عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 08-12-2019, 04:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,156
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرجولة معاني وصفات

الخطبة الثانية


المقدمة والوصية بالتقوى، أما بعد:

معشر المؤمنين:

اعلَمُوا أَنَّ الرُّجُولَةَ لَن تَنمُوَ وَلَن تَتَرَعرَعَ، وَلَن تَطُولَ شَجَرَتُهَا وَلَن تَتَفَرَّعَ، وَلَن يَتَرَبى الرِّجَالُ الصَّالِحُونَ المُصلِحُونَ إِلاَّ في ظِلِّ عَقَائِدَ رَاسِخَةٍ، تَقُومُ عَلَى أُصُولٍ ثَابِتَةٍ، وَتَحفَظُهَا مَبَادِئُ مُتَمَكِّنَةٌ، أَسَاسُهَا التَّوحِيدُ الخَالِصُ، وَبِنَاؤُهَا العَمَلُ الصَّالِحُ، وَتَضبِطُهَا القِيَمُ وَتَرعَاهَا الفَضَائِلُ، أَمَّا في ظَلامِ الشَّكِّ المُزَعزِعِ لِلقُلُوبِ، وَالإِلحَادِ المُحَيِّرِ لِلعُقُولِ، وَمَهَاوِي الشُّبُهَاتِ المُضِلَّةِ، أَمَّا في مُستَنقَعَاتِ الرَّذِيلَةِ وَالانحِلالِ وَالسُّفُورِ الَّتي تَحفِرُهَا وَسَائِلُ الإِعلامِ وَالقَنَوَاتُ وَالفَضَائِيَّاتُ، وَتُغَذِّيهَا الجَرَائِدُ وَتُؤَيِّدُهَا المَجَلاَّتُ وَتَنقُلُ عَفَنَهَا الجَوَّالاتُ وَالشَّبَكَاتُ؛ فَلَن يَتَخَرَّجَ لِلأُمَّةِ رِجَالٌ، وَإِنَّ الدُّنيَا لم تَرَ الرُّجُولَةَ في أَجلَى صُوَرِهَا وَأَكمَلِ مَعَانِيهَا كَمَا رَأَتهَا في تِلكَ النَّمَاذِجِ الكَرِيمَةِ الَّتي صَنَعَهَا الإِسلامُ عَلَى يَدِ رَسُولِهِ العَظِيمِ، مِن رِجَالٍ يَكثُرُونَ عِندَ الفَزَعِ وَيقِلُّونَ عِندَ الطَّمَعِ، لا يُغرِيهِمُ الوَعدُ وَلا يُلَيِّنُهُم الوَعِيدُ، وَلا يَغُرُّهُمُ النَّصرُ وَلا تُحَطِّمُهُمُ الهَزِيمَةُ، وَلَن تَستَعِيدَ الدُّنيَا الرُّجُولَةَ إِلاَّ بِإِحيَاءِ تِلكَ النَّمَاذِجِ العَظِيمَةِ في الوَاقِعِ وَعَرضِ سِيَرِهِم عَلَى النَّاشِئَةِ.



وإن خير ما تقوم به دولة لشعبها، وأعظم ما يقوم عليه منهج تعليمي، وأفضل ما تتعاون عليه أدواتُ التوجيه كلها من أسرة وإعلامٍ، ومسجد ومدرسة، هو صناعة هذه الرجولة، وتربية هذا الطراز من الرجال.



فمن وسائل تربية الرجال، القدوة الصالحة، يجب أن يُربط الأطفال بقدواتٍ معظمةٍ في نفوسهم، محببةٍ إلى قلوبهم، تكون هذه القدوات على المستوى من الرجولة والأخلاق الفاضلة والخصال الحميدة، مع إبراز تلك الصفات وحث الأطفال على التخلق والتحلي بها.



قال الله تعالى آمراً بالتأسي بالصالحين:ï´؟ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ï´¾ [الأحزاب: 21]، وقال سبحانه وتعالى: ï´؟ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ï´¾ [يوسف: 111] وقال - صلى الله عليه وسلم -: (اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ من بَعْدِي أبي بَكْرٍ وَعُمَرَ) رواه الترمذي وصححه الألباني، فينبغي الاطلاع على سير الصالحين وقصص الأبطال والعظماء، ورواية الأدب والشعر الذي يأخذ بمجامع النفوس فيرفعها إلى المجد والسؤدد،روى ثعلب في أماليه عن ثابت بن عبد الرحمن قال: كتب معاويةُ بنُ أبي سفيان رضي الله عنه إلى زياد: إذا جاءك كتابي فأوفدْ إليَّ ابنَكَ عُبيدَ الله، فأوفدَه عليه فما سأله عن شيءٍ إلا أنفذه، حتى سأله عن الشعرِ فلم يعرفْ منه شيئاً، قال ما منعك من روايته؟ قال: كرهتُ أن أجمعَ كلامَ الله وكلامَ الشيطانِ في صدري، قال: أغرِبْ، والله لقد وضعتُ رجلي في الركاب يوم صفين مراراً، ما يمنعني من الانهزامِ إلا أبياتُ ابنِ الإطنابة حيث يقول:



أبت لي عفتي وأبى بلائي

وأخذي الحمدَ بالثمنِ الربيح




وإعطائي على الإعدامِ مالي

وإقدامي على البطلِ المشيحِ




وقولي كلما جشأت وجاشت

مكانَك تُحمدي أو تستريحي




لأدفعَ عن مآثرَ صالحاتٍ

وأحمي بعدُ عن عرضٍ صحيحِ





وكتب إلى أبيه: أن روِّه الشعر، فروّاه فما كان يسقط، عليه منه شيء.



ومن وسائل تربية الرجولة في النفس تربيتُها على ما يجلبُ خصالَ الرجولة، وأولُ خصلة.. علوُّ الهمة.



أسأل الله تعالى أن يعيد فينا معاني الرجولة وصفات الرجال، ويوفقنا لمحاسن الأخلاق وكريم الخصال، ويعيننا على تربية أنفسنا وأولادنا على معالي الأمور ومحاسنها.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.79 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.41%)]