عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 03-01-2012, 01:05 PM
*سلفيه مندسه* *سلفيه مندسه* غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
مكان الإقامة: ارض الكنانه
الجنس :
المشاركات: 405
افتراضي رد: الثورات العربية « ديناميات الفاعلين الاستراتيجيين» /د اكرم حجازي

1) تخريب الوعي والمعرفة
تعميم « سايكس - بيكو»، كما لو أنها منظومة ثقافية أصيلة ومقدسة رغم كونها منتجا استعماريا غربيا، أحدث دمارا واسعا في العالم الإسلامي. والعجيب أن هذه الثقافة، التي أمست نمط حياة، ولدت منذ اللحظة التي حلت بها القوى الغربية في ديار المسلمين. والأعجب أن حركات التحرر العربية كانت أول من عمل بها، ودافع عنها دفاعا مستميتا، حين تبنت مخرجات « سايكس - بيكو»، ورفعت أعلام الاستقلال وشعاراته الوطنية، واحتفلت بأعياد الجلاء!!! وكأن القوى الاستعمارية الغازية تمنت أكثر من هذه الشعارات والنتائج!!! ومع الوقت صارت كل الوسائل والأدوات العلمية والمناهج ونظم التأهيل والتعليم والنشر والمعرفة والإعلام والاتصال والتواصل، في الدول العربية، تصاغ بموجب ما تقبله « سايكس - بيكو» أو ترفضه. لذا فليس من العجيب أن تخضع الأمة لتزوير في تاريخها، أو تضليل، أو تجهيل، أو إخفاء للمعلومات، أو حرمان منها، أو احتجاز لتقدمها، أو مصادرة لأية انطلاقة علمية أو معرفية.
والحقيقة أن كل التشكيلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وحتى الراديكالية والدينية، نمت وترعرعت في رحاب ثقافة « سايكس - بيكو»، وعملت بموجب أدواتها وآليات اشتغالها!!! ودافعت عن اختياراتها دفاعا مستميتا. وقبلت التفاعل مع أطروحاتها وإفرازاتها الثقافية والسياسية والعقدية كما لو أنها أصيلة المنشأ!!! ومع أنها منظومة تفكيك استعمارية تاريخية حطمت العالم الإسلامي، وأنزلت به عظائم البلايا، إلا أن هذه القوى برزت في الدعوة إلى «الوحدة العربية» أو « الوحدة الإسلامية»، مستعملةً ذات المفاهيم والآليات والمؤسسات التي أفرزتها!!! والأكيد أن مثل هذه القوى، حتى وإنْ ناهضت النظام السياسي، إلا أنها، في المحصلة، كانت ولمّا تزل أحد منتجات ذات المنظومة التفكيكية، فضلا عن كونها قدمت المشروعية اللازمة لها ولـ « المركز» على السواء.
والأطرف من ذلك؛ أن الدولة ذاتها لم يخل خطابها السياسي من التأكيد الدائم على « الوحدة الوطنية»، لاسيما وأنها دولة قابلة للتفكك، مثلما أن المجتمع ذاته لم يخل من القابلية للانقسام في كل حين. فكيف يمكن الدعوة إلى «الوحدة العربية»، ناهيك عن إنجازها، بينما الدولة والمجتمع مرشحان للانقسام أكثر من التوحد!!!!؟[1] وهل يمكن بعد هذا أن يكون حظ الدعوة إلى « الوحدة الإسلامية» أوفر!!!!؟

2) العلاقات الاجتماعية
« الأخوة الإسلامية» كانت أساس العلاقات بين الشعوب الإسلامية، العربية والأعجمية. أما أهل الذمة فقد حفظ الإسلام حقوقهم كاملة دون أن يمسهم أحد بسوء، طوال عصور التاريخ الإسلامي. لكن بعد الهيمنة الغربية على العالم الإسلامي استبدلت المفاهيم وأسس التعايش بمفاهيم « الأخوة العربية»[2] و« أخوة الوطن». فقد نجحت « سايكس - بيكو»، عبر التعليم والثقافة ووسائل الإعلام والسياسات الأمنية، بضرب كل علاقات الترابط الفطرية، التي كانت تميز العلاقات الاجتماعية بين المسلمين، في مشارق الأرض ومغاربها. وتبعا لذلك بدت المجتمعات العربية قابلة لـ « الانقسام»، فظهرت « انقسامات» اجتماعية وعنصرية، ساخرة وصراعية، فيما بين الشعوب، على أساس العمق الحضاري، أو الخصائص الثقافية، أو دخل الفرد، أو المكانة الاقتصادية، أو العلمية، أو حتى مستوى التحضر، أو الانتفاع من النظام القائم، أو قوة الدولة وضعفها، أو الانتماء المذهبي، والسياسي، والأيديولوجي. وتعرضت المجتمعات لـ « انقسامات»: « جهوية» و« مناطقية» و« قبلية» و« عرقية» و« طائفية». بل أن « الانقسام»، في صلب دولة « سايكس - بيكو»، وصل إلى حدود المكانة والمصلحة، فنادى البعض بـ « الأردن أولا» أو « مصر أولا» أو « الجزائر أولا»!!! ومع انتشار وسائل الاتصال الرقمية صرنا نقرأ طنطنة من نوع « قطري وأفتخر» أو « كويتي وأفتخر» أو « عراقي وأفتخر» ... وهكذا لم تعد « مكة أولا» ولا « القدس ثانيا»!!!
بطيعة الحال ثمة فروق جوهرية بين الحديث عن « التمايز»، كمصطلح شرعي، والحديث عن« الانقسام» كمصطلح اجتماعي. فـ « الانقسام» يقع على خلفية البحث عن المكاسب والمصالح الدنيوية، الخالية من تحمل أية تكاليف شرعية، بل أن التكاليف يجري حسابها بموجب معايير الربح والخسارة. وبخلاف « التمايز»، الذي تفرضه المحن، فإن المواقف الفاصلة لا يمكن أن يجري احتسابها إلا بموجب الأحكام الشرعية، التي تجعل ثمن المواقف باهظة التكاليف*.

إذن الدول العربية، وكذا الأنظمة السياسية هي محصلة لمعاهدات استعمارية صريحة، حتى لو كانت بعض النظم أو الدول ذات شرعية تاريخية أو عمق حضاري. قد لا نستطيع القول، طبقا للنظام الدولي القائم، أن الدولة العربية بالصيغة الراهنة غير شرعية مثلها مثل النظام السياسي الحاكم فيها، لاسيما وأن الدول تحولت إلى نمط حياة غير قابل للطعن على أي مستوى. لكن هل يصح القول بشرعية: (1) الاستبداد والطغيان أو (2) بشرعية الهيمنة والتبعية المضروبة على العالم الإسلامي، وفي القلب منه العالم العربي؟ وهل يمكن أن يستمر هذا الحال إلى أمد غير منظور؟[3]إذا كان الجواب بالنفي؛ فما هي المنجزات التي حققتها الثورات العربية وهي تبلغ عامها الأول؟
القسم الثالث
الثــــــــــــورة
و ديناميات الفعل الثوري


من الواضح أن البشرية تسير في طريق شبه مسدود. فلم يعد ثمة أمل ولا طموح. و« الرأسمالية» لا تريد أن تعيش ولا تدع الناس يعيشون. أما نظم « سايكس - بيكو» فلم تترك للناس إلا معادلة عقيمة لا تَفاضُل فيها إلا ما بين: « الحكم أو الحرب». مع ذلك؛ ثمة من ساورته الشكوك بأن الولايات المتحدة هي من وقف خلف هذه الثورات، مستدلا بأطروحة « الفوضى الخلاقة» التي روج لها وزير الدفاع الأمريكي الأسبق دونالد رامسفيلد بعد احتلال العراق في 10/4/2003. والحقيقة أن أول من روج لهذه الشكوك، وعمل على زرعها في عقول الكثير من الشرائح، هم المستشرقون الروس. أما تعبير «الفوضى الخلاقة» فقد استعمله « المركز» ليكون بديلا عن تعبير «المؤامرة» .. ذلك المصطلح الأيديولوجي الذي أوجدته المنظومة الاشتراكية، واستهلكته القوى الوطنية الراديكالية، ذات النزعات الأيديولوجية الوضعية، حين كانت تفسر عجزها عن قراءة الأحداث بوجود «مؤامرة»، وهذا نسبيا صحيح. لكن غالبا ما جرى استعمال المصطلح في التغطية على الاغتيالات، والصراعات البينية، وتصفية الحسابات، ولو على سهرة مجون أو قمار، حتى إذا ما تصالح القوم، أو حسمت الصراعات لصالح طرف، كان الثمن مجرد بيان يحمِّل العدو و « المتآمرين» مسؤولية ضرب « الوحدة الوطنية»!!!
لا شك أن شهادة كونداليزا رايس أمام الكونغرس، عشية اختيارها وزيرة للخارجية -2004، صحيحة في حينه، لما أجابت على سؤال يتعلق بأفكارها حول مستقبل الشرق الأوسط، بالقول أنها ستعمل على استبدال النظم المستهلكة. وصحيح أن الأمريكيين قاموا بتدريب مجموعات على وسائل معارضة النظم أو كيفية تنظيم المظاهرات، وصحيح أنهم مولوا بعض القوى. لكن من يجزم بأن أمريكا امتلكت تصورا شاملا، وبهذه السرعة التي تمكنها من إنجاز مثل هذا المشروع؟ وإذا تجرأ البعض على اعتبار ملايين الوثائق المسربة إلى موقع «ويكيليكس»، هي أحد الأدوات الناجحة في إشاعة «الفوضى الخلاقة»؛ فهل ثمة من يغامر بالقول أن الاحتجاجات التي تجتاح عواصم « المركز»، ومئات المدن، وتخترق قارات العالم، هي الابنة الشرعية لـ «الفوضى الخلاقة»؟
الحقيقة أن أحدا لم يعد يجرؤ على مجرد إثارة الأمر، لا من الروس ولا من الديماغوجيين، الذين برعوا في احتجاز عقولهم في أيديولوجيات القرون الأولى ولم يعودا قادرين على الانفكاك منها. أما الثورات العربية، فقد صارت ثقافة لها ديناميات فعالة. لذا فإن الوقوف على ما حققته وما ينتظرها من مهمات أولى من الدخول في مقارعات لا جدوى من ورائها إلا إضاعة الوقت والجهد.

1) تضرُّر حاجز الخوف
لا ريب أن أول التعليقات على نتائج اندلاع الثورات العربية كانت، وما زالت، تركز على ما يسمى بـ « انكسار حاجز الخوف». وبحسب مصطلحات علم النفس فإن الخوف سمة نفسية تتملك الفرد لأكثر من سبب، وتحتاج إلى وقتوعلاج للتخلص منها. لكن حين يغدو الخوف سلوكا جماعيا[4] فمن الطبيعي أن يجري البحث عن الأسباب الاجتماعية،وليس الفردية لتفسيره كظاهرة اجتماعية. ولعل الانطلاق من هذه الفرضية يحيلنا مباشرة إلى البحث في العلاقة الاجتماعية ذات الصلة، وهي علاقة المواطن بالدولة، بوصفها علاقة نفعية في المرحلة الأولى، ما لبثت أن تحولت، مع مرور الوقت، إلى علاقة خصومة، عززتها سياسات دولية، قدمت الشرعية والرعاية والحماية للاستبداد ورموزه.
فمن المفترض أن تكون الحقوق والواجبات، وليس الولاء، هي المعادلة التي تشكل إجمالي العلاقة ما بين المواطن والدولة، وفق ضمانات قانونية ملزمة وعادلة، بحيث تحقق للجانبين مصالحهما المشتركة والمصيرية. أما واقع الأمر فيثبت أن الدولة والنظام السياسي باتا يحملان معنى واحدا يقوم على القوة والبطش، مقابل إضعاف المواطن بشتى الوسائل. وحين يبدأ الاستبداد والطغيان يتبلوران؛ فالذي يحدث ليس سوى استنزافا تدريجيا لرصيد الفرد من القوة لصالح رصيد القوة لدى النظام. وبطبيعة الحال فالنتيجة المتوقعة هي الاختلال الحتمي لمعادلة القوة ما بين الطرفين. وكلما استعص على الفرد حماية حقوقه أمام تعاظم قوة النظام، كلما ضعفت قوته، وتسرب إليه الخوف من البطش مفسحا المجال لنمو ما يسمى بـ «حاجز الخوف»، الذي يصعب اختراقه إلا بعمل جماعي.
هذا الحاجز يتشكل بسلاسة عجيبة. وفي المرحلة الأولى منه، يبدأ باستنزاف الفرد من عناصر القوة، ثم يدفعه، بوسائل عديدة، إلى الاعتراف والتسليم بكون الحقوق التي يطالب بها صارت حقوق النظام وليست حقوقه، والدستور دستوره، والقوانين قوانينه، والمحاكم محاكمه، والأمن أمنه، والاستقرار استقراره، والحرية حريته، والثروات ثرواته، والامتيازات امتيازاته، والاستثمار استثماره، والتجارة تجارته، والاقتصاد اقتصاده، والفرص فرصه، والتعليم تعليمه، والثقافة ثقافته، والدين دينه. ولا شك أن تعاظم قوة النظام ستؤدي، في المقابل، إلى تفاقم ضعف الفرد لأدنى مستوى، بحيث يخشى من أية مواجهة غير محمودة العواقب ... لكن في المرحلة الثانية، يحدث الاصطدام، بعد أن يكون النظام قد نجح في تجريد الفرد من أية عناصر قابلة للاستنزاف. وهنا يحدث انكشاف بين الجانبين: استبداد النظام واستئثاره بعناصر القوة كاملة، وطغيانه في شتى مناحي الحياة، دون أن ينتبه إلى خواء ما بات يعتبره خصما، وفي المقابل استهلاك الفرد لعناصر القوة، وهوانه على النظام، إلى الدرجة التي لم يعد لديه ما يعطيه، بحيث يصعب دفع الطغيان إلا بالثورة عليه.
ولما تغيب المرجعيات الضابطة للعلاقة، فمن الطبيعي أن ينفلت النظام، ويتحرر من أية قيود، بحيث تتعمق النتائج الكارثية في صورة ضعف لقوة الدولة، التي تبدأ بالاستجابة للمطامع، وانقلاب في السياسات، بما يتواءم مع المصالح والأهواء، على حساب كل فضيلة وقيمة، بما في ذلك الدين والمصير والدماء والأعراض والأموال.
وضعية يمكن ملاحظة تجلياتها في مصر، مثلا، عبر استهداف النظام السياسي والأمني والطائفي لحقوق المسلمين وعقيدتهم
وكرامتهم، وانفلات أمني أدى إلى قتل المواطنين في مراكز الشرطة، وانحدار أخلاقي اعتدي فيه على أعراض النساء في قلب المدن والساحات العامة والشوارع.
في اليمن ضرب الفساد المجتمع والدولة حتى لم تخل منه فئة عمرية. أما في تونس فقد اتجه النظام السياسي إلى صب جام غضبه على الدين والمصلين، فضلا عن استغراقه في النهب المنظم والبطش الأمني اللامحدود. وفي ليبيا اختفت المؤسسات إلا من القذافي وعائلته، الذي اختزل التاريخ والحاضر والمستقبل بشخصه، واحتكر العلم والمعرفة والثقافة والوعظ والإرشاد والثروة، واستخف بأمة كاملة، وفرض عليها التجهيل فرضا. أما في سوريا فقد انتصب النظام قائدا للدولة والمجتمع، مستعملا أعتى منظومة أمنية دموية، نجحت في توطين الرعب بين الناس، حتى لامست شغاف قلوب الأطفال. وفي السعودية زجت السلطات بعشرات الآلاف من العلماء وطلبة العلم والمشايخ والمعارضين في السجون، وسط منظومة أمنية وقضائية استبدادية، لا عقل فيها ولا شرع.
هذه النماذج للاستبداد والطغيان شائعة في شتى البلاد العربية، ولا تختلف، مدخلاتها ومخرجاتها، إلا باختلاف هوية النظام المستبد، وما يستعمله من أدوات ومناهج استبدادية، كضمانة لاستمراره في الحكم، لكنها لا تختلف قطعا في نتائج الاستبداد، وإلا ما كانت الثورات لتندلع في دول تتباين تركيبتها الاجتماعية وتاريخيتها، وبعض التمايزات الثقافية. ففي مصر كان الغضب والقهر مبعث الثورة، لشعب أهدرت حقوقه وكرامته ودماءه، وانتهكت عراقته وإمكانياته الهائلة، وفي تونس كانت الهوية والعقيدة والكرامة المهدورة لهيبا للثورة، وفي ليبيا كان الاستخفاف والتجهيل، بحق شعب لم يبخل على نفسه ولا على أمته، حتى كاد ينقرض لكثرة ما فقد من الدماء في ساحات الجهاد، وفي سوريا كان الرعب الأمني والامتياز الطائفي من نصيب أمة هي خير أجناد الأرض، وملاذ المؤمنين من الفتن، وفي اليمن، أرض المدد والنصرة، كان الفساد العظيم يضرب البلاد السعيدة، حتى يكاد الناس فيها لا يجدون ما يسد رمق أطفالهم. كل هذه الأسباب استعملت بدرجات متفاوتة في كافة النظم السياسية العربية، لكن أحدها تمايز في هذه الدولة عن تلك.
لو قرأنا خوف المواطن، في مستوى نمط الحياة، لوجدناه يشعر، ظاهريا وفي أعماقه، باستضعاف شامل، يساوي في المقدار ذاك الذي يشعر فيه النظام بطغيان شامل. وفي المحصلة فإن كلا الطرفين ضعيفين وعاجزين. فلا الدولة قادرة على حماية مواطنيها، ولا النظام السياسي يأبه لكرامته حتى يأبه للدولة أو لمواطنيه. فكيف يمكن لهكذا نظم أن تستمر؟ وأية علاقة يمكن ترميمها بعد أن صار المواطن والنظام وجها لوجه في تصادم حتمي؟
إلى هنا ينبغي القول:
(1) إن «حاجز الخوف» ليس مجرد بنية نفسية منفصلة عن تفاعلات العلاقة مع البنية الاجتماعية. بمعنى أن الأسباب النفسية وحدها لا تفسر الحدث الثوري إلا في علاقتها بالأسباب الاجتماعية. فما تعرض له الفرد من تجريد لعناصر القوة هو ذاته الذي تعرضت له المؤسسات السياسية والاجتماعية والنخب وغيرها من القوى الاجتماعية والاقتصادية.
(2) كما أن مكونات «حاجز الخوف» لا يصح النظر إليها من زاوية استبداد المنظومة المحلية بمعزل عن النظر في الدور الحاسم لعناصر القوة، التي تمثلها منظومة الهيمنة الدولية. وهذا يعني أن الحديث عن «انكسار الحاجز » أمر سابق لأوانه.

[1] لاحظ ما قاله المفكر المغربي عبد الله العروي، من أن: التأكيد الدائم على الوحدة الوطنية دليل دائم على ضعف الدولة.راجع: « مفهوم الدولة». المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء – بيروت، الطبعة السابعة، 2002.

[2]لعل « الأخوة العربية» أحد أطرف التعبيرات التي أنتجتها منظومة « سايكس - بيكو»!! فالمعروف عن العرب قبل الإسلام أنهم كانوا قبائل متصارعة فيما بينها، وكذلك الأمر فيما يتعلق بتعبير« أخوة الوطن»!! الذي لم يرد له ذكر في كتب التراث الإسلامي ولا في كتب التاريخ!!!

*يمكن ملاحظة لحظات التمايزالحاسمة في مواقف الجنود المنشقين في بداية الثورة السورية. فقد كانت قيادات الجيش السوري الطائفية تقوم بـ (1) عزلهم عن وسائل الإعلام، ثم (2) تعبئتهم حول وجود مندسين و عصابات يقتلون الناس، ومن ثم (3) الزج بهم في قلب الاحتجاجات الشعبية، وأخيرا (4) إصدار أوامر لهم بإطلاق النار على المحتجين. ولأن الموقف كان مفاجئا لهم فقد كانوا يمتنعون عن تنفيذ الأوامر متسائلين باستهجان: لكن هؤلاء مدنيون وليسوا عصابات!!!!؟ ولا ريب أن مثل هذا الموقف يعكس لحظة المحنة الأشد التي لا مفر معها إلا الانقسام ، سهل التكاليف، أو التمايز، أي بدفع الثمن من الحياة. لذا فقد تعرض الكثير منهم للقتل بسبب إصرارهم على رفض تنفيذ الأوامر.

[3]في أعقاب فوزه بولاية ثانية سئل الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان عن رؤيته لمستقبل الشرق الأوسط فكان رده طريفا وصريحا حين قال: هذه المنطقة وقعت تحت النفوذ الغربي سابقا ويجب أن تظل كذلك في المستقبل!!!

[4]ثمة نظرية اجتماعية لعالم الاجتماع الفرنسي ريمون بودون تعرف باسم « الفردوية المنهجية = individualism » ترى أن الأفراد هم أصل الظاهرة الاجتماعية. وتقول النظرية: « إن تفسير ظاهرة معينة يعني وجوب الأخذ ينظر الاعتبار أنها دائما نتيجة للأفعال الفردية، وأن هذه الأفعال هي المواقف والآراء والسلوكات».
__________________
 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.96 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (1.66%)]