رد: فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه
73- الدفن حكمه :
ومن مشكاة المصابيح للالبانى :
باب دفن الميت
- [ 1 ] ( صحيح ) عن عامر بن سعد بن أبي وقاص أن سعد بن أبي وقاص قال في مرضه الذي هلك فيه : ألحدوا لي لحدا وانصبوا علي اللبن نصبا كما صنع برسول الله صلى الله عليه و سلم . رواه مسلم
- [ 2 ] ( صحيح ) وعن ابن عباس قال : جعل في قبر رسول الله صلى الله عليه و سلم قطيفة حمراء . رواه مسلم - [ 3 ] ( صحيح ) وعن سفيان التمار : أنه رأى قبر النبي صلى الله عليه و سلم مسنما . رواه البخاري [ 4 ] ( صحيح ) وعن أبي الهياج الأسدي قال : قال لي علي : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم : أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته . رواه مسلم
1670 - [ 5 ] ( صحيح ) وعن جابر قال : نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يجصص القبر وأن يبنى عليه وأن يقعد عليه . رواه مسلم
- [ 6 ] ( صحيح ) وعن أبي مرثد الغنوي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها " . رواه مسلم
- [ 7 ] ( صحيح ) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر " . رواه مسلم
- [ 9 ] ( حسن ) وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " اللحد لنا والشق لغيرنا " رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه
- [ 11 ] ( صحيح ) وعن هشام بن عامر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال يوم أحد : " احفروا وأوسعوا وأعمقوا وأحسنوا وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد وقدموا أكثرهم قرآنا " . وروى ابن ماجه إلى قوله وأحسنوا
- [ 12 ] ( صحيح ) وعن جابر قال : لما كان يوم أحد جاءت عمتي بأبي لتدفنه في مقابرنا فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ردوا القتلى إلى مضاجعهم " . ولفظه للترمذي
- [ 15 ] ( صحيح ) وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا أدخل الميت القبر قال : " بسم الله وبالله وعلى ملكة رسول الله " . وفي رواية : " وعلى سنة رسول الله . رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وروى أبو داود الثانية
- [ 17 ] ( صحيح ) وعن جابر قال : نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن تجصص القبور وأن يكتب لعيها وأن توطأ . رواه الترمذي
- [ 19 ] ( حسن ) وعن المطلب بن أبي وداعة قال : لما مات عثمان ابن مظعون أخرج بجنازته فدفن أمر النبي صلى الله عليه و سلم رجلا أن يأتيه بحجر فلم يستطع حملها فقام إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم وحسر عن ذراعيه . قال المطلب : قال الذي يخبرني عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : كأني أنظر إلى بياض ذراعي رسول الله صلى الله عليه و سلم حين حسر عنهما ثم حملها فوضعها عند رأسه وقال : " اعلم بها قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهلي " . رواه أبو داود
- [ 21 ] ( صحيح ) وعن البراء بن عازب قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد بعد فجلس النبي صلى الله عليه و سلم مستقبل القبلة وجلسنا معه . رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وزاد في آخره : كن على رؤوسنا الطير
- [ 22 ] ( حسن )وعن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " كسر عظم الميت ككسره حيا " . رواه مالك وأبو داود وابن ماجه
- [ 23 ] ( صحيح ) عن أنس قال : شهدنا بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم تدفن ورسول الله صلى الله عليه و سلم جالس على القبر فرأيت عينيه تدمعان فقال : " هل فيكم من أحد لم يقارف الليلة ؟ . فقال أبو طلحة : أنا . قال : فانزل في قبرها فنزل في قبرها " . رواه البخاري
- [ 24 ] ( صحيح ) وعن عمرو بن العاص قال لأبنه وهو في سياق الموت : إذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا ثم أقيموا حول قبري قدر ما ينحر جزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأعلم ماذا أراجع به رسل ربي . رواه مسلم
وعن عبد الله بن عمر قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول : " إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره وليقرأ عند رأسه فاتحة البقرة وعند رجليه بخاتمة البقرة " . رواه البيهقي في شعب الإيمان . وقال : والصحيح أنه موقوف عليه
- [ 26 ] ( الصحيح ) وعن ابن أبي مليكة قال : لما توفي عبد الرحمن بن أبي بكر بالحبشي ( موضع قريب من مكة ) وهو موضع فحمل إلى مكة فدفن بها فلما قدمت عائشة أتت قبر عبد الرحمن بن أبي بكر فقالت :
وكنا كندماني جذيمة حقبة من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
فلما تفرقنا كأني ومالكا لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
ثم قالت : والله لو حضرتك ما دفنت إلا حيث مت ولو شهدتك ما زرتك رواه الترمذي
- [ 1 ] ( متفق عليه ) عن أنس قال : دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم على أبي سيف القين وكان ظئرا لإبراهيم فأخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم إبراهيم فقبله وشمه ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه و سلم تذرفان . فقال له عبد الرحمن بن عوف : وأنت يا رسول الله ؟ فقال : " يا ابن عوف إنها رحمة ثم أتبعها بأخرى فقال : إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون "
- [ 2 ] ( متفق عليه ) وعن أسامة بن زيد قال : أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه و سلم إليه : أن ابنا لي قبض فأتنا . فأرسل يقرئ السلام ويقول : " إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل عنده بأجل مسمى فلتصبر ولتحتسب " . فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد ابن ثابت ورجال فرفع إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم الصبي ونفسه تتقعقع ففاضت عيناه . فقال سعد : يا رسول الله ما هذا ؟ فقال : " هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده . فإنما يرحم الله من عباده الرحماء "
- [ 3 ] ( متفق عليه ) وعن عبد الله بن عمر قال : اشتكى سعد بن عبادة شكوى له فأتاه النبي صلى الله عليه و سلم يعوده مع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود فلما دخل عليه وجده في غاشية فقال : ( قد قضى ؟ قالوا : لا يا رسول الله فبكى النبي صلى الله عليه و سلم فلما رأى القوم بكاء النبي صلى الله عليه و سلم بكوا فقال : ألا تسمعون ؟ إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا وأشار إلى لسانه أو يرحم وإن الميت لعيذب ببكاء أهله
- [ 4 ] ( متفق عليه ) وعن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية "
- [ 5 ] ( متفق عليه ) وعن أبي بردة قال : أغمي على أبي موسى فأقبلت امرأته أم عبد الله تصيح برنة ثم أفاق فقال : ألم تعلمي ؟ وكان يحدثها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " أنا بريء ممن حلق وصلق وخرق " . ولفظه لمسلم
- [ 6 ] ( صحيح ) وعن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن : الفخر في الأحساب والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة " . وقال : " النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب " . رواه مسلم
- [ 7 ] ( متفق عليه ) وعن أنس قال : مر النبي صلى الله عليه و سلم بامرأة تبكي عند قبر فقال : " اتقي الله واصبري " قالت : إليك عني فأنك لم تصب بمصيبتي ولم تعرفه فقيل لها : إنه النبي صلى الله عليه و سلم . فأتت باب النبي صلى الله عليه و سلم فلم تجد عنده بوابين فقالت : لم أعرفك . فقال : " إنما الصبر عند الصدمة الأولى "
- [ 8 ] ( متفق عليه ) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا يموت لمسلم ثلاث من الولد فيلج النار إلا تحلة القسم "
- [ 9 ] ( صحيح ) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لنسوة من الأنصار : " لا يموت لإحداكن ثلاثة من الولد فتحتسبه إلا دخلت الجنة . فقال امرأة منهن : أو اثنان يا رسول الله ؟ قال : أو اثنان " . رواه مسلم وفي رواية لهما : " ثلاثة لم يبلغوا الحنث "
- [ 10 ] ( صحيح ) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يقول الله : ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة " . رواه البخاري
1733 - [ 12 ] ( صحيح ) وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " عجب للمؤمن : إن أصابه خير حمد الله وشكر وإن أصابته مصيبة حمد الله وصبر فالمؤمن يؤجر في كل أمره حتى في اللقمة يرفعها إلى في امرأته . رواه البيهقي في شعب الإيمان
- [ 18 ] ( صحيح ) وعن عبد الله بن جعفر قال : لما جاء نعي جعفر قال النبي صلى الله عليه و سلم : صانعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم ) رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه
- [ 19 ] ( متفق عليه ) عن المغيرة بن شعبة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " من نيح عليه فإنه يعذب بما نيح عليه يوم القيامة "
- [ 20 ] ( متفق عليه ) وعن عمرة بنت عبد الرحمن أنها قالت : سمعت عائشة وذكر لها أن عبد الله بن عمر يقول : إن الميت ليعذب ببكاء الحي عليه تقول : يغفر الله لأبي عبد الرحمن أما إنه لم يكذب ولكنه نسي أو أخطأ إنما مر رسول الله صلى الله عليه و سلم على يهودية يبكي عليها فقال : " إنهم ليبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها "
- [ 21 ] ( متفق عليه ) وعن عبد الله بن أبي مليكة قال : توفيت بنت لعثمان بن عفان بمكة فجئنا لنشهدها وحضرها ابن عمر وابن عباس فإني لجالس بينهما فقال عبد الله بن عمر لعمرو بن عثمان وهو مواجهه : ألا تنهى عن البكاء ؟ فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه " . فقال ابن عباس : قد كان عمر يقول بعض ذلك . ثم حدث فقال : صدرت مع عمر من مكة حتى إذا كنا بالبيداء فإذا هو بركب تحت ظل سمرة فقال : اذهب فانظر من هؤلاء الركب ؟ فنظرت فإذا هو صهيب . قال : فأخبرته فقال : ادعه فرجعت إلى صهيب فقلت : ارتحل فالحق أمير المؤمنين فلما أن أصيب عمر دخل صهيب يبكي يقول : وا أخاه واصاحباه . فقال عمر : يا صهيب أتبكي علي وقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله عليه ؟ " فقال ابن عباس : فلما مات عمر ذكرت ذلك لعائشة فقالت : يرحم الله عمر لا والله ما حدث رسول الله صلى الله عليه و سلم أن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه ولكن : إن الله يزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه . وقالت عائشة : حسبكم القرآن : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى )
قال ابن عباس عند ذلك : والله أضح وأبكي . قال ابن أبي مليكة : فما قال ابن عمر شيئا
- [ 22 ] ( متفق عليه ) وعن عائشة قالت : لما جاء النبي صلى الله عليه و سلم قتل ابن حارثة وجعفر وابن رواحة جلس يعرف فيه الحزن وأنا أنظر من صائر الباب تعني شق الباب فأتاه رجل فقال : إن نساء جعفر وذكر بكاءهن فأمره أن ينهاهن فذهب ثم أتاه الثانية لم يطعنه فقال : انههن فأتاه الثالثة قال : والله غلبننا يا رسول الله فزعمت أنه قال : " فاحث في أفواههن التراب " . فقلت : أرغم الله أنفك لم تفعل ما أمرك رسول الله صلى الله عليه و سلم ولم تترك رسول الله صلى الله عليه و سلم من العناء
- [ 23 ] ( صحيح ) وعن أم سلمة قالت : لما مات أبو سلمة قلت غريب وفي أرض غربة لأبكينه بكاء يتحدث عنه فكنت قد تهيأت للبكاء عليه إذ أقبلت امرأة تريد أن تسعدني فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : " أتريدين أن تدخلي الشيطان بيتا أخرجه الله منه ؟ " مرتين وكففت عن البكاء فلم أبك . رواه مسلم
- [ 24 ] ( صحيح ) وعن النعمان بن بشير قال : أغمي على عبد الله بن رواحة فجعلت أخته عمرة تبكي : واجبلاه واكذا واكذا تعدد عليه فقال حين أفاق : ما قلت شيئا إلا قيل لي : أنت كذلك ؟ زاد في رواية فلما مات لم تبك عليه . رواه البخاري
- [ 25 ] ( حسن ) وعن أبي موسى قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " ما من ميت يموت فيقوم باكيهم فيقولك : واجبلاه واسيداه ونحو ذلك إلا وكل الله به ملكين يلهزانه ويقولان : أهكذا كنت ؟ " . رواه الترمذي وقال : هذا حديث غريب حسن
- [ 31 ] ( صحيح ) وعن أبي هريرة أن رجلا قال له : مات ابن لي فوجدت عليه هل سمعت من خليلك صلوات الله عليه شيئا يطيب بأنفسنا عن موتانا ؟ قال : نعم سمعته صلى الله عليه و سلم قال : " صغارهم دعاميص الجنة يلقى أحدهم أباه فيأخذ بناحية ثوبه فلا يفارقه حتى يدخله الجنة " . رواه مسلم وأحمد واللفظ له
- [ 32 ] ( صحيح ) وعن أبي سعيد قال : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله . فقال : " اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا وكذا " فاجتمعن فأتاهن رسول الله صلى الله عليه و سلم فعلمهن مما علمه الله ثم قال : " ما منكن امرأة تقدم بين يديها من ولدها ثلاثة إلا كان لها حجابا ن النار " فقالت امرأة منهن : يا رسول الله أو اثنين ؟ فأعادتها مرتين . ثم قال : " واثنين واثنين واثنين " . رواه البخاري
- [ 35 ] ( صحيح ) وعن قرة المزني : أن رجلا كان يأتي النبي صلى الله عليه و سلم ومعه ابن له . فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : " أتحبه ؟ " فقال : يا رسول الله صلى الله عليه و سلم أحبك الله كما أحبه . ففقده النبي صلى الله عليه و سلم فقال : " ما فعل ابن فلان ؟ " قالوا : يا رسول الله مات . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أما تحب ألا تأتي بابا من أبواب الجنة إلا وجدته ينتظرك ؟ " فقال رجل : يا رسول الله له خاصة أم لكلنا ؟ قال : " بل لكلكم " . رواه أحمد
- [ 37 ] ( حسن ) وعن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " يقول الله تبارك وتعالى : ابن آدم إن صبرت واحتسبت عند الصدمة الأولى لم أرض لك ثوابا دون الجنة " . رواه ابن ماجه
أجمع المسلمون على أن دفن الميت ومواراة بدنه فرض كفاية ، قال الله تعالى : ( ألم نجعل الارض كفاتا أحياء وأمواتا ) . يرى جمهور العلماء أن الدفن بالليل كالدفن بالنهار سواء بسواء . فقد دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر ليلا ، ودفن علي فاطمة رضي الله عنها ليلا ، وكذلك دفن أبو بكر وعثمان وعائشة وابن مسعود . وعن ابن عباس : " أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل قبرا ليلا فأسرج له بسراج فأخذه من قبل القبلة وقال : " رحمك الله . إن كنت لاواها تلاء للقرآن " وكبر عليه أربعا . رواه الترمذي وقال : حديث حسن قال :
ورخص أكثر أهل العلم في الدفن بالليل . وإنما يجوز ذلك إذا كان لا يفوت بالدفن ليلا شئ من حقوق الميت
والصلاة عليه . فإذا كان يفوت به حقوقه والصلاة عليه وتمام القيام بأمره ، فقد نهى الشارع عن الدفن بالليل وكرهه ،
روى مسلم : أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوما فذكر رجلا من أصحابه قبض فكفن في كفن غير طائل ودفن ليلا ، فزجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبر الرجل بالليل إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك .
وروى ابن ماجه عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تدفنوا موتاكم بالليل إلا أن تضطروا " .
( 74- ) الدفن وقت الطلوع والاستواء والغروب :
اتفق العلماء على أنه إذا خيف تغير الميت فإنه يدفن في هذه الاوقات الثلاثة بدون كراهة . أما إذا لم يخش عليه من التغير ، فإنه يجوز دفنه في هذه الاوقات عند الجمهور ما لم يتعمددفنه فيها فإنه حينئذ يكون مكروها ، لما رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن عن عقبة قال : " ثلاث ساعات كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيها أو نقبر فيها موتانا : حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع ، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس ، وحين تضيف (: تميل وتجنح) الشمس للغروب حتى تغرب " .
وقالت الحنابلة يكره الدفن في هذه الاوقات مطلقا للحديث المذكور .
( 75- ) استحباب إعماق القبر :
القصد من الدفن أن يوارى الميت في حفرة تحجب رائحته ، وتمنع السباع والطيور عنه ، وعلى أي وجه تحقق هذا المقصود تأدى به الفرض وتم به الواجب ، إلا أنه ينبغي تعميق القبر قدر قامة
، لما رواه النسائي والترمذي وصححه عن هشام بن عامر . قال : شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد . فقلنا : يا رسول الله ، الحفر علينا لكل إنسان شديد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احفروا ، وأعمقوا ، وأحسنوا ، وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد " فقالوا : فمن نقدم يا رسول الله ؟ قال : " قدموا أكثرهم قرآنا " وكان أبي ثالث ثلاثة في قبر واحد .
وروى ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عمر أنه قال : أعمقوا إلى قدر قامة وبسطة . وعند أبي حنيفة وأحمد يعمق قدر نصف القامة . وإن زاد فحسن .
( 76- ) تفضيل اللحد على الشق
: اللحد هو الشق في جانب القبر جهة القبلة ، ينصب عليه اللبن ( 1 ) فيكون كالبيت المسقف . والشق حفرة في وسط القبر تبنى جوانبها باللبن يوضع فيه الميت ويسقف عليه بشئ ، وكلاهما جائز ، إلا أن اللحد أولى
، لما رواه أحمد وابن ماجه عن أنس قال : " لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم كان رجل يلحد ، وآخر يضرح ، فقالوا : نستخير ربنا ونبعث إليهما ، فأيما سبق تركناه ، فأرسلوا إليهما ، فسبق صاحب اللحد ، فلحدوا له " .
وهذا يدل على الجواز . أما ما يدل على أولوية اللحد ، فما رواه أحمد وأصحاب السنن وحسنه الترمذي عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اللحد لنا ، والشق لغيرنا " .
( 77- ) صفة إدخال الميت القبر :
من السنة في إدخال الميت القبران يدخل من مؤخره إذا تيسر
، لما رواه أبو داود وابن أبي شيبة والبيهقي من حديث عبد الله بن زيد : أنه أدخل ميتا من قبل رجليه القبر وقال : هذا من السنة . فان لم يتسر فكيفما أمكن . قال ابن حزم : ويدخل الميت القبر كيف أمكن ، إما من القبلة ، وامامن دبر القبلة ، واما من قبل رأسه . واما من قبل رجليه ، إذ لانص في شئ من ذلك .
( 78- ) استحباب توجيه الميت في قبره الى القبلة والدعاء له وحل أربطة الكفن :
السنة التي جرى عليها العلم ، ان يجعل الميت في قبره على جنبه الايمن ووجهه تجاه القبلة . ويقول واضعه : " بسم الله وعلى ملة رسول الله ، أو وعلى سنة رسول الله " ويحل أربطة الكفن . فعن ابن عمر - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كان إذا وضع الميت في القبر ، قال : " بسم الله وعلى ملة رسول الله ، أو ، وعلى سنة رسول الله " رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه ،
ورواه النسائي مسندا وموقوفا .
( 79- ) كراهة الثوب في القبر :
كره جمهور الفقهاء وضع ثوب أو وسادة أو نحو ذلك للميت في القبر . ويرى ابن حزم أنه لا بأس ببسط ثوب في القبر تحت الميت ، لما رواه مسلم عن ابن عباس ، قال : بسط في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قطيفة حمراء ، قال وقد ترك الله هذا العمل في دفن رسوله المعصوم من الناس ولم يمنع منه ، وفعله خيرة أهل الارض في ذلك الوقت باجماع منهم ، لم ينكره احد منهم . واستحب العلماء أن يوسد رأس الميت بلبنة أو حجر أو تراب ، ويفضى بخده الايمن إلى اللبنة ونحوها ، بعد ان ينحى الكفن عن خده ، ويوضع على التراب ،
قال عمر : إذا انزلتموني الى اللحد فأفضوا بخدي الى التراب . واوصى الضحاك ان تحل عنه العقد ويبرز خده من الكفن ، واستحبوا ان يوضع شئ خلفه من لبن أو تراب يسنده ، لا يستلقى على قفاه . واستحب أبو حنيفة ومالك واحمد ، أن يمد ثوب على المرأة عند إدخالها في القبر دون الرجل ، واستحب الشافعية ذلك في الرجل والمرأة على السواء .
( 80- ) استحباب ثلاث حثيات على القبر :
ويستحب أن يحثو من شهد الدفن ثلاث حثيات بيديه على القبر من جهة رأس الميت ، لما رواه ابن ماجه : " ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة ، ثم أتى قبر الميت فحثى عليه من قبل رأسه ثلاثا " واستحب الائمة الثلاثة أن يقول في الحثية الاولى : " منها خلقناكم " وفي الثانية : " وفيها نعيدكم " وفي الثالثة : " ومنها نخرجكم تارة أخرى " لما روي : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك لما وضعت أم كلثوم بنته في القبر . وقال أحمد : لا يطلب قراءة شئ عند حثو التراب لضعف الحديث .
( 81- ) استحباب الدعاء للميت بعد الفراغ من الدفن :
يستحب الاستغفار للميت عند الفراغ من دفنه وسؤال التثبيت له ، لانه يسأل في هذه الحالة . فعن عثمان قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه ، فقال : " استغفر والاخيكم وسلواله التثبيت فانه الآن يسأل " رواه أبو داود والحاكم وصححه ، والبزار وقال : لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه . وروى رزين عن علي : أنه كان إذا فرغ من دفن الميت قال : اللهم هذا عبدك نزل بك واتت خير منزول به فاغفر له ووسع مدخله . واستحب ابن عمر قراءة أول سورة البقرة و خاتمتها على القبر بعد الدفن . رواه البيهقي بسند حسن .
"82- تحريم المساجد والسرج على المقابر
جاءت الاحاديث الصحيحة الصريحة بتحريم بناء المساجد في المقابر واتخاذ السرج عليها .
1 - روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة : ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : " قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد "
2 - روى أحمد واصحاب السنن إلا ابن ماجه ، وحسنه الترمذي ، عن ابن عباس قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج
. 3 - وفي صحيح مسلم عن عبد الله البجلي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس ، وهو يقول : " إني أبرأ إلى الله أن يكون
( 1 ) السبتية : أي النعال المدبوغة بالقرظ . ( 2 ) " النمط " ضرب من البسط له خمل رقيق .
لي منكم خليل ، فان الله عزوجل قد اتخذني خليلا ، كما اتخذ إبراهيم خليلا ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، وان من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور انبيائهم وصالحيهم مساجد ، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد ، إني أنهاكم عن ذلك . "
4 - وفيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " .
5 - وروى البخاري ومسلم عن عائشة ، أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة - رأتاها بالحبشة فيها تصاوير - لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور ، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة "
. قال صاحب المغني : ولايجوز اتخاذ المساجد على القبور لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لعن الله زوارات القبور والمتخذات عليهن المساجد والسرج " رواه أبو داود والنسائي ولفظه : " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . الخ " ولو أبيح لم يلعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله ، ولان فيه تضييعا للمال في غير فائدة وافراطا في تعظيم القبور اشبه تعظيم الاصنام ، ولايجوز اتخاذ المساجد على القبور لهذا الخبر ، ولان النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " يحذر مثل ما صنعوا . متفق عليه .
وقالت عائشة : إنما لم يبرز قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم لئلا يتخذ مسجدا ، ولان تخصيص القبور بالصلاة عندها يشبه تعظيم الاصنام لها والتقرب إليها ، وقد روينا أن ابتداء عبادة الاصنام تعظيم الاموات باتخاذ صورهم ومسحها والصلاة عليها (قال معلقه : يشير إلى ما رواه البخاري عن ابن عباس من سبب اتخاذ قوم نوح للاصنام : ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر ، وحاصله أن هذه أسماء رجال صالحين اتخذ الناس لهم صورا بعد موتهم ليتذكروا بها فيقتدوابهم ، فلما ذهب العلم زين لهم الشيطان عبادة صورهم وتماثيلهم بتعظيمها والتمسح بها والتقرب إليها ، ومسحها : إمرار اليد عليها تبركا وتوسلا بها ، وكذلك فعل الناس بقبور الصالحين ، وسرى ذلك من الوثنيين إلى أهل الكتاب فالمسلمين ، فالاصنام في ذلك سواء) .
|