
26-09-2019, 03:50 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,122
الدولة :
|
|
رد: التفاؤل والتشاؤم
نبينا صلى الله عليه وسلم يحذِّرنا من التشاؤم:
(1) روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر)؛ (البخاري حديث: 5757/مسلم حديث: 2220).
♦ قوله: (هامة)؛ أي: البومة أو غيرها من طير الليل.
♦ قال ابن الأعرابي رحمه الله: كانوا يتشاءمون بالبومة إذا وقعت على بيت أحدهم، يقول: نعَت إليَّ نفسي، أو أحدًا من أهل داري؛ (فتح الباري ـ لابن حجر العسقلاني ـ جـ10 ـ صـ 241).
قوله: (ولا صفر): كان أهل الجاهلية يتشاءمون بدخول شهر صفر؛ (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ـ علي الهروي ـ جـ7ـ صـ2894).
♦ قال الإمام الخطابي رحمه الله: أخذت الطيرة من اسم الطير، وذلك أن العرب كانت تتشاءم بالطير إذا كانوا في سفر أو مسير، فيصدهم ذلك عن المسير، ويردهم عن بلوغ ما يريدونه من مقاصدهم، فأبطل صلى الله عليه وسلم أن يكون لشيء منها تأثيرٌ في اجتلاب ضررٍ أو نفع، واستحب الفأل بالكلمة الحسنة يسمعها من ناحية حسن الظن بالله؛ (معالم السنن للخطابي ـ جـ4 ـ صـ235).
(2) روى أبو داود عن أم كرز رضي الله عنها، قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: أقروا الطير على مَكِناتها؛ (حديث صحيح)؛ (صحيح أبي داود ـ للألباني ـ حديث ـ 2459).
♦ قوله: (أقروا الطير)؛ أي: اتركوا الطيور على حالها، ولا تنفروها لكي تطير، فإنها لا تضر ولا تنفع.
♦ قوله: (مكناتها)؛ أي: أماكنها التي مكنها الله فيها.
♦ قال الإمام علي الهروي رحمه الله: كان الرجل في الجاهلية إذا أراد حاجةً أتى طيرًا في وكره فنفره، فإذا طار ذات اليمين مضى لحاجته، وإن طار ذات الشمال رجع، فنهوا عن ذلك؛ (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ـ علي الهروي ـ جـ7ـ صـ2687).
(3) روى مسلم عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفًا بغير حساب، قالوا: من هم يا رسول الله ؟ قال: هم الذين لا يسترْقون، ولا يتطيرون، ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون)؛ (مسلم ـ حديث 218).
♦ قوله: (الذين لا يسترْقون)؛ أي: لا يطلبون من أحد أن يقرأ عليهم الرقية الشرعية، ولكنهم يقرؤون على أنفسهم.
♦ قوله: (ولا يتطيرون)؛ أي: ولا يتشاءمون بنحو الطير، ولا يأخذون من الحيوانات والكلمات المسموعات علامة الشر والخير.
♦ قوله: (وعلى ربهم يتوكلون)؛ أي: في جميع ما يفعلون ويتركون؛ (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ـ علي الهروي ـ جـ8ـ صـ3315).
(4) روى أبو داود عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (الطيرة شركٌ، ثلاثًا)؛ (حديث صحيح)، (صحيح أبي داود للألباني حديث 3309).
♦ قوله: (الطيرة): هي التشاؤم بالشيء.
♦ قال الإمام ابن الأثير رحمه الله: وإنما جعل الطيرة من الشرك؛ لأنهم كانوا يعتقدون أن التطير يجلب لهم نفعًا أو يدفع عنهم ضرًّا إذا عمِلوا بموجبه، فكأنهم أشركوه مع الله في ذلك؛ (النهاية في غريب الحديث ـ لابن الأثير ـ جـ3 ـ صـ 152).
(5) روى أحمد عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ردته الطيرة من حاجة، فقد أشرك، قالوا: يا رسول الله، ما كفارة ذلك؟ قال: أن يقول أحدهم: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك)؛ (حديث صحيح)، (السلسلة الصحيحة ـ للألباني ـ جـ3 ـ صـ 54).
♦ قوله: (لا خير إلا خيرك)؛ يعني أن الأمر كله بيدك.
هذا الحديث صريحٌ في تحريم التشاؤم، وأنه من الشرك لِما فيه من تعلُّق القلب على غير الله تعالى؛ (فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ـ صـ356).
(6) روى مسلم عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله، أمورًا كنا نصنعها في الجاهلية، كنا نأتي الكهان، قال: فلا تأتوا الكهان، قال قلت: كنا نتطير قال: ذاك شيء يجده أحدكم في نفسه، فلا يصدنكم؛ (مسلم ـ حديث 537).
♦ قوله: (ذاك شيء يجده أحدُكم في نفسه، فلا يصدنكم)؛ يعني: هذا وهم ينشأ من نفوسهم ليس له تأثير في اجتلاب نفع أو ضرٍّ، وإنما هو شيء يسوِّله الشيطان ويُزينه، حتى يعملوا بقضيته؛ ليجرَّهم بذلك إلى اعتقاد مؤثر غير الله تعالى؛ (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ـ علي الهروي ـ جـ2ـ صـ777).
(7) روى أبو داود عن بريدة بن حصيب الأسلمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان لا يتطير من شيء، وكان إذا بعث عاملًا سأل عن اسمه، فإذا أعجبه اسمه فرح به، ورئِي بِشرُ ذلك في وجهه، وإن كره اسمه رئي كراهية ذلك في وجهه، وإذا دخل قريةً سأل عن اسمها، فإن أعجبَه اسمها فرح ورئي بشرُ ذلك في وجهه، وإن كره اسمها رئِي كراهية ذلك في وجهه؛ (حديث صحيح)؛ (صحيح أبي داود ـ للألباني ـ حديث ـ 3319 ).
أقوال العلماء في ذم التشاؤم:
(1) قال عكرمة رحمه الله: كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما، فمر طائر فصاح، فقال رجل: خير خير، فقال ابن عباس: ما عند هذا لا خير ولا شر؛ (فتح الباري ـ لابن حجر العسقلاني ـ جـ10 ـ صـ 225).
(2) قال كعب الأحبار رحمه الله لعبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: هل تطير؟ قال: نعم، قال: فما تقول؟ قال: أقول: اللهم لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا رب لنا غيرك، قال: أنت أفقه العرب؛ (مصنف ابن أبي شيبة ـ جـ5 ـ صـ312 ـ رقم 312).
(3) خرج طاوس بن كيسان رحمه الله مع صاحب له في سفرٍ، فصاح غراب، فقال الرجل: خير خير، فقال له طاوس: وأي خير عند هذا، وأي شر؟ لا تصحَبني؛ (الآداب الشرعية ـ محمد بن مفلح الحنبلي ـ جـ3 ـ صـ 369).
(4) قال الإمام ابن القيم رحمه الله: الطيرة باب من الشرك، وإلقاء الشيطان، وتخويفه ووسوسته، يكبر ويعظم شأنُها على مَن أتْبَعها نفسه، واشتغل بها، وأكثر العناية بها، وتذهب وتضمحلُّ عمَّن لم يلتفت إليها، ولا ألقى إليها بالَه، ولا شغل بها نفسه وفكرَه، واعلم أن من كان معتنيًا بها قائلًا بها، كانت إليه أسرعَ من السيل إلى منحدرٍ، فتحت له أبواب الوساوس فيما يسمَعه ويراه ويُعطاه، ويفتح له الشيطان فيها من المناسبات البعيدة والقريبة في اللفظ والمعنى ما يُفسد عليه دينه، ويُنكِّد عليه عيشَه؛ (مفتاح دار السعادة ـ لابن القيم ـ جـ2 ـ صـ584).
أضرار التشاؤم:
نستطيع أن نوجز أضرار التشاؤم في الأمور التالية:
(1) التشاؤم ينافي الإيمان ويناقض التوكل على الله تعالى.
(2) التشاؤم لا يدفع مكروهًا ولا يجلب محبوبًا.
(3) التشاؤم يؤدي إلى اضطراب النفس والفكر.
(4) التشاؤم يؤدي إلى الفشل في الحياة الدنيا.
(5) التشاؤم يؤدي إلى تعطيل المصالح وترك الأخذ بأسباب الرزق.
(6) التشاؤم صفة من صفات أهل الجاهلية، وعادة مذمومة من عاداتهم.
(7) التشاؤم يناقض الإيمان بالقضاء والقدر.
(8) التشاؤم فيه مخالفة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي يأمرنا بالتفاؤل؛ (موسوعة نضرة النعيم ـ جـ9ـ صـ 4199).
علاج التشاؤم:
نستطيع أن نوجز علاج التشاؤم في اتباع الأمور التالية:
(1) التوكل على الله تعالى بصدق.
♦ قال تعالى: ï´؟ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ï´¾ [الفرقان: 58].
♦ قال سبحانه: ï´؟ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ï´¾ [الطلاق: 3].
♦ روى الترمذي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكُّله، لرزقتم كما يرزق الطير، تغدو خِماصًا وتروح بِطانًا)؛ (حديث صحيح)، (صحيح الترمذي للألباني ـ حديث 1911).
(2) يبدأ المسلم في عمل ما يريد ولا يتردد.
(3) يدعو المسلم الله تعالى بأن يوفِّقه لكل خير، ويصرف عنه وساوس الشيطان؛ ( فيض القدير ـ عبدالرؤوف المناوي ـ 6 ـ صـ 176).
ويستحب الدعاء بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك).
♦ قال الله تعالى: ï´؟ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ï´¾ [البقرة: 186].
♦ وقال سبحانه: ï´؟ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ï´¾ [النمل: 62].
♦ روى أبو داود عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يَستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرًا)؛ (حديث صحيح)، (صحيح أبي داود للألباني ـ حديث 1323).
♦ روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافلٍ لاهٍ)؛ (حديث صحيح)، (صحيح الترمذي للألباني ـ حديث 2766).
أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا - أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به طلاب العلم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|