فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
محظورات الإحرام
الإدارة الشرعية
س 601: ما حكم تقليم الأظافر في الحج والشخص متلبس بالإحرام؟
فأجاب فضيلته بقوله: تقليم الأظافر في الحج لا ينبغي؛ لأن ذلك من الترفه والحج موضوعه أن يكون الإنسان أشعث أغبر، فلا ينبغي له أن يقلم أظافره، وقد ذهب كثير من أهل العلم أو أكثرهم إلى أن تقليم الأظافر من محظورات الإحرام وأن ذلك حرام عليه، وأنه إذا قلم ثلاثة أظفار فأكثر وجب عليه إما فدية يذبحها ويتصدق بها على الفقراء، وإما إطعام ستة مساكين لكل مسكين صاع، وإما صيام ثلاثة أيام، فعلى كل حال لا ينبغي للمرء أن يعرض نفسه لمثل هذه الأمور التي هي موضع خلاف بين أهل العلم، والتي أجمع العلماء على أنه ينبغي وأنه من المشروع أن يتجنبها.
س 602: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: أديت فريضة الحج في العام الماضي، وقبل أداء الفريضة يوم ستة من ذي الحجة وأنا محرم قمت بتقصير أظافري، فهل عليَّ كفارة؟ مع العلم بأنني ليس عندي معرفة بذلك؟
فأجاب فضيلته بقوله: ليس عليك كفارة ولا فدية؛ لأنك جاهل لا تدري، وليعلم أن هناك قاعدة شرعية في كتاب الله- عز وجل- وهي رفع المؤاخذة بالذنب لمن كان جاهلاً أو ناسياً، وذلك بقول الله- عز وجل-: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) ، فقال الله: " قد فعلت " أي رفع عنا المؤاخذة بالنسيان والخطأ.
وهذا عام في جميع محظورات الإحرام، وفي جميع محظورات الصلاة، وفي جميع محظورات الصيام. كل من فعل محظوراً في هذه العبادات عن نسيان أو جهل فإنه غير مؤاخذ به ولا إثم عليه ولا كفارة.
فطبق هذه على جميع المحظورات، في العبادات، فلو تكلم الإنسان في الصلاة وهو جاهل فصلاته صحيحة، ولو أكل أو شرب وهو جاهل فصيامه صحيح، أو احتجم وهو صائم وهو يحسب أن الحجامة لا شيء فيها فصيامه صحيح، ولو أفطر الصائم قبل غروب الشمس يظنها غربت ولم تغرب فصيامه صحيح. فهذه القاعدة من الله سبحانه وتعالى وليست من قول البشر، قاعدة من الله عز وجل لعباده، (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) فقال الله: " قد فعلت ".
س 603: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: قمت بثقليم أظافري في اليوم الثامن وأنا جاهل، وأثناء تقليمي لها قال لي أحد الجالسين معي في الخيمة: إن هذا حرام وقد بطل إحرامك وعليك أن تعود إلى مكانك في مكة وتحرم من جديد، ولما عرفت منه أن إحرامي بطل أكملت تقليم الأظافر ثم سألت شخصاً فقال لي: لم يفسد إحرامك وإنما عليك نسك وأنا لا أعرف النسك، وخجلت أن أسأله فلم أسأله، أرجو إفادتي عما يأتي أولاً: حكم تقليم الأظافر. ثانياً: حكم المضي وتكميلها. ثالثاً: ما الذي يلزمني؟
فأجاب فضيلته بقول: تقليم الأظافر حال الإحرام ذكر أهل العلم أنه لا يجوز إلحاقاً بذلك في حلق الرأس لما في الجميع من الترفه وإزالة الأذى، وأما بالنسبة لما جرى منك فإنه لا شيء عليك وإحرامك صحيح لا شيء عليك؛ لأنك جاهل لا تدري أن التقليم في هذه الحالة حرام، وكل إنسان يفعل شيئاً من محظورات الإحرام وهو جاهل لا يدري، أو ناسي لا يذكر فإنه لا شيء عليه لا نسك، ولا صدقة، ولا صيام لقوله تعالى: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) وقوله تعالي: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) وقوله تعالى في خصوص الصيد: (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) . فقوله (متعمداً) يدل على أن غير المتعمد لا جزاء عليه.
وأما بالنسبة للذي أفتاك بأن إحرامك فاسد ويجب عليك أن ترجع فتحرم من موضعك فهذه الفتوى خطأ، وإنني أوجه إلى هذا المفتي المتجرىء وإلى أمثاله ممن يتجرأون على الحكم والإفتاء للناس بغير علم إنني أوجه لهم النصيحة بأن يخافوا الله عز وجل وأن يحذروا عقابه، فإن الله تعالى يقول في كتابه الكريم: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33) ) فالقول على الله بما لا يعلم منه القول في شريعته بما لا يعلم، فلا يحل لأحد أن يفتي أحداً في شيء إلا عن علم بأن هذا الشيء حكمه كذا وكذا، وأما أن يفتيه بجهل فإن ذلك حرام عليه فليتق الله هؤلاء
الجاهلون الذي يفتون الناس بغير علم فيضلوا ويضلوا، فالواجب على المسلم إذا أشكل عليه شيء أن يسأل أهل العلم الذين عرفوا بالعلم والورع والاستقامة، فإنه ليس أيضاً كل من عرف بأنه مفتي يكون أهلاً للفتوى، فإننا نرى كثيراً من العوام يعتمدون في استفتاءاتهم على من ليس عندهم علم، وإنما هم تقدموا مثلاً في إمامة مسجد أو ما أشبه ذلك فظنوا أن عندهم علماً فصاروا يستفتونهم، وهؤلاء بحكم منصبه وإمامته صار الواحد منهم يستحي أن يقول: لا أعلم. وهذا لا شك أنه من جهلهم أيضاً، فإن الواجب على من سئل عن علم وهو لا يعلمه أن يقول: لا أعلم.
وقد ذكر بعض من تكلموا عن حياة الإمام مالك بن أنس- رحمه الله- إمام دار الهجرة، أن رجلاً أتاه من بلد بعيد في مسألة أرسله أهل البلد بها إلى الإمام مالك ليسأله فأقام عند مالك ما شاء الله، ثم سأله عن هذه المسألة فقال له مالك: لا أعلم، فقال: إن أهل بلدي أرسلوني إليك، وكيف أقول لهم لا أعلم وأنت إمام دار الهجرة؟ قال: اذهب إليهم وقل: إني سألت مالك فقال: لا أعلم. هذا مع ما أعطاه الله من العلم والإمامة في الدين، فكيف بمن دونه؟!
النبي عليه الصلاة والسلام أحياناً يسأل عن الشيء ولا يجيب عليه، ويجيب الله عنه، وانظر إلى ما في القرآن كثيراً يسألونك فيجيب الله عنه (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) . (وَيَسْأَلُونَك� � عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى) (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) فإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يتوقف عن الإجابة في ما لم يعلم فيه حكم الله فكيف بغيره من الناس؟!
على كل حال نصيحتي لإخواني المسلمين أن يتقوا الله سبحانه وتعالى وأن لا يتجرئوا على الفتوى من غير علم، فإن ذلك ضلال وإضلال، وأسأل الله تعالى أن يرزقنا جميعاً الثبات والاستقامة، وأن يجعلنا هداة مهتدين.
س 604: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للمحرم أن يغطي رأسه عند النوم؟
فأجاب فضيلته بقوله: إن كان أنثى فمعروف أنه يجوز أن تغطي رأسها، أما إذا كان رجلاً فلا يجوز لا عند النوم ولا في حال اليقظة، لكن لو أنه غطاه وهو نائم ثم استيقظ وجب عليه كشف رأسه ولا شيء عليه؛ لأن النائم مرفوع عنه القلم.
س 605: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للمحرم أن يغطي رأسه للبرد؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا يجوز أن يغطيه لكن من خاف ضرراً فهو كالذي يكون به أذى من رأسه يغطيه ويفدي: إما بصيام ثلاثة أيام، وإما بإطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، وإما بذبح شاة.
س 606: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم تغطية المحرم لرجليه أثناء النوم؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا بأس بذلك، لأنه يجوز للمحرم أن يلتحف بما يغطي جميع بدنه إلا الرأس هذا بالنسبة للرجل، أما المرأة فلها أن تلتحف بكل ما يغطي بدنها ولا حرج عليها، إلا أنها منهية عن لبس النقاب.
س 607: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للمحرم أن يغتسل بدون جنابة؟ وهل يجوز له أن ينغمس في الماء وهل يدخل ذلك في حكم تغطية الرأس؟
فأجاب فضيلته بقوله: يجوز أن يغتسل المحرم وإن لم يكن عليه جنابة، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل وهو محرم .
ويجوز أن ينغمس في الماء ويغمس رأسه ولا حرج في ذلك ولو كان محرماً، لأن الأصل الحل، وليس هذا من تغطية الرأس وذلك أن الانغماس في الماء لا يعد ستراً للرأس والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: " لا تخمروا رأسه " .
س 608: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: لقد منَّ الله عليَّ وأديت فريضة الحج وحين انتهيت من رمي جمرة العقبة فحلقت رأسي رأيت صديقاً لي وضع رداءه على رأسه فوضعت ردائي على رأسي فهل عليَّ إثم في ذلك يا فضيلة الشيخ؟ وإذا حصل في العمرة بعد الطواف والسعي قبل الحلق أو التقصير؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا الذي صنعت وهو تغطية رأسك وكان ذلك في الحج وبعد أن رميت جمرة العقبة يوم العيد وحلقت رأسك فلا حرج عليك، لأن الرجل الحاج إذا رمى جمرة العقبة يوم العيد وحلق أوقصر تحلل من كل شيء من محظورات الإحرام إلا من النساء، وكذلك لو كنت في يوم العيد رميت جمرة العقبة وذهبت إلى مكة وطفت وسعيت ثم وضعت رداءك على رأسك فإنه لا حرج عليك؛ لأنك قد تحللت التحلل الأول.
أما إذا كان في العمرة وبعد الطواف والسعي غطى رأسه قبل الحلق أو التقصير جاهلاً فلا شيء عليه؛ لأن الجاهل بالمحظورات ليس عليه شيء، أما إذا تعمد ذلك عن علم فإن أهل العلم رحمهم الله يقولون: إن الإنسان إذا فعل محظوراً لا يفسد النسك ويوجب شاة فإنه في هذه الحال مخير بين أن يصوم ثلاثة أيام، أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو يذبح شاة يفرقها على الفقراء.
س 609: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للمحرم لبس الكمامة؟
فأجاب فضيلته بقوله: الكمامة للمحرم للحاجة لا بأس بها مثل أن يكون في الإنسان حساسية في أنفه فيحتاج للكمام، أو يمر بدخان كثيف فيحتاج للكمام، أو يمر برائحة كريهة فيحتاج للكمام فلا بأس. أما مجرد رفاهية فإن التحرز هذا يضر البدن ويفقده المناعة بحيث يكون أدنى شيء يؤذيه، فإياك أن تتوهم فإن المرض إلى المتوهم أقرب من السيل إلى منتهاه.
س 610: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: أثناء السير نهاراً وأنا محرم وضعت طرف الإحرام على رأسي وحينما تيقظت لذلك رفعته من على رأسي ولم أعد لذلك مرة أخرى فهل عليَّ شيء؟
فأجاب فضيلته بقوله: ليس عليك شيء لأنك وضعته ناسياً، والإنسان إذا فعل شيئاً من محظورات الإحرام ناسياً فإنه لا شيء عليه، ولكن يجب عليه إذا ذكر أن يتخلى عن ذلك المحظور، والدليل على أنه لا شيء عليه قول الله تعالى: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) فقال الله تعالى: (قد فعلت) وقوله تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) .
س 611: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عن تغطية الرجل المحرم رأسه؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا يحل للرجل أن يغطي رأسه بملاصق وهو محرم، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الرجل الذي وقصته ناقته فمات، قال: "لا تخمروا رأسه "، فلا يجوز للمحرم أن يغطي رأسه بملاصق حال الإحرام لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك.
فإذا قال قائل: هذا في الميت، فإننا نقول: لا فرق بين الميت والحي، لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً". فدل هذا أن من حالة التلبية يثبت له هذا الحكم، ولا يشترط أن يكون معتاداً، فلو وضع منديلاً على رأسه فإنه يحرم؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: "لا تخمروا رأسه " فلا فرق بين المعتاد: كالطاقية والغترة والعمامة، وغير المعتاد كالمنديل مثلاً، فإن كان غير ملاصق فهو جائز مثل الشمسية والخيمة ونحو ذلك، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما نهى عن تغطية الرأس لا عن تظليل الرأس، والشيء البائن عن الرأس المبتعد عنه لا يقال إنه غطى الرأس، بل ظلل الرأس، ولهذا قالت أم الحصين: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحى يوم العيد راكباً على ناقته ومعه بلال وأسامة وأحدهما يظلله بثوب من الحر حتى رمى جمرة العقبة. فدل هذا على أن التظليل ليس تغطية.
فإذا قال قائل: لو وضع الإنسان يده على رأسه هل يحرم؟ الجواب: لا؛ لأن هذا لا يعد ستراً في العادة ولا تغطية، فلو وضع إنسان يده على رأسه من شدة الحر مثلاً وهو محرم فلا بأس. ولو وضع أو حمل عفشه على رأسه وهو محرم فإنه يجوز، لأن هذا لا يسمى ستراً في العادة ولا جرت العادة أن الإنسان إذا أراد أن يخمر رأسه ذهب يحمل المتاع، لكن بعض أهل العلم قال: إن أراد بالحمل أي بحمل المتاع على رأسه إن أراد الستر فإن ذلك حرام؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرىء ما نوى"
ولكن الظاهر أن ذلك لا يضر مطلقاً، لأن هذا يسمى حملاً ولا يسمى ستراً.
س 612: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل أخذ عمرة ثم نسي أن يحلق شعره فلبس المخيط وعندما تذكر حلق شعره؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا شيء عليه لأنه لبس المخيط قبل أن يحل من إحرامه وهو ناسي فلا شيء عليه.
س 613: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: سمعنا عنكم جواز لبس الإحرام الذي قد خيط عليه ربقة كالوزرة فهل هذا صحيح؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا صحيح، فالإزار جائز سواء كان مربوطاً بتكة- يعنى ربقة- كما يقول السائل: أو مخيوطاً أو فيه مخابىء أيضاً فيجوز أن يلبس الإنسان إزاراً فيه ربقة، وأيضاً مخيوطاً وأما توهم بعض العوام أن كل ما فيه خياطة فهو حرام فهذا غلط وليس بصحيح، ولذلك يسألون كثيراً عن الحذاء المخروزة هل يجوز لبسها أو لا؟ لأن فيها خياطة فيقال: الإزار جائز على أي صفة كان، والقميص حرام على الرجال على أي صفة كان.
س 614: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم وضع لباس الإحرام على هيئة الوزرة؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا حرج فيه، فلو أن الإنسان خاط الإزار ولبسه فلا حرج في هذا، حتى لو جعل فيه تكة يعنى ربقة يشده بها، وذلك لأنه لم يخرج عن كونه إزاراً والمشروع للمحرم أن يحرم بإزار ورداء، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من لم يجد إزاراً فليلبس السراويل " ولم يقل: إزاراً لم يخط، أو ليس فيه خياطة فإذا خاط الإنسان إزاره ووضع فيه الربقة وشده على بطنه فلا حرج في هذا.
س 615: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حججت في إزار مغلق من جميع النواحي غير مفتوح فكان الناس ينكرون ويقولون: هذا لايجوز فما حكمه؟
فأجاب فضيلته بقوله: الناس ينكرون ما لا يعرفون، وهل الإزار حينما أغلق خرج عن كونه إزاراً؟ أبداً فما دام إزاراً والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "فمن لم يجد إزاراً فليلبس السراويل " فأباح الإزار على كل حال، ومن قال: لا يباح الإزار إذا كان كالوزرة فعليه الدليل، والحديث مطلق غير مقيد، ونظير هذا الشراب الذي فيه شقوق بعض الناس ينكر عليك أن تمسح عليه فنقول ما هو الدليل؟ ما دام يسمى جوربا، والشرع أطلق ولم يقيد- الحمد لله- والله تعالى يعلم كل شيء فلو كان هناك قيود يحتاج إليها المسلم في عباداته لبينها الله عز وجل: إما في الكتاب أو في السنة. ومن أنكر الإزار المسكر فيقال له، ما دليلك على أن الإزار المسكر حرام؟ والسنة جاءت بإباحة الإزار مطلقاً؟
وبعض الناس يتعلق بكلمة مخيط، وهذه ما جاءت في السنة أبداً، لما سأل الرسول - صلى الله عليه وسلم - ماذا يلبس المحرم؟ قال: "لا يلبس القميص ".
والقميص لو كان منسوجاً بدون أي خياطة فهو حرام، والإزار والرداء لو كله مرقع وكله خياطة حلال فكلمة المخيط هذه ما وردت في لسان الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا في لسان أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا الصحابة- رضي الله عنهم- أول من نطق بها إبراهيم النخعي وهو من فقهاء التابعين- رحمه الله- وهي كلمة لا تصح بدليل أن الإزار المخيط والرداء المخيط المرقع يجوز وهو مخيط، وأن القميص المنسوج بدون خياطة حرام، وانظر إلى هذه الكلمة كيف أوجبت الإشكال بين الناس الآن يأتي الناس يستفتون يقولون: هل لبس النعل المخروزة والكمر هل يجوز لبسه لأنه مخيط؟ فلو أننا بقينا على ما جاءت به النصوص لسلمنا من الإشكالات.
س 616: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم ما يفعله بعض الناس من مسك الإحرام بالدبابيس أو المشابك حتى يصل البعض أن يجعلها كالثياب؟
فأجاب فضيلته بقوله: الأولى ألا يشبك الإنسان رداءه، بل ينسفه على كتفيه، لكن إذا كان يعمل كالطباخ والقهوجي وما أشبه ذلك وأراد أن يزره بمشبك، فلا بأس بذلك، أما ما أشار إليه السؤال من أن بعض الناس يزرّه بمشابك من الرقبة إلى السرة، حتى يكون كأنه قميص، فأنا أشك في جواز هذا؛ لأنه حينذاك يشبه القميص، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال في المحرم: "لا يلبس القميص ".
س 617: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما الحكمة من تجرد المحرم من المخيط في الحج والعمرة؟
فأجاب فضيلته بقوله: أولاً: ما معنى غير المخيط، المخيط هو القميص، والسراويل، والبرانس، والعمائم والخفاف لأنها هي التي نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن لبسها، وليس المراد ما فيه خياطة.
والحكمة من التجرد من أجل أن يكمل ذل الإنسان لربه عز وجل ظاهراً وباطناً، لأن كون الإنسان يبقى في رداء وإزار ذل، تجد أغنى الناس الذي يستطيع أن يلبس أفخر اللباس تجده مثل أفقر الناس لكمال الذل، وأيضاً من أجل إظهار الوحدة بين المسلمين وأنهم أمة واحدة حتى في اللباس، ولهذا يطوفون على بناء واحد، ويقفون في مكان واحد، ويبيتون في مكان واحد، ويرمون في موضع واحد.
الفائدة الثالثة: أن الإنسان يتذكر أنه إذا خرج من الدنيا فلن يخرج إلا بمثل هذا، لن يخرج بفاخر اللباس وإنما سيخرج في كفن والله المستعان.
س 618: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل الجزمات التي تحت الكعبين تعتبر خفافاً؟
فأجاب فضيلته بقوله: الجزمات تحت الكعبين بعض العلماء يقول: لا بأس بها؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما "من لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين " قال: لأنهما لو قطعا من أسفل الكعبين صارا بمنزلة النعلين.
ولكن ظاهر السنة العموم (ولا الخفين) فالصواب أنه حرام وأنه لا يجوز للمحرم أن يلبس كنادر ولو كانت تحت الكعب.
س 619: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا لم يجد نعلين وهو لابس الحذاء فماذا يفعل؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا لم يجد النعلين فإنه يلبس الخفين كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - . لكن في وقتنا- والحمد لله- سيجد نعالاً كثيرة عند الميقات، ولكن ربما لا يجد دراهماً يشتري بها.
س 620: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: مع شدة الحر وكثرة المشي يصاب بعض الرجال بالحرق الذي يكون بين الفخذين فهل يجوز للرجل إذا أصابه ذلك أن يلبس السراويل أو يلبس شيئاً قريباً منه لكي يفصل بين لحمه ليقي نفسه لأننا نرى بعض الناس ربما يسيل دمه من ذلك الحرق وهو قد تأذى بذلك فما الحكم ذلك؟
فأجاب فضيلته بقوله: يجوز للإنسان في هذه الحال أن يلف على فخذه لفافة ويربطها من فوق ويسلم من هذا الحرق، فإن لم يتمكن فله أن يلبس السراويل ولكن يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو يصوم ثلاثة أيام، أو يذبح شاة يوزعها على الفقراء، لقول الله تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) وفي هذه الحال ليس عليه إثم لأنه فعل ذلك للعذر.
يتبع