عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 06-06-2012, 02:03 PM
الصورة الرمزية أم اسراء
أم اسراء أم اسراء غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
مكان الإقامة: اينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 3,066
افتراضي رد: قطوف الأدب من كلام العرب ...... متجدد




إن إكرام الضيف من مكارم الأخلاق، وجميل الخصال التي تحلَّى بها الأنبياء، وحثَّ عليها المرسلون،

واتصف بها الأجواد كرام النفوس، فمَنْ عُرِفَ بالضيافة عُرِف بشرف المنزلة، وعُلُوِّ المكانة، وانقاد له قومُه، فما ساد أحد في الجاهلية ولا في الإسلام، إلا كان من كمال سُؤدده إطعام الطعام، وإكرام الضيَّف،

كما قال ابن حِبَّان يرحمه الله:
"والعرب لم تكن تعدُّ الجودَ إلا قِرَى الضَّيف، وإطعام الطعام، ولا تعدُّ السَّخيَّ من لم يكن فيه ذلك".

وقد حثَّنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على إكرام الضيف؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر فليُكرم ضيفَه" [رواه البخاري ومسلم].

وعلى المضيف عدم احتقار القليل، بل يجود بالموجود ولو بشق تمرة، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن احتقار القليل.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يا نساء المسلمات، لا تحقرنّ جارةٌ لجارتها ولو فِرْسنَ شاةٍ".




الضيف والضيافة في عيون الشعر العربي

قال شمس الدين البديوي:
إذا المرء وافى منزلاً منك قاصداً *** قراك وأرمته لديك المسالك
فكن باسماً في وجهه متهللاً *** وقل مرحباً أهلاً ويومٌ مبارك
وقدم له ما تستطيع من القرى *** عجولاً ولا تبخل بما هو هالك
فقد قيل بيت سالف متقدمٌ *** تداوله زيد وعمرو ومالك
بشاشة وجه المرء خير من القرى *** فكيف بمن يأتي به وهو ضاحك
******************
وقال آخر:
يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا *** نحن الضيوف وأنت رب المنزل
******************
و قال سيف الدولة الحمداني:
منزلنا رحب لمن زاره *** نحن سواء فيه والطارق
وكل ما فيه حلال له *** إلا الذي حرمه الخالق
******************
قال عاصم بن وائل:
وإنا لنقري الضيف قبل نزوله *** ونشبعه بالبشر من وجه ضاحك
******************
وقال بعض الكرام:
أضاحك ضيفي قبل أن أنزل رحله *** ويخصب عندي والمحل جذيب
وما الخصب للأضياف أن تكثر القرى *** ولكنما وجه الكريم خصــيب
******************
وقال آخر:
عودت نفسي إذا ما الضيف نبهني *** عقر العشار على عسر وإيسار
******************

وقرى الضيف في أشعار العرب كثير ، و كانت العرب إذا مدحت أو فخرت ، تمدح و تفخر بإكرام الضيف و تعجيل قراه ، و إذا هجت و ذمت ، تذم من لا يكرم ضيفه و من يعتم قراه ، و عتم القرى تأخيره.




فمن الفخر :



قول حاتم الطائي:

ألمْ تعلمي أني إذا الضَّيْفُ نابَني = و عَزَّ القِرى أُقْري السَّديفَ المُسَرْهَدا

و قول حسان بن ثابت:

و إِنّا لَنُقْري الضَّيْفَ إن جاءَ طارِقًا = مِنَ الشَّحْمِ ما أمْسَى صَحيحًا مُسَلَّمَا

طارقا: زائرا ليلا
الشحم: سنام البعير


و قوله أيضا:

و أَنْشُدُكُمْ و البَغْيُ مُهْلِكُ أَهْلِهِ = إذا الضَّيْفُ لمْ يُوجَدْ لَهُ مَنْ يُنازِعُهْ

أَلَسْنَا نُحَيِّيْهِ و يَأْمَنُ سَرْبُهُ = و نَفْرُشُهُ أَمْنًا و يُطعَمُ جائِعُهْ
السَّرب: الإبل


و قول دعبل الخزاعي:

عَلِّلاني بِسَماعٍ و طِلا = و بِضَيْفٍ طارِقٍ يَبْغِيْ القِرى
نَغَمَاتُ الضَّيْفِ أَحْلى عِنْدَنا = مِنْ ثُغاءِ الشاءِ أوْ ذاتِ الرُّغا
نُنْزِلُ الضَّيْفَ إذا ما حَلَّ في = حَبَّةِ القَلْبِ و أَلْواذِ الحَشا
رُبَّ ضَيْفٍ تاجِرٍ أَخْسَرْتُهُ = بِعْتُهُ المَطْعَمَ و ابْتَعْتُ الثَّنا

الرغاء: صوت ذوات الخف كالبعير و الناقة
ألواذ: جوانب






و من المدح :



قول الفرزدق:

و إنَّ بلالا لا تُحَجَّل قِدْرُهُ = إذا سُتِرَتْ دون الضُّيوفِ حِجالُها

تحجّل: تُستر


و قول عبيدالله بن قيس:

ألا أيُّها الضَّيفُ الذي يَطْلُبُ القِرى = بِبَتّا تَحَمَّلْ لَيْسَ في دارِهِ عَمْرُو
و كانَ أبو أَوْفَى إذا الضَّيفُ نابَهُ = تُشَبُّ له نارٌ و تُنَضَى لَهُ قِدْرُ
فَيُمْسِي و يُضْحِي الضَّيفُ شَبْعَانَ و القِرى = حَمِيدٌ و يَبْقى بَعْدَها الحَمْدُ و الذِّكْرُ
بتّا : اسم موضع






و من الذم:



قول بشار بن برد:

قَوْمٌ إذا ما أَتى الأَضْيافُ مَنْزِلَهُمْ = لمْ يُنْزِلُوهُمْ و دَلُّوهُمْ على الخانِ

و منه قول دعبل الخزاعي:

إنْ بَدَتْ حاجَةٌ لَهُ ذَكَرَ الضَّيْـ = فَ و يَنْسَاهُ عِنْدَ وَقْتِ الغَداءِ

و قوله أيضا مادحا و ذاما:

أَضْيَافُ سَالمٍ في خَفْضٍ و في دَعَةٍ = و في شَرابٍ و لَحْمٍ غَيْرِ مَمْنُوعِ
و ضَيْفُ عَمْرٍو و عَمْرٌو يَسْهَرانِ مَعًا = عَمْرٌو لِبِطْنَتِهِ و الضَّيفُ لِلْجُوعِ



و من المعاني الجميلة في قرى الضيف ، أن يشعرَ الضيفُ أنه صاحب البيت ، فيغدو للضيف ضيوف ، و هذا قمة في إكرامه .


انظر إلى قول دعبل الخزاعي:

اللهُ يَعْلَمُ أَنَّني ما سَرَّني = شَيْءٌ كَطارِقَةِ الضُّيوفِ النُّزَّلِ
ما زِلْتُ بالتَّرحِيبِ حتى خِلْتُني = ضَيفًا لَهُ و الضَّيْفَ رَبَّ المَنْزِلِ




وأتمنى يكون ما أخترته قد راقكم



__________________

مهما يطول ظلام الليل ويشتد لابد من أن يعقبه فجرا .
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.41 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.78 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.60%)]