عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 01-04-2012, 03:03 PM
الصورة الرمزية غراس الجنه
غراس الجنه غراس الجنه غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: May 2010
مكان الإقامة: الدولة الإسلامية في العراق والشام
الجنس :
المشاركات: 4,283
الدولة : Egypt
افتراضي رد: "تهافت الديمقراطيين" للشيخ ابو عبدالرحمن الشنقيطي

الشبهة الثامنة:


التدرج

قال محدثي: إن عمر ابن عبد العزيز لما ألح عليه ابنه في تغيير مناكر بني أمية كلها قال له: يا بني أما يكفيك أني أميت كل يوم بدعة وأحيي سنة ؟
قال محدثي: ونحن نريد تغيير هذا الواقع بالتدرج، ودخولنا في الديمقراطية من هذا الباب..
وردا على هذا الكلام أقول:
أولا:
نحن لدينا نصوص صريحة من الكتاب والسنة متعارضة تماما مع هذا النظام الديمقراطي فلا تجوز معارضة هذه النصوص بقول عمر ابن عبد العزيز .
ثانيا:
التدرج الذي عناه عمر لم يكن فيه تحريم الحلال ولا تحليل الحرام ولا انتهاك لما حرم الله ولا شرك بالله ..
وإنما كان يعني خطة عمل تمكنه من تغيير المنكرات شيئا فشيئا حتى لا يثور عليه بنو أمية وكلامه هذا دال على أنه كان عاجزا عن تغيير هذه المناكر جملة نظرا لنفوذ المفسدين من بني أمية، فلا يجب عليه من تغيير المنكر إلا ما استطاعه ..
وإذا جاز في حقه السكوت عن بعض المنكرات لعجزه عن تغييرها فهذا لا يبيح له الدخول في المحرمات ..
وكذلك أنتم يا أنصار الديمقراطية
.لا يجوز لكم الدخول في الديمقراطية بحجة التدرج ..
ولا يجوز لكم إقرار تعطيل شرع الله بحجة التدرج ..
ولا يجوز لكم التصويت على الدساتير الوضعية المخالفة لشرع الله بحجة التدرج ..
ولا يجوز لكم الرضى بتحكيم الشعب والخضوع لإرادته بحجة التدرج ..
فالتدرج غير مشروع إذا كان يجعل الحكم لغير الله ..
والتدرج غير مشروع إذا كان فاعله يقر المنكر ويرضاه ..

ونحن لا نطالبكم بتغيير هذا الواقع بين عشية وضحاها لأنه ليس بمقدوركم ولا هو بمقدورنا، وإنما نطالبكم بعدم الدخول في وسائل تنقض التوحيد وتفتح باب الشرك للعبيد ..
ولا نعترض على تدرج عمر المذكور، بل نقره ونحث عليه، ولكن ليس هو التدرج الذي تذهبون إليه ..
فالتدرج الذي يدعو إلى الديمقراطية هو في حقيقته "تفرنج" لا تدرج!
أما التدرج الشرعي فهو يعني أن نبدأ بالأهم فالأهم..
أن نبدأ بالأصول قبل الفروع،
والكليات قبل الجزئيات،
والإصلاح الديني قبل الإصلاح الدنيوي،
وتصحيح المعتقد قبل تصحيح العمل ..
وإن من أهم الأصول العقدية التي ينبغي أن يتربى عليها الناس قبل كل شيء: أن الحكم لله وحده ..
وأنتم بالدخول في الديمقراطية تقفزون على هذا الأصل العظيم وتبنون دعوتكم على أساس عقدي غير سليم .

إذا اختل شيئا بناء الأساس ... تضاعف في الصرح ذاك الخلل .

يقول سيد قطب رحمه الله:
(قبل التفكير في إقامة نظام مجتمع إسلامي، وإقامة مجتمع مسلم على أساس هذا النظام .. ينبغي أن يتجه الاهتمام أولا إلى تخليص ضمائر الأفراد من العبودية لغير الله - في أي صورة من صورها التي أسلفنا - وأن يتجمع الأفراد الذين تخلص ضمائرهم من العبودية لغير الله في جماعة مسلمة .. وهذه الجماعة التي خلصت ضمائر أفرادها من العبودية لغير الله، اعتقادا وعبادة وشريعة، هي التي ينشأ منها المجتمع المسلم، وينضم إليها من يريد أن يعيش في هذا المجتمع بعقيدته وعبادته وشريعته التي تتمثل فيها العبودية لله وحده ..)

ومن التدرج أن نبدأ بالتوحيد فنعلمه للناس ونصحح ما لديهم من أخطاء عقدية خطيرة ونحارب مظاهر الشرك كلها ونزرع العقيدة الصافية النقية من شوائب الشرك والبدع في قلوب المسلمين، فلا فساد أعظم من فساد العقيدة، ولا مرض أخطر من مرضها، فينبغي أن نبدأ بها قبل غيرها:

إن للبيب إذا بدا من جسمه ...مرضان مختلفان داوى الأخطرا

وكان من سنة النبي صلي الله عليه وسلم في الدعوة أن يبدأ بالتوحيد وترسيخه وتثبيته ثم ينصرف إلى غيره وكان يوصي رسله بذلك.
عن ابن عباس رضي الله عنهما:
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن قال إنك تقدم على قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه
عبادة الله عز وجل فإذا عرفوا الله
فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم
فإذا فعلوا فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم فإذا أطاعوا بها فخذ منهم وتوق كرائم أموالهم ) رواه مسلم .

فتأمل قوله صلي الله عليه وسلم:
" فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله عز وجل"
فإنه دال على وجوب البدء بالتوحيد قبل غيره من أركان الإسلام بله الفرائض والسنن والآداب.
ثم تأمل قوله صلي الله عليه وسلم: " فإذَا عرفُوا اللَّهَ" فإنه دال على وجوب البدء بتعليم التوحيد حتى يعرفه الناس ويخضعوا له ثم ينتقل إلى غيره ولا يكفي مجرد خضوع الناس له لينتقل إلى غيره.
وتأمل قوله صلي الله عليه وسلم: " فإن هم أطاعوا لك بذلك" فإنه دال على التدرج على هذا النحو والبدء بالأهم فالأهم وألا يُنتقل إلى ركن حتى يُفرغ من الذي قبله ويخضع له الناس ويعلموه.
هذا هو التدرج الذي مارسه النبي صلي الله عليه وسلم وأمر به
وهو الذي ينبغي أن يمارسه الدعاة إلى الله فيبدؤوا بلا إله إلا الله ويتعلموها ويُعلّموها ..
قال تعالى: {فاعلم أنه لا إله إلا الله}
اعلم أركانها وشروطها، اعلم أضدادها ونواقضها، اعلم كيفية تحقيقها وتطبيقها، فلا نجاة للمسلم إلا بإدراك حقيقة هذه الكلمة وتحقيقها عمليا .

فينبغي للدعاة أن يبدؤوا بها فهي اللبنة الأساس في صرح الإسلام وهي الخطوة الأولى في طريق التصحيح .
والمسلمون اليوم في أحوج ما يكونون إلى فهم هذه الكلمة، فكم من مسلم يقولها بلسانه كل يوم خمس مرات، وينقضها بفعله عشر مرات!

وكم من مسلم يظن بأنه لا بأس عليه ما دام يقولها بلسانه وإن عمل ما عمل، بل يظن البعض بأنه لا ناقض لها أصلا!!
والأمر الأدهي أن تجد بعض من يعد نفسه ويعده الناس داعية إلى الله غارقا في الإرجاء من مفرق رأسه إلى أخمص قدميه وهو لا يدري بأنه لا يدري!!

ثم إن عمر بن عبد العزيز كان كل يوم يحيي سنة ويميت بدعة ولا نرى منكم يادعاة الديمقراطية إلا عكس ذلك من إماتة السنن وإحياء البدع ..

فقد أمتم سنة التحاكم إلى القرآن الكريم وأحييتم بدعة التحاكم إلى الدستور اللعين ..
وأمتم سنة الولاء والبراء في الدين وأحييتم بدعة الولاء الوطني والقومي ..
وأمتم سنة الفصل والتمييز بين الرجال والنساء وأحييتم بدعة الاختلاط والتسوية بين الجنسين ..
وأمتم سنة قرار المرأة في بيتها وأحييتم بدعة مشاركة النساء في كل ميدان ..
وأمتم سنة الدعوة إلى النقاب والاحتشام وأحييتم بدعة الدعوة إلى السفور ..
وأمتم سنة التمسك بالكتاب والسنة وأحييتم بدعة التمسك بالمصلحة ..
وأمتم سنة الغيرة على محارم الله تعالى وأحييتم بدعة المداهنة والركون إلى الظالمين ..
وأمتم سنة المظهر الإسلامي في اللحية وتقصير الثوب وأحييتم بدعة حلق اللحية والتشبه بالنصارى في الهيئة والملبس .
فهل التدرج يعني إماتة السنن وإحياء البدع ؟
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.92 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.30 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (2.59%)]