صور عطرة من حياة الصحابة: صدقهم، تواضعهم، نصحهم، أمانيهم
فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
صدقهم
ذِكر حاطب رضي الله عنه للسبب الذي حمله على الكتابة للمشركين:
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: "بعثي رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد، فقال: ((انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخٍ، فإن بها ظعينة معها كتاب، فخذوه منها))، فانطلقنا حتى أتينا الروضة، فإذا بالظعينة، فقلنا: هلمٍّي الكتاب، قالت: ما عندي من كتاب، فقلتُ: لتخرجن الكتاب أو لتلقين الثياب، فأخرجته من عقاصها، فأتينا به النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا هو من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ((ما هذا يا حاطب؟))، قال حاطب: والله ما بي ألَّا أكون مؤمنًا بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، أردتُ أن تكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي، وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته مَنْ يدفع الله به عن أهله وماله، فقال: ((صدق، ولا تقولوا إلَّا خيرًا))"؛ [متفق عليه].
صدق بلال رضي الله عنه في إجابته لمن سأله عن حال أخيه عندما أراد أن يتزوج منهم:
عن عمرو بن ميمون، حدثني أبي: "أن أخًا لبلال كان ينتمي في العرب، ويزعم أنه منهم، فخطب امرأة من العرب، فقالوا: إن حضر بلال زوَّجْناك، فحضر بلال، فقال: أنا بلال بن رباح، وهذا أخي، وهو امرؤ سوءٍ سيئ الخُلُق والدين، فإن شئتم أن تزوِّجوه فزوِّجوه، وإن شئتم أن تدعوه فدعوه"؛ [أخرجه البيهقي في السنن الكبرى].
صراحة كعب بن مالك رضي الله عنه في إخباره بأسباب تخلُّفه عن غزوة تبوك:
حدث كعب رضي الله عنه، حين تخلَّف في غزوة تبوك، قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما خلفك، ألم تكن ابتعت ظهرك ؟))، فقلت: يا رسول الله، إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا، لرأيت أني سأخرج من سخطه، ولقد أعطيت جدلًا؛ ولكن والله لقد علمت لئن حدثك اليوم بحديث كذب لترضى به عني، ليوشك أن الله عز وجل يُسخطك عليَّ، ولئن حدثك حديث صدق تجدُ عليَّ فيه، إني لأرجو فيه عفو الله، والله ما كنتُ قطُّ أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أما هذا فقد صدق، فقم حتى يقضي الله فيك))؛ [متفق عليه].
وقال رضي الله عنه: "والله ما أنعم الله عليَّ من نعمة بعد إذ هداني أعظم من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوالله ما أعلمُ أحدًا أبلاه الله في صدق الحديث أحسن ممَّا أبلاني ما تعمَّدْت منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا كذبًا"؛ [متفق عليه].
صدق الصحابي في رغبته الشهادة في سبيل الله:
جاء رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فآمن به، واتَّبعه، وقال: إنِّي اتَّبعتُكُ على أن أرمى ها هنا - وأشار إلى حلقه بسهم - فأموت فأدخل الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن تصدق الله يصدقك))، ثم نهض فقاتل فقتل، فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: ((صدق الله فصدقه))؛ [أخرجه الترمذي].
صراحة الصحابي في الإجابة عن سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
عن أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ على رجل، فأرسل إليه فخرج ورأسه يقطرُ، فقال: ((لعلنا أعجلناك؟))، قال: نعم"؛ [متفق عليه].
تواضعهم
قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: إنكم تغفلون أفضل العبادة التواضُع.
تواضُع أبي بكر الصديق رضي الله عنه:
قال رضي الله عنه: "وليتكم ولستُ بخيركم"، قال سفيان: بلغنا عن الحَسَن أنه قال: بلى والله، إنه لخيرهم، ولكن المؤمن يهضم نفسه؛ [أبو داود في الزهد].
تواضُع عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
عن ابن عباس رضي الله عنه أنه دخل على عمر بن الخطاب حين طُعِن، فقال له: "أبشر يا أمير المؤمنين، أسلمت مع رسول الله حين كفر الناس، وقاتلت مع رسول الله حين خذله الناس، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راضٍ، ولم يختلف في خلافتك رجلان، وقُتِلت شهيدًا، فقال: أعد فأعاد، فقال: المغرور من غررتمُوه، لو أن لي ما على الأرض من بيضاء وصفراء، لافتديتُ به من هول المطلع"؛ [أخرجه ابن حبان].
وعن سعيد بن المسيب رحمه الله قال: "لما نفر عمر كوَّم كومة من تراب، ثم بسط عليها ثوبه واستلقى عليها"؛ [أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف].
وعن عطاء الخراساني رحمه الله قال: "احتبس عمر بن الخطاب عن جلسائه، فخرج إليهم من العشي، فقالوا: ما حبسك؟ فقال: غسلت ثيابي، فلما جفَّت خرجت عليكم"؛ [أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف].
وعن طارق بن شهاب رضي الله عنه قال: "خرج عمر بن الخطاب إلى الشام ومعه أبو عبيدة بن الجرَّاح، فأتوا على مخاضة، وعمر على ناقة له، فنزل عنها، وخلع خُفَّيه، فوضعهما على عاتقه، وأخذ بزمام ناقته، فخاض بها المخاضة، فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين، أنت تفعل هذا، تخلع خُفَّيْكَ وتضعهما على عاتقك، وتأخذ بزمام ناقتك، وتخوض بها المخاضة، ما يسرُّني أن أهل البلد استشرفوك، فقال عمر: أوه لم يقل ذا غيرك أبا عبيدة، جعلته نكالًا لأُمَّة محمد صلى الله عليه وسلم، إنا كنا أذلَّ قوم، فأعزَّنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العزة بغير ما أعزَّنا الله به أذلَّنا الله"؛ [أخرجه الحاكم].
وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، قال: "كان عمر يقولُ: أبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا، يعني: بلالًا"؛ [متفق عليه]، قال العلامة ابن عثيمين رحمة الله: هذا من تواضُع عمر رضي الله عنه.
وعن ابن عباس رضي الله عنه، قال: "قال عمر: لأن أُقدَّم فتُضرَب عُنقي أحَبُّ إليَّ من أن أتقدَّم قومًا فيهم أبو بكر"؛ [أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف].
وعن عامر أن عمر قال: "لا أسمعُ بأحد فضَّلَني على أبي بكر إلا جلدته أربعين"؛ [أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف].
وعن عمرو بن ميمون، عن أبيه، قال: "قال رجل لعمر بن الخطاب: ما رأيت مثلك، قال: رأيت أبا بكر؟ قال: لا، قال لو قلت: نعم إني رأيتُه لأوْجَعْتُكَ"؛ [أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف].
لما طُعِن عمر قال لابنه عبدالله رضي الله عنهما: "انطلق إلى عائشة أمِّ المؤمنين، فقل: يقرأُ عليك عمر السلام، ولا تقل: أمير المؤمنين، فإني لستُ اليوم للمؤمنين أميرًا"؛ [أخرجه البخاري]، قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: وهذا من التواضُع.
تواضُع عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه:
"أتي رضي الله عنه بطعام - وكان صائمًا - فقال: قُتِلَ مُصعب بن عمير - وهو خيرٌ مني - وكفن في بردة إن غُطِّي رأسُه بَدَتْ رجلاه، وإن غُطِّي رجلاه بَدا رأسُه، وقتل حمزة - وهو خيرٌ مني - ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط"؛ [أخرجه البخاري]، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وفي قول عبدالرحمن بن عوف: هو خيرٌ مني، دلالة على تواضُعه.
تواضُع عبدالله بن مسعود رضي الله عنه:
عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: "لو تعلمون ذنوبي ما وطئ عقبي رجلان، ولحَثيتُم على رأسي التراب، ولودِدْتُ أن الله غفر لي ذنبًا من ذنوبي، وإني دعيتُ عبدالله بن روثة"؛ [أخرجه الحاكم].
تواضع أبو هريرة رضي الله عنه:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: "ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثًا عنه منِّي إلا ما كان من عبدالله بن عمرو، فإنه كان يكتبُ ولا أكتبُ"؛ [أخرجه البخاري].
تواضُع عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه:
عن مقسم مولى عبدالله بن الحارث بن نوفل، قال: "أتيت عبدالله بن عمرو بن العاص وهو يطوف بالبيت معلقًا نعليه بيده"؛ [أخرجه أحمد].
تواضُع عبدالله بن عمر رضي الله عنه:
عن نافع قال: "كان ابن عمر لا يأكل حتى يُؤتى بمسكين يأكلُ معه"؛ [أخرجه البخاري].
تواضُع أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما:
عن ابن عباس رضي الله عنه، "أنه دخل على عائشة رضي الله عنها، فقال لها: أبشري، فقالت: أيضًا، فقال: ما بينك وبين أن تلقي محمدًا صلى الله عليه وسلم والأحِبَّة إلَّا أن تخرج الروح من الجسد، كنتِ أحَبَّ نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله، ولم يكن رسول الله يُحِبُّ إلا طيبًا، وسقطت قلادتُك ليلة الأبواء، فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يصبح في المنزل، وأصبح الناسُ ليس معهم ماء، فأنزل الله عز وجل ﴿ فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ﴾ [النساء: 43]، فكان ذلك في سببك، وما أنزل الله عز وجل لهذه الأُمَّة من الرخصة، وأنزل الله براءتك من فوق سبع سماوات جاء به الروح الأمين، فأصبح ليس مسجد من مساجد الله يذكر فيه الله إلا يُتلى فيه آناء الليل وآناء النهار، فقالت: دعني منك يا ابن عباس، والذي نفسي بيده لوددتُ أني كنتُ نسيًا منسيًّا"؛ [أخرجه أحمد].
وفي حادثة الإفك قالت رضي الله عنها: شأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيَّ بأمرٍ، قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: في هذه القطعة من الحديث فوائد، منها: ما كانت عليه عائشة رضي الله عنها من التواضُع واحتقار النفس.
وعنها رضي الله عنها قالت لعبدالله بن الزبير: "ادفني مع صواحبي، ولا تدفني مع النبي صلى الله عليه وسلم في البيت، فإني أكره أن أزكى"؛ [أخرجه البخاري]، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: أي يثني عليَّ بما ليس فيَّ، بل بمجرد كوني مدفونة عنده دون سائر نسائه، فيظن أني خصصت بذلك من دونهن لمعنى فيَّ ليس فيهن، وهذا منها في غاية التواضُع، وقال العلامة ابن عثيمين في تعليقه على حديث إذنها لعمر بن الخطاب أن يدفن مع الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه في حجرتها: "هذا من تواضعها رضي الله عنها، أنها تركت أن تُدفن في حجرتها؛ لئلا تُزكى به من بين سائر زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام".
نصحهم لغيرهم
عن زياد بن علاقة، قال: "سمِعت جرير بن عبدالله يوم مات المغيرة بن شعبة، قام فحمد الله، وأثنى عليه، وقال: عليكم باتقاء الله وحده لا شريك له، والوقار والسكينة حتى يأتيكم أمير؛ فإنما يأتيكم الآن، ثم قال: استعفوا لأميركم، فإنه كان يحب العفو، ثم قال: أما بعدُ، فإني أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، قُلتُ: أبايعك على الإسلام، فشرط عليَّ: ((والنصح لكل مسلم))، فبايعته على هذا، وربِّ هذا المسجد، إني لناصح لكم، ثم استغفر ونزل"؛ [أخرجه البخاري].
وعن مسلم بن يتاق قال: "كنت مع عبدالله بن عمر في مجلس، فمرَّ علينا فتى مسبل إزاره، فقال: هلم يا فتى، فأتاه، فقال: أتحب أن ينظر الله إليك يوم القيامة؟ قال: نعم، قال: فارفع إزارك إذًا؛ فإني سمِعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: بأذنيَّ هاتين، وأهوى بإصبعيه إلى أذنيه، يقول: ((مَنْ جرَّ إزاره لا يريد إلا الخيلاء، لم ينظر الله إليه يوم القيامة))؛ [أخرجه أحمد].
وعن زيد بن أسلم، "أن ابن عمر أتى ابن مطيع ليالي الحرة، فقال: اطرحوا لأبي عبدالرحمن وسادة، فقال ما جئت لأجلس عندك، ولكن جئت أُخبرك ما سمِعْت من النبي صلى الله عليه وسلم، سمِعته يقول: ((مَنْ نزع يدًا من طاعة لم تكن له حجة يوم القيامة، ومن مات مفارقًا للجماعة، فإنه يموت موت الجاهلية))"؛ [أخرجه أحمد].
وعن سعيد بن عبيدة قال: "كنت عند ابن عمر، فحلف رجل بالكعبة، فقال ابن عمر: ويحك لا تفعلن؛ فإني سمِعْت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من حلف بغير الله فقد أشرك))"؛ [أخرجه ابن حبان].
وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه، "أنه مرَّ بعمير بن سعد وهو يعذب الناس في الجزية في الشمس، فقال: يا عمير، إني سمِعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله يُعذِّبُ الذين يعذبون الناس في الدنيا))، قال: اذهب فخل سبيلهم"؛ [أخرجه ابن حبان].
وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: "دخل شابٌّ على عمر، فجعل الشابُّ يُثني عليه، فرآه عمر يجرُّ إزاره، فقال له: يا بن أخي، ارفع إزارك، فإنه أتقى لربِّك، وأنقى لثوبك"؛ [أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف].
وعن عائشة رضي الله عنها "أنها رأت عبدالرحمن بن أبي بكر يتوضَّأ فقالت: يا عبدالرحمن، أحسن الوضوء؛ فإني سمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ويلٌ للأعقاب من النار))"؛ [أخرجه أحمد].
وعن يزيد بن الأصم قال: "تلَّقيت عائشة وهي مقبلة من مكة، أنا وابن لطلحة بن عبيدالله وهو ابن أختها، وقد كنا وقعنا في حائط من حيطان المدينة، فأكلنا منه، فبلغها ذلك، فأقبلت على ابن أختها تلومه وتعذلُه، ثم أقبلت عليَّ فوعظتني موعظة بليغة"؛ [أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف].
عن عون بن عبدالله، قال: "أتى أم الدرداء رجل، فقال: إن بي داءً من أعظم الداء، فهل عندك له دواء؟ قالت: وما ذلك؟ قال: إني أجد قسوةً في القلب، فقالت: أعظم الداء داؤك، عُدِ المرضى، واتَّبِع الجنائز، واطَّلع في القبور؛ لعل الله أن يُلين قلبك، ففعل الرجل، فكأنه أحسَّ من نفسه رقَّةً، فجاء إلى أُمِّ الدرداء يشكر لها"؛ [أخرجه أبو داود في كتابه الزهد].
أمانيهم وهممهم العالية
اغتنام الفرص لسؤال المغفرة:
الرسول صلى الله عليه وسلم يقول للأنصار رضي الله عنهم: ((والله، لا تسألوني اليوم شيئًا إلا أعطيتكموه))، فماذا سألوا ؟ قالوا: اغتنموا الأمر، واسألوا الرسول عليه الصلاة والسلام أن يدعو لكم بالمغفرة؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: شقَّ على الأنصار النواضح، فاجتمعوا عند النبي صلى الله عليه وسلم، يسألونه أن يكري لهم نهرًا سيحًا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مرحبًا بالأنصار، مرحبًا بالأنصار، والله لا تسألوني اليوم شيئًا إلا أعطيتكموه، ولا أسألُ الله لكم شيئًا إلا أعطانيه))، فقال بعضهم لبعض: اغتنموها، وسلوا المغفرة، فقالوا: يا رسول الله ادْعُ الله لنا بالمغفرة، فقال رسول الله صلى اله عليه وسلم: ((اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار))؛ [أخرجه أحمد].
أمنية عمر رجالٌ مثل أبي عبيدة ومعاذ وحذيفة وسالم رضي الله عنهم:
عن عمر رضي الله عنه أنه قال لأصحابه: "تمنوا، فقال بعضهم: أتمنَّى لو أن هذه الدار مملوءة ذهبًا أنفقه في سبيل الله، وأتصدَّق، وقال رجل أتمنَّى لو أنها مملوءة زبرجدًا وجوهرًا، فأنفقه في سبيل الله وأتصدَّق، فقال عمر: أتمنَّى لو أنها مملوءة رجالًا مثل أبي عبيدة ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة وحذيفة بن اليمان" [أخرجه الحاكم].
طلب ربيعة الأسلمي رضي الله عنه مرافقة الرسول صلى الله عليه وسلم في الجنة:
عنه رضي الله عنه، قال: "كنت أبيتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم، آتيه بوضوئه فقال: ((سلني))، قلتُ: مرافقتك في الجنة، قال: ((أو غير ذلك))، قلتُ: هو ذاك، قال: ((فأعنِّي على ذلك بكثرة السجود))؛ [أخرجه أبو داود].
تمنِّي عوف بن مالك رضي الله عنه الموت ليدعو له الرسول عليه الصلاة والسلام:
عن عوف بن مالك رضي الله عنه، قال: "سمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلى على جنازة، يقول: ((اللهم اغفر له، وارحمه، واعف عنه، وعافه، وأكرم نزله، ووسِّع مدخله، واغسله بماء وثلج وبرد، ونقِّه من الخطايا، كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلًا خيرًا من أهله، وزوجًا خيرًا من زوجه، وقِهِ فتنة القبر، وعذاب النار))، قال عوف: فتمنَّيْتُ أن لو كنت أنا الميت لدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك الميت"؛ [أخرجه مسلم].
طلب عكاشة رضي الله عنه أن يكون مع السبعين الألف الذين يدخلون الجنة:
عن ابن عباس رضي الله عنه، "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يدخل الجنة من أُمَّتي سبعون ألفًا بغير حساب))، فقال عكاشة بن محصن رضي الله عنه: يا رسول الله، ادْعُ الله أن أكون منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنت منهم)) فقام آخر، فقال: ادعُ أن أكون منهم، قال: ((سبقك بها عكاشة))"؛ [متفق عليه].
طلب عمير بن الحمام رضي الله عنه أن يكون من أهل الجنة:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قوموا إلى جنةٍ عرضها السماوات والأرض))، فقال عمير بن الحمام الأنصاري: يا رسول الله، جنة عرضها السماوات والأرض؟ قال: ((نعم))، فقال: بخ بخ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما يحملك على قول بخ بخ؟)) قال: لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها، قال: ((فإنك من أهلها))، فأخرج تمرات من قرنه، فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييتُ حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، ثم رمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قتل"؛ [أخرجه مسلم].
يتبع