عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 14-12-2012, 02:17 PM
الصورة الرمزية غراس الجنه
غراس الجنه غراس الجنه غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: May 2010
مكان الإقامة: الدولة الإسلامية في العراق والشام
الجنس :
المشاركات: 4,283
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الإعذار والإنذار للعلمانيين الأشرار || ~ للشيخ : أحمد عشوش

التِّبْيَان

فِي رَدّ يَاسِقِ السَّلَفِييّنَ وَالإِخْوَان

مُقَارَنَةٌ عَابِرَةٌ بَيْنَ دُسْتُورِ الأَزْهَر وَاليَاسِقِ الجَدِيدْ

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد ,

يقول الله عز وجل : ( قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) المائدة
فجعل الله عز وجل هذا الكتاب نور يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام , فيرفعهم به إلى عليين , ويخفض به آخرين بيّن وصفهم في كتابه فقال :
( وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) "المائدة 68".

وقال الله عز وجل في وصفهم أيضا : ( وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ) "فصلت 44".

وبهذا يتبين لنا كراهية العلمانيين والليبراليين والإشتراكيين والناصريين لشريعة الإسلام ولأحكام الحلال والحرام ويتبين حقيقة قيامهم في الباطل والصد عن سبيل الله , ولقد قال الله عز وجل في أمثالهم :

(إنإَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ . إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ . لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) فصلت

وسبب شقاء هؤلاء وارتكاسهم وتنكبهم عن صراط الإسلام , إنما هو طاعة المشركين الوثنيين الجاهليين في أوروبا وأمريكا .قال الله عز وجل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (101) ) "آل عمران .

فلقد تخطى هؤلاء نصائح القرآن , وخانوا دين الإسلام , ويمموا وجوههم صوب الشرك السياسي والشرك العبادي في أوروبا , ففرقوا الأمة وتخطوا حاجز الإسلام , مع أن الله عز وجل يقول لنا ولهم : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )

فأخذوا أوروبا بكل ما فيها , الإلحاد , الإباحية , العري , السياسة والحكم , أسلوب الحياة , التحلل من الفرائض عياذا بالله , مع أن الله عز وجل يقول : (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران 85 "

فآل أمرهم إلى كراهية دين الإسلام , وعزل الشريعة والنفور من أحكامها والتمسك بالجاهلية الأوروبية , وصار قدوتهم الشواذ في أفكارهم وأخلاقهم من أمثال جان جاك روسو وهوبز ولوك ومونتسكيو وسبينوزا وبانتام ومن شاكل ..

اقتدوا بهؤلاء وجعلوهم بديلا لنبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم , وعابوا دين الإسلام وانتقصوا الشريعة ووصفوها بأقذع الأوصاف من مثل التخلف , الجهل , الرجعية , التزمت , التطرف , التعصب , الدولة الدينية , حكم الشيوخ , الوهابية .. إلى آخر ما نسمعه من غربان العلمانية , يرددون ذلك في وصلات نباح مسعورة , فهم لا يكفون عن نباحهم هذا منذ نشأة طليعتهم الأولى على يد المحتل النصراني العتيد كرومر , حيث رباهم على عينه في المحافل الماسونية والمنظمات السرية التي تعمل لحساب الإستعمار النصراني , فكفروا بدينهم وخانوا شعوبهم ,

وأمر هؤلاء واضح معلوم يفضحه التاريخ المدون والواقع المشهود , فقد غسلت أمة الإسلام يدها من هؤلاء , فهم طابور خامس يعمل على تقويض أركان الأمة , ينهبون مقدراتها ويسرقون أموالها ويقتلون شبابها , تشهد حساباتهم في بنوك أوروبا بما نشير إليه .

أما آن لأمثال هؤلاء أن يتوبوا إلى الله عز وجل ؟

يقول الله عز وجل : (أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) " المائدة 74"

ونحب أن نقرر حقيقة دامغة لا يمكن التجاوز عنها أو الإلتفاف حولها , وهي أن الشرك أعظم المفاسد , وكل مفسدة دون الشرك فهي أقل منه , وأن الشرك لا يغفره الله عز وجل , وأن من أشرك فقد حبط عمله أيا كانت دعواه للمصلحة والمفسدة .
يقول الله عز وجل : (إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ) " النساء 48 "

والواجب على أهل العلم والفضل من المؤمنين أن يقوموا في حرب الشرك وتبديد ظلماته وتقطيع أوصاله وفضح ضلالاته , وأن يتصدوا للمشركين سواءا كان الشرك في العبادات أو المعاملات , سواءا كان الشرك في الأحكام أو الإعتقادات , فإن ترك الإنكار على الشرك والمشركين يكون سببا للهلكة وغضب الله عز وجل على عباده , فلقد كان ترك الإنكار من علماء يهود على بني إسرائيل فيما يأتونه من الإثم والعدوان سببا لنقمة الله عز وجل عليهم .

قال الله عز وجل : (تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ . لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ) المائدة 62-63

فإن مداهنة أهل الشرك على شركهم أو مصانعتهم فيه أو مجاراتهم في شركهم من أعظم الحرب لله ورسوله , بل خيانة لدين الإسلام .
إن الواجب علينا في مواجهة أهل الطغيان والردة والبهتان أن نعرض عنهم وأن نفاصلهم ونناصبهم العداء , لأنهم أصحاب هوى وضلال ..

قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم : (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ.) القصص 50

فينبغي الإعراض عن هؤلاء وعدم الركون إليهم ومشاركتهم فيما هم فيه من الشرك والضلال , فهذا واجب حتمي وقطعي .
قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ) المائدة

فلقد حذر الله نبيه صلى الله عليه وسلم من فتنة أهل الشرك والكفران , فما بالنا نحن وما بال أولئك الذين يشاركونهم في مبادئهم الكفرية ونظرياتهم الشركية ..(أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ.) [المائدة:50]

إن مشاركة هؤلاء في هديهم وحكمهم ودساتيرهم توجب الخسران .. إن من يرعي سمعه لمبادئ هوبز ولوك وروسو التي توافق الأهواء المضلة والشهوات الفاتنة لقوم خاسرون .

قال الله عز وجل عن المنافقين وعن اليهود : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) ..

أفرأيت إلى هذه الآية , وكيف بينت أن هناك من يؤمن بلسانه ويكفر بقلبه , وأن أهم صفاته أنه سماع لقوم آخرين لم يأتوا إلى هدي الإسلام , وأنه يحرف الكلم من بعد مواضعه , وأنه يأخذ ما وافق هواه , وإن سمى هواه مصلحة , ويترك ما لم يوافق هواه وإن كان حكم الله ورسوله , وتلك فتنة عظيمة .. ومن يرد الله فتنته فلن تصلحه كل مواعظ الدنيا وإن تلي عليه الكتاب ألف مرة في كل يوم ..

ولذلك قال الله عز وجل : (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) .إن الإنتكاس في حمأة الشرك عنوان لغضب الله عز وجل على من دخل في هذا الشرك , فلا يوفق لتوبة وإنما يعمد إلى التبرير والتزوير , وليّ اللسان والتلبيس , كل هذا مع ظهور الحقائق التي لا تقبل الطمس ..
(وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) آل عمران ( 78 )

ومن أسف أن هذا صار حال بعض الدعاة الملبسين الذين اتخذوا الشرك السياسي سببا ووسيلة -في زعمهم- إلى تطبيق الشريعة , وتناسى هؤلاء وعيد الله عز وجل لأمثالهم ..

حيث قال الله عز وجل : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ . إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وأنا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ .) (سورة البقرة:159 ـ 160)

فنحذر هؤلاء الدعاة من التلبيس والإضلال والتحريف وليّ اللسان , وندعوهم إلى التوبة والإصلاح والبيان الواضح الشافي , فهذه شروط التوبة , وإلا فإن المصير معلوم .

قال الله عز وجل : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ . أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ) البقرة 174-175

فارجعوا إلى رشدكم , ولا تستجيبوا لوساوس الشيطان التي أضل بها من قبلكم ..

قال الله عز وجل : (وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) القصص 57
إن الخوف أردى من كان قبلكم , إنه خوف شركي يدفع بكم إلى عرصات جهنم , إنه الخوف من الإبتلاء , إنه الفرار من تحمل التبعات مع التبرير الكاذب لما يُدّعى من المصلحة والمفسدة , وما أفعالكم إلا مفاسد يتبع بعضها بعضا, ومن أعظم هذه المفاسد تلبيسكم على عباد الله وتغييركم لحقائق الدين , ومن ذلك تصويركم البلاء على أنه مفسدة يُدفع بالتنازل عن حقائق الدين وثوابت العقيدة , مع أن البلاء أمر قدري للتمحيص .

قال الله عز وجل : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) البقرة (155) .

إن الخوف والجوع وضياع الأموال والثمرات وقتل الأنفس لا يكون مبررا أبدا لقبول الشرك أو العمل به أو السكوت عنه , بل هذه الإبتلاءات من الضرورات التي تلازم الدعوة إلى الله عز وجل , فمن صورها مفاسد تُدفع بالتنازل عن العقيدة والشريعة إنما هو ضال ملبس مناقض لهدي القرآن ولسيرة النبي صلى الله عليه وسلم ,
ليعلم هذا كل من يشارك في هذا الشرك السياسي أو يبرره أو يدعو إليه أو يلبسه على عباد الله المؤمنين .

وكنا قد التزمنا الصمت طوال الفترة الماضية حيال الحراك الدائر بين الإخوان والسلفيين من جانب وبين الليبراليين واليساريين من جانب آخر , وذلك انتظارا لصدور وثيقة الدستور , التي كان من المزمع إصدارها , وكنا نتوقع أن تكون هذه الوثيقة أكثر شركا وأعظم كفرا من دستور عام 1971 الذي وضعه العلمانيون الأقحاح ,
وقد جاءت الوثيقة كما توقعنا لها تماما , حيث أقرت النظريات الشركية والمبادئ الكفرية بما يزيد على دستور عام 1971 .

ومن هنا نعلن أننا لن ندعم الإخوان ولا السلفيين في ياسقهم الجديد – الدستور العلماني – في مواجهة العلمانيين وذلك لأن الأصول الحاكمة عند الطرفين واحدة , وهي ذات المبادئ الكفرية والنظريات الشركية مثل : السيادة للشعب , القانون أساس الحكم في الدولة , لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون , منع قيام أحزاب سياسية على أساس ديني مما يعني اللادينية في عالم السياسة , وتلك المبادئ وهذه النظريات التي تم صياغتها في هذا الياسق الجديد تدمغ من شارك في وضعها من العلماء والدعاة بالعلمانية وإن اتشحوا بثوب الإسلام , فليس من الإسلام عزل الشريعة الإسلامية وتحكيم القوانين الوضعية , وإن أقر بذلك غالبية اللجنة التأسيسية , فإن الأغلبية لا تحيل الكفر إيمانا , ولا تجعل الشرك توحيدا فإن السيادة لله توحيد , والسيادة للشعب شرك قبيح صريح وهو كفر لا خفاء فيه .

وكنا قبل ذلك نقول عن هذه الجملة من الدستور ( السيادة للشعب ) وضعها العلمانيون , واليوم ستقول الدنيا بأسرها وضعها الإسلاميون اللاعبون بكتاب ربهم .
ولا ينجيهم من ذلك أن تسعة من مائة قد امتنعوا لأن هؤلاء التسعة يقرون بالدستور بما فيه وعلى علاته ويرتضونه حكما بما فيه أن السيادة للشعب وهذا إقرار بالشرك .

فها نحن نقول أن السيادة لله , فماذا أنتم قائلون ؟

هل هذا مذهب الخوارج ؟!! وهل هذا تطرف وتعصب ؟!! وهل تعني "السيادة للشعب" الوسطية والإعتدال والفهم الثاقب للمصالح والمفاسد ؟
إن الحق أوضح من شمس النهار , وإن تأليه الشعب شرك صريح وكفر بواح ليس له من مبرر أو سبب عند أصحابه إلا ابتغاء السلطة والمناصب والمصالح التي يحكمها الخوف والطمع , ومن المعلوم بداهة من دين الإسلام أن الخوف والطمع من صفات المنافقين الظاهرة ,
فما الذي يدفعكم إلى أن تقروا هذه المبادئ الشركية مثل المادة رقم (5) , والتي يقول نصها : ( السيادة للشعب يمارسها ويحميها ويصون وحدتها الوطنية , وهو مصدر السلطات , وذلك على النحو المبين في الدستور ).

ومثل عجز المادة السادسة , والذي يقول : ( ولا يجوز قيام حزب سياسي على أساس التفرقة بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو الدين ) .
وهذا يعني اللادينية في العمل السياسي , فإذا كان العمل السياسي لا يقوم إلا على الشرك والإلحاد فتبا لهذا العمل , وإنا به لكافرون ,

ولتقر بكم أعين العلمانيين من الليبراليين واليساريين والمنافقين والإنتهازيين وأصحاب المصالح وأرباب الشهوات , إن من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عز وجل عليه وأسخط عليه الناس , وها نحن نرى ذلك وقع العين في ربوع مصر شمالا وجنوبا شرقا وغربا , فهاهم العلمانيون يكفرون بكم ويخلعون ثوب مداهناتكم ويصفعونكم في مواجهة عاتية يعلنون فيها كفرهم بالشريعة ورفضهم لحاكميتها ورفضهم لكم رغم مداهنتكم العريضة من الثورة حتى الآن , ومع ذلك لا تعقلون وتصرّون على طريق الغواية والندامة لتحصدوا الخيبة والضياع في نهاية المطاف .

فيا شيوخ العار العلماني .. كيف ارتضيتم لأنفسكم اللادينية في العمل السياسي , كيف لمسلم أن يقبل مبدأ إلحاديا , إن الشرك والإلحاد نقيضان للإسلام , فكيف يقرّ ذلك مسلم ؟ كيف يتأتى لكم أن تكتبوا ذلك وتدعوا غيركم إليه ؟

إن هذا من فساد التصور وعمى البصائر , عافانا الله من الخذلان .. إننا ندعوكم إلى خطة رشد وسبيل هداية , ندعوكم إلى الإحتكام إلى الكتاب والسنة والكفر بالدساتير الشركية والقوانين الإباحية , ندعوكم إلى أن يكون القرآن فوق الدستور , وأن تكون السنة فوق القانون والحكومة , ندعوكم إلى أن تكون الشريعة الإسلامية هي المرجعية العليا لكل الأحكام والقوانين وأن تعلو كل الدساتير ,

وما لم تفعلوا فأنتم عار هذه الأمة طالما بقيتم على هذه المبادئ الوثنية ومداهنة المؤسسات العلمانية ولن يجديكم نفعا ما أصدره الدكتور مرسي من قرارات في الإعلان الدستوري مثل : ( إقالة النائب العام عبد المجيد محمود وإعادة محاكمة القتلة والحد من سلطات المحكمة الدستورية ) فقد جاءت هذه القرارات متأخرة بعد ضياع الوقت وفوات الفرصة , وكنا أول من طالب بذلك في وقفاتنا في ميدان التحرير يوم أن تخلى الإخوان والسلفيون عن الثورة , وتركوا الشباب يواجه مصيره المحتوم على أيدي القتلة في شارع محمد محمود وغيره من ميادين مصر .

يومها أصدرت الدعوة السلفية بالأسكندرية بيانات تؤكد فيها على شرعية المجلس العسكري وأحقيته في السلطة والحكم , ويومها عقد الإخوان صفقاتهم مع المجلس العسكري , ووفروا الحماية للنائب العام السابق عبد المجيد محمود الذي يلعنونه اليوم , قلنا لهم إنه جلاد فلم يسمعوا , قلتا لهم تجب محاكمته فأعرضوا مكتفين باتفاقاتهم السرية والعلنية مع أركان النظام السابق , قلنا لهم لا سياسة مع وجود أركان النظام السابق في الحكم والإدارة , قلنا لهم إن القضاء الوضعي لا يرجى منه عدل ولا يؤمن جانبه على الشريعة .

فأعرضوا منتكسين تهذي ألسنتهم بكلمات مثل : " قدسية القضاء " " إحترام القضاء " عدم الطعن في أخكام القضاء , الحفاظ على استقلال القضاء ..
ولم يأت على لسانهم ولو مرة واحدة " وجوب تقييد القضاء وإلزامه بأحكام الشريعة الإسلامية , ولم نسمع منهم ولو مرة واحدة بطلان الأحكام المترتبة على القانون الوضعي , وبطلان القضاء الوضعي مؤسسة وأحكاما , رغم ما في القضاء والقانون الوضعي من استحلال بين صريح للمحرمات القطعية المجمع عليها في الإسلام مثل استحلال الزنا واللواط والربا والخمر والقمار .

ثم هاهم اليوم يحصدون ما زرعته أيديهم من بذور المداهنة المقيتة للعلمانية , ومن ثم فإننا وإن كنا نقر إقالة النائب العام ومحاكمة القتلة , لكننا لا ولن نقبل هذه القرارات كمبررات لتمرير هذا الدستور الشركي الوثني الجاهلي الذي يجعل السيادة للشعب من دون الله , ويتخذ اللادينية مبدأ في العمل السياسي , ويتخذ القوانين الوضعية والدساتير الشركية منهجا في الحكم والسياسة .

ولذلك نود أن نحدد موقفنا بجلاء ووضوح فنقول :

أولا : نحن ضد العلمانية بشقيها الليبرالي والشيوعي أيا كانت مسمياتها وأسماء القائمين عليها .

ثانيا : نرفض ياسق الإخوان والسلفيين الجديد , والذي شاركهم فيه نخبة من العلمانيين ورجال القضاء الوضعي .

ثالثا : نرفض القوانين الوضعية الإباحية وندعوا إلى إسقاطها وتحكيم الشريعة الإسلامية وجعلها الشريعة الحاكمة والمهيمنة على غيرها من الشرائع .

رابعا : ندعوا إلى مقاطعة العملية السياسية وعدم المشاركة في الإستفتاء على الدستور والإنتخابات النيابية طالما قامت على هذه المبادئ الشركية .

خامسا : ندعوا إلى محاكمة القتلة الذين قتلوا الشباب المسلم في السجون المصرية في عهد حسني مبارك وأولئك القتلة الذين قتلوا الشباب المصري في الساحات والميادين أثناء الثورة .

سادسا : ندعوا إلى تفكيك نظام حسني مبارك واقتلاع أركانه من مفاصل الدولة الرئيسة.

سابعا : لا نرى العمل السياسي إلا بعد إعلان حاكمية الشريعة وفوقيتها فوق جميع الدساتير والقوانين والأنظمة والأعراف.

ونهيب بجموع الشعب المصري أن تهب إلى الميادين في مليونيات جامعة لتحكيم الشريعة الإسلامية ونبذ القوانين الوضعية وإلزام القائمين على الحكم بأحكام الشريعة , لأن ذلك هو المخرج الوحيد للشعب المصري من هذا التيه السياسي , فلا خروج من سوق المساومات السياسية الرخيصة والإتفاقات السرية التي تتغيا تقسيم المكاسب وتوزيع الأدوار إلا بالإحتكام إلى الشريعة الإسلامية .

وقد كتب الأزهر برئاسة الدكتور الشيخ عبد الحليم محمود دستورا إسلاميا جاهزا للتطبيق قام عليه كبار علماء الدين الإسلامي من مجمع البحوث الإسلامية مع نخبة من رجال القانون وأصحاب الفكر في وقتهم , يصلح أن يكون ملهما للإخوان والسلفيين إن أرادوا الإحتكام إلى الشريعة حقا ,

وإن أصروا على ما هم عليه , فما عليهم إلا أن يقارنوا بين ياسقهم وبين الدستور الذي كتبه الأزهر ليتبينوا حجم الضلال والإضلال الذي هم عليه .
ومن باب إقامة الحجة وبيان المحجة , سنجري مقارنة عاجلة بين دستور الأزهر وياسق الإخوان والسلفيين نتبعها بنص الوثيقتين ليتبين القارئ حجم انحراف الياسق الذي قام على إخراجه الإخوان والسلفيون .
وإليكم نماذج مقارنة من الوثيقتين :

 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.84 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 37.22 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (1.64%)]