18-ما ينويان بالنكاح
وينبغي لهما أن ينويا بنكاحهما إعفاف نفسيهما، وإحصانهما من الوقوع فيما حرم الله عليهما، فإنه تكتب مباضعتهما صدقة لهما، لحديث أبي ذر رضي الله عنه:
((أن أناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله! ذهب أهل الدثور بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، قال: أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟ إن بكل تسبيحة صدقة، [وبكل تكبير صدقة، وبكل تهليلة صدقة، وبكل تحميدة صدقة]، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وفي بُضع أحدكم صدقة! قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟! قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليها فيها وزر؟ [قالوا: بلى، قال:] فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له [فيها] أجر، [وذكر أشياء: صدقة، صدقة، ثم قال: ويجزئ من هذا كله ركعتا الضحى] )) مسلم والنسائي وأحمد.
ما يفعل صبيحة بنائه
ويُستحب له صبيحة بنائه بأهله أن يأتي أقاربه الذين أتوه في داره، ويسلم عليهم، ويدعو لهم، وأن يقابلوه بالمثل لحديث أنس رضي الله عنه قال:
((أولم رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ بنى بزينب، فأشبع المسلمين خبزاً ولحماً، ثم خرج إلى أمهات المؤمنين فسلم عليهن، ودعا لهن، وسلمن عليه ودعون له، فكان يفعل ذلك صبيحة بنائه )) أخرجه الحاكم والترمذي والنسائي وأحمد.
19-وجوب اتخاذ الحمّام في الدار
ويجب عليهما أن يتخذا حماماً في دارهما، ولا يسمح لها أن تدخل حمام السوق، فإن ذلك حرام، وفيه أحاديث:
الأول: عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر، ومن كان يؤممن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر )) الحاكم والترمذي والنسائي.
الثاني: عن أم الدرداء قالت: خرجت من الحمام، فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: من أين يا أم الدرداء؟ قالت: من الحمام، فقال:
((والذي نفسي بيده، ما من أمرأة تضع ثيابها في غير بيت أحد من أمهاتها، إلا وهي هاتكة كل ستر بينها وبين الرحمن )) أحمد والدولابي بإسنادين عنها ؛ أحدهما صحيح.
الثالث: عن أبي المليح قال: دخل نسوة من أهل الشام على عائشة رضي الله عنها، فقالت: ممن أنتن؟ قلن: من أهل الشام، قالت: لعلكن من الكورة التي تدخل نساؤها الحمام؟ قلن: نعم، قالت: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله تعالى )). أصحاب السنن إلا النسائي، والدارمي والطيالسي، وأحمد .
20-تحريم نشر أسرار الاستمتاع
ويحرم على كل منهما أن ينشر الأسرار المتعلقة بالوقاع، وفيه حديثان:
الأول: قوله صلى الله عليه وسلم : ((إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها )) ابن أبي شيبة، ومن طريقه مسلم، وأحمد وأبو نعيم.
الثاني: عن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، والرجال والنساء قعود، فقال: ((لعل رجلاً يقول ما يفعل بأهله، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها؟! فأرمّ القوم، فقلت: إي والله يا رسول الله! إنهن ليفعلن، وإنهم ليفعلون. قال:
((فلا تفعلوا، فإنما ذلك مثل الشيطان لقي شيطانة في طريق، فغشيها والناس ينظرون
21-وجوب الوليمة
ولا بد له من عمل وليمة بعد الدخول؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف بها كما يأتي،
ولحديث بريدة ابن الحصيب، قال: لما خطب علي فاطمة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( إنه لا بد للعرس( وفي رواية للعروس ) من وليمة )) - أحمد والطبراني والطحاوي. وإسناده كما قال الحافظ في الفتح: ((لا بأس به ))- .
قال: فقال سعد علي كبش، وقال فلان: علي كذا وكذا من ذرة، وفي الرواية الأخرى: ((وجمع له رهط من الأنصار أصوعاً ذرة )).
22-السنة في الوليمة
وينبغي أن يلاحظ فيها أموراً:
الأول: أن تكون ثلاثة أيام عقب الدخول، لأنه هو المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أنس رضي الله عنه قال: ((بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة، فأرسلني فدعوت رجالاً على الطعام )) البخاري والبيهقي.
وعنه قال: ((تزوج النبي صلى الله عليه وسلم صفية، وجعل عتقها صداقها، وجعل الوليمة ثلاثة أيام )) أبو يعلى بسند حسن وهو في ((صحيح البخاري )) بمعناه.
الثاني: أن يدعو الصالحين إليها، فقراء كانوا أو أغنياء، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي )) أبو داود والترمذي، والحاكم، وأحمد.وقال الحاكم: ((صحيح الإسناد )) ووافقه الذهبي.
الثالث: أن يولم بشاة أو أكثر إن وجد سعة، لحديث أنس رضي الله عنه قال:
((إن عبد الرحمن بن عوف قدم المدينة، فآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري [فانطلق به سعد إلى منزله، فدعا بطعام فأكلا]، فقال له سعد: أي أخي! أنا أكثر أهل المدينة ( وفي رواية: أكثر الأنصار )مالاً، فانظر شطر مالي فخذه ( وفي رواية: هلم إلى حديقتي أشاطركها ))، وتحتي امرأتان [وأنت أخي في الله، لا امرأة لك]، فانظر أيهما أعجب إليك [فسمها لي] حتى أطلقها [لك] [فإذا انقضت عدتها فتزوجها]، فقال عبد الرحمن: [لا والله]، بارك الله لك في أهلك ومالك، دلوني على السوق، فدلوه على السوق، فذهب، فاشترى وباع، وربح، [ثم تابع الغدو] فجاء بشيء من أقِطٍ- لبن مجفف يابس مستجر يطبخ به- وسمن [قد أفضله] [فأتى به أهل منزله]، ثم لبث ما شاء الله أن يلبث، فجاء وعليه ردع زعفران ( وفي رواية: وضر من خلوق )،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مهْيَم؟ فقال: يا رسول الله! تزوجت امرأة [من الأنصار]، فقال: ما أصدقتها؟ قال: وزن نواة من ذهب، قال: [فبارك الله لك] أولم ولو بشاة، [فأجاز ذلك]. قال عبد الرحمن: فلقد رأيتني ولو رفعت حجراً لرجوت أن أصيب [تحته] [ذهباً أو فضة]، [قال أنس: لقد رأيته قُسِم لكل أمرأة من نسائه بعد موته مائة ألف دينار] ))البخاري،
وعن أنس أيضاً: ((ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أولم على امرأة من نسائه ما أولم على زينب، فإن ذبح شاة، [قال: أطعمهم خبزاً ولحماً حتى تركوه] )) البخاري ومسلم .
باقى الموضوع فى الردود
23-جواز الوليمة بغير لحم
ويجوز أن تؤدى الوليمة بأي طعام تيسر، ولم لم يكن فيه لحم، لحديث أنس رضي الله عنه قال: ((أقام النبي صلى الله عليه وسلم بين خيبر والمدينة ثلاث ليال يبني عليه بصفية، فدعوت المسلمين إلى وليمته، وما كان فيها من خبز ولا لحم، وما كان فيها إلا أن أمر بالأنطاع فبسطت( وفي رواية: فحصت الأرض أفاحيص، وجيء بالأنطاع فوضعت فيها ) ، فألقي عليها التمر والأقط والسمن [فشبع الناس] )) البخاري ومسلم.
24-مشاركة الأغنياء بمالهم في الوليمة
ويستحب أن يشارك ذوو الفضل والسعة في إعدادها؛ لحديث أنس في قصة زواجه صلى الله عليه وسلم بصفية قال:
((حتى إذا كان بالطريق جهزتها له أم سليم، فأهدتها له من الليل، فأصبح النبي صلى الله عليه وسلم عروساً، فقال:
من كان عنده شيء فليجئ به، ( وفي رواية: من كان عنده فضل زاد فليأتنا به )، قال: وبسط نطعاً، فجعل الرجل يجئ بالأقط، وجعل الرجل يجيء بالتمر، وجعل الرجل يأتي بالسمن، فحاسوا حيساً [فجعلوا يأكلون من ذلك الحيس ويشربون من حياض إلى جنبهم من ماء السماء]، فكانت وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم )) الشيخان وأحمد.
25- تحريم تخصيص الأغنياء بالدعوة
ولا يجوز أن يخص بالدعوة الأغنياء دون الفقراء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم :
((شر الطعام طعام الوليمة، يدعى لها الأغنياء، ويمنعها المساكين، ومن لم يجب الدعوة فقط عصى الله ورسوله )) مسلم، والبيهقي، وهو عند البخاري موقوفاً على أبي هريرة.
26- وجوب إجابة الدعوة
ويجب على من دعي إليها أن يحضرها، وفيها حديثان:
الأول: فكوا العاني، وأجيبوا الداعي، وعودوا المريض )) البخاري .
الثاني: ((إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها[ عرساً كان أو نحوه]، [ومن لم يجب الدعوة، فقد عصى الله ورسوله] ))البخاري ومسلم وأحمد والبيهقي.
27- الإجابة ولو كان صائماً
وينبغي أن يجيب ولو كان صائماً، لقوله صلى الله عليه وسلم :
((إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن كان مفطراً فليطعم، وإن كان صائماً فليصل. يعني: الدعاء )) مسلم والنسائي وأحمد والبيهقي.
28- الإفطار من أجل الداعي
وله أن يفطر إذا كان متطوعاً في صيامه، ولا سيما إذا ألح عليه الداعي، وفيه أحاديث:
الأول: ((إذا دعي أحدكم إلى طعام فليُجب، فإن شاء طعم، وإن شاء ترك )) مسلم وأحمد والطحاوي.
الثاني: ((الصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام، وإن شاء أفطر )) النسائي، والحاكم، والبيهقي. وقال الحاكم ((صحيح الإسناد )) ووافقه الذهبي.
الثالث: حديث عائشة رضي الله عنها قالت:
دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال: هل عندكم شيء؟ فقلت: لا. قال: فإني صائم. ثم مرّ بي بعد ذلك اليوم وقد أهدي إلي حيس، فخبأت له منه، وكان يحب الحيس، قالت: يا رسول الله! إنه أهدي لنا حيس فخبأت لك منه. قال: أدنيه؛ أما إني قد أصبحت وأنا صائم. فأكل منه، ثم قال: ((إنما مثل صوم المتطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة، فإن شاء أمضاها، وإن شاء حبسها )) النسائي بإسناد صحيح.
29- لا يجب قضاء يوم النفل
ولا يجب عليه قضاء ذلك اليوم ، وفيه حديثان:
الأول: عن أبي سعيد الخدري قال: ((صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً، فأتاني هو وأصحابه، فلما وضع الطعام قال رجل من القوم: إني صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعاكم أخوكم وتكلف لكم! ثم قال له: أفطر وصم مكانه يوماً إن شئت ))البيهقي بإسناد حسن.
الثاني: عن أبي جحيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين سلمان وبين أبي الدرداء، قال: فجاءه سلمان يزوره، فإذا أم الدرداء متبَذّلة، فقال: ما شأنك يا أم الدرداء؟ قالت: إن أخاك أبا الدرداء يقوم الليل ويصوم النهار، وليس له في شيء من الدنيا حاجة! فجاء أبو الدرداء فرحب به، وقرب إليه طعاماً، فقال له سلمان: اطعم، قال: إني صائم، قال: أقسمت عليك لتفطرنه، ما أنا بآكل حتى تأكل، فأكل معه، ثم بات عنده، فلما كان من الليل أراد أبو الدرداء أن يقوم، فمنه سلمان وقال له: يا أبا الدرداء! إن لجسدك عليك حقاً، ولربك عليك حقاً، [ولضيفك عليك حقا]، ولأهلك عليك حقاً، صم، وأفطر، وصلّ، وائت أهلك، وأعط كل ذي حق حقه، فلما كان في وجه الصبح، قال: قم الآن إن شئت، قال: فقاما فتوضآ، ثم ركعا، ثم خرجا إلى الصلاة، فدنا أبو الدرداء ليخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي أمره سلمان، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا الدرداء! إن لجسدك عليك حقاً، مثل ما قال سلمان( وفي رواية: صدق سلمان ) البخاري والترمذي، والبيهقي.
30- ترك حضور الدعوة التي فيها معصية
ولا يجوز حضور الدعوة إذا اشتملت على معصية، إلا أن يقصد إنكارها ومحاولة إزالتها، فإن أُزيلت؛ وإلا وجب الرجوع، وفيه أحاديث:
الأول: عن علي قال: ((صنعت طعاماً فدعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء فرأى في البيت تصاوير، فرجع [قال: فقلت: يا رسول الله! ما أرجعك بأبي أنت وأمي؟ قال: إن في البيت ستراً فيه تصاوير، وإن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه تصاوير] )) ابن ماجه، وأبو يعلى بسند صحيح.
الثاني: عن عائشة أنها اشترت نُمرُقة فيها تصاوير، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب، فلم يدخل، فعرفت في وجهه الكراهية، فقلت: يا رسول الله! أتوب إلى الله وإلى رسوله، ماذا أذنبت؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ما بال هذه النمرقة؟ فقلت: اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسدها، فقال صلى الله عليه وسلم :
((إن أصحاب هذه الصور( وفي رواية: إن الذين يعملون هذه التصاوير ) يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم، وإن البيت الذي فيه [مثل هذه] الصور لا تدخله الملائكة[ قالت : فما دخل حتى أخرجتها] )) البخاري ومسلم .
الثالث: قال: صلى الله عليه وسلم : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فلا يقعدن على مائدة يدار عليها بالخمر )).
وعلى ما ذكرنا جرى عليه عمل السلف الصالح رضي الله عنهم، والأمثلة على ذلك كثيرة جداً، فأقتصر على ما يحضرني الآن منها:
أ- عن أسلم –مولى عمر- أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قدم الشام، فصنع له رجل من النصارى، فقال لعمر: إني أحب أن تجيئني وتكرمني أنت وأصحابك –وهو رجل من عظماء الشام- فقال له عمر رضي الله عنه :
((إنا لا ندخل كنائسكم من أجل الصور التي فيها )) البيهقي بسند صحيح.
ب- عن أبي مسعود - عقبة بن عمرو- أن رجلاً صنع له طعاماً، فدعاه، فقال: أفي البيت صورة؟ قال: نعم، فأبى أن يدخل حتى كسر الصورة ثم دخل. البيهقي سنده صحيح.
ج- قال الإمام الأوزاعي: ((لا ندخل وليمة فيها طبل ولا معزاف )) أبو الحسن الحربي.