إن الذي يتبع الأهواء والشهوات , ويلهث خلف حظوظ النفس ومصالح الدنيا , يعلم يقينا أنه يسير على غير طريق الحق , وينتابه في البداية بعض وخزات من ضميره , ثم لا يلبث أن يعتاد على وخز الضمير هذا , ومع مرور الوقت , يألف عيشة الهوى والشهوة , فينسى طريق الحق , ويعتاد نظره طريق الباطل ,
(( وَلَا يكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ))
وبعد أن اتبع هواه , واعتاد طريق الباطل , يزينه الله له فيراه حقا , وبعدها يقع في قلبه اليقين بأنه هو الذي على الحق , وما عداه على الباطل !
(( أفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ))
ثم لا يلبث بعد ذلك أن يعادي أهل الحق وطريقهم , ويوالي أهل الباطل ,
وساعتها تختل عنده جميع الموازين , تختل موازين الخطأ والصواب , وموازين الحق والباطل , موازين الأعداء والأولياء !
(( لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه ))
وهؤلاء الإعلاميون العلمانيون , بعد أن غيروا قبلتهم , وولوا وجوههم قبل الغرب , نصبوا الولاء والعداء تبعا لهم , فوالوا أهل الكفر والفجور , وعادوا أهل الإيمان ,
ولما سطع نور الحق فأغشى أبصارهم , وهدد مصالحهم وأهواءهم وشهواتهم , والتي من أجلها تركوا الحق وانحازوا للباطل , تواصوا بينهم ,وشمروا عن ساعد الجد , وتكاتفوا , إعلاما وصحافة ,
(( وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ))
ومن أهم وسائل أهل الباطل هو التشويش والتشغيب على أهل الحق , ورفع أصواتهم بالباطل , ورمى أهل الحق بكل نقيصة وعيب , لا يتبعون في ذلك خلقا ولا مبدأ ولا دينا , المصلحة المصلحة , فهذه الحرب حرب استئصال كما ذكرنا , فلا مجال فيها للأخلاق والقيم والمبادئ ,بل المنطق هنا هو علو الصوت وكثرة التهم !
(( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ))
ولا مانع عندهم من الإستعانة بالبلاعمة الذين باعوا دينهم بدنياهم في هذه المعركة , إذ أننا متفقون أنه لا مكان للمبادئ في هذه الحرب ,
فيأتون بأخبار ورهبان السوء المنتكسين الذين انقلبوا على ما آمنوا به يوما ما , فيستغلونهم في تشويه منهج أهل الحق ,فينطلق هؤلاء في ذكر أهل الحق بكل سوء ,
ويقولون لقد عاشرنا هؤلاء وعرفناهم , وما هم إلا مجموعة من الأدعياء الذين يبغون المناصب والجاه , إفتراءا منهم عليهم وكذبا !
وإن هذا لعمري أشد وقعا على أهل الحق من حراب الأعدء !
((وظلم ذوي القربى أشد مضاضة ** على النفس من وقع الحسام المهند ))
نعم .. دفاعنا عن ديننا جريمة عندهم
إذ أننا نريد هدم جاهليتهم , والقضاء على طموحاتهم وأحلامهم ومناصبهم !
نعم دعوتنا لتحكيم القرآن جريمة عندهم
إذ أننا نريد إزالة دينهم الذي استغفلوا به الناس , ونصبوا من أنفسهم آلهة تعبد , يحلون كما يريدون ويحرمون كما يريدون !
نعم تمسكنا بالإسلام جناية في حقهم
إذ أننا نكفر بدينهم ونأبى أن نكون عبيدا لهم !
نعم رفضنا للإباحية تعد وإرهاب في حقم
إذ أننا نروم الطهر والعفاف , ونأبى أن نعيش في دنسهم ورجسهم !
(فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ)