأ يمهد الطريق لتوحيد العالم). [140]
هذا المفهوم للإنسانية مفهوم وهمي يراد به محو الشخصية الثقافية الحقيقية لكل مجتمع ولكل أمة، وإذا كان العالم قد تقارب وانتشرت الأفكار في كل مكان، وقد يستفيد المسلمون من ذلك في نشر دينهم الذي يملك عناصر التأثير والقوة، ولكن أن يتوحد العالم في مجتمع واحد فهذا مفهوم ذهني مجرد، وإذا كان هو نفسه شعر بأن فكرة الأفرو آسيوية صعبة التحقيق، ولذلك عاد وكتب عن (الكومنولث الإسلامي)؛ فكيف يظن أن العالم يسير نحو الوحدة؟!
ضعف ثقافته الشرعية
لم يتصل مالك بن نبي بعلماء عصره ليستفيد منهم، ورغم اعترافه بأهمية “جمعية العلماء” في الجزائر التي كان على رأسها الشيخ عبد الحميد بن باديس؛ إلا أن علاقته بها كانت فاترة ويعترف هو بعد ذلك أنه كان مخطئاً في هذا [141]، ولذلك كانت دراسته للإسلام نابعة من قراءاته الشخصية وهي قليلة إذا قيست بقراءاته في الفكر الغربي، وهذا ما جعله يخطئ في أمور كثيرة سواء كانت في الفقه والأحكام أو في النظرة لبعض جوانب التاريخ الإسلامي، فمن رموز الثقافة عنده الفارابي، وابن سينا، وابن رشد [142].. (والمجتمع الإسلامي في عصر الفارابي كان يخلق أفكاراً وفي عهد ابن رشد يبلغها إلى أوربا وبعد ابن خلدون لم يعد قادراً على الخلق ولا على التبليغ). [143]
وفي العصر الحديث فإن من رموز الثقافة عنده جمال الدين الأفغاني، وهو موقظ الشرق، وهو رجل الفطرة... الخ. وإطلاقه هذا القول جزافاً يدل على ضعف ثقافته الشرعية.
وفي التاريخ يلمز كثيراً بنى أمية دون وضع الضوابط للإنصاف والتقويم الصحيح.
وبسبب عدم وضوح توحيد الألوهية ظن أنه من الممكن اتصال العالم الإسلامي بروحانية الهند (وليس بوسعنا أن نغض من قيمة الدور الذي يمكن أن يؤديه اتصال العالم الإسلامي بروحانية الهند) [144]
ولم يشر في كتبه إلى موضوع تحكيم الشريعة الإسلامية، وكان معجباً بدولة الوحدة عام (1958م) مع أنها لا تطبق شرع الله، وهناك أخطاء جزئية لا نريد التفصيل فيها ونعتقد أنه لو نبه عليها لتراجع.
وقبل أن ننهي هذه القراءة لفكر مالك بن نبي لا بد من التنبه لأمور:
أ - هذه السلبيات والأخطاء يجب أن لا تمنعنا من الاستفادة من الإيجابيات، فهذا المفكر خبير في نهضة المجتمعات وأمراض المسلم المعاصر.
وكأني أسمع بعض المسلمين يقولون: ما دامت هذه آراؤه فما الفائدة من قراءة كتبه؟ وهذا خطأ فادح منهم، فنحن نقرأ لأعداء الإسلام ونستفيد منهم؛ فكيف بمفكر كان يسعى - حسب جهده - لخير المسلمين، وإن أخطأ في مواضع.
2 - إن مالك بن نبي شخصية كبيرة، فهو يتراجع عن الخطأ إذا تبين له، لقد نصح “جمعية العلماء” في الجزائر بصدق وقال كلاماً دقيقاً في هذا (لقد كان على الحركة الإسلامية أن تبقى متعالية على أوحال السياسة والمعامع الانتخابية) [145] (وبأي غنيمة أراد العلماء أن يرجعوا من هناك وهم يعلمون أن مفتاح القضية في روح الأمة لا في مكان آخر) [146]، وهو يقصد سير العلماء في القافلة السياسية عام (1936م).
ويقول: (فيما يخصني لقد بذلت شطراً من حياتي في سبيل الحركة الإصلاحية، وشهدت في مناسبات مختلفة بالفضل لجمعية العلماء) [147]، ويتأسف لأن الجمعية لم تدعه للمساهمة في شؤونها الإدارية، ومع ذلك فقد تراجع واعترف أن موقفه من الجمعية لم يكن طبيعياً بسبب نظرته الخاصة للشيخ ابن باديس.
3 - رغم معرفة مالك الدقيقة بالفكر الغربي، وتأثره به في بعض الأحيان إلا أن أمله في التغيير بقي معلقاً في الأصالة الإسلامية، وبالرجوع إلى المنبع الأساسي للمسلمين (فالعالم الإسلامي لا يستطيع أن يجد هداه خارج حدوده بل لا يمكنه في كل حال أن يلتمسه في العالم الغربي الذي اقتربت قيامته، ولكن لا يقطع علاقته بحضارة تمثل أحد التجارب الإنسانية الكبرى، بل المهم أن ينظم العلاقة معها) [148]، (والمسلم لا يزال يحتفظ بالقيمة الخلقية، وهو ما ينقص الفكر الحديث، فالعالم الإسلامي لديه قدر كبير من الشباب الضروري لحمل مسؤولياته مادياً وروحياً) [149].
فهل يتحمل الشباب هذه المسؤوليات؟ نرجو ذلك. [150]

[1]مجلة البيان ـ من العدد [‌ 14 ] صـ ‌21 (صفر 1409 ـ أكتوبر 1988) وحتى العدد [‌ 23 ] صـ‌ 29 جمادى الأولى 1410 ـ ديسمبر 1989

[2]مالك بن نبي:في مهب المعركة، تقديم محمود محمد شاكر، 3 .

[3]سيد قطب : معالم في الطريق، 117.

[4]مالك بن نبي : مذكرات شاهد للقرن، 15.

[5]مالك بن نبي : مذكرات شاهد للقرن، 131 .

[6]المصدر السابق 131

[7]المصدر السابق 174

[8]في مهب المعركة، 87 .

[9]شروط النهضة، 34 .

[10]في مهب المعركة، 33 .

[11]ميلاد مجتمع، 16 .

[12]مالك بن نبي : شروط النهضة / 2 59 .

[13]مالك بن نبي : مشكلة الأفكار / 217 .

[14]شروط النهضة / 23 .

[15]المصدر السابق / 106.

[16]آفاق جزائرية / 38 .

[17]مشكلة الأفكار / 49 .

[18]آفاق جزائرية / 77 .

[19]فكرة الأفروآسيوية / 85 .

[20]شروط النهضة / 66 .

[21]شروط النهضة / 84 .

[22]شروط النهضة / 84 .

[23]انظر ما كُتب عن هذا الموضوع في العدد الأول من البيان / 116 12- ميلاد مجتمع / 88

[24]مشكلة الأفكار / 53 .

[25]فهمي جدعان : أسس التقدم عند مفكري الإسلام / 414.

[26]الذي هو اختصاصه، فقد تخرج عام1935 مهندساً كهربائياً.

[27]مشكلة الأفكار / 43 .

[28]تأملات / 40.

[29]مشكلة الأفكار / 214.

[30]وجهة العالم الإسلامي / 114.

[31]المصدر السابق / 77 .

[32]مشكلة الثقافة / 60 .

[33]وجهة العالم الإسلامي / 46 .

[34]آفاق جزائرية / 23 .

[35]مشكلة الأفكار / 43 .

[36]الصراع الفكري في البلاد المستعمرة / 27 .

[37]المصدر السابق / 27 .

[38]وجهة العالم الإسلامي / 80 .

[39]مشكلة الأفكار /102 .

[40]مشكلة الأفكار / 44 .

[41]مالك بن نبي، مشكلة الأفكار /104.

[42]المصدر السابق /104.

[43]شروط النهضة /23.

[44]مشكلة الأفكار /106.

[45]تأملات /189.

[46]المصدر السابق /191.

[47]وجهة العالم الإسلامي /131.

[48]بين الرشاد والتيه /129.

[49]بين الرشاد والتيه /29.

[50]تأملات /140.

[51]شروط النهضة /48.

[52]معنى لحديث متفق عليه.

[53]الصراع الفكري /53.

[54]في مهب المعركة /154، 194.

[55]فكرة الأفرو آسيوية /79.

[56]المصدر السابق /80.

[57]الصراع الفكري /34.

[58]وجهة العالم الإسلامي /15.

[59]شروط النهضة /127.

[60]وجهة العالم الإسلامي /52.

[61]تأملات /191.

[62]وجه العالم الإسلامي /47.

[63]المصدر السابق /49.

[64]المصدر السابق /48.

[65]لاشك أن هذه نهضة صناعية، وليست نهضة حضارية بالمعنى الشامل، ولكن لو أن اليابانيين طالبوا بنقل مفاسد حضارة الغرب وسلبياتهم كما يطالب المستغربون عندنا لما نجحوا في بناء هذا المجد الاقتصادي، لقد حافظوا على نوع من التقاليد وأخلاق صارمة في التعامل حتى استطاعوا إقامة هذه النهضة.

[66]الأفرو آسيوية / 78.

[67]شروط النهضة /59.

[68]وجهة العالم الإسلامي /75.

[69]آفاق حد الرية / 46.

[70]إنتاج المستشرقين / 28.

[71]إنتاج المستشرقين / 33.

[72]وجهة العالم الإسلامي /86.

[73]وجهة العالم الإسلامي /85.

[74]في مهب المعركة / 16.

[75]في مهب المعركة / 28.

[76]الصراع الفكري في البلاد المستعمرة / 9.

[77]الصراع الفكري في البلاد المستعمرة / 9.

[78]مشكلة الأفكار / 140

[79]إنتاج المستشرقين / 16 .

[80]الصراع الفكري / 6768 .

[81]إنتاج المستشرقين / 25.

[82]إنتاج المستشرقين / 25.

[83]وجهة العالم الإسلامي / 113 .

[84]وجهة العالم الإسلامي / 113 .

[85]المصدر نفسه / 26 .

[86]المصدر السابق/27، وقد يستغرب القارئ ويقول : كيف نجمع بين كلامك في نهاية المقال السابق عن أن توحيد الإلهية لم يكن واضحاً تماماً عند مالك وبين كلامه عن الإيمان وأثره ومهاجمته لعلم الكلام ، وقد نبهني أحد الأصدقاء إلى أن ظاهر كلامه لا يدل على هذا ، مع قناعته بوجهة نظري، فذكرت له أنني استنتجت هذا الكلام من مجموع قراءاتي لكتبه ، كما أنه في النية كتابة مقال مستقل عن بعض أخطائه ومنها هذا الموضوع ، وسأوضح الدليل على ذلك إن شاء الله ، وقد يزول الإشكال إذا عرفنا أنه يتكلم هنا عن بناء الحضارات بشكل عام ، فالمسلم عنده طاقة روحية وغير المسلم عنده هذه الطاقة في بدء دورة الحضارة كما يذكر في أكثر كتبه.

[87]ميلاد مجتمع / 21 .

[88]صحيح سنن ابن ماجه ، بتحقيق الألباني 1 / 16 .

[89]ميلاد مجتمع / 21 .

[90]تأملات في سلوك الإنسان / 84.

[91]المصدر نفسه / 139

[92]مالك بن نبي: ميلاد مجتمع/105.

[93]سنن أبي داود 4/111.

[94]تأملات/38.

[95]المصدر السابق/32.

[96]ميلاد مجتمع /72.

[97]المصدر السابق /107.

[98]المصدر السابق /41.

[99]ميلاد مجتمع/42.

[100]المصدر السابق/70.

[101]مشكلة الثقافة/71.

[102]المصدر السابق/67.

[103]شروط النهضة/117.

[104]مشكلة الثقافة/71.

[105]آفاق جزائرية/99.

[106]شروط النهضة/134.

[107]السابق/147.

[108]مقدمة ابن خلدون 2/935.

[109]شروط النهضة/149.

[110]مالك بن نبي: المسلم في عالم الاقتصاد / 102.

[111]المصدر السابق / 99.

[112]المسلم في عالم الاقتصاد / 7.

[113]المصدر السابق / 16.

[114]شروط النهضة / 162.

[115]المصدر السابق / 162.

[116]شروط النهضة / 163.

[117]المصدر السابق / 167.

[118]المصدر السابق / 172.

[119]وجهة العالم الإسلامي / 81.

[120]المصدر السابق / 83.

[121]المسلم في عالم الاقتصاد / 72.

[122]مالك بن نبي الرشاد والتيه / 60.

[123]المسلم في عالم الاقتصاد / 73.

[124]المقدمة 2 / 905.

[125]مشكلة الأفكار / 40.

[126]المسلم في عالم الاقتصاد / 24.

[127]المسلم في عالم الاقتصاد / 85.

[128]الصراع الفكري / 22.

[129]تأملات / 178.

[130]فكرة الأفرو آسيوية / 98.

[131]المصدر السابق / 7.

[132]مسعود الندوي: تاريخ الحركة الإسلامية في الهند / 220.

[133]فكرة كومنولث إسلامي / 7.

[134]في مهب المعركة / 87.

[135]المصدر السابق / 208.

[136]المصدر السابق / 207.

[137]إنتاج المستشرقين / 35.

[138]مشكلة الثقافة / 14.

[139]المصدر السابق / 96.

[140]وجهة العالم الإسلامي / 154.

[141]بقي له ملاحظات مهمة على جمعية العلماء سنذكرها في نهاية المقال.

[142]ثروة النهضة / 71.

[143]مشكلة الثقافة / 48.

[144]وجهة العالم الإسلامي / 170.

[145]شروط النهضة / 38.

[146]المصدر السابق / 34.

[147]في مهب المعركة / 190.

[148]وجهة العالم الإسلامي / 127.

[149]المصدر السابق / 157.

[150]من مصادر الترجمة أيضا «المفكر المسلم مالك بن نبي» د. نورة خالد السعد

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 49.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.32 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.26%)]